محاسبي (حارث اسد)
Al-Muhasibi (Al-Harith ibm Asad-) - Al-Muhasibi (Al-Harith ibm Asad-)
المحاسبي (الحارث بن أسد ـ)
(…ـ 243 هـ/… ـ 857 م)
أبو عبد الله التميمي، الزاهد العارف المتصوف المشهور، ولد ونشأ في البصرة، عاش وتوفي في بغداد. لُقب بالمحاسبي لأنه كان شديد المحاسبة لنفسه، كان واعظاً مُبْكياً في وعظه. أحد من اجتمع له الزهد والمعرفة بعلم الظاهر والباطن، تفقّه ودرس. روى عن: الحسين بن هارون الفقيه، ويزيد بن هارون شيئاً يسيراً. روى عنه: ابن مسروق، وأحمد بن القاسم، والجُنيد، وأحمد بن الحسن الصوفي، وإسماعيل ابن إسحاق السراج. كان محمود السيرة، أشاد كثيرون بذكر مزاياه وأخلاقه، وسُموّ معارفه، وزهده، وعلو كعبه في علم الكلام والقياس والأصول، والورع. ذكر السبكي في طبقاته: «لو لم يكن في أصحاب الشافعي في الفقه والكلام والأصول والقياس والزهد والورع والمعرفة إلا الحارث المحاسبي، لكان مغبّراً في وجوه مخالفيه». وقال أبو نعيم في «حلية الأولياء»: «كان لأنوار الحق شاهداً ومراقباً، ولآثار الرسولr مساعداً ومصاحباً، تصانيفه مدونةٌ مسطورةٌ، وأقواله مبثوثةٌ مشهورةٌ، وأحواله وصحبته مشهورةٌ مذكورة. كان في علم الأصول راسخاً وراجحاً، وعن الخوض في الفصول حافياً وجانحاً، وللمخالفين الزائفين قامعاً وناطحاً، وللمريدين والمنيبين قابلاً وناصحاً، وقيل إن فعل ذوي العقول الأخذُ بالأصول، والترك للمفضول، واختيار ما اختاره الرسولr». وأشار آخرون إلى أنه كان أحد الأعلام المذكورين المشهورين المشهود لهم بالفضل، الذين جمعوا المواريث إلى علوم الاكتساب، والذين سمعوا الحديث وجمعوا الفقه والكلام واللغة وعلم القرآن، تشهد بذلك كتبهم ومصنفاتهم، وكان ضمن من صنّفوا في المعاملات.
وضع عدداً كبيراً من الرسائل و الكتب، منها: «الزهد» و«أصول الديانات» و«الرد على المخالفين من المعتزلة والرافضة وغيرهما» و«الدماء» و«الرعاية لحقوق الله» و«البعث والنشور» و«الفكر والاعتبار» و«شرح المعرفة» و«التوّهم» و«الوصايا» أو «النصائح» وتحدث فيه عن الحياة الإسلامية في عصره وتقلباته الروحية والمنهج الصوفي وما تكشف له عن حقائق وما تجلّى به من معارف. ورسالته في المحبة فقد بقي منها شذرات حفظها أبو نعيم في الحلية، وتحدّث فيها عن المحبة المتبادلة بين العبد والرب، حين يصف الصلة بين المحبة والشوق، ونور كلٍ منهما في القلب. ويعدّ كتاب «الرعاية لحقوق الله» من المصادر الرئيسة التي يظهر أثرها بوضوحٍ في كثيرٍ مما ذكره الإمام أبو حامد الغزالي في كتابه «إحياء علوم الدين»، وعرضها وتحليلها، وتعميق معانيها، والربط بينها وبين المعاني الدينية الإسلامية بالمحاسبي. كما كان أستاذ الجُنيد (ت297هـ)، قال الشعراني: «هو أستاذ أكثر البغداديين، مات وهو محتاجٌ إلى درهم». كان على درجةٍ كبيرةٍ من الورع والتُقى، حتى إنه رفض أن يأخذ من ميراث والده أيَّ شيء؛ لأن والده كان يقول بالقدر، أي كان من القدرية القائلين بإنكار القدر، وهو من الأثرياء، ترك له سبعين ألف درهم فلم يأخذ منها شيئاً، بالرغم من أنه كان بأمس الحاجة إلى درهمٍ واحد، فكثيرةٌ هي الأيام والليالي التي كان يبيت فيها على الطوى وهو لا يملك ثمن رغيف الخبز. قال أبو العباس أحمد بن مسروق تلميذ المحاسبي: «سمعت حارثاً يقول: ثلاثة أشياء عزيزة أو معدومة: حُسن الوجه مع الصيانة، وحُسن الخُلق مع الديانة، وحُسن الإخاء مع الأمانة». وله أيضاً: «لكل شيءٍ جوهر، وجوهر الإنسان العقل، وجوهر العقل التوفيق». وقال: «العلم يورث المخافة، والزهد يورث الراحة، والمعرفة تورث الإنابة»، وقوله: «الفتوة أن تنصف ولا تنتصف». سئل عن المحبة فقال: «المحبة ميلك إلى الشيء بكليتك، ثم إيثارك له على نفسك وروحك ومالك، ثم مراقبتك له سراً وجهراً، ثم اعترافك بتقصيرك في حبه». قال: «العمل بحركات القلوب والجوارح في مطالعات الغيوب».
