هل سيكون (( للملا عثمان الموصلي )) حضور في مهرجان الربيع؟
منقول منقول
مُلا عثمان الموصلي: لماذا يبقى مجهولاً صاحب ألحان "زوروني بالسنة مرة"، و"فوق النخل" و"طلعت يا محلى نورها" و"يا أم العيون السود" وكاتب كلمات "قدُّك المياس يا عمري"، لماذا لا يجرؤ بعض الإعلاميين العرب على ذكر الجنسية العراقية للمبدعين العراقيين؟! مزعج هذا القفز والتعتيم على العراق اسماً وحضارة ومبدعين الذي يمارسه أغلب الإعلاميين والمثقفين العرب في الإعلام المعاصر؛ فقبل أيام كنت أشاهد برنامجاً وثائقيا لطيفا على إحدى القنوات الفضائية العربية حول نجوم الغناء والتمثيل القدماء والأماكن والأغاني التي ترتبط بحكايات وذكريات جديرة بأن تروى. وكانت الحلقة التي شاهدتها حول المطرب المصري القديم والشهير الشيخ سيد درويش. ومن ضمن الأسماء التي ارتبطت بعلاقة قصيرة بالشيخ درويش ورد ذكر الشيخ مُلا عثمان الموصلي. الغريب أن المتحدث فعل المستحيل، ولف ودار، ودار ولفَّ حتى لا يذكر جنسية الموصلي العراقية وجلُّ ما قاله إنه قدم من حلب إلى مصر والتقى بالسيد درويش، ولم يذكر أين ولد ومن أين سافر. والصحيح، أن الشيخ سيد هو الذي سافر الى حلب والتقى فيها بالملا العراقي كما سيأتي بيانه بعد قليل.
*هنا تعريف سريع بالمُلا عثمان الموصلي استقيت أغلب معلوماته من مقالة للسيدة الباحثة الموسيقية فاطمة الظاهر حول سيرة المُلا عثمان: هو عثمان بن الحاج عبد الله بن عمر الموصلي ولد عام 1854م في محلة باب العراق في مدينة الموصل وقيل في غيرها في عائلة فقيرة يعيلها والده السقاء والذي ورث المهنة عن أجداده.
توفي والده وهو في السابعة من عمره، وما لبث أن فقد عثمان بصره متأثراً بمرض الجدري، وضمه جاره محمود العمري إلى أولاده لرعايته وعين لهُ معلماً حفّظه القرآن، وقد أعجب العمري بصوت عثمان فخصص لهُ معلماً يعلمه الموسيقى والألحان فنبغ فيها وحفظ الأشعار والقصائد، وشرع عثمان في تعلم علوم اللغة العربية. وكان صوفيا على الطريقة القادرية.
سافر الملا إلى إسطنبول حيث تلقاه أحمد عزة باشا العمري، وعّرفه على مشاهير الناس وعلمائهم، ولكي يوسع معارفه سافر الملا الضرير إلى مصر. وأصدر وهو في مصر مجلة سماها "المعارف" ولكنها لم تستمر طويلا. عاد من مصر إلى الموصل، وكان قد درس في بغداد على يد الشيخ محمود شكري الآلوسي. سافر الملا عثمان إلى اسطنبول أكثر من مرة، أقام في إسطنبول في زيارته الأولى بين عامي 1887 و1895، نال بسبب فخامة صوته وحسن تلاوته حظوة السلطان عبد الحميد، الذي عيّنه شيخ قراء جامع آيا صوفيا.
وفي مقهى (قراءة خانة) بإسطنبول أحيا الملّا عثمان الأماسي الرمضانيّة مع نخبة موسيقيّي المدينة مثل عازف الكمان ممدوح، وعازف القانون شمسي باي، والمغني قراقاش أفندي، وظلّ المقهى العثمانيّ الشهير حتى الحرب العالميّة الأولى، مساحة ثقافيّةً تردّد عليها شعراء ومسرحيون وموسيقيون من وزن الطنبوري جميل باي، والعوّاد نورس، ورؤوف يقطا، وعازف الكمان الأرمنيّ تاتيوسس أفندي إسكرجيان واليوناني فاسيلاكي، وغيرهم من موسيقيي الأقليّات التي كانت تمسك بمقاليد صناعة الترفيه الموسيقيّ في إسطنبول.
