لطالما كان السفر عبر الزمن هو المادة الخصبة الأولى لأفلام الخيال العلمي بين الذهاب إلى الماضي وتغيير التاريخ والأحداث وبين الانطلاق إلى المستقبل ومعرفة كيف يصير العالم بعد مئات السنين، كيف تتطور وكيف تقدم؟ ولكن هل يمكن تحقيق هذا يوماً ما؟! هل يمكن تغيير الماضي أو معرفة كيف قام المصريون القدماء ببناء الأهرامات أو هل كانت هناك حضارة متقدمة في أطلانتس يوماً ما؟! ..
هل يمكن معرفة المستقبل؟ أو معرفة الأخطار التي تنتظر العالم عن طريق السفر للمستقبل ؟
كيف يجيب العلم على كل تلك الأسئلة ؟!
لكي نستطيع فهم معني السفر عبر الزمن يجب أن نطرح فرضيتين أساسيتين وهما فرضيات النظرية النسبية الخاصة لآينشتين:
– سرعة الضوء هي السرعة القصوى في الكون وهي 300,000 كم/ثانية ولا يمكن لأي جسم أو مادة أن يسافر بسرعة أكبر من أو تساوي سرعة الضوء.
– سرعة الضوء ثابتة دون النظر لسرعة الشخص المراقب أو الجسم المتحرك فإذا كنت تسير بسرعة 100,000 كم/ثانية موازياً لشعاع ضوئي فستظل سرعة الشعاع بالنسبة لك هي 300,000 كم/ثانية وليست 200,000 كم/ثانية.
طبقاً لنظرية آينشتين فإنه كلما زادت سرعة الجسم المتحرك تقل أبعاده ويتمدد الزمن (يتباطئ) Time dilation – بالنسبة له حتى يصل إلي سرعة الضوء فإن أبعاد ذلك الجسم تتلاشى تماماً وتصبح كتلته ما لانهاية ∞ ويتوقف الزمن تمامًا بالنسبة له، وبالطبع تلك التأثيرات لا نشعر بها لصغر السرعات التي نستخدمها بشكل كبير جداً مقارنة بسرعة الضوء.
تمدد الزمن–Time dilation:
تمدد الزمن هو أن يقل تأثيره على الجسم، وباستخدام معادلة لورنتز –Lorentz equation يمكننا حساب تمدد زمن الجسم المتحرك بالنسبة لجسم ساكن، على سبيل المثال فإن دقيقة واحدة يقضيها -يسافرها -شخصٌ ما بسرعة تساوي 50% من سرعة الضوء قد تساوي بضع دقائق بالنسبة لشخصٍ في حالة سكون علي الأرض وسنستخدم معادلة لورنتز في أمثلة بشكل دقيق.
T: الزمن بالنسبة للجسم المتحرك، T₀: الزمن بالنسبة للجسم الثابت، v: سرعة الجسم المتحرك، c: سرعة الضوء.
لنفرض أن هناك شخصٌ ما داخل مركبة تسير بسرعة تساوي 50% من سرعة الضوء عندها سيتمدد الزمن بمقدار 1.15 مما يعني أن كل دقيقة يقضيها الشخص داخل المركبة تساوي 69 ثانية لأي شخص على الأرض وليس 60 ثانية.
وإذا ارتفعت سرعة المركبة إلي 99% من سرعة الضوء فإن كل دقيقة في المركبة تساوي 7 دقائق على الأرض، وعندما ترتفع سرعة المركبة إلى 99.999% من سرعة الضوء فإن كل دقيقة عليها تساوي 224 دقيقة علي الأرض أي أن السنة الواحدة في المركبة تساوي 224 سنة علي الأرض !
السفر إلى المستقبل:
من المعادلة السابقة نستطيع أن نستنج المعنى الحقيق للسفر عبر الزمن إلى المستقبل فهو بالتأكيد لا يعني أن الانسان يستطيع السفر إلى المستقبل ليرى نفسه كيف سيكون أو إلى أين ينتهي به الأمر.
ولنفهم ذلك لنفترض أن هناك قطارًا يسير بسرعة 99,5% من سرعة الضوء يدور حول الأرض وبداخله ركاب قضوا مدة سنة بداخله فإنهم سيعودن للأرض بعد مرور عشر سنوات وهذا بالطبع هو المستقبل بالنسبة للأرض لكن تأثير الزمن علي ركاب القطار هو تأثير سنة واحدة فقط فالطفلة التي تبلغ من العمر 10 سنوات في القطار ستعود بعمر 11 سنة في حين أن زميلاتها على الأرض ستكون أعمارهن 20 سنة !
