عبد رحمن عوف
Abdul Rahman ibn Awf - Abdel Rahman ibn Awf
عبد الرحمن بن عوف
(44ق.هـ ـ 32هـ/580 ـ 652م)
أبو محمد عبد الرحمن بن عوف بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب الزهري القرشي، كان اسمه في الجاهلية عبد عمرو، وقيل عبد الكعبة، فسماه الرسولr عبد الرحمن. صحابي جليل وأحد المبشرين بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين جعل عمر بن الخطاب الخلافة فيهم، وأحد الثمانية الذين بادروا إلى الإسلام.
ولد عبد الرحمن بعد عام الفيل بعشر سنوات، وأمه هي الشفاء بنت عوف بن عبد الحارث بن زهرة.
أسلم عبد الرحمن على يد أبي بكر الصديق [ر]، وكان رجال قومه يأتونه لغير واحد من الأمر لعلمه وتجاربه وحسن مجالسته، فلما أسلم أبو بكر جعل يدعو إلى الإسلام من وثق به من قومه ممن يأتيه ويجلس إليه، فأسلم على يديه عثمان ابن عفان، والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف، وسعد ابن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، فجاء بهم إلى رسول اللهr حين استجابوا، فأسلموا وصلَّوا فكان هؤلاء الأشخاص الذين سبقوا إلى الإسلام.
هاجر عبد الرحمن إلى الحبشة، ثم إلى المدينة وآخى الرسولr بينه وبن سعد بن الربيع أحد النقباء (أصحاب العقبة)، فعرض عليه أن يشاطره نعمته وأن يُطلق له أحسن زوجتيه، فرفض عبد الرحمن وبارك له في أهله وماله، ولكنه سأله أن يدله على السوق، فباع واشترى وربح، ولم يلبث أن صار معه مال فتزوج امرأة من الأنصار على زِنَةِ نواة من ذهب، ثم آل أمره في التجارة إلى ما آل، وعن عبد الرحمن قوله «لقد رأيتني لو رفعت حجراً رجوت أن أصيب تحته ذهباً أو فضة».
شهد عبد الرحمن بدراً وأحداً والمشاهد كلها مع رسول اللهr وجُرِحَ يوم أحد جراحات كثيرة، وكان من الذين شهدوا صلح الحديبية[ر]، سنة 6هـ بين الرسولr وسهيل بن عمرو مبعوث قريش إلى الرسول، وفي شعبان سنة 6هـ أرسله الرسولr في سَرية إلى دومة الجندل، وأمره إن أطاعوه أن يتزوج ابنة ملكهم، فأسلم القوم فتزوج عبد الرحمن تماضر بنت الأصبَغ وهي أم أبي سلمة؛ وكان أبوها ملكهم. وفي سنة 9هـ حج أبو بكر بالناس وحج فيها عبد الرحمن معه، وعندما شعر الخليفة أبو بكر بدنو أجله، كان عبد الرحمن من الذين استشارهم في العهد لعمر بن الخطاب بالخلافة من بعده، واستعمل الخليفة عمر بن الخطاب ابن عوف على الحج في السنة التي ولي فيها فحج بالناس، وكان عبد الرحمن من مستشاري الخليفة عمر لأنه كان عنده الأمين المصدّق، فعندما انتهى إلى عمر هزيمة المسلمين في معركة الجسر، ومقتل أبي عبيدة بن مسعود، واجتماع أهل فارس على رجل من آل كسرى، نادى في المهاجرين والأنصار، وخرج حتى أتى صِراراً (بئر قديمة على بعد ثلاثة أميال من المدينة على طريق العراق) وسمَّي على ميمنته عبد الرحمن بن عوف ولميسرته الزبير ابن العوَّام واستخلف على المدينة علي ابن أبي طالب، واستشار الناس، فكلهم أشار عليه بالمسير إلى فارس، ثم استشار ذوي الرأي، فكان طلحة بن عبيد الله ممن تابع الناس، وكان عبد الرحمن ممن نهاه. لأن انهزام الجيش في رأيه ليس كانهزام الخليفة أو مقتله، لأن مقتله سيكون فاجعة وكارثة للمسلمين، وأنه يخشى إذا ما أصاب الخليفة مكروه ألا يكبِّر الناس وألاّ يشهدوا أن لا إله إلا الله أبداً، أي أن يضيع الإسلام والمسلمون، ونصحه أن يعين قائداً للجيش الذي سيوجهه إلى العراق، فطلب عمر من القوم أن يشيروا عليه برجل، وحدث أن جاء كتاب سعد ابن أبي وقاص ـ وكان على صدقات نجد ـ في أثناء مشورتهم، فأشار عبد الرحمن بتوليه سعد بن أبي وقاص[ر]، فوافق عمر ووافق أولو الأمر.
