راهويه
Rahawayh (Ibn-) - Rahawayh (Ibn-)
ابن رَاهْوَيــْه
(161-238هـ/778-853م)
أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن مَخْلَد بن إبراهيم بن عبد الله بن مطر ابن عبيد الله بن غالب بن عبد الوراث التميمي الحنظلي، الإمام الكبير الثقة، شيخ المشرق، سيد الحفاظ، صاحب التصانيف، أحد أئمة المسلمين وعلماء الدين؛ اجتمع له الحديث[ر] والتفسير[ر] والفقه[ر]، والحفظ والصدق والورع والزهد؛ وكانت فضائله كثيرة، وكان شافعي المذهب.
ولد في مرو ونزل نيسابور وعرف بابن رَاهْوَيــْهْ. وقيل فيه: ابن راهُوْيـَـهْ. وقد ذكر أنه لقب بذلك لأن أباه ولد في طريق مكة، فقال أهل مرو: راهويه. والطريق بالفارسية راه، يعني أنه ولد في الطريق.
كان ابن راهويه غزير الحفظ ومتينه. قال: «ما سمعت شيئاً إلا حفظته، ولا حفظت شيئاً فنسيته». أملى المسند والتفسير من حفظه، وما كان يُحّدِث إلا حفظاً. وهذا من الأمور العجيبة أنه أملى التفسير عن ظهر قلبه، فإن ضبط الأحاديث المسندة أسهل وأهون من ضبط أسانيد التفسير وألفاظها.
ولما كان مع حفظه إماماً في التفسير ومن أئمة الاجتهاد في الفقه أثنى عليه علماء عصره ومن بعدهم، بأنه لو كان في التابعين لأقروا له بحفظه وعلمه وفقهه. وأن لو كان الحسن البصري[ر] في الحياة لاحتاج إلى إسحاق ابن راهويه في أشياء كثيرة.
وحين مات إسحاق قال بعضهم: ما أعلم أحدا كان أخشى لله من إسحاق، يقول الله: )إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء( (فاطر 28) وكان أعلم الناس.
خرج ابن راهويه من مرو سنة أربع وثمانين ومئة، وهو ابن ثلاث وعشرين سنة لكي يطوف البلاد طلباً للعلم، فبدأ بالعراق ثم رحل إلى الحجاز والشام واليمن. وورد في أثناء رحلته بغداد أكثر من مرة وجالس حفاظ أهلها وذاكرهم، ثم عاد إلى خراسان فاستوطن نيسابور آخر عمره إلى أن توفي فيها وانتشر علمه عند الخراسانيين.
وقد لقي الكبار من شيوخ عصره وكتب عن خلق كثير من أتباع التابعين وأئمة المحدثين.
وأخذ عنه الجماعة سوى ابن ماجه[ر] فسمع منه البخاري[ر] ومسلم[ر] وأبو داود[ر] والترمذي[ر] والنسائي[ر]، كما حدث عنه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وهما من أقرانه، وبقية بن الوليد ويحيى بن آدم وهما من شيوخه. وخلق كثيرون يطول ذكرهم آخرهم أبو العباس السراج.
وصارت بركة العلم في ذريته أيضاً فكان من الأعلام منهم ابنه أبو الحسن محمد بن إسحاق بن راهويه، وكان عالماً بالفقه مستقيم الحديث، ثم حفيده محمد بن محمد بن إسحاق بن راهويه وكان ثقة عالماً بمذهب الإمام مالك بن أنس.
وللإمام ابن راهويه تصانيف عدة منها:
«المسند»: وهو مشهور وتصنيفه على غرار مسند الإمام أحمد بن حنبل، وفي حجمه تقريباً. قيل إن مخطوطه ستة مجلدات، وهو أصل من أصول الكتب الستة سوى كتاب ابن ماجه، ومصدر مهم من مصادرها، وباقتراحه وتشجيعه ألف تلميذه الإمام البخاري الجامع الصحيح.
ولكن لم يوجد حتى اليوم من مخطوطات هذا المسند إلا الجزء الرابع، وهو يشتمل على قسم من بقية مسند أبي هريرة في أوله، وقسم من مسند ابن عباس من مسانيد الرجال في آخره. وبينهما مسانيد النساء مبتدأة بمسانيد أمهات المؤمنين وفي مقدمتها مسند أم المؤمنين عائشة والباقي لغيرها.
وقد طُبع هذا الموجود إذ قام بتحقيقه ودراسته عبد الغفور عبد الحق حسين البلوشي، كما قامت جميلة شوكت رئيسة قسم الدراسات الإسلامية بجامعة البنجاب بدراسة وتحقيق مسند عائشة منه، ومن أشهر كتبه أيضاً «التفسير»: وهو تفسير بالمأثور ذُكرت فيه الأحاديث والآثار بأسانيدها، وله «السنن في الفقه»، و«الجامع الكبير»: الذي وضعه على كتب الشافعي، و«الجامع الصغير»: على جامع الثوري الصغير، وكتاب «العلم».
وربما أضيف أيضاً كتاب «مسائل الإمام أحمد وإسحاق»، برواية إسحاق ابن منصور الكوسج عنهما وهو من جمعه. وقد رأى بعض الباحثين عدّه من جملة آثار الإمامين رحمهما الله تعالى. وهو مخطوط كان تحت التحقيق من قبل عدد من طلاب الماجستير في الجامعة الإسلامية بقسم الدراسات العليا.
