مُنذ مطلع القرن المنصرم ساهمت فيزياء الكم بشكل مذهل فى تغيير مفاهيمنا حول ما يحدث للمادة في المستوى المجهرى, وكانَ نِتاج ذلك نشوء مجالات جديدة للعلم والتكنولوجيا لم تَكن موجودة من قبل, وخير مثال على ذلك الإلكترونيات والبصريات الكمومية اللذان يمثلان عماد ثورة المعلومات والاتصالات في حياتنا المعاصرة.
في عام (1959) ألف و تسعمائة و تسع و خمسين ميلادي ألقى الفيزيائي الشهير ريتشارد فاينمان محاضرة بعنوان(الأعماق تحمل الكثير ) تحدث فيها عن إمكانية التلاعب والتحكم بالذرات و الجزيئات بشكل منفرد بناءً على ميكانيكا الكم و كيفية الاستفادة من ذلك في الكيمياء الصناعية لكن لم يُسلط الضوء على هذه المحاضرة في حينها لعدم وجود إمكانية للتحقق من هذا الادعاء.
وبعد هذه المحاضرة بعقدين من الزمن بدأت صحة تنبؤات فاينمان تتضح شيئًا فشيئًا من خلال مجموعة من الاختراعات والاكتشافات أدت بنتيجة لِما يُعرف اليوم بتكنولوجيا النانو والتي تهتم بشكل عام بتصنيع المواد ذات المقياس النانوي. (ومن الجدير بالذكر إنَ النانومتر يمثل جزء من المليار من المتر ولكي تكون الصورة أقرب لخيالك فأن سُمك ورق الكتابة يعادل مائة ألف نانومتر).
واستمر التطوير من قبل الباحثين و العلماء في هذه المجال وبالفعل تمكنت هذه التكنولوجيا من تحقيق قفزات مهمة خصوصاً في الإلكترونيات (يكفيك عزيزي القارئ أن تتأمل جهازك النقال الذي بين يديك الأن و كيف كانت هذه الأجهزه قبل عقد من الزمن لتعرف مدى تأثير تكنلوجيا النانو). لكن هل هذا يكفي ؟! بالتأكيد الإجابة ستكون بالنفي, والسبب أن المواد المستخدمة حالياً في تصنيع الأجهزة ستصل لأقصى حد لها في المستقبل المنظور وبتالي لا يمكن إنتاج أجهزة أكثر كفاءةً أو أقل كلفة من التي بين أيدينا الأن, وفي نفس الوقت فإن طلب السوق لأجهزة أفضل يتزايد وهو ما قد يعرض الشركات المنتجة والمستهلكين على حد سواء لمشاكل عديدة.
لكن العلم دائماً ما يبهرنا بإيجاده حلولاً عبقرية, ففي عام (2004) ألفين وأربعة ميلادي استطاع الباحثان من جامعة مانجستر في المملكة المتحدة (أندريه غييم) و(كوستيانو فوسيلوف) من إنتاج مادة ذات مواصفات فيزيائية سحرية لم تُنتج من قبل من عنصر يعد من أكثر عناصر الطبيعة انتشارً ألا وهو الكربون وبشكله القياسى (الجرافيت) أما المادة فهي عبارة عن طبقة واحدة فقط من ذرات الكربون سميت لاحقًا بالجرافين. {وقد حازا جائزة نوبل لعام ألفين و عشرة ميلادي في الفيزياء على هذا الاختراع )
حسنًا, سيتبادر إلى ذهنك سؤال بسيط وهو: ما هي تلكَ المواصفات السحرية ؟
الجواب: أن الجرافين هي المادة الأرق سُمكا إذ هي مجرد مجموعة ذرات تتراصف مع بعضها لتشكل طبقة واحده فقط و بسمك لا يتجاوز أجزاء النانومتر(أنحف بمليون مرة من شعرة الأنسان) وهي بنفس الوقت الأخف وزنًا و أقوى من الفولاذ بمائتين مرة و أصلب من الماس وتمتلك قدرة على توصيل الكهرباء والحرارة أفضل من النحاس بكثير (تُعتبر المادة الأكثر توصيلية على الإطلاق) وكذلك هي شفافة وقابلة للطي والتشكل بأي شكل يُراد لها.
