لول (رامون) Llull (Ramon-) - Llull (Ramon-)
لول (رامون ـ)
(نحو1233 ـ نحو 1316م)
رامون لول Ramon Llull (ويدعى أيضاً رايموند لولي Raimond Lully أو رايموندوس لولوس Raimondus Lullus)، أديب ومتصوف مسيحي قطلوني، طورت مؤلفاته الأدبية واللاهوتية اللغة القطلونية Catalan، وكان لها تأثير واسع في حركة التصوف الأفلاطونية الجديدة Neoplatonic mysticism في القرون الوسطى وفي القرن السابع عشر. وقد اشتهر عبر التاريخ كونه مخترع «فن إيجاد الحقيقة» بهدف تدعيم العقيدة الكاثوليكية في وجه الانشقاقات الكنسية وانتشار الإسلام في أوربا.
ولد لول في جزيرة مايوركا Mallorca، ورُجم في تونس حتى الموت، بسبب نشاطه التبشيري (كما يقال)، ودفن في مسقط رأسه. نشأ في البلاط الملكي وتلقى تربية فروسية، وتشبَّع بأخلاق شعراء التروبادور [ر] Troubadour. وضع موجزاً لمبادئ الفروسية، لكنه لم يُنشر حتى القرن الخامس عشر الميلادي في صيغة إنكليزية بعنوان «المنجد في الفروسية» Manual of Chivalry. أتقن اللغة العربية وقرأ كثيراً من مؤلفات التصوف الإسلامي وغيرها من الأعمال الأدبية والعلمية. وعندما بلغ الثلاثين من عمره حلم برؤيا موضوعها المسيح المصلوب، فتخلى عن حياة البلاط والزوجية ووقف نفسه للعمل التبشيري، فجال بلدان شمالي إفريقيا وبلاد الشام وآسيا الصغرى، محاولاً تحويل المسلمين إلى المسيحية، من دون جدوى. وعلى أثر الرؤيا الثانية عام 1272 وهو على جبل رَندا Randa في مايوركا حين رأى الكون كله منعكساً في صفات الإله المقدسة أدرك ضرورة إيجاز جميع المعارف في مبادئ أولية تبين حتمية تقاربها في نقطة اتحادها. فأخذ من اللاهوتي المدرسي (السكولائي) أنزِلم أوف كَنْترِبري Anselm of Canterbury (القرن 11م) مبادئ معينة من العقيدة المسيحية، وألَّف عمله الرئيسي «الفن العظيم والنهائي» Ars magna et ultima (نحو 1277م) الذي حاول فيه رفع عِلْم الدفاع عن العقائد المسيحية apologetics إلى مستوى الحوار العقلاني بهدف تلبية الحاجة إلى محاججة المسلمين، مستخدماً وسائل معقدة من علم المنطق والميكانيكا mechanics والأشكال والحروف والأعداد الرمزية واللاهوت والفلسفة والعلوم الطبيعية للبرهان على تجسد الرب في عناصر الكون. وقد تبوأ هذا الكتاب مكانة مرموقة في العالم المسيحي الغربي حتى ما بعد عصر النهضة، فقد بذل لول جهوداً كبيرة لإثارة اهتمام الملوك والباباوات بمشروعه، فتمكن مثلاً من إقناع ملك أراغون جيمس الثاني King James II of Aragon بتأسيس معهد في مايوركا لدراسة اللغات الشرقية بغرض نشر «الفن العظيم والنهائي» (النصراني) في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
