العامريون في بلنسية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العامريون في بلنسية

    عامريون في بلنسيه

    Ameryoun - Ameryoun

    العامريون في بلنسية
    (412 ـ 478هـ/1021ـ 1085م)

    الفتيان العامريون هم الفتيان الصقالبة من موالي الحاجب المنصور محمد بن أبي عامر. برز من هؤلاء عدد كان لهم شأن ونفوذ كبيرين في عهد المنصور وخلفائه، وبعد سقوط الخلافة الأموية والدولة العامرية بقرطبة لوحق الفتيان العامريون في كل مكان وجدوا فيه، فمنهم من قُتِلَ أو سُبِيَ، ومنهم من اختفى مترقباً ما يجود به الدهر عليه، وانفرد منهم عدد استولوا على بعض المعاقل أو القلاع واعتصموا بها، وقد تميزت دول الطوائف التي قامت في شرقي الأندلس بغلبة العنصر الصقلبي ودوره في تكييف أحداثها، وكانت بلنسية أعظم قواعد الشرق الأندلسي ومركز تجاذب السلطة، وكان الصراع على النفوذ فيها متواضعاً في أول الأمر، ولم يلبث أن شمل شرقي الأندلس كله، فلما اضطرمت الفتنة في قرطبة وانهارت الدولة العامرية أوائل سنة 399هـ، وانتزع محمد بن عبد الجبار المهدي الخلافة من هشام المؤيد؛ كان على بلنسية أحد الفتيان العامريين هو مجاهد العامري، فثار عليه عبدان من عبيد العامريين، هما المبارك والمظفر الصقلبيان اللذان كانا موكلين بشؤون الري في منطقة بلنسية فاستقلا بها وحكماها شراكة، ونزلا في قصر الإمارة مختلطَين تجمعهما في أغلب الأحيان مائدة واحدة، ولا يميز أحدهما من الآخر في كسوة أو حلية أو مركوب، واستمر حكمهما من سنة 401هـ إلى وفاة المظفر سنة 409هـ ووفاة المبارك بعده بوقت يسير. وكان لمبارك التقدم في المخاطبة لصرامته ودماثة المظفر وانصياعه لزميله في سائر الأمور. وبلغت جباية بلنسية وشاطبة في عهدهما مئة وعشرين ألف دينار في الشهر. غير أنهما لم يقصرا في تحصين بلنسية فقويت شوكتها، ووفد الناس عليها بأموالهم، وابتنوا المنازل والقصور الفخمة فيها، كما وفد إليها كثير من الموالي والصقالبة من الفرنجة والبشكنس وغيرهم من العبيد الآبقين من أنحاء الأندلس، وكثير من أرباب الحرف والمهن فازدهرت أعمالها وازداد رخاؤها.
    حكم بلنسية بعد وفاة الشريكين صاحب طرطوشة مدة سنتين، وهو فتى صقلبي آخر من العامريين يدعى لبيب، وشاركه في حكمها مجاهد صاحب دانية، وكانت الخطبة تصدر باسميهما، ثم دب الخلاف بينهما ففر لبيب إلى طرطوشة وانفرد مجاهد بحكم بلنسية، ولم يلبث أن ثار عليه بقية الفتيان العامريين، وبايعوا أحد أحفاد المنصور هو أبو الحسن المنصور عبد العزيز بن الناصر عبد الرحمن سنشول العامري (ت452هـ)، الذي يعدّ أول سلاطين الدولة العامرية في بلنسية. نشأ بقرطبة وكان أبوه قد منحه لقب الحاجب وهو طفل ونعته بسيف الدولة، فلما نُكِبَ أبوه وقتل نحو سنة 380هـ استقر بسرقسطة في كنف صاحبها منذر بن يحيى التُّجيبي، ولما خلت بلنسية من أميرها كاتبه أهلها وولوه أمرهم سنة411هـ، وتوطد سلطانه من غير منازع، وجمع شمل المشردين من أهل بيته فآواهم، وأغدق عليهم، واستخدم في ديوانه أشهر كتّاب عصره، وكان على علاقات طيبة مع ملوك الإسبان النصارى، ولاسيما فرناندو الأول ملك قشتالة لقرابته منه عن طريق جدته، وتمكن بحنكته وإصراره من ضم كثير من البلاد إلى مملكته، وطالت مدته فكانت له بلنسية وشاطبة ومرسية وألمرية وجزيرة شُقر إلى وفاته، وقام بالأمر من بعده ولده عبد الملك (ت نحو 458هـ) بإجماع أهل الدولة، وهو حَدَثٌ فسكن بلنسية، وتولى تدبير أمور الدولة وزيرُ أبيه أبو عبد الله محمد بن مروان بن عبد العزيز القرطبي المعروف بابن رويش، وكان رجلاً وافر العلم حسن التدبير، وكان يمالئ المأمون يحيى بن ذي النون صاحب طليطلة، الذي كان والد زوجة عبد الملك، ويتعاطف معه ويدعمه، ثم طمع في مملكته بعد أن ساءت سيرته، وبالغ في إهانة ابنته، فقبض عليه وأخرجه مع ابنه إلى حصن إقليش سنة 457هـ فأقام به مدة قصيرة إلى أن مات، وضُمَّت بلنسية إلى طليطلة واستخلف المأمون عليها الوزير أبا بكر بن عبد العزيز. وبعد وفاة المأمون سنة 467 قام بالأمر من بعده ابنه القادر، فظهر عجزه عن تصريف الأمور، وبدأت بلنسية تستقل بنفسها شيئاً فشيئاً، واستعان القادر بألفونسو (الإذفنش) السادس ملك قشتالة كي يسترد سلطته على المدينة، فلم يتردد في مساندته مقابل تسليمه طليطلة، وانتهى الأمر به إلى تسليم عاصمته إلى الإسبان سنة 478هـ، وقامت دولة ذي النون الثانية في بلنسية تحت حراب الإسبان وتسلُّطهم حتى سنة 495هـ حين استردَّها الملثَّمون.
    محمد وليد الجلاد
يعمل...
X