وسائل التمويل
يحتاج المشروع إلى الأموال من بداية إنشائه، للحصول على وسائل الإنتاج والتجهيزات اللازمة لمباشرة العمل، ثم إلى تمويل عملياته الجارية ونشاطه اليومي، وبعد ذلك، وللتوسع والتطور في مراحل لاحقة.
إن اختيار وسيلة التمويل الملائمة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بطبيعة العملية المطلوب تمويلها من حيث كونها من العمليات الجارية أو من العمليات الاستثمارية من جهة، وبالمدة المناسبة للتمويل، تمويل طويل الأجل أو تمويل قصير الأجل من جهة أخرى. فالمبدأ الأساسي المعروف لاختيار وسيلة التمويل الملائمة يقوم على أساس أن العمليات طويلة الأجل تحتاج إلى تمويل طويل الأجل، أما العمليات الجارية قصيرة الأجل فيمكن تمويلها من مصادر تمويل قصيرة الأجل. وبمعنى آخر تجب المحافظة على القاعدة التي تقول بضرورة تحقيق الانسجام بين درجة استحقاق التمويل، ودرجة سيولة العناصر أو العمليات المطلوب تمويلها.
تمويل الأصول الثابتة: لما كانت درجة سيولة الأصول الثابتة ضعيفة جداً، فإن تمويلها يجب أن يتم بوساطة مصادر تمويل طويلة الأجل:
بوساطة الأموال الخاصة: أي من رأس المال المخصص للمشروع عند إنشائه، وفي مراحل زيادة رأس المال اللاحقة، أو من الأموال المقتطعة فيما بعد من أرباحه على شكل احتياطات، أو من الاهتلاكات amortissements عند استبدال الأصول الجديدة بالأصول الثابتة القديمة.
بوساطة القروض طويلة الأجل ومتوسطته: وذلك إما عن طريق طرح القروض للاكتتاب في الأسواق المالية، أو عن طريق الاقتراض من المصارف ومؤسسات الإقراض المتخصصة، أو من بعض الجهات الحكومية المختصة فيما يتصل بمشروعات القطاع العام.
تمويل الأصول المتداولة: تتميز الأصول المتداولة بالدوران والتغير من شكل إلى آخر، إلى أن تتحول في نهاية الدورة الإنتاجية إلى سيولة نقدية. ولما كانت درجة سيولة هذا النوع من الأصول أكبر من درجة سيولة الأصول الثابتة، وهي تتحول في مدة يختلف طولها بحسب طبيعة المشروعات إلى سيولة نقدية، فإنه ليس من الضروري تمويلها من مصادر تمويل طويلة الأجل، وإنما يمكن أن يتم ذلك من مصادر تمويل قصيرة الأجل.
غير أن ضرورة الاحتياط لمخاطر تباطؤ دورات بعض هذه العناصر، أو التقلبات الموسمية التي قد تواجهها بعض المشروعات، تقتضي أن يكون جزء من الأصول ممولاً من مصادر تمويل طويلة الأجل لتؤلف هامش أمان للمشروع يتمثل في شكل رأس مال عامل صاف fonds de roulement net.
ويتناول التمويل قصير الأجل توفير المواد الأولية، ودفع أجور اليد العاملة، والمصاريف الأخرى، أي تمويل الدورة الإنتاجية، ويمكن أن يخصص جزء منه لتمويل المبيعات الآجلة فيسهم بذلك في تمويل الدورة التجارية. ومن الناحية العملية يمكن أن يتم التمويل قصير الأجل عن طريق الاقتراض من المصارف بأشكال متعددة مثل حسم الأسناد التجارية، والحسابات المدينة على المكشوف، وقروض التمويل.. أو بالحصول على تسهيلات دفع من قبل الموردين.
تمويل المشروعات في الجمهورية العربية السورية
يمكن تقسيم المشروعات الاقتصادية في الجمهورية العربية السورية إلى ثلاثة أنواع: مشروعات القطاع العام، ومشروعات القطاع المشترك، ومشروعات القطاع الخاص.
ولا تختلف طرق تمويل النوعين الأخيرين - مشروعات القطاع المشترك ومشروعات القطاع الخاص - عن الشكل العام للتمويل المذكور سابقاً، أي من رأس المال في البداية وزياداته اللاحقة، ومن التمويل الذاتي من الاحتياطات والاهتلاكات، أو باللجوء إلى الاقتراض لآجال طويلة من المصارف فيما يتعلق بالتمويل الاستثماري، وبالاقتراض لآجال قصيرة من المصارف، أو بالحصول على تسهيلات بالدفع من الموردين فيما يتعلق بتمويل العمليات الجارية.
وفيما يتصل بمشروعات القطاع العام، تقوم الدولة ممثلة بصندوق الدين العام بتوفية رأس المال للمشروعات الجديدة أو زيادات رأس المال اللاحقة عند الاقتضاء. وتقضي الأنظمة النافذة في الجمهورية العربية السورية أن تحول شركات القطاع العام ومؤسساته أرباحها واحتياطاتها واهتلاكات أصولها الثابتة إلى صندوق الدين العام، الذي يقوم بالمقابل بتمويل العمليات الاستثمارية المخططة لهذه الشركات والموافق عليها من المجلس الأعلى للتخطيط تمويلاً ذاتياً عن طريق التقاص بين المبالغ اللازمة لهذه الاستثمارات ومبالغ الأرباح والاحتياطات والاهتلاكات المحولة إليه من قبل هذه الشركات. ويمكن أن يقوم صندوق الدين العام بتمويل العمليات الاستثمارية المخططة للشركات أو المؤسسات التي ليس لها تمويل ذاتي عن طريق الإقراض طويل الأجل.
أما فيما يتعلق بتمويل العمليات الجارية فيمكن أن تلجأ شركات القطاع العام إلى المصارف المتخصصة لتغطية حاجات التمويل قصير الأجل. ويجدر بالذكر أن تنظيم القطاع المصرفي الحالي في الجمهورية العربية السورية قد راعى إمكانية تلبية الحاجات التمويلية لكل الأنشطة من قبل المصارف الموجودة وبحسب اختصاص كل منها[ر. المصارف].
صافي فلوح
الموضوعات ذات الصلة: ـ إدارة الأعمال - إدارة الأفراد - إدارة الإنتاج - إدارة المشروع. |