تمثّل تأثير لول الحقيقي - الذي استمر عبر العصور - في أعماله الأدبية القليلة العدد من جهة والهائلة الحجم من جهة أخرى، فإضافة إلى مؤلفاته اللاهوتية المتعددة، ترك لول وراءه ثلاث روايات لافتة من حيث المضمون والشكل في زمنها، حملت أولاها اسم الشخصية الرئيسية «بلانِكرنا» Blanquerna (1278- 1284) الشاب المثالي المتزوج الذي تخلى عن نِعم الحياة الدنيا كي يؤسس ملكوت الرب على الأرض، وعندما استلم بلانِكرنا منصب البابا في روما تخلى عن مشاغل كرسيه الدنيوية واعتزل في جبل قرب روما لعبادة ربه. وقد كان هدف لول منها عرض أفكاره التربوية والاجتماعية والدينية من أجل تحقيق الإصلاح. وهي رواية تربوية تتوازى فيها الأحداث المفعمة بالعبر مع سيرة حياة بلانكرنا، وثمة في الرواية سمات عديدة تشير إلى سيرة حياة المؤلف نفسه. والرواية الثانية هي «كتاب المحب والمحبوب» Llibre d’amic e amat (1281) التي تعد جزءاً متمماً للأولى ومنفصلاً عنه في الوقت نفسه. فهنا يقوم بلانكرنا في معتزله على مدى 365 يوماً بطرح فكرة جديدة كل يوم في صيغة حكمة تساؤلية، ويجيب عن التساؤل بحكاية أو خرافة أو سيرة حياة لشرح طريق المحب (الإنسان) إلى المحبوب (الرب)، حيث تتكون الرواية من 365 حدثاً أو حكاية. وهي أشهر عمل أدبي في الأدب القطلوني القديم. أما الرواية الثالثة فهي «فِيلكس وعجائب العالم» Fèlix de les maravelles del món (1289) التي سرد فيها لول تجارب الشاب فيلكس المتنوعة والمتعددة مع مختلف أنواع البشر والحيوانات وظواهر الطبيعة، كما يلتقي على طريقه بالناسك الحكيم بلانكرنا، حتى يدرك جمال الخالق فيما خلق. ويعدُّ الكتاب السابع من هذه الرواية عملاً فريداً بنوعه تاريخياً، فهو ملحمة متكاملة عن عالم الحيوان تقارب «كليلة ودمنة» من حيث مغزاها.
ق. ل. أ
لول (رامون ـ)
(نحو1233 ـ نحو 1316م)
رامون لول Ramon Llull (ويدعى أيضاً رايموند لولي Raimond Lully أو رايموندوس لولوس Raimondus Lullus)، أديب ومتصوف مسيحي قطلوني، طورت مؤلفاته الأدبية واللاهوتية اللغة القطلونية Catalan، وكان لها تأثير واسع في حركة التصوف الأفلاطونية الجديدة Neoplatonic mysticism في القرون الوسطى وفي القرن السابع عشر. وقد اشتهر عبر التاريخ كونه مخترع «فن إيجاد الحقيقة» بهدف تدعيم العقيدة الكاثوليكية في وجه الانشقاقات الكنسية وانتشار الإسلام في أوربا.
