العثمانيون

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العثمانيون

    عثمانيون

    Ottoman - Ottoman

    العثمانيـون
    (699ـ 1342هـ/1299ـ 1924م)

    ينتسب العثمانيون إلى عثمان بن أرطغرل بن سليمان الذي يُعد مؤسس الدولة التي نشأت في آسيا الصغرى (شمال غربي الأناضول) سنة 699هـ/1299م، والتي اتسعت بعد ذلك لتضم الأناضول والبلقان والبلاد العربية: العراق والشام ومصر والجزيرة العربية والجزائر وتونس وليبيا، وقد استمرت الدولة العثمانية حتى إلغاء السلطنة عام 1341هـ/1923م على يد مصطفى كمال.
    يعود أصل بني عثمان إلى قبائل الغز التركمانية، التي هاجرت من مناطق آسيا الوسطى، لهجوم المغول الوحشي على بلاد المسلمين، ونزلت هذه القبائل في منطقة أعالي نهر الفرات بين أرزنجان وخلاط، قرب بحيرة وان شرقي آسيا الصغرى عام 622هـ/1224م، وكان على رأس هذه القبائل سليمان زعيم قبيلة قابي، وبعد غرق سـليمان في نهر الفرات عند قلعة جعبر عام 628هـ/1231م هاجر قسم من القبيلة إلى بلاد الشام ثم آسيا الصغرى تحت زعامة أرطغرل أحد أبناء سليمان الأربعة، فأخذ يبحث عن مكان للاستقرار في منطقة حكم سلاجقة الروم في عهد السلطان علاء الدين الثاني (616ـ634هـ/1219ـ1236م).
    سنحت الفرصة لأرطغرل عندما هدد المغول السلطنة السلجوقية، فتدخل أرطغرل وساعد السلطان علاء الدين على الانتصار، فأصبح ساعده الأيمن، ودخل في خدمته، وأقطعه منطقة من الثغور تبلغ مساحتها 2000كم2 ليديرها، وأعطاه مناطق رعي قرب نهر سقاريا على حدود الروم البيزنطيين أمام عاصمتهم القسطنطينية، وبذلك تشكلت الإمارة، واستطاع أرطغرل أن يوسع إمارته في جهاده مع الروم إلى 4800كم2.
    بعد وفاة أرطغرل عام 688هـ/ 1288م عين السلطان علاء الدين ابنه عثمان خلفاً له وعمره 23سنة. ولما قضى المغـول المتحالفون مع الصليبيين على سلطنة سـلاجقة الروم في قونية 699هـ/1299م وتوفي علاء الدين كيقباذ الثالث (698ـ701هـ) بايع الوزراء والأعيان عثمان الغازي (المجاهد) بالسلطنة، وقلده كبار العلماء سيف الجهاد، وأصبح منذ ذلك التاريخ سلطاناً، وتأسست بذلك السلطنة العثمانية المجاهدة ضد الروم استمراراً للسلطنة السلجوقية التي اعترف بها الخلفاء العباسيون منذ عام 446هـ، وكان مركز السلطنة العثمانية الأول يكي شهر، واتخذ عثمان لسلطنته راية السلاجقة نفسها وهي حمراء رمز التضحية والجهاد وفي وسطها هلال ونجمة رمز الارتباط بالله رب السموات والأرض.
    توسع السلطنة العثمانية حتى فتح القسطنطينية
    (699ـ857هـ/1299ـ1453م)
    بدأ السلطان عثمان أعماله الجهادية ضد الروم، واستطاع فتح حصن بورصة، ولما استعان الروم بالتتار حاربهم عثمان وشتت شملهم، ثم فتح «قره جه حصار» وحوَّل كنيسة القلعة إلى مسجد، ثم فتح قلعتي «بيلرجك» و«يار حصار» عام 699هـ/1299م، ثم حاصر أزنيق عام 703هـ/1303م وفتح يني شهر وما حولها، وجعلها عاصمة لدولته، ثم انتصر على الروم في بورصة، وفتحها عام 726هـ/1326م، وأصبحت بورصة عاصمة الدولة في عهد ابنه أورخان، وقد نظم السلطان عثمان دولته الوليدة إدارياً واقتصادياً واجتماعياً وانجذب إليها حرفيون وتجار وعلماء مسلمون، وجعلها دولة جهاد ضد الروم.
