رجب (عبد رحمن)
Rajab (Abd al-Rahman ibn-) - Rajab (Abd al-Rahman ibn-)
ابن رجب (عبد الرحمن -)
(736-795هـ/1335-1392م)
زينُ الدين أبو الفرج عبد الرحمن ابن أحمدَ بن أبي أحمد عبد الرحمن ابن الحسن بن محمد البغداديّ الدمشقي الحنبلي. الإمامُ الحافظُ المحدّثُ الفقيه المُقْرِئ الُمتْقِنُ المتفنِّنُ الحجَّةُ، الشهير بابن رجب وهو لقبُ جدِّه عبد الرحمن.
ولد في بغداد، وقدم إلى دمشق سنة 744هـ. بصحبة والده الإمام المحدث الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الرحمن، وفيها تلقى جُلَّ علومه ومعارفه.
نشأ ابنُ رجب في جّوٍ علمِيّ، ثم رحل إلى عددٍ من الأقطار لجمع الحديث والقراءات من مشايخها، وكان على صلةٍ بشيوخ عصره وفضلائهم، فقد سمع الحديث من والده المحدث الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الرحمن، وأجازه في دمشق الشام الشيخ شمس الدين محمد بن أبي بكر بن النقيب (ت 745هـ) مدرّس «الشَّامية»، وقرأ بمكة على الفخر التَّوَّزي (ت749هـ)، كما سمع من محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الخباز (ت756هـ) وأقرانه بدمشق، منهم: إبراهيم بن داود العطار (ت752هـ). ورحل إلى مصر فسمع من أبي الفتح الميدُومي وأبي الحرك القلانسي (ت765هـ) وابن الملوك.
رافق الحافظّ زين الدين العراقي، ولازم الحافظَ الفقيه ابنَ قيّم الجوزية (ت751هـ) وتتلمذ على يديه في مختلف العلوم ثلَّةٌ من العلماء في شتى الأقطار، منهم: محمد بن خليل الدمشقي (ت803هـ) وابن اللحام الحنبلي (ت803هـ) ومحمد السعدي الأنصاري (ت820هـ) وعز الدين المقدسي (ت820هـ) ومحدث القاهرة شمس الدين الحنبلي (ت825هـ) ومحمد بن خالـد بن نصر البغدادي (ت844هـ) وشهاب الدين أبو العباس أحمد بن أبي بكر قاضي القضاة في حمـاة وحـلب (ت844هـ) وعبد الرحمن الزركشي (ت846هـ) وغيرهم كثير.
كان ابنُ رجب زاهداً ورعاً، يميل إلى العزلة والانفراد، فلا يخالطُ أحداً، ولا يتردد إلى أحدٍ، حتى من ذوي الولايات، ويظهر أن خبرته بعيوب الناس، ورغبته في البحث والاطّلاع وهمته في التأليف أوجدت عنده هذه الحالة.
أجمع علماء التراجم على أن ابن رجب قد أتقن فن الحديث وصار أعرف أهل عصره بالعلل وتتبّع الطُّرُق ومن يقرأ مؤلفاته يقف على مدى معرفته لرواية الحديث ودرايته.
وذكروا أنَّ مجالسه في الحديث والقراءة والوعظ كان لها نفع عام. قال ابن العماد: «كانت مجالس تذكيره للقلوب صادعةً، وللناس عامة مباركة نافعة، اجتمعت الفرق عليه، ومالت القلوب بالمحبة إليه».
ولابن رجب أسلوب سهل طيّع سَلِسٌ، تراه يتناول موضوعه عادة بالتحليل والتقصي والإسهاب، وقد يستطرد أحياناً، ولكن استطراده ممتع لا يُمّلُّ منه، وتراه أحياناً يعمد إلى السَّجع وبعض المحسنات اللفظية. وكان ذلك شائعاً في عصره. وهو كثير الاستشهاد بالآيات والأحاديث والحِكَم والأبيات الشعرية في كتابته.
