اتاربرادش
Uttar Pradesh - Uttar Pradesh
أتار برادش
أتار برادش Uttar Pradesh ولاية في شمالي الهند تألفت عام 1950، من أراضٍ كانت تسمى الولايات المتحدة لأغرا وإمارات: بنارس ورامبور وتيهري غاروال، واتخذت «لكنو» عاصمةً جديدةً، بعد «الله آباد»، لوقوعها في وسط البلاد. تقع ولاية أتار برادش في حوضي نهري الغانج ويامونا وروافدهما، وتمتد أراضيها في رقعة مستطيلة، بين الشمال الغربي، والجنوب الشرقي الشكل (1)، على طول يزيد على 900كم، وعرض يراوح غالباً بين 300 و400 كم، شاغلةً مساحة 294.500كم2 وتؤلف الحدود الشمالية للولاية، جزءاً مهماً من حدود الهند الدولية مع كل من نيبال والتيبت الصينية، أما باقي الحدود فتشاركها فيها ولايات: هيماشال برادش، وهاريانا، مع قطاع دلهي [ر] وراجستان، ومدهيا برادش، وبيهار.
يغلب على أرض الولاية التركيب الجيولوجي الحديث في جبال هيمالايا [ر] في الشمال، والسهل الغانجي اللحقي المنخفض في الوسط أما أطراف هضبة الدكن في الجنوب، فممثلة بتلال ذات صخور قديمة متبلورة، هذا التركيب وفر للولاية مجموعة من الثروات الطبيعية، يبرز بينها الحجر الكلسي والدولوميتي والمغنيزيت، والجص، والغضار، ورمل الزجاج، والمرمر، والمواد الفوسفورية، يضاف إليها النحاس والفحم الحجري.
تتصف جبال هيمالايا في الولاية بقممها الشاهقة، إذ يزيد الكثير منها على 6000م، أعلاها قمة ناندي ديفي (7817م). تعبرها بعض الممارّ الوعرة. أما السهل الغانجي فلاتزيد أعلى نقطة فيه على 300م، وينحدر سطحه نحو الجنوب والجنوب الشرقي في اتجاه خليج البنغال، حتى نحو 100م فوق سطح البحر عند الحدود مع بيهار.
يسيطر المناخ المداري الموسمي الحار على الولاية فأمطارها عاصفية رعدية صيفاً، من حزيران إلى أيلول، يرافقها انخفاض نسبي في درجة الحرارة، وارتفاع في نسبة الرطوبة، يليه جفاف واعتدال حتى آذار، ثم اشتداد في الحرارة والجفاف حتى موسم المطر التالي. وتتناقص كميات الأمطار من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي (500 ملم عند حدود بيهار، إلى نحو 300 ملم عند حدود راجستان). أما جبال هيمالايا فتتمتع بحرارة أدنى وهطل أوفر بعضه ثلجي، بل إن الكثير من قممها الشاهقة تقع فوق مستوى خط الثلج الدائم، وهي تغذي المنابع الرئيسة للمياه في الولاية، ومنها يتغذى نهرا الغانج ويامونا وروافدهما، عدا أنهار أخرى كثيرة.
إن وفرة الهطل وشدة الانحدار تكونان سبباً في عنف فيضان الأنهار وظهور آثارها بسرعة، فلا تتأخر عن النصف الثاني من حزيران، مما يؤدي إلى أن يغمر الغانج سهله الفيضي المنخفض، فيوفر مياه الري للسهل في وقت مبكر.
الشكل (1) ولاية أتاربرادش |
أما جبال هيمالايا فتتضمن جميع النطاقات النباتية فوق المستوى المداري، لذا جاءت متنوعة بين أرز السفوح العليا ومروجها وحور الأودية وجوزها، مروراً بالأنواع الصنوبرية والبلوطية. ويبلغ إجمالي مساحة الغابات في الولاية 36000كم2.
وتتنوع الحيوانات البرية في الولاية تنوعاً كبيراً لتنوع بيئاتها الطبيعية الآنفة الذكر، كالوعول والدببة والقردة والفيلة والنمور والفهود والأفاعي الضخمة، ويؤوي نطاق تيراي أكبر عدد منها، ومعها الطيور المائية.
