عبد الله يحيي
Abdullah ibn Yahya - Abdullah ibn Yahya
عبـد الله بن يحيى
(1331ـ 1375هـ/1913ـ 1955م)
الإمام عبد الله بن الإمام يحيى بن محمد بن يحيى حميد الدين الحسني الابن السـابع من أولاد الإمام يحيى الأربعـة عشر، والأخ الشـقيق لسـيف الحق إبراهيـم، ولد بصنعاء وتخرَّج في المدرسـة العلمية فيها، وكانت له مطالعات خاصَّـة ورغبـة في المعرفـة، وكان وأخوه إبراهيـم من أكـثر أولاد الإمام يحيى ثقافـةً وعلماً وتحرُّراً ولذلك أسند الإمام يحيى أول وظيفة رسمية إلى الأمير عبد الله في عام 1932م نائباً له في لواء الحديدة، وبعد توقيع اتفاقية الطائف سنة 1934م بين المملكة العربية السعودية والدولة اليمنية عُيِّن عبد الله وزيراً للمعارف، كما أسند إليه الإمام رئاسة المجلس العسكري، فجمع بين الإدارة المدنية والعسكرية، أهم مناصب الدولة حينذاك، ثم أسـند إليه لواء الحديدة إضافـة إلى الوزارة، وبعـد ذلك أصبح السـاعد الأيمن لأبيـه فعهـد إليـه بالأمور الخارجيـة فمثَّل اليمن في اجتماعات الاسـكندريـة لتأسـيس جامعـة الدول العربيّـة سـنة 1944م كما مثَّل اليمن في الاجتماعات التمهيديـة لتأسيس هيئـة الأمم المتحـدة.
وقد زار معظـم عواصـم العالم واكتسب ثقافـة واسـعة ولاسـيَّما في النواحي السياسية، الأمر الذي جعله جديراً بمنصب وزيـر خارجيَّـة اليمن الذي تقلّده سنة 1948م، في عهد أخيـه الأكبـر أحـمد الذي تولى الإمامة في اليمن بعـد مصرع والـده وإخفاق الثورة، وفي تلك الـثورة قُتل أخوه الشـقيق الثائـر إبراهيم، فكان تعيينُه وزيـراً للخارجيـة ترضيـةً له وتعبيراً عن ثقـة أخيـه الإمام أحمـد. وبذلك تكون المرحلـة الأولى في حياتـه قد انتهت وبدأت المرحلـة الثانيـة، وهي الأهم والأكثـر خطـراً.
كانت ثورة 1948م في اليمن وما تلاهـا من أحداث قد جعلت الإمام أحـمد ملكـاً مهاب الجانب شـديد البطـش، وعنـدما صـار عبد الله وزيـراً للخارجـية ازدادت مطامعـه في الإمامـة، ولاسـيما أن أخاه الإمام أحـمد كان شـبه مُقعـدٍ لما يعانيـه من أمراض.
ولكن الإمام أحمـد عيَّـن ولـده محمـد البـدر وليّاً للعهـد فشـعر الأمير عبـد الله بأن حقّـه قد اغتُصـب وأنـه أحق من جميـع إخوتـه بالإمامـة، بما فيهـم الإمام أحـمد، وأيّـده في ذلك أخـوه الأصـغر العبّاس وعـدد كبيـر من الضبـاط والأمـراء والمفكـرين في اليـمن وخارجـها، وكان عبـد الله يتحيَّـن الفرصـة للوصول إلى عرش اليـمن. وجاءت هـذه الفرصـة في ربيـع سـنة 1955م.
ففي أواخـر شـهر آذار من ذلك العـام توجَّـه جنود من حاميـة (تعـز )إلى قريـة الحـويان لجمـع الضـرائب وعاملوا السـكان بقـسوةٍ شـديدة، فانقض هـؤلاء عليـهم وألحقـوا بعض الاصابات بهـم، فأرسـل الإمـام أحمـد، قائـد حرسـه المقـدم أحمـد الثلايا لتأديب الفلاّحيـن في القريـة، وكان هـذا من أنصـار الأميـر عبـد الله، فلم يبطـش بالفلاّحيـن، فاسـتاء منه الإمـام أحمـد واسـتدعاه إلى قصـره في تعـز، فرأى هـذا أن الفرصـة قد أصبحت مواتيـة لخلـع الإمـام أحمـد وتنصيب أخيـه، فأصـدر أوامـره لجنوده بمحاصـرة الإمـام في قصـره، كما استولى على محطـة الإذاعـة والتلغراف وغيـرهما من المرافـق المهمـة، وفي مـساء الـيوم نفسـه اجتـمع علماء تعـز وقضاتهـا وقرروا تسليم السـلطة إلى سـيف الإسـلام الإمـام عبـد الله الذي وجّـه يـوم 7 شـعبان 1374هـ/30 آذار 1955م بياناً إلى عمـوم النـواب والقضـاة والمشـايخ والحـكام في اليـمن جـاء فيه:
«قـد كان من مولانا أمير المؤمنيـن التنـازل عن الخـلافة نظـراً لاسـتمرار الأمـراض عليـه وعجـزه عن أمـور الحـكم، وكان تكليفنـا بالقيـام بالخلافـة، وتمّـت بيعتنـا بذلك. فنأمركـم بأخـذ البيـعة ممـن لديـكم مع قيامكـم بالأعمـال المعتـادة».
