عدوان (ممدوح)
Edwan (Mamdouh-) - Edwan (Mamdouh-)
عدوان (ممدوح ـ)
(1941ـ 2004م)
ممدوح عدوان أديب سوري، متعدد المواهب، برز في فنون الأدب، فهو صحفي وشاعر ومسرحي ومترجم وروائي وناقد وكاتب نصوصٍ للتلفاز. وُلِدَ في بلدة قيرون بمصياف، وتلقى فيها تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي، ثم جاء إلى دمشق ليدرس في قسم اللغة الإنكليزية بجامعتها، فعمل في الصحافة الأدبية، وأنتج منذ أواخر الستينيات من القرن العشرين ما يربو على ثمانين كتاباً في مختلف الأجناس الأدبية، ونال شهرة واسعة في حياته وبعد وفاته، فهو من أوسع الأدباء نشاطاً، سافر إلى منتديات الصحافة والمسرح والشعر، وله صلات متينة بالحياة الثقافية داخل سورية وخارجها.
توزعت الأعمال التي خلفها ممدوح عدوان وفقاً للآتي:
المجموعات الشعرية: له ما يزيد على خمس عشرة مجموعة شعرية، وأهمها «الظل الأخضر»، و«تلويحة الأيدي المتعبة»، و«الدماء تدقّ النوافذ»، و«أقبل الزمن المستحيل»، و«أمي تطارد قاتلها»، و«يألفونك فانفر»، و«ليل العبيد»، و«لو كنت فلسطينياً»، و«هذا أنا أيضاً»، و«طيران نحو الجنون»، و«كتابة الموت»، و«عليك تتكىء الحياة»، و«أبداً إلى المنافي»، و«حياة متناثرة»، وقد صدرت أعماله الشعرية الكاملة في مجلدين كبيرين عن دار العودة في بيروت سنة 1986، وهي تضم الأعمال التي صدرت حتى ذلك التاريخ.
المسرحيات: له ما يزيد على عشرين مسرحية نثرية وأخرى شعرية وأهمها: «المخاض ـ مسرحية شعرية»، و«محاكمة الرجل الذي لم يحارب» و«هاملت يستيقظ متأخراً»، و«كيف تركت السيف»، و«ليل العبيد»، و«حال الدنيا»، و«الزبال»، و«القيامة»، و«سفر برلك»، و«زنوبيا تندحر غداً»، و«حكي السرايا»، و«القناع»، و«حكايات الملوك»، و«أكلة لحوم البشر»، و«الوحوش لا تغني».
النصوص التلفازية: له عدد من النصوص التي كتبها للتلفاز، ومن أهمها: «الزير سالم»، و«المتنبي»، و«دائرة النار»، و«الأيدي المتعبة»، و«جريمة في الذاكرة».
الروايات: له روايتان، هما: «الأبتر» (1970)، و«أعدائي» (2000).
الكتب الفكرية: له عدد من الكتب التي ألفها في هذا المجال ومنها: «دفاعاً عن الجنون ـ مقدمات»، و«تهويد المعرفة» و«حيونة الإنسان».
المترجمات: له عدد من الكتب والروايات التي ترجمها عن الأدب العالمي، ومنها: «الإلياذة» لهوميروس، و«تاريخ التعذيب» لبيرنهاردت، و«تاريخ الشيطان» لوليم وودز، و«جورج أورويل ـ سيرة حياة»، و«دميان»، و«حول الإخراج المسرحي»، و«الرحلة إلى الشرق»، و«سد هارت» لهرمان هيسة، و«الرقص في دمشق»، و«زجاج مكسور»، و«زوربا البرازيلي» لجورج أمادو، و«ساعي البريد»، و«الشاعر في المسرح» لرونالد بيكوك، و«الشعر ونهايات القرن» لأوكتا فيوباث، و«الشيخ والوسام»، و«عودة أوليس ـ أوديسة» لديريك والكوث، و«مذكرات كازانتزاكيس».