يعمل 78% من سكان الولاية في الزراعة، فقد قام فيها أقدم نظام للري في الهند، يعتمد على شبكة واسعة من قنوات الري، وبعد الاستقلال جرى التوسع في إنشاء السدود والمحطات الكهرمائية التي أدت خدمات كثيرة للزراعة، حتى أصبحت الولاية أكبر منتج للحبوب الغذائية والزيتية في الهند، وفي طليعتها الأرز والذرة الصفراء، وتأتي في المرتبة الأولى بإنتاج قصب السكر، وهناك محصولات أخرى مهمة كالسمسم، والدخن، والشعير، والقطن، وغيرها. ومما ساعد في تطوير الزراعة إنشاء مزارع نموذجية حكومية، وكليات للزراعة، وجامعة زراعية، وتوسع في تطبيق الأساليب الحديثة في الزراعة.
في ظل الزراعة وتربية الحيوان، ولاسيما البقر، تطور عدد كبير من الصناعات الحرفية، من نسيجية وجلدية وخشبية وغيرها. وغدت الولاية من أكبر مراكز الصناعات الثقيلة والتحويلية في الهند وأهمها الصناعات الكيمياوية والنسيجية والجلدية والمعدنية وصهر الحديد، وصناعة قاطرات الديزل، والمضخات والمضاغط والآلات الزراعية والكهربائية الثقيلة والمحولات والمنظومات الرقمية، وغيرها.
ويدعم ذلك النشاط الاقتصادي شبكة واسعة من طرق السيارات (174000كم)، منها 2600كم مزدوجة (اوتوستراد)، وسكك حديدية وأهم عقدها: أغرا والله آباد وغوراخبور، التي توجد فيها أيضاً مطارات مهمة، ويضاف النقل النهري إلى كل ما سبق.
بلغ عدد سكان أتار برادش، بحسب إحصاء 1995 نحو 139.112.000 نسمة، ويتزايدون نحو 25%، كل عشر سنوات، وهذا هو المؤشر نفسه لتزايد السكان في الهند. ويعيش معظم السكان في الأرياف في أكثر من 72 ألف قرية، مزودة بالكهرباء، وهي تكثر على ضفاف الأنهار وفي الأجزاء الوافرة المطر. أما المدن فلاتضم أكثر من ربع السكان، وهي ليست من المدن الضخمة.
تمثل أتار برادش الهند بصورة مصغرة، من النواحي الاجتماعية والثقافية والسياسية، وفيها أفضل ما يمثل التراث الخاص بالثقافتين الهندوسية والإسلامية ومن ذلك مراكز المعرفة والعقيدة الدينية. وتقدم المدن النماذج المعبرة عن ذلك، ففاراناسي أو بنارس، أقدم مدينة تاريخية في الهند، عاصرت طيبة في مصر ونينوى في آشور، وهي معقل الديانة الهندوسية (مدينة الألف معبد)، وهي مركز استحمام نهري على الغانج، وإلى الشرق غير بعيد عنها مدينة بودغايا، مهد الديانة البوذية.
أما مدينة أغرا على نهر يامونا، فتشتهر بآثارها الإسلامية التي أنشئت في عهد حكم المغول من مساجد وقلاع ومدافن، وأشهرها مدفنا تاج محل واعتماد الدولة اللذان يعدان درتي الفن المعماري الإسلامي الهندي.
وتتمتع مدينة الله آباد بموقع جغرافي مهم عند ملتقى الغانج ويامونا، وهي مركز استحمام نهري مقدس عند الهندوس وهي مدينة المعابد والطقوس الدينية الهندية، وكان اسمها القديم براياغ (مدينة الأضحية) قبل أن تصبح «مدينة الله» وتشتهر بقلعتها التي بناها الامبراطور المغولي أكبر، وهي مركز ثقافي وإداري بارز، عرفت بنضالها ضد الاستعمار البريطاني في الهند، وبكونها معقلاً لحزب المؤتمر الهندي، وموطناً لأسرة نهرو [ر] زعيم الهند المعروف. أما العاصمة لكنو فتشتهر بحدائقها الواسعة.
وفي ضوء ما ذكر من خصائص طبيعية وبشرية للولاية، فقد أصبحت مركزاً سياحياً مهماً، من حيث المدن ومن حيث المرابع السياحية الصيفية مثل موسوري وناييني وألمورا في الشمال الهيمالائي، وهي تعتمد على شبكة الطرق الواسعة التي أشير إليها.
مصطفى الحاج إبراهيم