وفي سنة 17هـ حينما خرج عمر بن الخطاب من المدينة يريد الشام لقيه أمراء الأجناد عند سَرْغ (قرية بوادي تبوك أول الحجاز وآخر الشام) فأخبروه بانتشار الطاعون في الشام. فجمع عمر المهاجرين والأنصار ليستشيرهم في الرجوع أوالمتابعة، فاختلفوا، وبينما الناس فيما بينهم مختلفين أتى عبد الرحمن بن عوف، فذكر لعمر بن الخطاب أنه سمع رسول اللهr يقول: «إذا سمعتم بهذا الوباء ببلد فلا تقدموا عليه، وإذا وقع وأنتم فيه فلا تخرجوا فراراً منه» فرجع عمر بالناس لاقتناعه بحديث عبد الرحمن، كما أخذ عمر بقول عبد الرحمن فيما يتعلق بالمجوس وأخذ الجزية منهم بأنه سمع رسول اللهr يقول: «سنّوا بهم سنة أهل الكتاب»، وكان عمرو بن عوف حليف بني عامر قد ذكر أن رسول اللهr قَبِلَ الجزية من أهل البحرين وكانوا مجوساً.
ومن أفضل أعمال عبد الرحمن عزله نفسه من الأمر وقت الشورى، ذلك أن الخليفة عمر بن الخطاب عندما طُعِن، أناط بأهل الشورى: علي ابن أبي طالب، عثمان بن عفان، عبد الرحمن بن عوف، سعد بن أبي وقاص، طلحة بن عبيد الله والزبير ابن العوام وحدهم أمر اختيار الخليفة من بينهم، في مهلة محددة هي ثلاثة أيام من وفاته، وأن تكون المشاورات سرية، ولكن عمر انتبه إلى مشكلة تساوي الأصوات، لأن الهيئة مؤلفة من ستة أشخاص فمن المحتمل أن ينقسموا فريقين متساويين، فأوصى عمر بأنه إذا رضي ثلاثة رجلاً منهم وثلاثة رجلاً منهم، أن يحكِّموا عبد الله بن عمر، فأي الفريقين حُكِمَ له فليختاروا الخليفة منهم، فإن لم يرضوا بحكم عبد الله ابن عمر أن يكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف.
ولما اجتمع الصحابة وكثر الكلام والنقاش بينهم، اقترح عبد الرحمن أن يخرج نفسه، ويتقلَّدها على أن يوليها أفضلهم، فوافقه البقية، فبدأ عبد الرحمن بمشاوراته، فتم الاتفاق حول علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان، فخرج عبد الرحمن إلى المسجد، وجمع الناس، ثم حمد الله وأثنى عليه، وقال: أيها الناس إني قد سألتكم سرّاً وجهراً عن إمامكم، فلم أجدكم تعدلون بأحد هذين الرجلين إما علي وإما عثمان، ثم أخذ بيد علي قائلاً: هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة رسوله وفعل أبي بكر وعمر، فقال: اللهم لا، ولكن على جهدي من ذلك وطاقتي، أما عثمان ابن عفان فقد وافق أن يبايع على كتاب الله وسنة نبيه وفعل أبي بكر وعمر، فبايعه عبد الرحمن وبايعه المهاجرون والأنصار.
توفي عبد الرحمن في المدينة ودفن بالبقيع، وكان جواداً كريماً أوصى لنساء الرسول بحديقة قُوِّمت بـ 400ألف درهم، وعن طلحة بن عبد الله بن عوف، كان أهل المدينة عيالاً على عبد الرحمن: ثلثٌ يقرضهم ماله، وثلثٌ يقضى دينهم، ويصل ثلثاً.