    توفي السـلطان عثمان مؤسـس الدولة، فخلفه ابنه السـلطان أورخان عام 726ـ763هـ/1326ـ1362م الذي تابع أعمال الجهاد، وكانت أهم أعماله:
    ـ تأسيس أول جيش نظامي مدرب ليسهم في أعمال الفتوحات والجهاد ضد الروم وغيرهم، وسمي «يني تشري» أي الجيش الجديد (الانكشارية)[ر].
    ـ القضاء على شوكة الروم.
    ـ فتح أبواب أوربا للمسلمين، وقد تزوج من ابنة امبراطور الروم.
    ـ توسيع السلطنة بضم بعض الإمارات الإسلامية المجاهدة (الغزاة) في آسيا الصغرى.
    استطاع السـلطان أورخان فتح مدينة (نيقية) عام 731هـ/1331م وغيرها، وضم إمارة الغزو (قره صي) عام 746هـ/1345م، واجتازت الجيوش العثمانية آسيا إلى أوربا نجدةً للامبراطور الرومي يوحنا السادس (كانتاكوزين) فانفتحت أبواب البلقان أمام العثمانيين، ففتحوا قلعـة جنبي، وقلعة غالييولي وحصنوها. ثم فتحوا أدرنة سنة 762هـ/1361م. وأصدر أورخان النقد العثماني الفضي (الأقجة)، واهتم بالعاصمة بورصة وزوَّدها بالمدارس والخانات والحمامات.
    وبعد وفاة السلطان أورخان اسـتلم ابنه السـلطان مـراد الأول (763ـ791هـ/1362ـ1389م). وفي عهده اعترف الامبراطور الرومي وحكام البلقان بتبعيتهم للسلطنة العثمانية، وقد اتخذ السلطان مراد مدينة أدرنة عاصمة له، وأخضع تراقيا كلها ومقدونيا، وفتح صوفيا، واخترق بلاد الصرب. وكان الفلاحون يرحبون بالعثمانيين، وتوسـع السـلطان مراد في الأناضول، وثبّت سلطة العثمانيين على أنقرة التي كان قد استولى عليها سليمان باشا سنة 755هـ/1354م، وهاجم قونية، وانتصر مراد الأول على تحالف مسيحي في البلقان من الصرب والبلغار في معركة قوصوه (كوسوفا) في سنة 791هـ/1389م ولكنه قُتِلَ في المعركة، وخلفه ابنه بايزيد الأول.
    تولى السلطنة بايزيد الأول (791ـ 804هـ/1389ـ1401م)، فاستطاع أن يضم ماتبقى من إمارات الغزو في الأناضول، وعاد إلى الرو مللي، وحارب الروم، وضم الأفلاق، وهدد المَجَرَ فاستعان ملكها بالبابوية وبأوربا المسيحية فتحالفتا في حملةٍ صليبية انتصر عليها العثمانيون في معركة نيكوبوليس في سنة 798هـ/1396م، وخافت أوربا من هذا التوسع الإسلامي في وسطها الذي يقوده السلطان بايزيد الملقب بالصاعقة (يلدريم)، وتابع السلطان حملاته على اليونان، وشدَّد على القسطنطينية، فاستنجد الامبراطور بأوربا لإرسال نجدةٍ صليبية، وطلب بايزيد من الخليفة العباسي في مصر اللقب الرسمي (سلطان الروم) بصفته وريثاً لسلطنة سلاجقة الروم، فمنحه اللقب، وأرسل الأسرى الأوربيين إلى القاهرة وبغداد وتبريز، فعُرضُوا في شوارعها إضافة إلى هدايا كثيرة وابتهج المسلمون بانتصارات العثمانيين.
    ثم شدد بايزيد حصاره للـقسطنطينية، حتى رفعه عنها بظهور تيمورلنك، الذي عمل على تأسيس دولة مغولية إسلامية واسعة فاصطدم مع السـلطان بايزيد في معركة أنقرة 804 هـ/1402م، وهُزِمَ بايزيد ووقع أسيراً بيد تيمورلنك ثم مات.
    وكان إلى جانب تيمورلنك محرضين من بعض الهاربين من إمارات الغزو التي ضمها بايزيد لتأسيس دولة إسلامية قوية، وقام تيمورلنك بإعادة إمارات الغزو، ومنحها حمايتَهُ في الأناضول. وظلت بقية المناطق لأولاد السلطان بايزيد.
    وهكذا كانت حملة تيمورلنك سبباً رئيسياً في تأخير فتح العثمانيين للقسطنطينية.
