هل نحن المصريون عرب ؟ هل نحن فراعنة ؟
وهل تم تصنيفنا بأننا عرب لأننا نتحدث العربية ؟ ومن الذي صنفنا من الأساس ؟ هل كل من يتحدث اللغة العربية يرتبط بأصل عربي ؟ و لو أن الانجليزية كانت لغتنا الرسمية هل بهذا سنصبح بريطانيون ؟ بيد أن هناك بلدان أفريقية يتحدثون الإنجليزية وليسوا إنجليز .
هل أطلق علينا ” عرب ” لأن ديانتنا الرسمية هي الإسلام بحسب المادة الثانية من الدستور المصري ؟ وهناك مصريون مسيحيون ويهود و يصنفوا أيضاً بأنهم عرب ! و في الواقع نرى العديد من البلاد الإسلامية لا يصنفون بأنهم عرب مثل ” تركيا و أفغانستان و الشيشان و إندونيسيا و ماليزيا و غيرهم ” هل يوجد من الأساس شعب اسمه الشعب العربي ؟ أم أنهم سكان ناطقون باللغة العربية نسبة إلى ” يَعربْ ” حفيد النبي ” نوح ” عليه السلام ، وقد تحدثوا العربية بلهجات مختلفة و عاشوا بين أراضي العراق و الشام ومصر .. ولا وجود لأصول شعوب عربية .
لسنا عرب .. بل نحن مصريون ، نتحدث اللغة العربية ولا دخل لنا بالعرب و من غير المعقول أن يناصفنا العرب تاريخنا و كفاحنا و حضارتنا ، لم نكن يوماً عرباً ؛ فمصر ما عرفت أسواق النخاسة ، ولم يُسمح فيها ببيع البشر طوال عهودها ، وإن كان البعض سيذكر قصة زواج النبي ” إبراهيم ” عليه السلام ، الذي جاء من ” العراق ” بالسيدة ” هاجر ” المصرية و انجابهما ” إسماعيل ” النبي عليه السلام ، باعتبار أن إسماعيل ابو العرب كما كُني ، فهذا ليس دليلا إننا عرب ، لأنه عاش في شبه الجزيرة العربية وترعرع بها صبا ونما هناك بين القبائل العربية شرب اللغة من أفواههم وليس من أمه .
كانت كلمة ” قبط ” تدل على أهل مصر قبل دخول العرب لها ، دون أن يكون هناك تأثير للمعتقد الديني ، و حينما دخل العرب كانت بلادنا محتلة من البيزنطيين ، فكان حكم الخلفاء الراشدين ، ثم الأمويين ، تلاه الحكم العباسي ، فالدولة الطولونية .. ثم خرجت مصر من الحكم العربي و دخلت العصر الفاطمي ، ثم الأيوبي ، ثم المملوكي ، فالتركي العثماني ، ثم الإحتلال الفرنسي و البريطاني ؛ وكأن مصر كانت حلبة مصارعة للاستعمار .. إذا فلماذا لا تنصنف مصر بأي من هؤلاء ؟ لماذا لا نعد دولة عثمانية أو إنجليزية أو فرنسية ؟
هل نحن فراعنة ؟! السواد الأعظم من المصريون يعتبرون أنفسهم فراعنة.. حتى ” أنا ” بموجب الفخر والاعتزاز ، و بالمصرية القديمة كلمة فرعون تعني ” برعا ” بمعنى بيت العظيم أو بيت الحاكم و تنطق بالعبرية ” برعون ” ومدلولها التاريخي يعني قدسية آلهة المصريين و حكامهم عند أفراد الشعب .
يذكر التاريخ أن فرعون المشار إليه في القرآن الكريم ، كان حاكم مصر في زمن النبي ” موسى ” عليه السلام ، فحملت الحضارة لقب الحاكم وليس صفةً للمصريين القدماء ، وربما لقب فرعون بهذا الاسم نسبة إلى ” الفراعنة ” عماليق مصر و قد عرف عنهم الطغيان فانصبت هذه الصفة عليه .. لأن القرآن لم يذكر اسم علم فيما عدا الأنبياء ، حيث أنه ذكر اشارات عن أشخاص دون ذكر اسماؤهم بطريقة مباشرة ، فقد ذكر امرأة فرعون و امرأة العزيز و ملكة سبأ و العزيز و لم يأت ذكر أسيا أو زليخة أو بلقيس و هذا يوحي بأن كلمة فرعون كانت عبارة لقب الحاكم و لم يكن اسمه .
إن اجدادنا المصريون القدماء آثارهم وقبورهم في باطن أرضنا و تاريخهم منقوش على جدران معابدهم فوق أرضنا وليس أرض الجيران و لكن .. ثمة مناورات من الكذب الأنيق و التزييف و التلفيق ، يتربص بها العابثون ليشوهوا تاريخنا .. فلا يضرنا إن كنا فراعنة أو عرب أو مصريون ، لا مانع من أن نوصف بكل هذه المسميات شرط ألا يشوهونا غزو أو يسوقنا فكر ، نحن شعب مصر الذي قاد الحضارة و هو القادر على إستعادة هذه الريادة .. إن حددنا أهدافنا و وثقنا بها و مضينا نحو الطرق الصائبة .
عبده باشا