نجدة خماش
Abdul Rahman ibn Awf - Abdel Rahman ibn Awf
عبد الرحمن بن عوف
(44ق.هـ ـ 32هـ/580 ـ 652م)
أبو محمد عبد الرحمن بن عوف بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب الزهري القرشي، كان اسمه في الجاهلية عبد عمرو، وقيل عبد الكعبة، فسماه الرسولr عبد الرحمن. صحابي جليل وأحد المبشرين بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين جعل عمر بن الخطاب الخلافة فيهم، وأحد الثمانية الذين بادروا إلى الإسلام.
ولد عبد الرحمن بعد عام الفيل بعشر سنوات، وأمه هي الشفاء بنت عوف بن عبد الحارث بن زهرة.
أسلم عبد الرحمن على يد أبي بكر الصديق [ر]، وكان رجال قومه يأتونه لغير واحد من الأمر لعلمه وتجاربه وحسن مجالسته، فلما أسلم أبو بكر جعل يدعو إلى الإسلام من وثق به من قومه ممن يأتيه ويجلس إليه، فأسلم على يديه عثمان ابن عفان، والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف، وسعد ابن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، فجاء بهم إلى رسول اللهr حين استجابوا، فأسلموا وصلَّوا فكان هؤلاء الأشخاص الذين سبقوا إلى الإسلام.
هاجر عبد الرحمن إلى الحبشة، ثم إلى المدينة وآخى الرسولr بينه وبن سعد بن الربيع أحد النقباء (أصحاب العقبة)، فعرض عليه أن يشاطره نعمته وأن يُطلق له أحسن زوجتيه، فرفض عبد الرحمن وبارك له في أهله وماله، ولكنه سأله أن يدله على السوق، فباع واشترى وربح، ولم يلبث أن صار معه مال فتزوج امرأة من الأنصار على زِنَةِ نواة من ذهب، ثم آل أمره في التجارة إلى ما آل، وعن عبد الرحمن قوله «لقد رأيتني لو رفعت حجراً رجوت أن أصيب تحته ذهباً أو فضة».
شهد عبد الرحمن بدراً وأحداً والمشاهد كلها مع رسول اللهr وجُرِحَ يوم أحد جراحات كثيرة، وكان من الذين شهدوا صلح الحديبية[ر]، سنة 6هـ بين الرسولr وسهيل بن عمرو مبعوث قريش إلى الرسول، وفي شعبان سنة 6هـ أرسله الرسولr في سَرية إلى دومة الجندل، وأمره إن أطاعوه أن يتزوج ابنة ملكهم، فأسلم القوم فتزوج عبد الرحمن تماضر بنت الأصبَغ وهي أم أبي سلمة؛ وكان أبوها ملكهم. وفي سنة 9هـ حج أبو بكر بالناس وحج فيها عبد الرحمن معه، وعندما شعر الخليفة أبو بكر بدنو أجله، كان عبد الرحمن من الذين استشارهم في العهد لعمر بن الخطاب بالخلافة من بعده، واستعمل الخليفة عمر بن الخطاب ابن عوف على الحج في السنة التي ولي فيها فحج بالناس، وكان عبد الرحمن من مستشاري الخليفة عمر لأنه كان عنده الأمين المصدّق، فعندما انتهى إلى عمر هزيمة المسلمين في معركة الجسر، ومقتل أبي عبيدة بن مسعود، واجتماع أهل فارس على رجل من آل كسرى، نادى في المهاجرين والأنصار، وخرج حتى أتى صِراراً (بئر قديمة على بعد ثلاثة أميال من المدينة على طريق العراق) وسمَّي على ميمنته عبد الرحمن بن عوف ولميسرته الزبير ابن العوَّام واستخلف على المدينة علي ابن أبي طالب، واستشار الناس، فكلهم أشار عليه بالمسير إلى فارس، ثم استشار ذوي الرأي، فكان طلحة بن عبيد الله ممن تابع الناس، وكان عبد الرحمن ممن نهاه. لأن انهزام الجيش في رأيه ليس كانهزام الخليفة أو مقتله، لأن مقتله سيكون فاجعة وكارثة للمسلمين، وأنه يخشى إذا ما أصاب الخليفة مكروه ألا يكبِّر الناس وألاّ يشهدوا أن لا إله إلا الله أبداً، أي أن يضيع الإسلام والمسلمون، ونصحه أن يعين قائداً للجيش الذي سيوجهه إلى العراق، فطلب عمر من القوم أن يشيروا عليه برجل، وحدث أن جاء كتاب سعد ابن أبي وقاص ـ وكان على صدقات نجد ـ في أثناء مشورتهم، فأشار عبد الرحمن بتوليه سعد بن أبي وقاص[ر]، فوافق عمر ووافق أولو الأمر.