ولد لول في جزيرة مايوركا Mallorca، ورُجم في تونس حتى الموت، بسبب نشاطه التبشيري (كما يقال)، ودفن في مسقط رأسه. نشأ في البلاط الملكي وتلقى تربية فروسية، وتشبَّع بأخلاق شعراء التروبادور [ر] Troubadour. وضع موجزاً لمبادئ الفروسية، لكنه لم يُنشر حتى القرن الخامس عشر الميلادي في صيغة إنكليزية بعنوان «المنجد في الفروسية» Manual of Chivalry. أتقن اللغة العربية وقرأ كثيراً من مؤلفات التصوف الإسلامي وغيرها من الأعمال الأدبية والعلمية. وعندما بلغ الثلاثين من عمره حلم برؤيا موضوعها المسيح المصلوب، فتخلى عن حياة البلاط والزوجية ووقف نفسه للعمل التبشيري، فجال بلدان شمالي إفريقيا وبلاد الشام وآسيا الصغرى، محاولاً تحويل المسلمين إلى المسيحية، من دون جدوى. وعلى أثر الرؤيا الثانية عام 1272 وهو على جبل رَندا Randa في مايوركا حين رأى الكون كله منعكساً في صفات الإله المقدسة أدرك ضرورة إيجاز جميع المعارف في مبادئ أولية تبين حتمية تقاربها في نقطة اتحادها. فأخذ من اللاهوتي المدرسي (السكولائي) أنزِلم أوف كَنْترِبري Anselm of Canterbury (القرن 11م) مبادئ معينة من العقيدة المسيحية، وألَّف عمله الرئيسي «الفن العظيم والنهائي» Ars magna et ultima (نحو 1277م) الذي حاول فيه رفع عِلْم الدفاع عن العقائد المسيحية apologetics إلى مستوى الحوار العقلاني بهدف تلبية الحاجة إلى محاججة المسلمين، مستخدماً وسائل معقدة من علم المنطق والميكانيكا mechanics والأشكال والحروف والأعداد الرمزية واللاهوت والفلسفة والعلوم الطبيعية للبرهان على تجسد الرب في عناصر الكون. وقد تبوأ هذا الكتاب مكانة مرموقة في العالم المسيحي الغربي حتى ما بعد عصر النهضة، فقد بذل لول جهوداً كبيرة لإثارة اهتمام الملوك والباباوات بمشروعه، فتمكن مثلاً من إقناع ملك أراغون جيمس الثاني King James II of Aragon بتأسيس معهد في مايوركا لدراسة اللغات الشرقية بغرض نشر «الفن العظيم والنهائي» (النصراني) في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
تمثّل تأثير لول الحقيقي - الذي استمر عبر العصور - في أعماله الأدبية القليلة العدد من جهة والهائلة الحجم من جهة أخرى، فإضافة إلى مؤلفاته اللاهوتية المتعددة، ترك لول وراءه ثلاث روايات لافتة من حيث المضمون والشكل في زمنها، حملت أولاها اسم الشخصية الرئيسية «بلانِكرنا» Blanquerna (1278- 1284) الشاب المثالي المتزوج الذي تخلى عن نِعم الحياة الدنيا كي يؤسس ملكوت الرب على الأرض، وعندما استلم بلانِكرنا منصب البابا في روما تخلى عن مشاغل كرسيه الدنيوية واعتزل في جبل قرب روما لعبادة ربه. وقد كان هدف لول منها عرض أفكاره التربوية والاجتماعية والدينية من أجل تحقيق الإصلاح. وهي رواية تربوية تتوازى فيها الأحداث المفعمة بالعبر مع سيرة حياة بلانكرنا، وثمة في الرواية سمات عديدة تشير إلى سيرة حياة المؤلف نفسه. والرواية الثانية هي «كتاب المحب والمحبوب» Llibre d’amic e amat (1281) التي تعد جزءاً متمماً للأولى ومنفصلاً عنه في الوقت نفسه. فهنا يقوم بلانكرنا في معتزله على مدى 365 يوماً بطرح فكرة جديدة كل يوم في صيغة حكمة تساؤلية، ويجيب عن التساؤل بحكاية أو خرافة أو سيرة حياة لشرح طريق المحب (الإنسان) إلى المحبوب (الرب)، حيث تتكون الرواية من 365 حدثاً أو حكاية. وهي أشهر عمل أدبي في الأدب القطلوني القديم. أما الرواية الثالثة فهي «فِيلكس وعجائب العالم» Fèlix de les maravelles del món (1289) التي سرد فيها لول تجارب الشاب فيلكس المتنوعة والمتعددة مع مختلف أنواع البشر والحيوانات وظواهر الطبيعة، كما يلتقي على طريقه بالناسك الحكيم بلانكرنا، حتى يدرك جمال الخالق فيما خلق. ويعدُّ الكتاب السابع من هذه الرواية عملاً فريداً بنوعه تاريخياً، فهو ملحمة متكاملة عن عالم الحيوان تقارب «كليلة ودمنة» من حيث مغزاها.
ق. ل. أ