السفر إلى الماضي:
يُعد السفر إلى الماضي هو اللغز الأكبر بالنسبة للعلماء في نظريات السفر عبر الزمن ولعل المثال الأشهر هو متناقضة الجَدُّ Grandpa paradox فكيف يعود شخص إلى الماضي ويمنع لقاء جَدِّه بجدِّته ثُمَّ يمنع ولادة أبيه وولادته هو شخصيًا مما جعل بعض العلماء يقولون أن الشخص لا يمكن أن يعود إلى الماضي بأي شكل ما إلى ما قبل زمن اختراع آلة السفر عبر الزمن نفسها، لكن لاحقاً أصبح هناك شبه اتفاق على استحالة السفر إلى الماضي.
لكن لنسأل سؤالاً آخر ماهو الماضي ؟
أوضح آينشتين في نظريته أن الزمن هو البعد الرابع للمكان أي أن الأجسام والأشخاص يتحركون في مسافتين أفقيتين هما
X & Y ورأسياً في اتجاه Z ويتم هذا في خلال زمن محددT وعرَّف الزمن بأنه سهم يسير في اتجاهٍ واحد إلى الأمام (المستقبل) مما يعني أن الحدث الذي تم وانتهي أثره قد ذهب بلا رجعة ولا يمكن تغييره .. ولكن هل يعني هذه أن السفر للماضي بالفعل مستحيل ؟
لا. ليس مستحيلاً من ناحية الصورة التي تكونت للأحداث الماضية لكنه مستحيل من ناحية تغيير تلك الصورة ولنستوضح ذلك الأمر بشكل أبسط لنعرف أولاً كيف نرى الأشياء.
من المعروف أننا نرى الأشياء والألوان والأجسام عندما يسقط عليها الضوء فتنعكس داخل أعيننا وتتكون الصورة وبالطبع يحدث ذلك بسرعة كبيرة جداً هي سرعة الضوء لأن الضوء هو المسبب للرؤية.
يسقط ضوء الشمس بسرعة كم/ثانية c= 300,000 على جسم السيارة ثم تنعكس صورة الجسم بسرعة c أيضًا وتذهب الصورة للعين فتتكون بداخلها صورة السيارة وتحدث الرؤية، والشعاعية A,B هما أيضاً صورة السيارة لكن تشتتوا في اتجاهات بعيدة عن العين.
والآن لنفترض – هذا افتراض نظري – أن هناك شخصٌ ما X استقل مركبة تسير بسرعة الضوء في نفس اتجاه الشعاعينA,B في نفس اللحظة التي خرج منها الشعاعين من السيارة ستكون صورة السيارة بالنسبة لذلك الشخص هي صورة ثابتة بغض النظر عن بقاء السيارة في وضع 1 من عدمه لأنه يسير بنفس سرعة الضوء في نفس اتجاه انتشار الصورة، وإذا سارت المركبة بسرعة تزيد عن سرعة الضوء فسيكون بإمكان الشخص داخلها أن يرى صورة السيارة في الأوضاع ما قبل الوضع 1 لأنه سيسبق الصورة التي انعكست من السيارة وانتشرت بسرعة الضوء في الماضي.
وللتوضيح بشكل أبسط لنفترض أن هناك كوكباً اسمه Alpha يبعد عن الأرض بمقدار مليون سنة ضوئية أي أن شعاع الضوء الذي يخرج من الأرض بسرعة c سيستغرق مدة زمنية قدرها مليون عام ليصل إلى ذلك الكوكب Alpha فإذا كان هناك شخصٌ ما على كوكب Alpha فإنه سيرى الصورة التي انعكست من الأرض قبل مليون عام أي أنه سيرى ماضي كوكب الأرض منذ مليون عام، فهو قد يرى الديناصورات علي سبيل المثال !
لذا فلكي نرى صورة الماضي من الأرض منذ ثانية واحدة مثلاً علينا أنا نسافر بسرعة تزيد بمقدار الضعف عن سرعة الضوء ولكي نرى عاماً في الماضي ربما نحتاج إلى سرعة تزيد عن سرعة الضوء بملايين المرات.
لكن ليس هذا هو الخيار الوحيد لرؤية ماضي الأرض قبل ملايين السنين، هناك حلٌ آخر هو البديل الوحيد ألا هو
الثقوب الدودية – wormholes.