لكن من أين أتت كل هذه المواصفات وما الذى يحدث عندما نحصل على مادة ثنائية البعد من المادة الأم (ثلاثية البعد) كما في حالة الجرافين والجرافيت؟
الجواب: يكمن في البنية الذرية للجرافيت فعادة تصطف طبقات من الجرافين بعضها فوق بعض لتكوّن الجرافيت وكل ذرة كربون لديها أربع إلكترونات تلاث منها تربطها بأخواتها التي تكون في نفس المستوى أما الإلكترون الرابع يكون خارج المستوى فيعمل كصمغ للصق الطبقات الواحدة فوق الأخرى. لكن عندما ننجح في الحصول على طبقة واحدة فقط فهذا سيودى إلى الحصول ذرات ترتبط مع بعضها البعض بالثلاث إلكترونات أما الرابع فيبقى حراً .
ولك أن تتخيل ما يفعله عدد لا يُحصى من ذرات الكربون ببحرٍ من الإلكترونات الحرة حيث سيؤدي إلى نشوء خصائص كالتي ذُكرت سابقاً.
كان هذا الاختراع هو الحافز للمزيد, حيث حفز الباحثيين حول العالم لاستكشاف مواد أخرى ثنائية البعد, وبالفعل بدأت هذه العائلة تكبر شيئا فشيئا وتتضح معالمها فكان الجرمانين, ونتريد البورون السداسي, وثنائي كبريتيد الموليبدينوم, وثنائي سيلينيد التنغستن وغيرها. وكل من هذه المواد تختلف كلياً عن المادة الأم التي تكونت منها من حيث الخصائص وتختلف أيضا عن أخواتها ضمن عائلة المواد ثنائية البعد لكن الشيء المثير للاهتمام هو إمكانية دمج هذه المواد مع بعضها لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من خصائصها.
هذه المواد من الممكن أن تستخدم في مجلات لا حصر لها مثل الإلكترونيات، والبطاريات، وإنتاج الطاقة الشمسية، وتصفية المياه، وبناء المتحسسات (Sensors), وحتى في التطبيقات الطبية والحيوية كعلاج السرطان مثلا.
ختامًا أود أن أوضح أنه لازالت تقنية الماد ثنائية البعد في مهدها وهناك جهد جبار يُبذل من قبل الباحثين في شتى أرجاء المعمورة لكي ترى النور على الصعيد الصناعي والتي إن حدثت فعلا فستكون وبلا منازع مواد القرن الحادى والعشرين وحجر الأساس لتكنولوجيا المستقبل.
في عام (1959) ألف و تسعمائة و تسع و خمسين ميلادي ألقى الفيزيائي الشهير ريتشارد فاينمان محاضرة بعنوان(الأعماق تحمل الكثير ) تحدث فيها عن إمكانية التلاعب والتحكم بالذرات و الجزيئات بشكل منفرد بناءً على ميكانيكا الكم و كيفية الاستفادة من ذلك في الكيمياء الصناعية لكن لم يُسلط الضوء على هذه المحاضرة في حينها لعدم وجود إمكانية للتحقق من هذا الادعاء.
وبعد هذه المحاضرة بعقدين من الزمن بدأت صحة تنبؤات فاينمان تتضح شيئًا فشيئًا من خلال مجموعة من الاختراعات والاكتشافات أدت بنتيجة لِما يُعرف اليوم بتكنولوجيا النانو والتي تهتم بشكل عام بتصنيع المواد ذات المقياس النانوي. (ومن الجدير بالذكر إنَ النانومتر يمثل جزء من المليار من المتر ولكي تكون الصورة أقرب لخيالك فأن سُمك ورق الكتابة يعادل مائة ألف نانومتر).
واستمر التطوير من قبل الباحثين و العلماء في هذه المجال وبالفعل تمكنت هذه التكنولوجيا من تحقيق قفزات مهمة خصوصاً في الإلكترونيات (يكفيك عزيزي القارئ أن تتأمل جهازك النقال الذي بين يديك الأن و كيف كانت هذه الأجهزه قبل عقد من الزمن لتعرف مدى تأثير تكنلوجيا النانو). لكن هل هذا يكفي ؟! بالتأكيد الإجابة ستكون بالنفي, والسبب أن المواد المستخدمة حالياً في تصنيع الأجهزة ستصل لأقصى حد لها في المستقبل المنظور وبتالي لا يمكن إنتاج أجهزة أكثر كفاءةً أو أقل كلفة من التي بين أيدينا الأن, وفي نفس الوقت فإن طلب السوق لأجهزة أفضل يتزايد وهو ما قد يعرض الشركات المنتجة والمستهلكين على حد سواء لمشاكل عديدة.