    استعاد العثمانيون قوتهم بعد أن تمكن محمد الأول بن بايزيد من استلام السلطنة عام 816 هـ/1413م حتى 824هـ/1421م. وبعد توحيد الدولة اتخذ أدرنة الواقعة في الجانب الأوربي عاصمة دائمة للسلطنة، ليوضح للأوربيين أن الدولة العثمانية مستمرة في الجهاد.
    وفي عهد السـلطان مراد الثاني بن محمد الأول (824 ـ 855هـ/1421ـ 1451م) عاد الأوربيون إلى عقد التحالفات للمقاومة، ولكن مراد الثاني حاصر القسطنطينية مدة خمسين يوماً سنة 825هـ/1422م، وهجم على البلقان من جديد وفتح بلاد الصـرب 843هـ/1439م، وحارب هنغاريا (المجر) التي جمعت حملة صليبية من فرنسا وألمانيا وهنغاريا وبولونيا والبوسنة والأفلاق والصرب، وعقد مراد الثاني هدنة، وأصبح نهر الدانوب حدود العثمانيين في أوربا، ثم واجه مراد الثاني جيشاً أوربياً متحالفاً في معركة (وارنه) على ساحل البحر الأسود، وهزمه سنة 848هـ/1444م.
    السلطان محمد الثاني وفتح القسطنطينية
    ( 855ـ886هـ/1451ـ1481م)
    كانت أعمال السلطان محمد الثاني استمراراً لسياسة الفتوحات الجهادية، إذ التفت حوله حاشية تؤمن بالجهاد حين كان عمره (19) سنة، ونال تربية رفيعة. وقد وقف جهدِه على فتح القسطنطينية التي عجز أباؤه عن فتحها. وقد بلغت المحاولات الإسلامية لفتحها عشر محاولات منذ عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان، ثم الحملة التي قادها مسلمة بن عبد الملك في خلافة سليمان بن عبد الملك، وكانت القسطنطينية مركز المقاومة والعداء للإسلام في ثمانية قرون. ولقد أصبحت في وسط الدولة العثمانية مركزاً للمؤامرات ضدها وإثارة الحملات الصليبية عليها. وبدأ السلطان محمد الثاني التجهيز للفتح كما يأتي :
    ـ عقد اتفاقات مع البندقية وجنوة وفرسان القديس يوحنا في رودس، ليتفرغ للقسطنطينية، وليعزل الامبراطور عن حلفاء مرتقبين.
    ـ أقام حصاراً اقتصادياً على المدينة، إذ بنى قلعة «روملي حصار» على الجانب الأوربي من منطقة البوسفور مقابل قلعة «أناضولي حصار».
    ـ هيأ معدات الحصار والقتال فصب مدافع كبيرة، لأن المدينة محصنة ومحمية بالبحر من ثلاث جهات، وحاول الامبراطور قسطنطين الحادي عشر مصالحة البابا وإعلان اتحاد الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية، ولكن الشعب لم يرض عن فعلته وقالوا: «عمامة السلطان ولا تاج البابا المثلث».
    وحاصر السلطان محمد الثاني المدينة (54) يوماً سـنة 857هـ/1453م، و نقل السفن براً بخطة بارعة،ً وأنزلها في خليج القرن الذهبي، فاستطاع فتح المدينة، وأصبح يلقب بمحمد الفاتح، وأعلن التسامح الإسلامي تجاه سكانها (أهل الذمة) حسب الشريعة الإسلامية، وأبقى للبطريرك الأرثوذكسي سلطته على رعاياه، وأصبح اسم المدينة «إسلامبول»، أي مدينة الإسلام، أو «استامبول» أي دار السعادة وأصبحت عاصمة السلطنة، وحولت كنيسة أيا صوفيا إلى مسجد، وبني فيها العديد من المساجد، وأصبحت أهم مدينة إسلامية مملوءة بالمدارس، وانتشر الإسلام فيها، وفي البلقان كله. ثم فتح السلطان بلاد اليونان وألبانيا وانتشر فيهما الإسلام، وحارب البندقية التي تحالفت مع الفرس الصفويين ومع إمارة الآق قوينلو بزعامة أوزون حسن، وهزمه السـلطان سنة 878هـ/1473م قرب أرزنجان على نهر الفرات، ثم اقترب من البندقية، واضطرها إلى طلب الصلح ونزلت عن عدد كبير من قواعدها البحرية ودفعت جزية سنوية كي يُسْمَحَ لها بالتجارة في البحر الأسود.