وأذاع الإمـام أحمـد بيانـاً جـاء فيـه:
«لـقد حمَّـلنا الأخ سـيف الإسـلام عبـد الله الحجَّـة، وكـان التنـازل على أن يقـوم بالأمـر على شـريعة الله، وتمَّ ذلك بحضـور العلمـاء وعلى الجميـع اعتمـاد أوامـره …».
وبـدوره وجّـه الإمـام الجـديد كتاباً إلى «الولـد سـيف الإسـلام البـدر» وإلى نائب الحـديدة يعـلن فيـه أنه أصبـح الإمـام ويطـلب البيعة له وذلك يـوم 11 شـعبان 1374هـ/3 نيسـان 1955م».
وكان البـدر حاكـماً للحـديدة، فحشـد المقاتليـن من قبيلـة حاشـد وقبيلـة بكـيل وتقـدم بهـم نحـو تعـز يوم 5 نيسـان 1955م.
وفي الوقـت نفسـه كان الأمـير «العبـاس» يقـود مظـاهرات صـنعاء لتأييـد إمامـة سـيف الإسـلام عبـد الله.
وفجـأةً انهـار كل شـيء؛ لأن الإمـام أحـمد حاول الخـروج من القـصر بسلاحه، فأطلق النـار على عـددٍ من أنصـار عبـد الله، فخـاف جنـوده وانضـمُّوا للإمـام أحـمد، ووصلت قوات الأمـير البـدر، فانفـض الناس من حـول الإمـام الجـديد، واعتـقل هو والعبـاس والمقـدم أحـمد الثلايا وعشـرات من أنصـارهم، فأعـدم هـؤلاء الثـلاثة مع أربعـة عشـر ثائـراً وسـط ذهـول اليمنيين وغيـرهم لهـذه النهايـة المأسـاوية السـريعة لمن كانت الآمـال معقـودة عليـه، بعـد أخيـه إبراهـيم.
كاميليا أبو جب
Abdullah ibn Yahya - Abdullah ibn Yahya
عبـد الله بن يحيى
(1331ـ 1375هـ/1913ـ 1955م)
الإمام عبد الله بن الإمام يحيى بن محمد بن يحيى حميد الدين الحسني الابن السـابع من أولاد الإمام يحيى الأربعـة عشر، والأخ الشـقيق لسـيف الحق إبراهيـم، ولد بصنعاء وتخرَّج في المدرسـة العلمية فيها، وكانت له مطالعات خاصَّـة ورغبـة في المعرفـة، وكان وأخوه إبراهيـم من أكـثر أولاد الإمام يحيى ثقافـةً وعلماً وتحرُّراً ولذلك أسند الإمام يحيى أول وظيفة رسمية إلى الأمير عبد الله في عام 1932م نائباً له في لواء الحديدة، وبعد توقيع اتفاقية الطائف سنة 1934م بين المملكة العربية السعودية والدولة اليمنية عُيِّن عبد الله وزيراً للمعارف، كما أسند إليه الإمام رئاسة المجلس العسكري، فجمع بين الإدارة المدنية والعسكرية، أهم مناصب الدولة حينذاك، ثم أسـند إليه لواء الحديدة إضافـة إلى الوزارة، وبعـد ذلك أصبح السـاعد الأيمن لأبيـه فعهـد إليـه بالأمور الخارجيـة فمثَّل اليمن في اجتماعات الاسـكندريـة لتأسـيس جامعـة الدول العربيّـة سـنة 1944م كما مثَّل اليمن في الاجتماعات التمهيديـة لتأسيس هيئـة الأمم المتحـدة.
وقد زار معظـم عواصـم العالم واكتسب ثقافـة واسـعة ولاسـيَّما في النواحي السياسية، الأمر الذي جعله جديراً بمنصب وزيـر خارجيَّـة اليمن الذي تقلّده سنة 1948م، في عهد أخيـه الأكبـر أحـمد الذي تولى الإمامة في اليمن بعـد مصرع والـده وإخفاق الثورة، وفي تلك الـثورة قُتل أخوه الشـقيق الثائـر إبراهيم، فكان تعيينُه وزيـراً للخارجيـة ترضيـةً له وتعبيراً عن ثقـة أخيـه الإمام أحمـد. وبذلك تكون المرحلـة الأولى في حياتـه قد انتهت وبدأت المرحلـة الثانيـة، وهي الأهم والأكثـر خطـراً.
