"علي محمود".. يطوّع الخشب إلى تحف فنية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "علي محمود".. يطوّع الخشب إلى تحف فنية


    "علي محمود".. يطوّع الخشب إلى تحف فنية
    • بيتي فرح


    طرطوس
    مازجاً بين الإبداع وما توفره الطبيعة وباستخدام الإزميل والسكين، يطوّع الشاب "علي كامل محمود" أغصان الأشجار وألواح الخشب ويحولها إلى تحف فنية، تلفت الانظار وتحظى بالاعجاب.
    الموهبة والبيئة


    يعيش "محمود" 37 عاماً في قرية "قنية جروة" التابعة لمنطقة "الدريكيش" المشهورة بطبيعتها الخلابة، ويعمل مدرّساً في الثانوية الصناعية وتميز بموهبته بالرسم والخط العربي، لم يسعفه الحظ بدخول كلية الفنون الجميلة أو معهد الأعمال اليدوية، لكنه بعد انتهاء خدمة العلم، أحيا شغفه فصنع مجسمات خشبية مختلفة الأحجام والأشكال قدمها هدايا لأصدقائه ولاقت الكثير من الإعجاب والتشجيع، فكانت شرارة البدء في الإنتاج الغزير عام 2019.

    برأي "محمود" تؤثر البيئة الخصبة الغنيّة بالجمال والمواد الضرورية للعمل، على شخصية المبدع أو الحرفي، ويظهر ذلك جلياً في كيفية تطويعه للجذع الخشبي الذي يعتبر جزءاً حيّاً من الطبيعة التي عاش بها مستخدماً ما حوله من بقايا أخشاب الزيتون والتوت والزنزرخت والسنديان وغيرها.


    طاولة خشب مع مادة الايبوكسي الملونةصعوبات



    يحاول "محمود" المزج بين الكتابة حسب قواعد الخط ورسم الحرف، للحصول على أفضل نتيجة ممكنة تتناسب مع القالب الخشبي العام للوحة المتفردة التي من الصعب استنساخها، مؤكداً أن الطلب على منتجاته يتزايد في الأعياد الدينية وأعياد الميلاد وعيد الأم، ليصبح هذا العمل مصدر دخل إضافي ومهم له.

    تتواجد ورشة "محمود" داخل المنزل، ويستخدم أدوات بسيطة مؤلفة من "مثقب وصاروخ وخرّاقة أزاميل وسكين وغيرها"، فيما معظم أعماله تخص المنزل من تحف وساعات حائط ولوحات زيّنها جمال الحرف العربي وابتكارات أخرى أدخل إليها مادة " الايبوكسي"، وهي عبارة عن مادة لزجة شفافة اللون، تدمج مع الخشب بعد أن يضاف إليها اللون المطلوب وتخضع إلى شروط خاصة بالدقة والدمج والحرارة، إلا أن الصعوبة باستخدامها تكمن في غلاء سعرها من جهة وخطرها على الصحة أثناء الاستخدام من جهة ثانية.


    منذر رمضان عضو مجلس اتحاد الحرفيين بطرطوس متابع وداعم للحرفة

    ومن أكثر العوائق التي تعترضه يقول:" يشكل تذبذب أسعار المواد مشكلة رئيسية، بالإضافة إلى صعوبة تأمين الخشب المطلوب، وانقطاع الكهرباء وشح الوقود، مما يؤدي إلى تأخر الإنتاج و بطء في تلبية الزبون، كذلك صعوبة إيجاد بعض "الشفرات" الخاصة بنحت المجسّم في أسواق "طرطوس".