    كانت أعمال محمد الفاتح الجهادية مستمرة في مختلف الجهات المجاورة، وأرسل حملة إلى جزيرة رودس التي يتخذ منها فرسان القديس يوحنا الصليبيون قاعدة للقرصنة ضد السفن الإسلامية، وأرسل حملة إلى جنوب شرقي إيطاليا عام 885هـ/1480م.
    توفي محمد عام 886هـ/1481م وعمره 49 عاماً، ولم يحقق مشروعاته الجهادية كلها. إلا أن السلطنة العثمانية وصلت إلى بحر الأدرياتيك غرباً وإلى تخوم الهضبة الإيرانية شرقاً.
    توسع السلطنة العثمانية في البلاد العربية
    اسـتلم السـلطنة بعد محمد الثاني ابنـه السـلطان بايزيد الثاني (886ـ918هـ/1480ـ1512م)، وفي عهده حدث نزاع مع السلطنة المملوكية التي تضم مركز الخلافة العباسية في القاهرة، وذلك حول الإمارات الحدودية بينهما في جنوبيّ الأناضول. ووقعت حرب مع تحالف أوربي صليبي من البابـا والبندقيـة وهنغاريا عام 904هـ/1499م، وانتصر العثمانيون وسيطروا على الموانئ التجارية التابعة للبندقية على سواحل شبه جزيرة المورة، وكان ذلك بداية السيادة البحرية العثمانية على البحر المتوسط.
    وفي عام 887هـ/1482م استنجد ملك غرناطة الأندلسية بالسلطان بايزيد الثاني، ولم يستطع العثمانيون تقديم النجدة المباشرة لانشغالهم في مناطقهم، ولكنهم بعد سـقوط غرناطة بيد الإسـبان 898هـ/1492م الذين هددوا المسلمين في شمالي إفريقيا قام المجاهدون العثمانيون بعملياتهم الجهادية البحرية في البحر المتوسط وأنقذوا شمالي إفريقيا الإسلامي وحرصوا على حمايته وتعريبه.
    وتصدى العثمانيون في عهد السلطان بيازيد الثاني للفتن الداخلية التي أثارها الصفويون الشيعة الذين أسسوا حكماً في فارس عام 906هـ/1501م وشنوا حروباً على السلطنة العثمانية من الخلف، مما استنفد كثيراً من طاقاتها الجهادية في أوربا وغيرها، وكذلك فعلت الدول التي خلفتها في فارس.
    ثم استلم السلطنة سـليم الأول بن بايزيد الثاني (918ـ926هـ/1512ـ1520م) المعروف بلقب القاسي (ياووز). واستطاع القضاء على بعض الفتن والمعارضة، وتلقى التهاني من جميع الدول، ماعدا الشاه إسماعيل الصفوي ملك العجم، الذي دعم الفتن في شرقي السلطنة واحتل العراق وأراد نشر التشيع عنوةً، وتحالف مع القوى الإفرنجية المعادية للعثمانيين، فاستنجد أهل بغداد بالسلطان سليم، فاضطر إلى سحب بعض قواته المجاهدة في أوربا إلى العراق ومحاربة الشـاه إسـماعيل في معركة جالديران 920هـ/1514م وتمكن من الانتصار عليه ودخول عاصمته تبريز، ثم عاد إلى متابعة جهاده في أوربا.
    ومع أن العثمانيين لبوا نداءات النجدة من السلاطين المماليك (648ـ923هـ/1250ـ1517م) لمساعدتهم ضد البرتغاليين، فإن المماليك لم يقفوا موقفاً إيجابياً من العثمانيين في أثناء حربهم مع الصفويين، للخلاف على منطقة البستان بين السلطنتين بصورة رئيسية وقع الصدام بينهما في معركة مرج دابق شمالي حلب عام 922هـ/1516م، وتحقق انتصار السلطنة العثمانية وسيطرتها على الشام، ثم كان الصـدام الأخير بالمماليك في موقعة الريدانية قـرب القاهرة عام 923هـ/1517م، وسقطت السلطنة المملوكية، وأصبح سكانها وأراضيها بما فيها الحرمين الشريفين جزءاً من السلطنة العثمانية الواسعة، واتخذ السلطان سليم لنفسه لقب «خادم الحرمين».
