عبد رحيم (جم)
Abdul Rahim (Jamal-) - Abdel Rahim (Jamal-)
عبد الرحيم (جمال ـ)
(1924ـ 1988)
محمد جمال عبد الرحيم من أبرز المؤلفين الموسيقيين المجددين المصريين، ولد في القاهرة وتوفي في ألمانيا، كان والده ضليعاً من الموسيقى العربية، أجاد عزف ثلاث من آلاتها، وكوَّن «فرقة للهواة للموسيقى العربية» (عزفت في الإذاعة وفي الأوبرا أحياناً)، كما اخترع آلة فلوت لعزف ثلاثة أرباع الصوت.
نشأ جمال عبد الرحيم في هذا الجو المفعم بالموسيقى العربية فرسخت في وجدانه، وكان لها أعمق الأثر في توجهه مستقبلاً، ظهرت موهبته الموسيقية منذ الطفولة، ونماها في صباه بدراسة ذاتية لعزف البيانو. وعندما التحق بقسم التاريخ بكلية آداب جامعة القاهرة، وجد أول فرصة حقيقية لدراسة الموسيقى الغربية على يد أساتذة أوربيين، وظل يُعلِّم نفسه اللغة الألمانية من قراءاته الخاصة حتى أتقنها، لأنه كان يحلم بدراسة الموسيقى في بلد بتهوفن[ر] Beethoven، وبرامز[ر]Brahms. وساعده على السفر بعض المثقفين الذين قدّروا موهبته، وعلى رأسهم السفير طاهر العمري، وحصل على بعثة حكومية وتدخل طه حسين، وزير التعليم حينئذٍ، بإعفائه من الكشف الطبي الذي هدّد سفره، وسافر إلى ألمانيا والتحق بأكاديمية الموسيقى بفرايبورغ (1952) Freiburg/Br حيث درس علوم التأليف الموسيقي على يد هارالد غنسمر Genzmer، فكان أول مصري يدرس التأليف الموسيقي أكاديمياً في أوربا.
ترك له أستاذه الألماني حرية اختيار تعبيره الموسيقي المحقق لهويته القومية، بعد دراسة كاملة لعلوم التأليف الغربي. وتأثر ببتهوفن كثيراً (في أسلوبه في التفاعل)، وتأثر بالمجددين مثل بارتوك[ر] Bartok، وسترافنسكي[ر] Stravinsky تأثراً قوياً.
أنهى جمال عبد الرحيم دراسته الناجحة، وعاد إلى وطنه عام 1957 فوجد صحوة ثقافية كبيرة وانفتاحاً على الغرب، مع تأكيد للهوية المصرية العربية، وعند افتتاح «المعهد القومي العالي للموسيقى» (الكونسرفاتوار) عام 1959، كان من الأعضاء في لجنته التأسيسية، وفيها توثقت معرفته بسمحة الخولي فتزوجا بنهاية عام 1959، وأنجبا بنتاً هي بسمة عازفة الكمان[ر] (المقيمة في ألمانيا)، وغدا عبد الرحيم مدرساً في المعهد للمواد النظرية و«الانسجام»[ر] (الهارموني)، ثم صار أستاذاً ورئيساً لقسم التأليف الذي أسسه عام 1971، فكان أول قسم موسيقي من نوعه في العالم العربي، ورأسه حتى عام 1986. وتخرجت على يديه فيه كوكبة من أهم المؤلفين الموسيقيين المصريين والعرب. سافر بعد ذلك وزوجته، إلى أمريكا للتدريس بجامعة جنوبي فلوريدا، ولكنه مرض في أثناء زيارة لابنته في ألمانيا وتوفي هناك، ودفن في القاهرة.
قضى عبد الرحيم شطراً من حياته في بحث عميق حتى توصّل لأسلوب شخصي يُرضي مُثلهُ القومية. وسعى إلى عبور جسر التناقض بين التراثين الموسيقيّين الغربي والعربي، واستثمره استثماراً خلاقاً بارتباط قومي واضح. واستمد موضوعات مؤلفاته التي تقارب الستين من مصر بتاريخها القديم، مثل فيلم «الحياة اليومية لقدماء المصريين»، وباليه «أوزوريس»، ومسلسل «أخناتون» وغيرها، ومن تراثها الشعبي وعمّالها البسطاء مثل «روندو بلدي»، و«صهبة» للأوركسترا، و«ارتجالات على لحن بائع متجول للتشيلّو[ر. الكمان] المنفرد» ومن تراثها الإسلامي مثل «الابتهال» للإمام زين العابدين، لمنشد وناي وكورس رجال، وغيره.
