عبد الكريم القيسي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عبد الكريم القيسي

    عبد كريم قيسي

    Abdul Kareem al-Qayssi - Abdel Kareem al-Qayssi

    عبد الكريم القيسي
    (القرن التاسع الهجري)

    عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم القيسي، شاعر أندلسي. يرجّح أن تكون ولادته في مدينة بَسطة، في العقد الأول من القرن التاسع، ووفاته في العقد الأخير منه؛ ذلك أن أول تاريخ يمكن أن يُستدل عليه من ديوانه يعود إلى عام 836هـ عند سقوط حصن اللَّقون، وآخر تاريخ هو عام 890هـ عند رجوع القاضي الجعدالَّة إلى القضاء، بعد عزله عنه، وليس من المستبعد أن يكون القيسي شاهد عيان على سقوط آخر معاقل المسلمين في الأندلس.
    تلقى من التعليم ما درج على تلقيه الطلبة في ذلك الحين من علوم دينية ولغوية، وفي شعره إشارة إلى أستاذه عبد الله محمد البياني الذي يعده نموذجاً للشيخ المربي، ويذكر من زملاء دراسته أبا عبد الله بن الأزرق الوادي آشي، وأبا يحيى بن عاصم، وأبا عبد الله محمد بن مالك الأَلْيُرِي، وأبا عبد الله بن رجاء.
    مكَّنه تحصيلُه العلمي والثقافي من أن يحظى ببعض المناصب الدينية، فتولى إمامة المسجد في مدينة بُرجة وكذلك خطة التوثيق. ذَكَرَ عبد الكريم القيسي أنَّه عُيِّن والياً على بلدة في دولة بني الأحمر، وكان له حانوت جعله مقراً للعمل وملتقًى لصحبه يتطارح معهم شؤون الدين والعلم والأدب.
    تعرض القيسي في حياته إلى عدة محن، لعل أهمها الأسر على يد النصارى؛ وذكر في ديوانه أنهم نقلوه إلى مدينة آبرة ـ ولعلها يابرة ـ ولعله أمضى فيها مدة ليست باليسيرة؛ لكثرة شعره الذي قاله من وحي الأسر. ثم امتُحن في مورد رزقه ومقر عمله، حين تعرض حانوته للحرق، فامتلأت نفسه غضباً على بلده وأهلها. ومن المحن التي تركت أثراً في نفسه وشعره عزله عن بعض الخطط مرتين؛ الأولى من خطة التوثيق، والأخرى من ولاية بلدة في دولة بني الأحمر لم يسمها.
    يعد ديوان القيسي آخر دواوين الأندلس، وتنهض قيمته من أنه يقدم للدارسين آخر مراحل تطور الشعر العربي هناك، وهذا شأنٌ يهم ناقد الشعر ومؤرخ الأدب، وللديوان قيمةً وثائقيةً تاريخيةً، لما فيه من إشارات سياسية وعلمية واجتماعية تتعلق بالقرن التاسع، وفيه ذكر لعدد كبير من أعلام هذا القرن، ممن أغفلت ذكرهم المصادر، هذا فضلاً عن قيمته الخاصة بجلاء حياة القيسي وعصره.
    اعتنى الشاعر بالتقديم لديوانه بمقدمة نثرية عبر فيها عن رأيه في الشعر، فبدا معتزاً بالشعر العربي عامة، وأشار إلى أن شعره لم يكن سليقةً وموهبةً، بقدر ما كان رياضةً وتدرباً، إلى أن قال متواضعاً: «إن شعري منحط عن الدرجة المتوسطة، ومع انحطاطه عنها فنفسي به على كل حال مغتبطة».
    لم يُرتّب القيسي ديوانه على نسق واضح، ولكنه أرَّخ لقصيدتين اثنتين، وتحتل المدائح المرتبة الأولى فيه، إذ تناول بمدحه جلّ مشاهير عصره، باستثناء أولي الأمر. ولئن كثر المديح في ديوانه فقد خلا من الهجاء الذي استعاض عنه بالتعريض، وتضمن الديوان أيضاً أشعاراً غزليةً، كان للمُذكَّر نصيب وافر منها؛ غير أن المهم في ديوانه هو تلك القصائد التي نظمها في أسره يصف حال الأسير المسلم في دار الحرب جسدياً ونفسيا، ويصور الديوان إلى جانب ذلك الحياة اليومية العادية، ويعطي صورةً عن بعض العادات الأندلسية، وعن حياة علماء الأندلس، ومدى اهتمامهم بشؤون الأدب والفكر، على الرغم من ظروف الحرب والفتن التي عاشوها.
    صدّر الشاعرُ ديوانه بقصيدتين قالهما في مدح الرسولr، وختمه بقصائد ومقطعات يبدو أنها متأخرة في زمن النظم، لغلبة الحديث فيها عن محنة العزل. يقول في مطلع القصيدة التي ابتدأ بها ديوانه، وقالها في أسره:
    لو كنتُ للمحبوب يوماً جَلِداً
    مـا كنت أشكو اليوم منه جَهارا
    ولَمَا شكا جفني القريحُ سُهادَهُ
    ولمـا شكا قـلبي المـشوَّقُ نارا
    لكنني أُبعـدت عن أوطانِـِه
    لا طـائِعًا، كلاَّ، ولا مُـختارا
    ويقول في مدينته بَسطة، بعد أن دفعته المحن إلى التشنيع بها:
    خـليلَيَّ مـا مِثلي يُقيم ذليلا
    ويَحملُ من ضَيم الزمان ثَقيلا
    ويرضى بِعَيْشٍ لا يزال بِبَسطةٍ
    يُجدِّد من خطبِ الهمومِ جَليلا
    فلا تعذُلاني في رحيلِيَ عنكما
    فإني لِما أَلقى عـزمتُ رَحيلا
    وقد صدر ديوان القيسي عن بيت الحكمة بقرطاج عام 1988م.
    لؤي خليل
يعمل...
X