لكن العلم دائماً ما يبهرنا بإيجاده حلولاً عبقرية, ففي عام (2004) ألفين وأربعة ميلادي استطاع الباحثان من جامعة مانجستر في المملكة المتحدة (أندريه غييم) و(كوستيانو فوسيلوف) من إنتاج مادة ذات مواصفات فيزيائية سحرية لم تُنتج من قبل من عنصر يعد من أكثر عناصر الطبيعة انتشارً ألا وهو الكربون وبشكله القياسى (الجرافيت) أما المادة فهي عبارة عن طبقة واحدة فقط من ذرات الكربون سميت لاحقًا بالجرافين. {وقد حازا جائزة نوبل لعام ألفين و عشرة ميلادي في الفيزياء على هذا الاختراع )
حسنًا, سيتبادر إلى ذهنك سؤال بسيط وهو: ما هي تلكَ المواصفات السحرية ؟
الجواب: أن الجرافين هي المادة الأرق سُمكا إذ هي مجرد مجموعة ذرات تتراصف مع بعضها لتشكل طبقة واحده فقط و بسمك لا يتجاوز أجزاء النانومتر(أنحف بمليون مرة من شعرة الأنسان) وهي بنفس الوقت الأخف وزنًا و أقوى من الفولاذ بمائتين مرة و أصلب من الماس وتمتلك قدرة على توصيل الكهرباء والحرارة أفضل من النحاس بكثير (تُعتبر المادة الأكثر توصيلية على الإطلاق) وكذلك هي شفافة وقابلة للطي والتشكل بأي شكل يُراد لها.
لكن من أين أتت كل هذه المواصفات وما الذى يحدث عندما نحصل على مادة ثنائية البعد من المادة الأم (ثلاثية البعد) كما في حالة الجرافين والجرافيت؟
الجواب: يكمن في البنية الذرية للجرافيت فعادة تصطف طبقات من الجرافين بعضها فوق بعض لتكوّن الجرافيت وكل ذرة كربون لديها أربع إلكترونات تلاث منها تربطها بأخواتها التي تكون في نفس المستوى أما الإلكترون الرابع يكون خارج المستوى فيعمل كصمغ للصق الطبقات الواحدة فوق الأخرى. لكن عندما ننجح في الحصول على طبقة واحدة فقط فهذا سيودى إلى الحصول ذرات ترتبط مع بعضها البعض بالثلاث إلكترونات أما الرابع فيبقى حراً .
ولك أن تتخيل ما يفعله عدد لا يُحصى من ذرات الكربون ببحرٍ من الإلكترونات الحرة حيث سيؤدي إلى نشوء خصائص كالتي ذُكرت سابقاً.
كان هذا الاختراع هو الحافز للمزيد, حيث حفز الباحثيين حول العالم لاستكشاف مواد أخرى ثنائية البعد, وبالفعل بدأت هذه العائلة تكبر شيئا فشيئا وتتضح معالمها فكان الجرمانين, ونتريد البورون السداسي, وثنائي كبريتيد الموليبدينوم, وثنائي سيلينيد التنغستن وغيرها. وكل من هذه المواد تختلف كلياً عن المادة الأم التي تكونت منها من حيث الخصائص وتختلف أيضا عن أخواتها ضمن عائلة المواد ثنائية البعد لكن الشيء المثير للاهتمام هو إمكانية دمج هذه المواد مع بعضها لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من خصائصها.
هذه المواد من الممكن أن تستخدم في مجلات لا حصر لها مثل الإلكترونيات، والبطاريات، وإنتاج الطاقة الشمسية، وتصفية المياه، وبناء المتحسسات (Sensors), وحتى في التطبيقات الطبية والحيوية كعلاج السرطان مثلا.
ختامًا أود أن أوضح أنه لازالت تقنية الماد ثنائية البعد في مهدها وهناك جهد جبار يُبذل من قبل الباحثين في شتى أرجاء المعمورة لكي ترى النور على الصعيد الصناعي والتي إن حدثت فعلا فستكون وبلا منازع مواد القرن الحادى والعشرين وحجر الأساس لتكنولوجيا المستقبل.