اختراع (براءه)
Patent right - Brevet d'invention
الاختراع (براءة -)
يقصد ببراءة الاختراع brevet d'invention الشهادة التي تمنحها الدولة للمخترع. وهي تتضمن وصفاً للاختراع مع تخويل صاحبه حق استثماره والإفادة منه مدة معينة. وتعد الحماية القانونية المقررة للمخترعين واختراعاتهم أهم صور حماية المبتكرات الجديدة لما لهذه المخترعات من فضل كبير في تقدم الصناعة بوجه خاص والمدنية بوجه عام. فالعدالة تقضي بألا يحرم المخترع ما بذله من مال وجهد في سبيل الوصول إلى اختراعه، ولذلك فقد اعترف معظم تشريعات الدول للمخترع بحق الاستئثار باستغلال اختراعه مدة معينة تراوح بين عشر سنوات وعشرين سنة ليصبح بعدها الاختراع مالاً شائعاً يحق للجميع الانتفاع به، واستقرت أحكامها على هذا الأساس. ففي سورية مثلاً صدر المرسوم التشريعي رقم 47 لعام 1946 متضمناً تنظيم حماية الملكية الصناعية والتجارية التي من أهم عناصرها براءة الاختراع.
الشروط الموضوعية لمنح البراءةأشارت المادة الأولى من المرسوم التشريعي رقم 47 لعام 1946 إلى أنه «يعتبر اختراعاً صناعياً ابتكار أي إنتاج صناعي جديد أو اكتشاف طريقة جديدة للحصول على إنتاج صناعي قائم أو نتيجة صناعية موجودة، أو الوصول إلى تطبيق جديد بطريقة صناعية معروفة..» ونصت المادة السادسة من المرسوم نفسه على أنه «لا تعطى شهادة الاختراع للأسباب المالية والاختراعات المخالفة بصراحة للنظام العام أو للآداب والدساتير والتراكيب الصيدلية». وما يستخلص من هذه النصوص أنه يلزم لمنح البراءة ضرورة توافر أربعة شروط هي التالية:
وجود ابتكار أو اختراع: لكي تمنح البراءة ويتمتع صاحبها بحق الاستئثار باستغلالها من دون غيره من الأشخاص، يجب أن يكون المخترع قد قدّم أو ابتكر شيئاً جديداً للمجتمع، لم يكن معروفاً من قبل. ولا أهمية لكون الاختراع قد جاء نتيجة جهد خاص أو دراسات أو أبحاث طويلة بل العبرة،وفق أحكام القانون للنتيجة، ولو جاءت من دون أية مشقة أو حتى بمجرد المصادفة.
أما موضوع الابتكار، فإما أن يكون إنتاجاً صناعياً جديداً، أو طريقة صناعية جديدة، أو تطبيقاً جديداً لطريقة صناعية معروفة. فالاختراع يتعلق بإنتاج صناعي جديد عندما يسفر عن إنتاج شيء جديد له خصائص معينة تميزه من غيره من الأشياء وتكون له قيمة ذاتية كاختراع آلة موسيقية جديدة أو مادة عازلة جديدة.
وتسمى البراءة التي تمنح في هذه الحالة براءة الناتج وهي أقوى البراءات وأوسعها نطاقاً وقد يكون الاختراع متعلقاً بطريقة أو وسيلة جديدة تسمح بالوصول إلى إنتاج موجود ومعروف قبلاً، والجديد هو فقط كيفية إنتاجه مثل اختراع جهاز جديد للتبريد أو التدفئة. وتسمى البراءة هنا ببراءة الوسيلة أو الطريقة.
من غير أن يحول ذلك دون حق الآخرين في صنع الشيء ذاته بأي وسيلة أخرى.
كما قد يتعلق الاختراع بتطبيق جديد لطريقة معروفة. فالابتكار لا ينصب على اختراع طريقة جديدة أو اختراع ناتج جديد، وإنما يكون باستخدام الوسيلة المعروفة للوصول إلى نتيجة معروفة كذلك. والجدّة في هذه الحالة هي الربط بين تلك الوسيلة وهذه النتيجة. ومثال ذلك استخدام الكهرباء في عمليات التبريد.
فالكهرباء وسيلة معروفة والتبريد نتيجة معروفة كذلك، لكن الجديد هو هذا الاستخدام الجديد للكهرباء في إحداث التبريد.
جدّة الاختراع: نصت المادة الرابعة من المرسوم المذكور أنه «لكي تعتبر الاختراع جديداً يجب أن لا يكون قد نشر عنه في سورية ولا في البلاد الأجنبية شيء يمكن من تطبيقه واستعماله..».
إن الشرط الموضوعي الثاني لمنح البراءة هو أن يكون الاختراع جديداً غير معروف أو مسبوق إليه، ويعد شرط الجدة أهم ركن لقيام الاختراع.
فالشيء المدّعى باختراعه يجب ألا يكون قد ذاع وانتشر استعماله قبل تسجيل الاختراع، إذ بذيوعه وانتشاره يصبح ملكاً للجميع وليس لأحد حق احتكاره. ويزول شرط الجدة ولا تمنح البراءة حتى لو كان من أفشى سرية الاختراع هو المخترع نفسه.