الأسلــوب: لم يقتنع عبد الرحيم باستعارة هارمونيات غربية ليضع فوقها ألحاناً شرقية، بل استنبط أسلوباً خاصاً عِماده المقامات والإيقاعات العربية، وتناولها بمنطق متسق خـاص بـه؛ إذ نبذ السلّمين الكبير major والصغير minor، سواء في المقامات[ر. الموسيقى العربية] الخالية من الأرباع كالنهاوند، والحجاز ومشتقاته، والصبا زمزمة، والصبا بوسليك، والنوا أثر، والنكريز، أم في المقامات الربعية (4/3 الصوت) التي اتجه إليها بقوة في مرحلته الثالثة، منذ عام 1977، كالبياتي مثل «ارتجالات على لحن بائع متجول للتشيلّو المنفرد»، و«ثنائية للكمان والتشيلّو»، وكالراست والهزام وغيرهما. واستمد من المقامات، بنوعيها، تآلفاته الهارمونية من أبعاد المقامات نفسها. كما استنبط لغة بوليفونية (متعددة التصويت) لمؤلفاته في المقامات ذات 4/3 الصوت أيضاً، فأدخل، مثلا، في صياغته لدور «كادني الهوى» لمحمد عثمان للكورال والأوركسترا في قسم «الهنك» فقرة فوغالية[ر. الصيغ الموسيقية] (Fugal) في مقام الراست، لرباعي وتري تعزفها الأوركسترا. والكتابة الكنترابنتية[ر. الانسجام] (التي تُجدَل فيها ألحان متشابكة) أقرب إليها من الهارمونية، لأنه رآها امتداداً طبيعياً للّحنيّـة الشرقيـة.
تبنى عبد الرحيم الضروب العربية العرجاء مثل 8/5، و8/7، وغيرهما، إضافة إلى الموازين المتغيرة الغربية (Variable metres) ليتيح لموسيقاه تدفقاً حراً ولاسيما في الأعمال الغنائية مثل مؤلفته «الصحوة» حفاظاً على سلامة العَروض الشعري. وقد أضفى استخدامه آلات الإيقاع الشعبية المصرية (كالمزهر، والبندير، والرق، والدربكة) تلويناً شرقياً على كثير من أعماله. كما أدخل آلات الإيقاع الغربية كالفيبرافون vibraphone والماريمباmarimba كما في باليتتي «أوزوريس» (1972)، و«حسن ونعيمة» (1974)، فكان أول موسيقي استخدمها في مصر.
البناء الموسيقي عنده ليس غربياً تماماً؛ إذ له فيه لفتـات خاصة فهو يستخدمه بقدرة في أكبر أعماله، مثل «الصحوة»، و«ثنائية الكمان والتشيلّو». وفي أعماله الصغيرة مثل «الثعلب» لكورال الأطفال.
من أهم مؤلفات جمال عبد الرحيم، إضافة إلى ما ذكر سابقاً «متتابعة» Suite للأوركسترا، و«تنويعات على لحن شعبي مصري»، و«موكب (مارش) أحمس»، و«رقصة احتفالية» (صهبة)، و«بحيرة اللوتس»، و«أصداء» للفلوت[ر. الناي] والأوركسترا، و«رابسودية» للتشيلّو، و«فانتازية على لحن شعبي» للكمان والأوركسترا، و«ملحمة سيناء» للجوقة الغنائية (الكورال) مع الأوركسترا (شعر صلاح عبد الصبور)، و«ملامح مصرية»، و«الطيب والشرير» أوبريت للأطفال (نص كامل أيوب)، و«الحمامة المطوقة» (عن كليلة ودمنة) لكورال أطفال وراوي (نص صلاح جاهين) و«النار والكلمات» غناء منفرد (سوبرانو) Soprano و«الأمير السعيد» (شعر عبد الوهاب البياتى). و«إلى الشهداء العرب مرثية وصراع»، و«تنويعات على لحن مصري» للبيانو. و«تأملات للكمان المنفردة»، و«ثلاثية للكمان والتشيلّو والبيانو».
وكتب عبد الرحيم أيضاً لآلات النفخ مثل: «مناجاة» للكلارنيت[ر] (في مقامات ربعية)، و«رومبا» للترومبيت[ر. البوق]، و«ثلاثية للفلوت والهارب[ر] Harp وآلات الإيقاع»، وغيرها. وله إسهام كبير في الموسيقى التصويرية للسينما والتلفزيون والمسرح.
نال جمال عبد الرحيم أوسمة وجوائز عدة آخرها جائزة الدولة التشجيعية في التأليف الموسيقي (وأعماله مسجلة على أسطوانات مدمجة CDs أصدرتها العلاقات الثقافية الخارجية بوزارة الثقافة). كما أنتج المركز القومي للسينما فيلماً عنه من إخراج كامل القليوبى. ونشرت مؤلفاته ثلاثة دور نشر أوربية (النمسا وألمانيا) وأمريكية.