    يسوّق الحرفي الشاب معظم أعماله على صفحات التواصل الاجتماعي ومن خلال بعض الأصدقاء الزبائن، ولديه الكثير من الأفكار التي لم ترَ النور بعد ويأمل أن يكون له في يوم ما معرضه الخاص .
    عمل فني


    تختلف الآراء حول اقتناء هذه التحف بين الرغبة في اقتنائها أو العكس، تقول السيدة "أم أحمد" ان للخشب جمهوره العريض، سابقاً كانت معظم البيوت تتبارك بالآيات القرآنية الكريمة المحفورة على الخشب والمعلقة على حائط المنزل، إلا أنها اليوم تفضل تلقّي هدية ذو فائدة أكبر على عيد الأم في هذه الأيام الصعبة، وتختلف عنها السيدة "جميلة" التي تعتبر التحف او اللوحات الخشبية من أجمل المقتنيات التي تجّمل المنزل، وحول غلاء أسعارها تقول " لن تفقر من اشتراها" إنها تذكار وزينة جميلة وطويلة الأمد".

    في نفس السياق يقول "منذر رمضان" عضو مجلس اتحاد الحرفيين في "طرطوس" ومتابع داعم للحرفة والتراث، أن حرفة حفر ونحت الخشب من أهم الحرف اليدوية لما تظهره من إبداع فكري وفني خصب، ففي الوقت الذي يرى البعض قطعة الخشب المقتطعة من الأشجار أنها مخصصة للتدفئة، تراها هذه الشريحة المبدعة من الحرفيين قطعة تخلّد فكرة فنية تحولها أياديهم إلى ما نراه من أشكال إبداعية مختلفة . وما يميز هذه التحف هي لمسة الحرفي الذي يضع جزءاً من روحه في العمل، يستمتع باستعمال أدواته البسيطة التي تجسّد ما شاهده في مخيلته، لينتهي بها المطاف في إحدى أركان المنزل أو المكتب".
    حماية التراث


    ويتابع "رمضان" بالقول: "لأننا ندرك القيمة الفعلية لهذه الحرفة قمنا باستقطاب عدد لا بأس به من الحرفيين المبدعين من خلال المعارض والفعاليات التي أقمناها منذ عام 2011 حتى اليوم، انضم إلى جمعية المهن اليدوية والحرف التراثية والتقليدية عدد إضافي ممن كانوا جزءاً من هذه الجمعية التي امتاز أعضاؤها بالتفرد الذي نقلهم من عالم الهواية إلى الإتقان، فالحرفة تلبي شغفه وتؤمن له مورد دخل إضافي. ومن هنا خُلقت فكرة إيجاد سبل ترويجية لضمان استمرار عمل الحرفيين المبدعين الذين حافظوا على موروث الأجداد بأعمالهم . .

    وقد ساهمت المعارض بتقديمهم ضمن خطة عمل تُعنى بتسليط الضوء عليهم إعلامياً، والمشاركة في باقي المحافظات، ويشير إلى أن الترويج الجزئي لمنتجاتهم لم يحقق الهدف المطلوب، مما استدعى إحداث مراكز تسويقية ثابتة وهي عبارة عن سوق للحرف اليدوية تضم منتجاتهم لتصبح بمثابة معرض للحرفة والتراث وتصبح مقصدا ومعلَما لهذه الحرف المتناهية الصغر، وتم الأمر بإحداث سوق المهن اليدوية على الكورنيش البحري في "طرطوس".

    ينوه "رمضان" إلى وجود رؤية ترويجية لكنها بحاجة إلى ترجمة لتصبح واقعا، وهذا دور الجميع وليس جهة دون أخرى، إضافة إلى وجوب الاهتمام والدعم الفعلي بالصناعات اليدوية التي حافظت على الموروث التاريخي من قبل وزارة السياحة والثقافة بكافة قطاعاتها، من خلال الدعم الترويجي والمشاركة بالمعارض الدولية وعرض المنتجات في الأماكن السياحية والثقافية، وتأمين أسواق مجانية لهذه الحرف وتحويلها الى حاضنة لتدريب وتعليم الراغبين، وضمان استمرارية الحرف التراثية وتطويرها.
يعمل...
X