عبد الله حسين
Al-Muhasibi (Al-Harith ibm Asad-) - Al-Muhasibi (Al-Harith ibm Asad-)
المحاسبي (الحارث بن أسد ـ)
(…ـ 243 هـ/… ـ 857 م)
أبو عبد الله التميمي، الزاهد العارف المتصوف المشهور، ولد ونشأ في البصرة، عاش وتوفي في بغداد. لُقب بالمحاسبي لأنه كان شديد المحاسبة لنفسه، كان واعظاً مُبْكياً في وعظه. أحد من اجتمع له الزهد والمعرفة بعلم الظاهر والباطن، تفقّه ودرس. روى عن: الحسين بن هارون الفقيه، ويزيد بن هارون شيئاً يسيراً. روى عنه: ابن مسروق، وأحمد بن القاسم، والجُنيد، وأحمد بن الحسن الصوفي، وإسماعيل ابن إسحاق السراج. كان محمود السيرة، أشاد كثيرون بذكر مزاياه وأخلاقه، وسُموّ معارفه، وزهده، وعلو كعبه في علم الكلام والقياس والأصول، والورع. ذكر السبكي في طبقاته: «لو لم يكن في أصحاب الشافعي في الفقه والكلام والأصول والقياس والزهد والورع والمعرفة إلا الحارث المحاسبي، لكان مغبّراً في وجوه مخالفيه». وقال أبو نعيم في «حلية الأولياء»: «كان لأنوار الحق شاهداً ومراقباً، ولآثار الرسولr مساعداً ومصاحباً، تصانيفه مدونةٌ مسطورةٌ، وأقواله مبثوثةٌ مشهورةٌ، وأحواله وصحبته مشهورةٌ مذكورة. كان في علم الأصول راسخاً وراجحاً، وعن الخوض في الفصول حافياً وجانحاً، وللمخالفين الزائفين قامعاً وناطحاً، وللمريدين والمنيبين قابلاً وناصحاً، وقيل إن فعل ذوي العقول الأخذُ بالأصول، والترك للمفضول، واختيار ما اختاره الرسولr». وأشار آخرون إلى أنه كان أحد الأعلام المذكورين المشهورين المشهود لهم بالفضل، الذين جمعوا المواريث إلى علوم الاكتساب، والذين سمعوا الحديث وجمعوا الفقه والكلام واللغة وعلم القرآن، تشهد بذلك كتبهم ومصنفاتهم، وكان ضمن من صنّفوا في المعاملات.
وضع عدداً كبيراً من الرسائل و الكتب، منها: «الزهد» و«أصول الديانات» و«الرد على المخالفين من المعتزلة والرافضة وغيرهما» و«الدماء» و«الرعاية لحقوق الله» و«البعث والنشور» و«الفكر والاعتبار» و«شرح المعرفة» و«التوّهم» و«الوصايا» أو «النصائح» وتحدث فيه عن الحياة الإسلامية في عصره وتقلباته الروحية والمنهج الصوفي وما تكشف له عن حقائق وما تجلّى به من معارف. ورسالته في المحبة فقد بقي منها شذرات حفظها أبو نعيم في الحلية، وتحدّث فيها عن المحبة المتبادلة بين العبد والرب، حين يصف الصلة بين المحبة والشوق، ونور كلٍ منهما في القلب. ويعدّ كتاب «الرعاية لحقوق الله» من المصادر الرئيسة التي يظهر أثرها بوضوحٍ في كثيرٍ مما ذكره الإمام أبو حامد الغزالي في كتابه «إحياء علوم الدين»، وعرضها وتحليلها، وتعميق معانيها، والربط بينها وبين المعاني الدينية الإسلامية بالمحاسبي. كما كان أستاذ الجُنيد (ت297هـ)، قال الشعراني: «هو أستاذ أكثر البغداديين، مات وهو محتاجٌ إلى درهم». كان على درجةٍ كبيرةٍ من الورع والتُقى، حتى إنه رفض أن يأخذ من ميراث والده أيَّ شيء؛ لأن والده كان يقول بالقدر، أي كان من القدرية القائلين بإنكار القدر، وهو من الأثرياء، ترك له سبعين ألف درهم فلم يأخذ منها شيئاً، بالرغم من أنه كان بأمس الحاجة إلى درهمٍ واحد، فكثيرةٌ هي الأيام والليالي التي كان يبيت فيها على الطوى وهو لا يملك ثمن رغيف الخبز. قال أبو العباس أحمد بن مسروق تلميذ المحاسبي: «سمعت حارثاً يقول: ثلاثة أشياء عزيزة أو معدومة: حُسن الوجه مع الصيانة، وحُسن الخُلق مع الديانة، وحُسن الإخاء مع الأمانة». وله أيضاً: «لكل شيءٍ جوهر، وجوهر الإنسان العقل، وجوهر العقل التوفيق». وقال: «العلم يورث المخافة، والزهد يورث الراحة، والمعرفة تورث الإنابة»، وقوله: «الفتوة أن تنصف ولا تنتصف». سئل عن المحبة فقال: «المحبة ميلك إلى الشيء بكليتك، ثم إيثارك له على نفسك وروحك ومالك، ثم مراقبتك له سراً وجهراً، ثم اعترافك بتقصيرك في حبه». قال: «العمل بحركات القلوب والجوارح في مطالعات الغيوب».
عبد الله حسين