    وضع السلطان سليم سياسة جهادية لحماية بلاد المسلمين من التهديد الصليبي الأوربي الجديد ممثلاً بالبرتغاليين في جنوبي الجزيرة العربية والإسبان وغيرهم في مناطق شمالي إفريقيا، وتحقيق وحدة بلاد المسلمين التي فُقِدَتْ منذ سقوط بغداد بيد المغول عام 656هـ/1258م.
    ولما استلم سليمان السلطنة بعد وفاة أبيه (926ـ974هـ/1520ـ1566م) تابع سياسة الجهاد والتوحيد، فأصبحت السلطنة تضم أكثر البلاد الإسلامية، ودانت لها البلاد الأخرى بالولاء للخلافة.
    وكان أهم أهداف سليمان الذي لقب «الفاخر والقانوني»:
    ـ تثبيت الفتوحات، وترسيخ أقدام الدولة في شرقي أوربا.
    ـ السيطرة على البحر المتوسط، وإعادته بحيرةً عربيةً إسلاميةً، كما كان في العهد العباسي.
    ـ ربط البلاد الإسلامية بالمشرق والتصدي للخطر البرتغالي.
    ولذلك حاصر ڤيينا عاصمة الامبراطورية الجرمانية الرومانية المقدسة حامية حمى المسيحية الأوربية، وذلك عام 936هـ/1529م، واتبع سياسةَ تقريبٍ لفرنسا وغيرها من القوى الأوربية كإنكلترا البروتستنتية، التي لاتحارب المسلمين، ومنحَها امتيازات تجارية.
    نجح السلطان سليمان في تحرير مناطق المغرب المحتلة كالجزائر وتونس وليبيا، وضمها إلى الدولة، وجعلها ولاياتٍ تمارس الجهادَ البحريَّ ضد أوربا، وخاصة الإسبان الذين طردوا المسلمين من الأندلس وهددوهم في إفريقيا.
    نجح السلطان سليمان في حماية الجزيرة العربية والحرمين الشريفين وشرقي إفريقيا من الهجوم البرتغالي، وكان عهده أقصى التوسع وذروة القوة للسلطنة العثمانية، التي ضمت أكثر البلاد الإسلامية، ودانت لها المناطق الأخرى بالولاء.
    المطامع الأوربية في أراضي السلطنة العثمانية
    استمر العداء الأوربي المبني على نزعات دينية تعصبية وأطماع اقتصادية توسعية في موقفه الساعي إلى السيطرة على بلاد المسلمين ومحاربة السلطنة.
    وكان العدوان الأوربي الأخير فيما سمي الحروب الصليبية أو غزوات الفرنجة، والتي تم القضاء عليها سنة 690هـ/1291م، وتحول الصراع إلى الأراضي الأوربية بقيام إمارات الغزاة، ثم قيام السلطنة العثمانية بالفتوح في أوربا، في الوقت الذي سقطت فيه غرناطة آخر موقع للمسلمين في الأندلس (غربي أوربا).
    وهكذا أصبحت السلطنة العثمانية الدولة التي تقف في وجه القوى الأوربية، مثل الروس (الموسكوف) في الشمال، وامبراطورية النمسا في الوسط، وغيرها من الدول الأوربية في البحر المتوسط، ولذلك بدأ الأوربيون يعملون على وضع الخطط للتصدي للسلطنة العثمانية، ثم طردها من أوربا واحتلال جميع الأراضي العربية والإسلامية، وهذا ماسموه المسألة الشرقية منذ القرن التاسع عشر الميلادي، وقد وُضِعَ أكثر من مئة اتفاق، كان آخرها اتفاقية سايكس ـ بيكو 1916م بين روسيا وفرنسا وبريطانيا لاحتلال ماتبقى من الأراضي العربية والإسلامية.
    عانت السلطنة العثمانية من الضعف في أواخر أيامها مما مكن الأوربيين من تحقيق الانتصارات عليها، ويمكن تلخيص موقف الأوربيين من الدولة العثمانية كما يأتي:
    ففي مرحلة القوة العثمانية، حاولت البابوية أن تجمع الدول الأوربية المتمايزة قومياً بعد فتح القسطنطينية في عمل صليبي مشترك يُوقِفُ التقدم العثمانيَّ في أوربا، واستطاعت في أواخر القرن السادس عشر الميلادي أن تجمد الفتوحات العثمانية.
    وكانت امبراطورية النمسا تمثل خط الدفاع الأول عن وسط أوربا وتؤيدها إسبانيا والبندقية وبولونيا ثم روسيا التي ظهرت دولةً أوروبيةً قويةً في القرن السابع عشر الميلادي، وعَدَّتْ نفسَها وريثة الامبراطورية الرومانية الشرقية وحامية الأرثوذكسية التي تريد أن تستعيد القسطنطينية.