وفي سنة 17هـ حينما خرج عمر بن الخطاب من المدينة يريد الشام لقيه أمراء الأجناد عند سَرْغ (قرية بوادي تبوك أول الحجاز وآخر الشام) فأخبروه بانتشار الطاعون في الشام. فجمع عمر المهاجرين والأنصار ليستشيرهم في الرجوع أوالمتابعة، فاختلفوا، وبينما الناس فيما بينهم مختلفين أتى عبد الرحمن بن عوف، فذكر لعمر بن الخطاب أنه سمع رسول اللهr يقول: «إذا سمعتم بهذا الوباء ببلد فلا تقدموا عليه، وإذا وقع وأنتم فيه فلا تخرجوا فراراً منه» فرجع عمر بالناس لاقتناعه بحديث عبد الرحمن، كما أخذ عمر بقول عبد الرحمن فيما يتعلق بالمجوس وأخذ الجزية منهم بأنه سمع رسول اللهr يقول: «سنّوا بهم سنة أهل الكتاب»، وكان عمرو بن عوف حليف بني عامر قد ذكر أن رسول اللهr قَبِلَ الجزية من أهل البحرين وكانوا مجوساً.
ومن أفضل أعمال عبد الرحمن عزله نفسه من الأمر وقت الشورى، ذلك أن الخليفة عمر بن الخطاب عندما طُعِن، أناط بأهل الشورى: علي ابن أبي طالب، عثمان بن عفان، عبد الرحمن بن عوف، سعد بن أبي وقاص، طلحة بن عبيد الله والزبير ابن العوام وحدهم أمر اختيار الخليفة من بينهم، في مهلة محددة هي ثلاثة أيام من وفاته، وأن تكون المشاورات سرية، ولكن عمر انتبه إلى مشكلة تساوي الأصوات، لأن الهيئة مؤلفة من ستة أشخاص فمن المحتمل أن ينقسموا فريقين متساويين، فأوصى عمر بأنه إذا رضي ثلاثة رجلاً منهم وثلاثة رجلاً منهم، أن يحكِّموا عبد الله بن عمر، فأي الفريقين حُكِمَ له فليختاروا الخليفة منهم، فإن لم يرضوا بحكم عبد الله ابن عمر أن يكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف.
ولما اجتمع الصحابة وكثر الكلام والنقاش بينهم، اقترح عبد الرحمن أن يخرج نفسه، ويتقلَّدها على أن يوليها أفضلهم، فوافقه البقية، فبدأ عبد الرحمن بمشاوراته، فتم الاتفاق حول علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان، فخرج عبد الرحمن إلى المسجد، وجمع الناس، ثم حمد الله وأثنى عليه، وقال: أيها الناس إني قد سألتكم سرّاً وجهراً عن إمامكم، فلم أجدكم تعدلون بأحد هذين الرجلين إما علي وإما عثمان، ثم أخذ بيد علي قائلاً: هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة رسوله وفعل أبي بكر وعمر، فقال: اللهم لا، ولكن على جهدي من ذلك وطاقتي، أما عثمان ابن عفان فقد وافق أن يبايع على كتاب الله وسنة نبيه وفعل أبي بكر وعمر، فبايعه عبد الرحمن وبايعه المهاجرون والأنصار.
توفي عبد الرحمن في المدينة ودفن بالبقيع، وكان جواداً كريماً أوصى لنساء الرسول بحديقة قُوِّمت بـ 400ألف درهم، وعن طلحة بن عبد الله بن عوف، كان أهل المدينة عيالاً على عبد الرحمن: ثلثٌ يقرضهم ماله، وثلثٌ يقضى دينهم، ويصل ثلثاً.
نجدة خماش