حسان القاري
Rahawayh (Ibn-) - Rahawayh (Ibn-)
ابن رَاهْوَيــْه
(161-238هـ/778-853م)
أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن مَخْلَد بن إبراهيم بن عبد الله بن مطر ابن عبيد الله بن غالب بن عبد الوراث التميمي الحنظلي، الإمام الكبير الثقة، شيخ المشرق، سيد الحفاظ، صاحب التصانيف، أحد أئمة المسلمين وعلماء الدين؛ اجتمع له الحديث[ر] والتفسير[ر] والفقه[ر]، والحفظ والصدق والورع والزهد؛ وكانت فضائله كثيرة، وكان شافعي المذهب.
ولد في مرو ونزل نيسابور وعرف بابن رَاهْوَيــْهْ. وقيل فيه: ابن راهُوْيـَـهْ. وقد ذكر أنه لقب بذلك لأن أباه ولد في طريق مكة، فقال أهل مرو: راهويه. والطريق بالفارسية راه، يعني أنه ولد في الطريق.
كان ابن راهويه غزير الحفظ ومتينه. قال: «ما سمعت شيئاً إلا حفظته، ولا حفظت شيئاً فنسيته». أملى المسند والتفسير من حفظه، وما كان يُحّدِث إلا حفظاً. وهذا من الأمور العجيبة أنه أملى التفسير عن ظهر قلبه، فإن ضبط الأحاديث المسندة أسهل وأهون من ضبط أسانيد التفسير وألفاظها.
ولما كان مع حفظه إماماً في التفسير ومن أئمة الاجتهاد في الفقه أثنى عليه علماء عصره ومن بعدهم، بأنه لو كان في التابعين لأقروا له بحفظه وعلمه وفقهه. وأن لو كان الحسن البصري[ر] في الحياة لاحتاج إلى إسحاق ابن راهويه في أشياء كثيرة.
وحين مات إسحاق قال بعضهم: ما أعلم أحدا كان أخشى لله من إسحاق، يقول الله: )إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء( (فاطر 28) وكان أعلم الناس.
خرج ابن راهويه من مرو سنة أربع وثمانين ومئة، وهو ابن ثلاث وعشرين سنة لكي يطوف البلاد طلباً للعلم، فبدأ بالعراق ثم رحل إلى الحجاز والشام واليمن. وورد في أثناء رحلته بغداد أكثر من مرة وجالس حفاظ أهلها وذاكرهم، ثم عاد إلى خراسان فاستوطن نيسابور آخر عمره إلى أن توفي فيها وانتشر علمه عند الخراسانيين.
وقد لقي الكبار من شيوخ عصره وكتب عن خلق كثير من أتباع التابعين وأئمة المحدثين.
وأخذ عنه الجماعة سوى ابن ماجه[ر] فسمع منه البخاري[ر] ومسلم[ر] وأبو داود[ر] والترمذي[ر] والنسائي[ر]، كما حدث عنه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وهما من أقرانه، وبقية بن الوليد ويحيى بن آدم وهما من شيوخه. وخلق كثيرون يطول ذكرهم آخرهم أبو العباس السراج.
وصارت بركة العلم في ذريته أيضاً فكان من الأعلام منهم ابنه أبو الحسن محمد بن إسحاق بن راهويه، وكان عالماً بالفقه مستقيم الحديث، ثم حفيده محمد بن محمد بن إسحاق بن راهويه وكان ثقة عالماً بمذهب الإمام مالك بن أنس.
وللإمام ابن راهويه تصانيف عدة منها:
«المسند»: وهو مشهور وتصنيفه على غرار مسند الإمام أحمد بن حنبل، وفي حجمه تقريباً. قيل إن مخطوطه ستة مجلدات، وهو أصل من أصول الكتب الستة سوى كتاب ابن ماجه، ومصدر مهم من مصادرها، وباقتراحه وتشجيعه ألف تلميذه الإمام البخاري الجامع الصحيح.
ولكن لم يوجد حتى اليوم من مخطوطات هذا المسند إلا الجزء الرابع، وهو يشتمل على قسم من بقية مسند أبي هريرة في أوله، وقسم من مسند ابن عباس من مسانيد الرجال في آخره. وبينهما مسانيد النساء مبتدأة بمسانيد أمهات المؤمنين وفي مقدمتها مسند أم المؤمنين عائشة والباقي لغيرها.
وقد طُبع هذا الموجود إذ قام بتحقيقه ودراسته عبد الغفور عبد الحق حسين البلوشي، كما قامت جميلة شوكت رئيسة قسم الدراسات الإسلامية بجامعة البنجاب بدراسة وتحقيق مسند عائشة منه، ومن أشهر كتبه أيضاً «التفسير»: وهو تفسير بالمأثور ذُكرت فيه الأحاديث والآثار بأسانيدها، وله «السنن في الفقه»، و«الجامع الكبير»: الذي وضعه على كتب الشافعي، و«الجامع الصغير»: على جامع الثوري الصغير، وكتاب «العلم».
وربما أضيف أيضاً كتاب «مسائل الإمام أحمد وإسحاق»، برواية إسحاق ابن منصور الكوسج عنهما وهو من جمعه. وقد رأى بعض الباحثين عدّه من جملة آثار الإمامين رحمهما الله تعالى. وهو مخطوط كان تحت التحقيق من قبل عدد من طلاب الماجستير في الجامعة الإسلامية بقسم الدراسات العليا.
حسان القاري