عباس حلمي بن توفيق (الخديوي-)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عباس حلمي بن توفيق (الخديوي-)

    عباس حلمي توفيق (خديوي)

    Abbas Hilmi ibn Tawfiq (Khedive-) - Abbas Hilmi ibn Tawfiq (Khedive-)

    عباس حلمي بن توفيق
    (1291ـ 1363هـ/1874ـ 1944م)
    الخديوي عباس حلمي، الابن الأكبر للخديوي توفيق بن إسماعيل، حفيد محمد علي الكبير. كـان يلقب بـ (عباس الثاني)، أما (عباس الأول) فهو عباس باشا بن طوسون بن محمد علي المتوفى سنة 1854م.
    وُلِـدَ عباس حلمي في القاهرة وتلقى العلوم الأولى في مدرسة عابدين التي أنشأها والده، ثم رحل إلى جنيف، ثم إلى ڤيينا وهناك تابع تحصيله العلمي، وقام بصحبة شقيقه بالتجوال في أوربا، فزار ألمانيا وإنكلترا وروسيا وإيطاليا وفرنسا. ولما توفي والده الخديوي توفيق سنة 1892م رجع إلى مصر، وتولى منصبه في الحكم بإرادة سلطانية من الآستانة وهو في الثامنة عشرة من عمره، إذ كانت مصر آنذاك ما تزال ولاية عثمانية وإن من الناحية الاسمية. كان عباس حلمي شاباً ممتلئاً حماسة وغيرة وحباً للخير، ورغبة في إنهاض مصر من كبوتها، وتخليصها من الاحتلال البريطاني، إذ لم يكن راضياً عن سياسة والده الذي عاش مدة حكمه منزوياً في قصره، تاركاً الأمور في يد وزيره الأول مصطفى فهمي باشا الذي كان أداة مطواعة منفذة لسياسة الاحتلال، من دون أن يجرؤ أحد على انتقاد هذه الحالة الشائنة. فلما تولى عباس حلمي مقاليد الأمور، استقبله الناس مستبشرين بعهده متحمسين لـه، فعمد إلى تغيير رجال الحاشية، وإقالة بعض الموالين للإنكليز، وشجع النوابغ من أهل الفكر والسياسة والعلم مستعيناً بهم على دعم الحركة الوطنية التي كان من أهدافها استقلال البلاد وخلاصها من مآسي الاستبداد العثماني، ومخازي الاستعمار البريطاني.
    وكان من مظاهر دعوته إلى إنعاش الروح الوطنية أنه مد يد العون إلى زعيم الحركة الوطنية مصطفى كامل لإتمام دراسته في فرنسا، ثم قرَّبه منه، وعاضده بنفوذه وبماله للعمل من أجل الوطن.
    كما أصدر أوامره بالعفو عن داعية الإصلاح في مصر عبد الله النديم، بعد أن كان قد توارى عن الأنظار في عهد الخديوي توفيق، مما جعله يصرف جهوده إلى مناصرة عباس ومنحه الثقة والتأييد. وأصدر أيضاً أوامره بكفالة جورج أبيض رائد النشاط المسرحي في مصر مدة إقامته في فرنسا، وتلقِّيه أصول الفنون المسرحية هناك.
    وقد اجتمع حوله لفيف من الأدباء والشعراء يشيدون بمواقفه، ويمتدحونه في بعض المناسبات، من بينهم أحمد شوقي وإسماعيل صبري الذي خاطبه بقوله:
    أحرزتَ يا عباسُ كلَّ فضيلةٍ
    وبلغتَ شأواً في العُلا لا يُلحَقُ
    عوَّذْتُ مجدَكَ أن تنامَ وفي الحِمى
    أملٌ عقيمٌ أو رجاءٌ مُخْفِقُ
    وكان من أثر ذلك أن نهضت الأقلام في عهده، واتسع نطاق الصحافة وأُطْلِقَتْ حرية المطبوعات، ولمعت أسماء عدد من المؤرخين والكتاب.إلا أن ذلك كله كان يثير حفيظة الإنكليز ويؤلبهم عليه، مما جعل المعتمد البريطاني اللورد كرومر يقف في وجهه غير مرة.
    أما علاقته بالإمام الشيخ محمد عبده فقد كان يعروها التردد وضعف الثقة، فقد عاش الإمام منفياً في بيروت ستة أشهر حتى عفا عنه الخديوي توفيق، وفي عهد الخديوي عباس وجد الفرصة سانحة لبسط آرائه في الإصلاح وممارسة نشاطه العلمي والفكري، فكان لـه ما أراد. غير أن ما ظهر من الخديوي من مسالمة للإنكليز في بعض الأحيان، ولاسيما بعد أن اتفقت فرنسا وإنكلترا سنة 1904م، جعل كلاً منهما يناصب العداء للآخر ويكيل لـه التهم، فطفق الإمام يُعرض عنه، ويعلن أن عباساً لم يكن مخلصاً في وطنيته، وأنه لا همَّ لـه إلا تحقيق أهوائه الشخصية والسعي وراء جمع المال وإيداعه في المصارف الأجنبية خشية أن يفاجئه الإنكليز بالعزل والإبعاد، ثم توفي محمد عبده سنة 1905م.
    ولما رحل اللورد كرومر المعتمد البريطاني عن مصر عام 1907م، وعيِّن بعده إلدن غورست وجد عباس حلمي أن الاحتلال قد أحكم قبضته على مصر، ولا مناص لـه من القبول به والسكوت عن بعض تصرفاته، فجعل يصانع الإنكليز وينفي عن نفسه تهمة العمل على إزالة الاحتلال، ويصرح بالاستعداد للتعاون معهم. وهذا ما أدى بالأحوال إلى أن تسوء بينه وبين رجال الفكر والسياسة والنضال، فرأى مصطفى كامل حينئذٍ أن يستقل بحركته الوطنية، وأن يقطع صلته بالخديوي قائـلاً: «ولما رأيت رغبة سموه في توطيد الصلات الحسنة بينه وبين ملك الإنكليز وحكومته وجدت من واجباتي أن أكون بعيداً عن سموه ».
    إلا أن سياسة الوفاق بين الخديوي عباس والإنكليز لم تُجد نفعاً ولم تستمر طويلاً، إذ ما لبثت أن تزعزعت بعد أن عيِّن اللورد كتشنر عام 1911م مندوباً سامياً فاتبع سياسة الشدة والاستبداد، وعمل على تقليص مكانة الخديوي عباس.
    فلما نشبت الحرب العالمية الأولى كان الخديوي في زيارة لأوربا ثم للأستانة، وتأخرت عودته إلى مصر، فانتهز اللورد كتشنر هذه الفرصة واستطاع أن يحمل الحكومة البريطانية على تقرير منع الخديوي من دخول مصر، وبذلك تم خلعه في كانون الأول عام 1914م بعد أن فرض الإنكليز حمايتهم التامة على مصر، وعينوا بعده السلطان حسين كامل، ونفي عباس إلى سويسرا، ففقد بذلك عرشه وصودرت أموالـه، وأمضى الخديوي عباس حلمي بقية حياته مغترباً إلى أن توفي في سويسرا، فنقل جثمانه إلى القاهرة ودفن فيها.
    محمد كمـال
يعمل...
X