    وفي مرحلة الضعف العثماني جرت إثارة الأقليات القومية في البلقان، واندفعت روسيا في تحقيق مشروعاتها ومالت فرنسا وبريطانيا إلى التعاون معها، وبدأ التحدي الأوربي باحتلال أجزاء مختلفة من بلاد العرب والمسلمين مثل الحملة الفرنسية على مصر 1213هـ/1798م، واحتلال فرنسا للجزائر سنة 1246هـ/1830م، ثم تونس ومصر وجنوبي الجزيرة العربية والخليج.
    وفي الحرب العالمية الأولى التي تورطت فيها السلطنة العثمانية تمكن الأوربيون من احتلال ماتبقى من الأراضي العثمانية كالشام والعراق، والسيطرة على غيرها من المناطق وعلى اصطنبول نفسها، حتى أُعلِنَ إنهاء السلطنة العثمانية ثم الخلافة الإسلامية، والسماح بإقامة دولة قومية للأتراك فقط في الأناضول.
    إلغاء السلطنة والخلافة العثمانية
    لما قامت الحرب العالمية الأولى (1332ـ1337هـ/1914ـ1918م) بين الأوربيين (دول الوسط وهي ألمانيا والنمسا) ودول الحلفاء (روسيا وفرنسا وبريطانيا)، فإن الدولة العثمانية اضطرت إلى دخولها بعد شهرين من نشوبها أملاً في تحرير بعض المناطق التي احتلها الإنكليز والفرنسيون.
    ولكن كانت نتيجة الحرب هزيمة دول الوسط، ومنها الدولة العثمانية عام 1337هـ/1918م، وأصبحت أراضي السلطنة تحت الاحتلال الأجنبي، ومنها البلاد العربية، وبدأ تنفيذ اتفاقية سايكس ـ بيكو باقتسام ماتبقى من أراضي السلطنة، وزرع دولةِ اليهود الصهيونية، ثم توقيع معاهدة الصلح في سيفر عام 1920م التي قَيَّدَتِ السلطنة.
    لكنَّ المقاومة العثمانية لاحتلال الأناضول استطاعت طرد اليونانيين وتحرير مناطق كثيرة، وقدم الحلفاء تنازلات إلى مصطفى كمال بشروط منها إلغاء السلطنة والخلافة، وكان لقب خليفة يُوضَعُ ضمن ألقاب السلطان العثماني في أواخر القرن الثامن عشر، ثم ظهر واضحاً أيام السلطان عبد الحميد الثاني (1876ـ1909م)، وإقامة دولة تركية قومية ضمن حدود الأناضول، فقبل ذلك وصدر قرار السلطنة يوم الأربعاء 11ربيع الأول 1341هـ/1 تشرين الثاني 1922م، وأصبحت السلطة السياسية في يد المجلس الوطني التركي يمثله مصطفى كمال الذي وقَّع الحلفاء معه معاهدة الصلح الجديدة في لوزان عام 1342هـ/1923م، التي نصت على استقلال الولايات العربية من الجزائر إلى اليمن عن الدولة، على أن يحكمها أبناؤها أنفسُهم.
    وعُزِلَ السلطان السادس والثلاثون (محمد السادس وحيد الدين). وانْتُخِبَ عبد المجيد الثاني بن السـلطان عبد العزيز خليفة وحسب بعد ذلك، ثم أُلغيت الخلافة نهائياً في 27رجب 1342هـ/3 آذار 1924م، وقطعت علاقة الدولة الجديدة القومية التركية بالبلاد العربية الإسلامية، وأصبحت بذلك جميع البلاد العربية والإسلامية مجزأة واقعةً تحت الاحتلال الأجنبي الأوربي الذي بدأ بإنشاء دولة لليهود (الصهاينة) في فلسطين أرض المسجد الأقصى.
    المنجزات الحضارية للسلطنة العثمانية
    كانت المنجزات الحضارية للسلطنة العثمانية استمراراً لتطور الحضارة الإسلامية في عهودها النبوية والراشدية والأموية والعباسية. وقد ظهرت هذه المنجزات في مجالات عديدة منها:
    ـ التنظيم السياسي والإداري الذي اعتمد على الشريعة الإسلامية، وأُصْدِرَتِ القوانين التي حددت حقوق فئات المجتمع وواجباتهم في الأمور التي لا نصوص لها في الشريعة، وكان التنظيم مستمداً من إرث العهود الإسلامية السابقة. ويغلب عليه الطابع الحربي الجهادي، لأن قيام الدولة العثمانية كان على هذا الأساس، ولذلك يلقب السلاطين بالغزاة.