كان ابن رجب حريصاً على استمداد أحكام الفقه ومدارك الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة بكلامٍ وجيزٍ مختصرٍ، يُفهَم منه المقصودُ من غير إطالةٍ ولا إسهاب، وكان يردّ الأقوال المخالفة للسنة بألطف إشارة وأحسن عبارة، بحيث يغني ذلك من فهمه عن إطالة المتكلّمين في ذلك، وفي ذلك يقول: «فليس العلم بكثرة الرواية ولا بكثرة المقال، ولكنه نور يُقذَفُ في القلب، يفْهَم به العبد الحقّ، ويميّز بينه وبين الباطل ويعبّر عن ذلك بعبارات وجيزة، مُحَصِّلة للمقاصد».
ومن أقواله الحكيمة: «يجب أن يعتقد أنَّه ليس كل من كثر بسطُه للقول، وكلامه في العلم كان أعلم ممن ليس كذلك».
ومن أشعاره في المواعظ والرقائق قوله:
يا نفسُ أنّى تُؤْفَكيْن؟
حَتَّى متى لا تَرْعَوين؟
حتى متى لا تعقِلين؟
وتُبصرين وتسمعين؟
يا نفسُ إن لم تصلُحي
فتشبَّهي بالصَّالحين؟
لابن رجب مصنفات مفيدة ومؤلفات عدة تدل على حياة فكرية خِصْبة، وكان له فضل السَّبق في موضوعات كثيرة تناولها بالبحث والدراسة عن فهم وبصيرة وأهم مؤلفاته: «فتح الباري في شرح صحيح البخاري» شرح قطعة منه، «ذيل طبقات الحنابلة»، «اللطائف في وظائف الأيام بطريق الوعظ»، «القواعد الفقهية»، «جامع العلوم والحكم» في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم، «الاستخراج لأحكام الخراج»، «فضائل الشام»، «شرح علل الترمذي»، «مختصر شعب الإيمان» للبيهقي وغيرها كثير.
توفي ابن رجب في دمشق، ودفن بمقبرة الباب الصغير.
أيمن الشوا
Rajab (Abd al-Rahman ibn-) - Rajab (Abd al-Rahman ibn-)
ابن رجب (عبد الرحمن -)
(736-795هـ/1335-1392م)
زينُ الدين أبو الفرج عبد الرحمن ابن أحمدَ بن أبي أحمد عبد الرحمن ابن الحسن بن محمد البغداديّ الدمشقي الحنبلي. الإمامُ الحافظُ المحدّثُ الفقيه المُقْرِئ الُمتْقِنُ المتفنِّنُ الحجَّةُ، الشهير بابن رجب وهو لقبُ جدِّه عبد الرحمن.
ولد في بغداد، وقدم إلى دمشق سنة 744هـ. بصحبة والده الإمام المحدث الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الرحمن، وفيها تلقى جُلَّ علومه ومعارفه.
نشأ ابنُ رجب في جّوٍ علمِيّ، ثم رحل إلى عددٍ من الأقطار لجمع الحديث والقراءات من مشايخها، وكان على صلةٍ بشيوخ عصره وفضلائهم، فقد سمع الحديث من والده المحدث الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الرحمن، وأجازه في دمشق الشام الشيخ شمس الدين محمد بن أبي بكر بن النقيب (ت 745هـ) مدرّس «الشَّامية»، وقرأ بمكة على الفخر التَّوَّزي (ت749هـ)، كما سمع من محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الخباز (ت756هـ) وأقرانه بدمشق، منهم: إبراهيم بن داود العطار (ت752هـ). ورحل إلى مصر فسمع من أبي الفتح الميدُومي وأبي الحرك القلانسي (ت765هـ) وابن الملوك.