أستمع إليه الناس في جامع آيا صوفيا وأعجبوا به وأصبح مقصداً للمجتمع الأدبي والفني. وأهم الشخصيات التي تعرف بها في إسطنبول محمد أبو الهدى الصيادي وأخذ عنه الطريقة الصوفية الرفاعية.
ذاع صيته خارج العراق وخصوصا في تركيا ومصر وبلاد الشام. زار الشام ونال اعجاب المغنين والفنانين، ثم زار بيروت وسافر منها الى مصر فألتف حوله مشاهير الطرب والغناء أمثال عبدة الحمولي ومحمد عثمان، وقد استمع منهم الى الأدوار ثم أسمعهم غناء الادوار المصري، فأعجبوا بأدائه، كان عثمان الموصلي موضع حفاوةٍ وإجلال وإكرام في كل بلد يحل بها. التقى عند ذهابه إلى مصر عام 1895 بالموسيقار عبده الحمولي وغيره من رجال الموسيقى والفن ودرسوا عليه فنون الموشحات. والتقى عام 1909 بسيد درويش في الشام، حيث تعلم سيد درويش منه الموشحات وفنون الموسيقى، وقام بتخميس لامية البوصيري (التخميس هو أن يأخذ الشاعر بيتاً لسواه، فيجعل صدره بعد ثلاثة أشطر ملائمة له في الوزن والقافية، أي يجعله عجز بيت ثانٍ، ثُمَّ يأتي بعجز ذلك البيت بعد البيتين فيحصل على خمسة أشطر).
كان الموصلي شاعراً باللغة العربية والفارسية والتركية، وكانت أكثر أشعار المواليد النبوية وتلحينها في العراق من نظمه وتلحينه. وكان يجيد الضرب على الدف عالِماً بالإيقاع والأوزان، ملحناً من أحسن الملحنين، وقد ألف كتباً عديدة. لديه عدد كبير من الموشحات والأغاني والتي معظمها موشحات وابتهالات دينية، حولت فيما بعد الى موشحات وأغنيات عاطفية يتغنى بها مشاهير الغناء العربي وأهمل صاحبها جهلاً أو عمدا، وأشهرها:
*"زوروني كل سنة مرة"، انتشرت هذه الأغنية بسرعة. وأصل هذه الأغنية موشح "زر قبر الحبيب مرة". والتي اقتبس لحنها سيد درويش هي وأغنية "طلعت يا محلى نورها" التي كانت موشحًا للموصلي بعنوان "بهوى المختار المهدي".
*«أسمر أبو شامة» وأصلها «أحمد أتانا بحسنٍ وسبانا».
*«فوق النخل فوق» التي هي بالأصل ابتهال "فوق العرش فوق".
*"ربيتك زغيرون حسن" التي كانت في الأصل «يا صفوة الرحمن سكن».
*أما أغنية «يا أم العيون السود» فقد اشتهرت بصوت ناظم الغزالي وانتشرت في معظم أنحاء العالم العربي، فهي من ألحان الموصلي أيضا.
ومن الأشعار المغناة التي أبدعها الملا عثمان الموصلي نذكر:
قدُكَ المياس يا عمري
يا غصين البان كاليسرِ
أنت أحلى الناس في نظري
جلَّ من سواك يا قمري
قدك المياس مُذ مالَ
لحظُكَ الفتان قتالا
أنا وحبيبي في جنينة
والورد مخيم علينا
عيونك سود يا محلاهم
قلبي تلوع بهواهم
صار لي سنتين بستناهم
حيرت العالم في أمري.
*هذه كلمات أغاني أيام زمان قبل أن ننتقل إلى أغاني الردح والرثاثة من نوع "تعال أشبعك حب أشبعك دلال.. أريد اگلك آني قافل عليك"!
*