    وكان النظام الإداري قائماً على السلطان، ويتبعه شيخ الإسلام والعلماء، ثم الصدر الأعظم الذي تطور إلى رئيس الوزراء، ومناصب إدارية ومالية وقضائية، وتميزت السلطنة بنظام الإحصاءات والسجلات التي شملت السكان والأرض من جميع النواحي.
    ـ فن العمارة الذي تطور في بناء المساجد والمدارس والحمامات والقصور والخانات والمستشفيات وغيرها، وقد تميزت العمارة العثمانية بصفات خاصة من التزيينات، وتطور فن صناعة الخزف. وتتميز مدن اصطنبول والقاهرة ودمشق وحلب وغيرها بالمباني العثمانية، مثل التكية السليمانية في دمشق، وجامع خالد بن الوليد في حمص، والجامع الأزرق في اصطنبول.
    ـ الاهتمام باللغة العربية، لأنها أولاً لغة القرآن والعلوم الإسلامية المختلفة، ولأنها اللغة المشتركة بين الشعوب الإسلامية، وتطورت اللغة التركية البدائية في العهد العثماني إلى ماأصبح يعرف باللغة العثمانية التي تكتب بالخط العربي و40% منها كلمات عربية و30% فارسية و30% من أصل تركي، وكان السلاطين يجيدون اللغة العربية ويكتبون الشعر بها.
    ـ تطوير النظام العسكري، إذ أوجد العثمانيون أول جيش إسلامي نظامي وملتزم، هو الجيش الجديد (الانكشارية). وطور الأسلحة، وخاصة المدفعية والأسطول.
    ـ العلوم في العهد العثماني: تنوعت مجالات العلوم في العهد العثماني، فشملت أنواع العلوم جميعها، وهذا ماكان سبباً أساسياً في استمرار هذه الدولة مئات السنين، إذ أعطاها القدرة المعنوية والمادية، ومن هذه العلوم:
    ـ علوم الفقه والشريعة: وقد لقيت العلوم المرتبطة بالإسلام اهتماماً كبيراً لارتباطها بالنهضة الجهادية التي قامت عليها السلطنة العثمانية، فكان الاهتمام بعلوم القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف وكتب الفقه في المذاهب على اختلافها. وكان التأليف في هذه العلوم شعراً ورجزاً. وانتشرت المدارس المختلفة التي كان لها أوقاف وتنظيم.
    ـ وفي ميدان العلوم الاجتماعية كالتاريخ والجغرافية ظهرت مؤلفات كثيرة اتبعت الأسلوب العلمي للوصول إلى الحقيقة، وتطور علما البحار والجغرافيا وظهرت أول خريطة للعالم.
    ـ كما تطورت علوم اللغة العربية لفهم القرآن والحديث والشعر، وكانت اللغة العربية في منـزلة عالية، وإن كان لكل شعب إسلامي في الدولة العثمانية وغيرها، لهجته المحلية الخاصة.
    ـ أما العلوم التطبيقية والعقلية، كالطب والصيدلة والطبيعيات والرياضيات والهندسة وعلم الحِيَل (الميكانيك ) والزراعة وغيرها، فقد كانت مستمرة وفقاً للنظام السابق، وظهر العديد من العلماء في هذه المجالات.