رافق الحافظّ زين الدين العراقي، ولازم الحافظَ الفقيه ابنَ قيّم الجوزية (ت751هـ) وتتلمذ على يديه في مختلف العلوم ثلَّةٌ من العلماء في شتى الأقطار، منهم: محمد بن خليل الدمشقي (ت803هـ) وابن اللحام الحنبلي (ت803هـ) ومحمد السعدي الأنصاري (ت820هـ) وعز الدين المقدسي (ت820هـ) ومحدث القاهرة شمس الدين الحنبلي (ت825هـ) ومحمد بن خالـد بن نصر البغدادي (ت844هـ) وشهاب الدين أبو العباس أحمد بن أبي بكر قاضي القضاة في حمـاة وحـلب (ت844هـ) وعبد الرحمن الزركشي (ت846هـ) وغيرهم كثير.
كان ابنُ رجب زاهداً ورعاً، يميل إلى العزلة والانفراد، فلا يخالطُ أحداً، ولا يتردد إلى أحدٍ، حتى من ذوي الولايات، ويظهر أن خبرته بعيوب الناس، ورغبته في البحث والاطّلاع وهمته في التأليف أوجدت عنده هذه الحالة.
أجمع علماء التراجم على أن ابن رجب قد أتقن فن الحديث وصار أعرف أهل عصره بالعلل وتتبّع الطُّرُق ومن يقرأ مؤلفاته يقف على مدى معرفته لرواية الحديث ودرايته.
وذكروا أنَّ مجالسه في الحديث والقراءة والوعظ كان لها نفع عام. قال ابن العماد: «كانت مجالس تذكيره للقلوب صادعةً، وللناس عامة مباركة نافعة، اجتمعت الفرق عليه، ومالت القلوب بالمحبة إليه».
ولابن رجب أسلوب سهل طيّع سَلِسٌ، تراه يتناول موضوعه عادة بالتحليل والتقصي والإسهاب، وقد يستطرد أحياناً، ولكن استطراده ممتع لا يُمّلُّ منه، وتراه أحياناً يعمد إلى السَّجع وبعض المحسنات اللفظية. وكان ذلك شائعاً في عصره. وهو كثير الاستشهاد بالآيات والأحاديث والحِكَم والأبيات الشعرية في كتابته.
كان ابن رجب حريصاً على استمداد أحكام الفقه ومدارك الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة بكلامٍ وجيزٍ مختصرٍ، يُفهَم منه المقصودُ من غير إطالةٍ ولا إسهاب، وكان يردّ الأقوال المخالفة للسنة بألطف إشارة وأحسن عبارة، بحيث يغني ذلك من فهمه عن إطالة المتكلّمين في ذلك، وفي ذلك يقول: «فليس العلم بكثرة الرواية ولا بكثرة المقال، ولكنه نور يُقذَفُ في القلب، يفْهَم به العبد الحقّ، ويميّز بينه وبين الباطل ويعبّر عن ذلك بعبارات وجيزة، مُحَصِّلة للمقاصد».
ومن أقواله الحكيمة: «يجب أن يعتقد أنَّه ليس كل من كثر بسطُه للقول، وكلامه في العلم كان أعلم ممن ليس كذلك».
ومن أشعاره في المواعظ والرقائق قوله:
يا نفسُ أنّى تُؤْفَكيْن؟
حَتَّى متى لا تَرْعَوين؟
حتى متى لا تعقِلين؟
وتُبصرين وتسمعين؟
يا نفسُ إن لم تصلُحي
فتشبَّهي بالصَّالحين؟
لابن رجب مصنفات مفيدة ومؤلفات عدة تدل على حياة فكرية خِصْبة، وكان له فضل السَّبق في موضوعات كثيرة تناولها بالبحث والدراسة عن فهم وبصيرة وأهم مؤلفاته: «فتح الباري في شرح صحيح البخاري» شرح قطعة منه، «ذيل طبقات الحنابلة»، «اللطائف في وظائف الأيام بطريق الوعظ»، «القواعد الفقهية»، «جامع العلوم والحكم» في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم، «الاستخراج لأحكام الخراج»، «فضائل الشام»، «شرح علل الترمذي»، «مختصر شعب الإيمان» للبيهقي وغيرها كثير.
توفي ابن رجب في دمشق، ودفن بمقبرة الباب الصغير.
أيمن الشوا