ممدوح عدوان مثقف موسوعي، بدأ شاعراً، وهكذا أحب أن يكون، ولكنه اشْتُهِرَ فيما بعد في المسرح والتلفاز والرواية والترجمات والكتابة الفكرية، ولا شَكَّ في أنه استفاد من هذا التنوع والتعدد، فبنى شهرة واسعة في المجالات الأدبية والفنية على اختلافها، ولاشك أيضاً في أن تنوع إنتاجاته قد أفاد بنية القصيدة عنده، فاشتغاله بالمسرح والتلفاز والترجمات قرَّبه من تقانات شعرية ما كان له أن يدركها لولا اشتغاله بهذه المجالات، ومع ذلك فإن هذه الموسوعية قد أثرت في عمله الشعري، فقد كان ممدوح عدوان قادراً لولا انصرافه إلى عدد من الأعمال وتوزعها على أن يكون من أبرز شعراء الحداثة في سورية والعالم العربي لامتلاكه الثقافة والموهبة في آن معاً.
ممدوح عدوان من شعراء الحداثة في سورية، وهو من شعراء قصيدة التفعيلة، ويشكل مع مجموعة من أبناء جيله كعلي الجندي، ومحمد عمران، وفايز خضور وسواهم، الحركة الشعرية الجديدة التي قامت على عاتقها حركة القصيدة العربية الجديدة بعد انتشارها في العراق ولبنان ومصر، فأخذت هذه المجموعة تتسابق وتتنافس لنظم هذا النوع من الشعر ونشره في الدوريات اللبنانية التي فتحت صفحاتها لقصائدهم، «كالآداب» ومجلة «شعر» و«الأديب» و«حوار» وسواها.
لم يتخل ممدوح عدوان وهو الشاعر الحداثي عن الأصالة في الشكل والمضمون، إذ ظل متمسكاً بقصيدة التفعيلة إيقاعياً، بل كان يدافع عنها دفاعاً مستميتاً، وإن نشر في أخريات أيامه مجموعته في الشعر المنثور بعنوان «حياة متناثرة» عام 2004. أما المضمون فهو عربي خالص، وللتراث في قصائده بصمات واضحة منذ مجموعته الأولى «الظل الأخضر 1967»، وإضافة إلى الهموم اليومية والحياتية التجأ إلى الرموز والشخصيات التراثية ليعبر من خلالها عن الحاضر الذي نعيش فيها، وخاصة بعد الصدمة الحزيرانية القاسية، ومن مجموعته الشعرية الأولى قصيدة بعنوان «رُوِيَ عن الخنساء» يقول فيها:
فجاء إليَّ صوتُكِ راح يدعوني صدًى للثأرِ في غضبِ
أتاني ليلةً وامتصَّ لي تعبي
فرحْتُ ألوبُ عن سيفٍ تشرَّبَ مّرةً بدمِ
إليكِ أهيمُ في الصحراء
أركض خلفَ ظلّي
خلف حدّ الأفقِ .. أندبُهُ فأنكفىءُ ...
ليس شعر ممدوح عدوان تحريراً للوزن والقافية، ولكنَّه رؤية جديدة للعالم، وعلاقة الحياة بالموت، والواقع الذي يعيش فيه، ولذلك حدّد هذا الشاعر مسيرة حياته الفنية منذ بداياته، فهو يقف إلى جانب التزام قضايا الإنسان العربي، فيقول في مقدمة ديوانه الأول «الظل الأخضر»: «إن لم تعطِ … أدباً ملتزماً فإنك لن تعطي التزاماً صادقاً في حياتك … وربّما لن تعطي شعراً، فالالتزام ليس استجداء التصفيق، والاهتمام بالناس لا يعني كتابة قصائد التعزية، هذه ليست وظيفة الشعر، للشعر وظيفة واحدة هي: الدفاع عن إنسانية الإنسان في هذا العالم»، ويدرك عدوان منذ بداياته أنَّ الالتزام لايعني أبداً أن يكون الفن شعارات ويافطات، ولكنه أولاً وأخيراً فنّ راق،، وهو لا يفعل في الناس إلاَّ إذا كان فناً حقيقياً، فقال: «الرغبة في الوصول إلى الناس هي سّر اهتمام الناس بالفنّ، كما أنّ الفنّ من خلال هذه الرغبة يحدد وظيفته، غير أن الرغبة في الوصول إلى الآخرين، حين تصبح تسابقاً يسقط الفنّ، إنّ البحث عن القارئ قد قاد إلى التدجيل عليه. فوقع القارئ والفنان والفنّ ضحايا هذا البحث».
خليل الموسى