    السلاطين العثمانيون
    بدأت السلطنة 699هـ/1299م
    1ـ السلطان عثمان
    مدة حكمه (688-726هـ/1289-1326م)
    2ـ السلطان أورخان بن عثمان
    مدة حكمه (726-763هـ/ 1326-1362م)
    3ـ السلطان مراد الأول بن أورخان
    مدة حكمه (763-791هـ/1362-1389م)
    4ـ السلطان بايزيد الأول (يلدريم) بن مراد الأول
    مدة حكمه (791-805هـ/1389-1402م)
    5 ـ السلطان محمد الأول بن بايزيد الأول
    مدة حكمه (816-824هـ/1413-1421م)
    6ـ السلطان مراد الثاني بن محمد الأول
    مدة حكمه (824-855هـ/1421-1451م)
    7ـ السلطان محمد الثاني (الفاتح) بن مراد الثاني
    مدة حكمه (855-886هـ/1451-1481م)
    8 ـ السلطان بايزيد الثاني بن محمد الفاتح
    مدة حكمه (886-918هـ/1481-1512م)
    9ـ السلطان سليم الأول (ياووز) بن بايزيد الثاني
    مدة حكمه (918-926هـ/1512-1520م)
    10ـ السلطان سليمان (القانوني) بن سليم الأول
    مدة حكمه (926-974هـ/1520-1566م)
    11ـ السلطان سليم الثاني بن سليمان القانوني
    مدة حكمه (974-982هـ/1566-1574م)
    12ـ السلطان مراد الثالث بن سليم الثاني
    مدة حكمه (982-1004هـ/1574-1595م)
    13ـ السلطان محمد الثالث بن مراد الثالث
    مدة حكمه (1004-1012هـ/1595-1603م)
    14ـ السلطان أحمد الأول بن محمد الثالث
    مدة حكمه (1012-1027هـ/1603-1617م)
    15ـ السلطان مصطفى الأول بن محمد الثالث
    مدة حكمه (1027-1028هـ/1617-1618م)
    16ـ السلطان عثمان الثاني بن أحمد الأول
    مدة حكمه (1028-1032هـ/1618-1622م)
    15 مكرر ـ السلطان مصطفى الأول بن محمد الثالث (ثانية)
    مدة حكمه (1032-1033هـ/1622-1623م)
    17ـ السلطان مراد الرابع بن أحمد الأول
    مدة حكمه (1032-1050هـ/1623-1640م)
    18ـ السلطان إبراهيم الأول
    مدة حكمه (1050-1059هـ/1640-1648م)
    19ـ السلطان محمد الرابع بن إبراهيم الأول
    مدة حكمه (1059-1099هـ/1648-1687م)
    20ـ السلطان سليمان الثاني بن إبراهيم الأول
    مدة حكمه (1099-1103هـ/1687-1691م)
    21ـ السلطان أحمد الثاني بن إبراهيم الأول
    مدة حكمه (1103-1107هـ/1691-1695م)
    22ـ السلطان مصطفى الثاني بن محمد الرابع
    مدة حكمه (1107-1115هـ/1695-1703م)
    23ـ السلطان أحمد الثالث بن محمد الرابع
    مدة حكمه (1115-1143هـ/1703-1730م)
    24ـ السلطان محمود الأول بن مصطفى الثاني
    مدة حكمه (1143-1168هـ/1730-1754م)
    25ـ السلطان عثمان الثالث بن مصطفى الثاني
    مدة حكمه (1168-1171هـ/1754-1757م)
    26ـ السلطان الخليفة مصطفى الثالث بن أحمد الثالث
    مدة حكمه (1171-1188هـ/1757-1774م)
    27ـ السلطان الخليفة عبد الحميد الأول بن أحمد الثالث
    مدة حكمه (1188-1204هـ/1774-1789م)
    28ـ السلطان سليم الثالث بن مصطفى الثالث
    مدة حكمه (1204-1222هـ/1789-1807م)
    29ـ السلطان مصطفى الرابع بن عبد الحميد الأول
    مدة حكمه (1222-1223هـ/1807-1808م)
    30ـ السلطان محمود الثاني بن عبد الحميد الأول
    مدة حكمه (1223-1255هـ/1808-1839م)
    31ـ السلطان عبد المجيد بن محمود الثاني
    مدة حكمه (1255-1278هـ/1839-1861م)
    32ـ السلطان عبد العزيز بن محمود الثاني
    مدة حكمه (1278-1293هـ/1861-1876م)
    33ـ السلطان مراد الخامس بن عبد المجيد
    مدة حكمه (1293-1293هـ/1876-1876م)
    34ـ السلطان الخليفة عبد الحميد الثاني بن عبد المجيد
    مدة حكمه (1293-1327هـ/1876-1909م)
    35ـ السلطان الخليفة محمد الخامس (رشاد) بن عبد المجيد
    مدة حكمه (1327-1337هـ/1909-1918م)
    36ـ السلطان الخليفة محمد السادس (وحيد الدين)
    مدة حكمه (1337-1341هـ/1918-1922م)
    37ـ عبد المجيد الثاني بن عبد العزيز (خليفةً وحسب)
    مدة حكمه (1341-1342هـ/1922-1924م)
    عبد الرحمن البيطار
يعمل...
X