سمحة الخولي
Abdul Rahim (Jamal-) - Abdel Rahim (Jamal-)
عبد الرحيم (جمال ـ)
(1924ـ 1988)
محمد جمال عبد الرحيم من أبرز المؤلفين الموسيقيين المجددين المصريين، ولد في القاهرة وتوفي في ألمانيا، كان والده ضليعاً من الموسيقى العربية، أجاد عزف ثلاث من آلاتها، وكوَّن «فرقة للهواة للموسيقى العربية» (عزفت في الإذاعة وفي الأوبرا أحياناً)، كما اخترع آلة فلوت لعزف ثلاثة أرباع الصوت.
نشأ جمال عبد الرحيم في هذا الجو المفعم بالموسيقى العربية فرسخت في وجدانه، وكان لها أعمق الأثر في توجهه مستقبلاً، ظهرت موهبته الموسيقية منذ الطفولة، ونماها في صباه بدراسة ذاتية لعزف البيانو. وعندما التحق بقسم التاريخ بكلية آداب جامعة القاهرة، وجد أول فرصة حقيقية لدراسة الموسيقى الغربية على يد أساتذة أوربيين، وظل يُعلِّم نفسه اللغة الألمانية من قراءاته الخاصة حتى أتقنها، لأنه كان يحلم بدراسة الموسيقى في بلد بتهوفن[ر] Beethoven، وبرامز[ر]Brahms. وساعده على السفر بعض المثقفين الذين قدّروا موهبته، وعلى رأسهم السفير طاهر العمري، وحصل على بعثة حكومية وتدخل طه حسين، وزير التعليم حينئذٍ، بإعفائه من الكشف الطبي الذي هدّد سفره، وسافر إلى ألمانيا والتحق بأكاديمية الموسيقى بفرايبورغ (1952) Freiburg/Br حيث درس علوم التأليف الموسيقي على يد هارالد غنسمر Genzmer، فكان أول مصري يدرس التأليف الموسيقي أكاديمياً في أوربا.
ترك له أستاذه الألماني حرية اختيار تعبيره الموسيقي المحقق لهويته القومية، بعد دراسة كاملة لعلوم التأليف الغربي. وتأثر ببتهوفن كثيراً (في أسلوبه في التفاعل)، وتأثر بالمجددين مثل بارتوك[ر] Bartok، وسترافنسكي[ر] Stravinsky تأثراً قوياً.
أنهى جمال عبد الرحيم دراسته الناجحة، وعاد إلى وطنه عام 1957 فوجد صحوة ثقافية كبيرة وانفتاحاً على الغرب، مع تأكيد للهوية المصرية العربية، وعند افتتاح «المعهد القومي العالي للموسيقى» (الكونسرفاتوار) عام 1959، كان من الأعضاء في لجنته التأسيسية، وفيها توثقت معرفته بسمحة الخولي فتزوجا بنهاية عام 1959، وأنجبا بنتاً هي بسمة عازفة الكمان[ر] (المقيمة في ألمانيا)، وغدا عبد الرحيم مدرساً في المعهد للمواد النظرية و«الانسجام»[ر] (الهارموني)، ثم صار أستاذاً ورئيساً لقسم التأليف الذي أسسه عام 1971، فكان أول قسم موسيقي من نوعه في العالم العربي، ورأسه حتى عام 1986. وتخرجت على يديه فيه كوكبة من أهم المؤلفين الموسيقيين المصريين والعرب. سافر بعد ذلك وزوجته، إلى أمريكا للتدريس بجامعة جنوبي فلوريدا، ولكنه مرض في أثناء زيارة لابنته في ألمانيا وتوفي هناك، ودفن في القاهرة.
قضى عبد الرحيم شطراً من حياته في بحث عميق حتى توصّل لأسلوب شخصي يُرضي مُثلهُ القومية. وسعى إلى عبور جسر التناقض بين التراثين الموسيقيّين الغربي والعربي، واستثمره استثماراً خلاقاً بارتباط قومي واضح. واستمد موضوعات مؤلفاته التي تقارب الستين من مصر بتاريخها القديم، مثل فيلم «الحياة اليومية لقدماء المصريين»، وباليه «أوزوريس»، ومسلسل «أخناتون» وغيرها، ومن تراثها الشعبي وعمّالها البسطاء مثل «روندو بلدي»، و«صهبة» للأوركسترا، و«ارتجالات على لحن بائع متجول للتشيلّو[ر. الكمان] المنفرد» ومن تراثها الإسلامي مثل «الابتهال» للإمام زين العابدين، لمنشد وناي وكورس رجال، وغيره.