كانت ثورة 1948م في اليمن وما تلاهـا من أحداث قد جعلت الإمام أحـمد ملكـاً مهاب الجانب شـديد البطـش، وعنـدما صـار عبد الله وزيـراً للخارجـية ازدادت مطامعـه في الإمامـة، ولاسـيما أن أخاه الإمام أحـمد كان شـبه مُقعـدٍ لما يعانيـه من أمراض.
ولكن الإمام أحمـد عيَّـن ولـده محمـد البـدر وليّاً للعهـد فشـعر الأمير عبـد الله بأن حقّـه قد اغتُصـب وأنـه أحق من جميـع إخوتـه بالإمامـة، بما فيهـم الإمام أحـمد، وأيّـده في ذلك أخـوه الأصـغر العبّاس وعـدد كبيـر من الضبـاط والأمـراء والمفكـرين في اليـمن وخارجـها، وكان عبـد الله يتحيَّـن الفرصـة للوصول إلى عرش اليـمن. وجاءت هـذه الفرصـة في ربيـع سـنة 1955م.
ففي أواخـر شـهر آذار من ذلك العـام توجَّـه جنود من حاميـة (تعـز )إلى قريـة الحـويان لجمـع الضـرائب وعاملوا السـكان بقـسوةٍ شـديدة، فانقض هـؤلاء عليـهم وألحقـوا بعض الاصابات بهـم، فأرسـل الإمـام أحمـد، قائـد حرسـه المقـدم أحمـد الثلايا لتأديب الفلاّحيـن في القريـة، وكان هـذا من أنصـار الأميـر عبـد الله، فلم يبطـش بالفلاّحيـن، فاسـتاء منه الإمـام أحمـد واسـتدعاه إلى قصـره في تعـز، فرأى هـذا أن الفرصـة قد أصبحت مواتيـة لخلـع الإمـام أحمـد وتنصيب أخيـه، فأصـدر أوامـره لجنوده بمحاصـرة الإمـام في قصـره، كما استولى على محطـة الإذاعـة والتلغراف وغيـرهما من المرافـق المهمـة، وفي مـساء الـيوم نفسـه اجتـمع علماء تعـز وقضاتهـا وقرروا تسليم السـلطة إلى سـيف الإسـلام الإمـام عبـد الله الذي وجّـه يـوم 7 شـعبان 1374هـ/30 آذار 1955م بياناً إلى عمـوم النـواب والقضـاة والمشـايخ والحـكام في اليـمن جـاء فيه:
«قـد كان من مولانا أمير المؤمنيـن التنـازل عن الخـلافة نظـراً لاسـتمرار الأمـراض عليـه وعجـزه عن أمـور الحـكم، وكان تكليفنـا بالقيـام بالخلافـة، وتمّـت بيعتنـا بذلك. فنأمركـم بأخـذ البيـعة ممـن لديـكم مع قيامكـم بالأعمـال المعتـادة».
وأذاع الإمـام أحمـد بيانـاً جـاء فيـه:
«لـقد حمَّـلنا الأخ سـيف الإسـلام عبـد الله الحجَّـة، وكـان التنـازل على أن يقـوم بالأمـر على شـريعة الله، وتمَّ ذلك بحضـور العلمـاء وعلى الجميـع اعتمـاد أوامـره …».
وبـدوره وجّـه الإمـام الجـديد كتاباً إلى «الولـد سـيف الإسـلام البـدر» وإلى نائب الحـديدة يعـلن فيـه أنه أصبـح الإمـام ويطـلب البيعة له وذلك يـوم 11 شـعبان 1374هـ/3 نيسـان 1955م».
وكان البـدر حاكـماً للحـديدة، فحشـد المقاتليـن من قبيلـة حاشـد وقبيلـة بكـيل وتقـدم بهـم نحـو تعـز يوم 5 نيسـان 1955م.
وفي الوقـت نفسـه كان الأمـير «العبـاس» يقـود مظـاهرات صـنعاء لتأييـد إمامـة سـيف الإسـلام عبـد الله.
وفجـأةً انهـار كل شـيء؛ لأن الإمـام أحـمد حاول الخـروج من القـصر بسلاحه، فأطلق النـار على عـددٍ من أنصـار عبـد الله، فخـاف جنـوده وانضـمُّوا للإمـام أحـمد، ووصلت قوات الأمـير البـدر، فانفـض الناس من حـول الإمـام الجـديد، واعتـقل هو والعبـاس والمقـدم أحـمد الثلايا وعشـرات من أنصـارهم، فأعـدم هـؤلاء الثـلاثة مع أربعـة عشـر ثائـراً وسـط ذهـول اليمنيين وغيـرهم لهـذه النهايـة المأسـاوية السـريعة لمن كانت الآمـال معقـودة عليـه، بعـد أخيـه إبراهـيم.
كاميليا أبو جب