قابلية الاختراع للاستغلال الصناعي: يشترط في الاختراع الذي تمنح له البراءة أن يكون قابلاً للتطبيق في الإنتاج الصناعي، ذلك أن البراءة تمنح صاحبها حق الاستئثار بالاستغلال مما يستتبع أن يكون الاختراع قابلاً للاستثمار الصناعي وذا صلة بمادة أو بشيء محسوس.
وينصرف اصطلاح الصناعة إلى معناها الواسع فيشمل كل نشاط إنساني كالصناعات الاستخراجية والزراعة والصيد. فمن يخترع آلة لاستخراج المعادن أو للحرث أو للري أو يخترع طريقة جديدة تكفل تحسين المحصول أو رفع مستوى جودته يمنح عنها براءة اختراع، أما مجرد كشف نوع جديد من البذور فلا يعد اختراعاً. وكذلك لا يعد من قبيل الاختراعات الأفكار والنظريات العلمية البحتة التي لا تتجسم في تطبيقات عملية. وإلى هذا أشارت المادة التالية من المرسوم التشريعي رقم 47 بقولها: «تعتبر باطلة وعارية عن أي مفعول الشهادات الممنوحة إذا كان الاختراع يتعلق بأساليب أو طرائق نظرية محضة أو علمية محضة دون أن يكون لها تطبيق صناعي معين».
مشروعية الاختراع: إن الشرط الأخير لجواز منح البراءة هو ألا ينشأ عن استغلال الاختراع إخلال بالآداب أو بالنظام العام كاختراع آلة لكسر الخزائن أو لعب القمار أو غليون مخصص لتدخين الأفيون مثلاً. كما لا يجوز منح البراءة لاختراعات تتعلق بالعقاقير الطبية أو المركبات الصيدلانية كي لا تكون ضرورات الحياة الأساسية في الصحة العامة محل احتكار أو مساومة من جانب المخترع.
الشروط الشكلية لمنح البراءة في سوريةتبدأ إجراءات صدور البراءة بالطلب الذي يتقدم به المخترع ولكل شخص أن يطلب منحه شهادة الاختراع، وإذا كان أجنبياً وجب عليه أن يختار ممثلاً له مقيماً في سورية.ويقدم الطلب من المخترع أو وكيله القانوني إلى مدير مكتب الحماية لدى وزارة التموين والتجارة الداخلية بدمشق. ويجب أن يرافق طلب البراءة صك الوكالة إذا قدم بواسطة وكيل، ويوضع في مغلف مختوم يتضمن نسختين من وصف الاختراع مكتوبتين باللغة العربية وبإحدى اللغتين الفرنسية أو الإنكليزية، ويحتوي المغلف أيضاً الرسوم والمخططات اللازمة لفهم الاختراع وقائمة بالوثائق المودعة والموقعة من المخترع أو وكيله.
ينظم مدير مكتب الحماية محضراً موقعاً منه يحدد فيه تاريخ وساعة تسلم الوثائق أو وصولها ودفع الرسوم، ويجوز إعطاء مقدم الطلب نسخة من هذا المحضر أو إرسالها إليه.
وإذا لم تتوافر في الطلب الشروط القانونية فإنه يعاد إلى صاحبه لاستكمال الوثائق الناقصة وإلا رفض الطلب. أما إذا كان الطلب مستوفياً للشروط المطلوبة، فيصدر قرار من وزير التموين بمنح البراءة. ويعطي مكتب الحماية مهلة ثمانية أيام من تاريخ إيداع الطلب لتنظيم شهادة الاختراع وتسليم صكها إلى صاحبها. ولا يكون لتسجيل الاختراع وتسليم المخترع صكاً بذلك أية ضمانة من أي نوع سواء من حيث حقيقة الاختراع أو جدته أو من حيث أمانة الوصف أو دقته. ولذلك فإنه يحق لكل شخص ذي مصلحة أن يقيم دعوى إبطال البراءة أمام محكمة البداية لمدينة دمشق.
آثار منح البراءةلمالك البراءة وحده حق احتكار استثمار الاختراع بجميع الطرق التي يراها مناسبة. وهذا الحق هو حق حصري للمخترع يمتنع سائر الناس من الاعتداء عليه في هذا الشأن. وتمتد مدة الحماية التي تكفلها شهادة الاختراع خمس عشرة سنة تبدأ من تاريخ محضر إيداع طلب البراءة. وبالمقابل يلتزم صاحب البراءة أن يقوم فعلاً باستغلال اختراعه كي تتحقق مصلحة المجتمع في ذلك. فمنح المخترع الحماية القانونية لم يقصد منه سوى الحفز على زيادة التقدم الصناعي وتسهيل سبل الحياة للإنسان.ولذلك يسقط حق صاحب البراءة إذا لم يضع في مدة سنتين اختراعه موضع الاستعمال، مالم يبرهن أنه عرض اختراعه مباشرة على الصناعيين القادرين على تحقيق اختراعه، وأنه لم يرفض بلا سبب طلبات الإذن باستعمال اختراعه وفق شروط معقولة. كما يلتزم صاحب البراءة أن يدفع رسماً سنوياً تصاعدياً طوال مدة الحماية ويتم التسديد قبل مطلع كل سنة وإلا سقطت حقوق صاحب البراءة.