الأسلــوب: لم يقتنع عبد الرحيم باستعارة هارمونيات غربية ليضع فوقها ألحاناً شرقية، بل استنبط أسلوباً خاصاً عِماده المقامات والإيقاعات العربية، وتناولها بمنطق متسق خـاص بـه؛ إذ نبذ السلّمين الكبير major والصغير minor، سواء في المقامات[ر. الموسيقى العربية] الخالية من الأرباع كالنهاوند، والحجاز ومشتقاته، والصبا زمزمة، والصبا بوسليك، والنوا أثر، والنكريز، أم في المقامات الربعية (4/3 الصوت) التي اتجه إليها بقوة في مرحلته الثالثة، منذ عام 1977، كالبياتي مثل «ارتجالات على لحن بائع متجول للتشيلّو المنفرد»، و«ثنائية للكمان والتشيلّو»، وكالراست والهزام وغيرهما. واستمد من المقامات، بنوعيها، تآلفاته الهارمونية من أبعاد المقامات نفسها. كما استنبط لغة بوليفونية (متعددة التصويت) لمؤلفاته في المقامات ذات 4/3 الصوت أيضاً، فأدخل، مثلا، في صياغته لدور «كادني الهوى» لمحمد عثمان للكورال والأوركسترا في قسم «الهنك» فقرة فوغالية[ر. الصيغ الموسيقية] (Fugal) في مقام الراست، لرباعي وتري تعزفها الأوركسترا. والكتابة الكنترابنتية[ر. الانسجام] (التي تُجدَل فيها ألحان متشابكة) أقرب إليها من الهارمونية، لأنه رآها امتداداً طبيعياً للّحنيّـة الشرقيـة.
تبنى عبد الرحيم الضروب العربية العرجاء مثل 8/5، و8/7، وغيرهما، إضافة إلى الموازين المتغيرة الغربية (Variable metres) ليتيح لموسيقاه تدفقاً حراً ولاسيما في الأعمال الغنائية مثل مؤلفته «الصحوة» حفاظاً على سلامة العَروض الشعري. وقد أضفى استخدامه آلات الإيقاع الشعبية المصرية (كالمزهر، والبندير، والرق، والدربكة) تلويناً شرقياً على كثير من أعماله. كما أدخل آلات الإيقاع الغربية كالفيبرافون vibraphone والماريمباmarimba كما في باليتتي «أوزوريس» (1972)، و«حسن ونعيمة» (1974)، فكان أول موسيقي استخدمها في مصر.
البناء الموسيقي عنده ليس غربياً تماماً؛ إذ له فيه لفتـات خاصة فهو يستخدمه بقدرة في أكبر أعماله، مثل «الصحوة»، و«ثنائية الكمان والتشيلّو». وفي أعماله الصغيرة مثل «الثعلب» لكورال الأطفال.
من أهم مؤلفات جمال عبد الرحيم، إضافة إلى ما ذكر سابقاً «متتابعة» Suite للأوركسترا، و«تنويعات على لحن شعبي مصري»، و«موكب (مارش) أحمس»، و«رقصة احتفالية» (صهبة)، و«بحيرة اللوتس»، و«أصداء» للفلوت[ر. الناي] والأوركسترا، و«رابسودية» للتشيلّو، و«فانتازية على لحن شعبي» للكمان والأوركسترا، و«ملحمة سيناء» للجوقة الغنائية (الكورال) مع الأوركسترا (شعر صلاح عبد الصبور)، و«ملامح مصرية»، و«الطيب والشرير» أوبريت للأطفال (نص كامل أيوب)، و«الحمامة المطوقة» (عن كليلة ودمنة) لكورال أطفال وراوي (نص صلاح جاهين) و«النار والكلمات» غناء منفرد (سوبرانو) Soprano و«الأمير السعيد» (شعر عبد الوهاب البياتى). و«إلى الشهداء العرب مرثية وصراع»، و«تنويعات على لحن مصري» للبيانو. و«تأملات للكمان المنفردة»، و«ثلاثية للكمان والتشيلّو والبيانو».
وكتب عبد الرحيم أيضاً لآلات النفخ مثل: «مناجاة» للكلارنيت[ر] (في مقامات ربعية)، و«رومبا» للترومبيت[ر. البوق]، و«ثلاثية للفلوت والهارب[ر] Harp وآلات الإيقاع»، وغيرها. وله إسهام كبير في الموسيقى التصويرية للسينما والتلفزيون والمسرح.
نال جمال عبد الرحيم أوسمة وجوائز عدة آخرها جائزة الدولة التشجيعية في التأليف الموسيقي (وأعماله مسجلة على أسطوانات مدمجة CDs أصدرتها العلاقات الثقافية الخارجية بوزارة الثقافة). كما أنتج المركز القومي للسينما فيلماً عنه من إخراج كامل القليوبى. ونشرت مؤلفاته ثلاثة دور نشر أوربية (النمسا وألمانيا) وأمريكية.
سمحة الخولي