عاد (قبيلة-)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عاد (قبيلة-)

    عاد (قبيله)

    Ad tribe - Tribu Ad

    عَـاد (قبيلة ـ)

    قومٌ من أقدم العرب، بقي لَهُم ذكرٌ على ألسنتهم في الجاهليّة، والمؤرِّخون والنّسّابون العرب يُسَمُّونَهم معَ عدد من الأقوام مثلِ طَسْمٍ وجَدِيس وثمود بـ«العرب العاربة» و«العرب البائدة»، وينسُبون عاداً إلى: عادِ بن عَوْصِ بن إِرَم بن سامِ بن نوحٍu؛ وتَسْمِيَتُهُم بـ «العرب العاربة» لأنّ لسانَهم كان العربيّة، و بـ «العرب البائدة» لأنّه لم يبقَ على وجهِ الأرْضِ منْ يَدَّعي أنّه منهم.
    وجاء ذِكرُهم في القرآن الكريم مرَّاتٍ كثيرةً تدُلُّ على أمورٍ عدَّة تتعلَّق بزمانهم وموطنهم وحياتهم وعقيدتهم، وتُفيدُنا الآيات الكريمة أنّهم كانوا بعدَ قومِ نوحٍ وقبلَ ثَمود والفراعنة، وأنّ الله تعالى أعطاهم بَسطَةً في الأجسام، فكانوا يبطِشونَ بأعدائهم، وبلادُهم تُسمَّى الأحقاف، ولهم فيها حضارة وعمرانٌ عظيم؛ إذ اتَّخذُوا القصور والأبنية العظيمة ذات العِمَاد، وتميّزت بلادُهم بالجنّات و العُيون، واقتَنَوا الأنعام المختلفة، وكانوا قَوماً مُشرِكين يعبدون مع الله آلهة أُخرى، فأرسل َالله تعالى إليهم هُوداًu، وهو ذو مكانةٍ فيهم، فآمن برسالته بعضُهُم، وعانده سائرُهم، واتّبعوا أمرَ كلِّ جبَّارِ عنيد، وادَّعَوا أنَّ بعض آلهتهم اعتراه بِسوءٍ في عقلِه، وجادَلُوه جدالاً شديداً؛ فأهلكَ اللهُ عزَّ وجلَّ الكافرين منهم بريحٍ صَرْصَرٍ شديدةِ البردِ عاتيةٍ، سخَّرَها عليهِم سبْعَ ليالٍ و ثمانية أيَّامٍ حُسُوماً، فكانت تنزعُ النّاسَ وتصرَعُهُم فتترُكُهم كجُذوع النَّخل الخاوِيَة، ولا تَمُرُّ بشيءٍ إلاّ جعلَتْه كالرّميم، فقَطَعَ دابِرَ الكافرين، وأصبحوا لا تُرى إلاّ مساكِنُهم، وأنجى هوداً والّذين آمَنوا معه.
    فهذا مُجْمَل ذِكرِهم في القرآن الكريم، ومَنْ أصدق من الله حديثاً؟!
    والبلاد الّتي سكنوها وسمّاها الله تعالى بـالأحقاف اختَلَف فيها المفسِّرون والمُؤرِّخون الجغرافيُّون، فعن ابن عباس أنها وادٍ بين عمان ومهرة، وعن ابن إسحاق الأحقاف رمل فيما بين عمان إلى حضرموت وقال آخرون، الأحقاف رمال مشرفة على البحر بالشِّحر من أرض اليمن، وفي الأحقاف كانت إرم ذات العماد، وذهب آخرون إلى أن الأحقاف جبل بالشام، وأن إرم ذات العماد هي دمشق، والذي بناها هو «جَيرون بن سعد ابن عاد بن إرَم»، وأن هوداً نزلها وأسس الحائط الذي في قبليّ جامعها اليوم (الجامع الأموي) و قبره في هذا الحائط، وأن ملكهم شداداً كانت داره في سوق التِّبن فيها؛ وذهب غيرهم إلى أن إرم ذات العماد هي الاسكندرية؛ واكتفى قوم بالقول إن الأحقاف أرض كانت واندرست، فهي لاتـُعرف.
    والراجح أنهم كانوا في أيامهم المزدهرة في اليمن، وفيها قبر هود في مكانٍ يُـعرف باسم مدينة هود إلى الشرق من مدينتي تـَرِيم وعنات؛ و لاتزال في حضرموت إلى اليوم أبنية حجرية يرجّح أنها من آثارهم في وادي عدم وشرقيّه، وفي نواحي وادي سونة وخرائب غيبون، وعند التقاء وادي ثقبة ووادي منوة تعرف باسم ديار عاد، و فيها رسوم ملونة بألوان زاهية، وكتابات بالخط السبئيّ «المُسْـنَد»، ثم انتقلت ذرية مَنْ نجا من المؤمنين إلى أماكن أخرى لعل منها «جشّ إرم» عند جبل «أجأ» أحد جبلي طيّئ في منطقة الجوف شمالي الجزيرة العربية، وفيه صور منحوتة ومساكن تنسب إلى عاد. وفي النقوش الكثيرة التي عُثر عليها في شمالي الجزيرة العربية في ديار ثمود وغيرها إلى حوران بالشام ـ وهي مكتوبة بخطوط مشتقة من الخط المسند ـ يتكرر لفظ «وجم» كثيراً، وهو لفظ قديم بقي على ألسنة العرب يدلّ على الحجارة التي تُنصب على القبر، وجمعه «وُجُم»، وجاء في شعر العرب بعد الإسلام، كقول رؤبة بن العجّاج، ونسبها إلى عاد:
    وهامة كالصمد بين الأصماد
    أو وُجُم العاديّ بين الأجماد
    وما ذكره الله تعالى من أن ثمود استـُخلفوا من بعد عاد يؤكد أن ثمود تأثرت بحضارة عاد، وأخذت عنها الخطّ و غيره.
    وذكر المؤرخون ثلاثة من أصنامهم هي: «صدا، وصمود، والهباء».
    وأخبارهم في كتب التاريخ مملوءة بمبالغات القـُصّاص، ولكن تلك المبالغات لاشك في أن لها أصلاً صحيحاً، وتغلب تلك المبالغات على حديثهم عن إرم ذات العماد وبنائها.
    وفي أخبارهم ذكرٌ لعدد من ملوكهم، وأولهم «شديد بن عِمليق بن عوج بن عاد»، ثمّ ابنه «شدّاد» وهو أعظم ملوكهم، ويزعمون أنه ملـَك أطراف الأرض، وولّى أقاربه، فأمّر بعضهم على أولاد حام، و بعضهم على أولاد سام، وبعضهم على أولاد يافث، وتجبّر في ملكه، وبنى إرم ذات العماد؛ فأرسل الله إليه هوداً فتمادى في طغيانه، فلما تم بناؤها خرج إليها في جنوده وحشمه، فأصابتهم الصيحة فماتوا جميعاً؛ فخلفه ابنه «مرثد بن شـدّاد» ثم «عمرو ابن مرثد» ثم «قيل بن عمرو»، وفي زمانه تجبّرت عاد، وتمادت في شركها وظلمها، فرجع هودٌ إلى تذكيرهم وتحذيرهم، فلم ينتهوا، فدعا الله عليهم، فأمسكت السماء ثلاث سنين، فخرج منهم وفدٌ إلى الحرم يستسقون، وفيهم لقمان بن هزال، فنزلوا على رجل منهم كان قد فارقهم وأقام بناحية عرفات، وله قَيْـنَتان تُسمّيان الجرادتين، فأقاموا عنده يشربون ويسمعون غناء القينتين، ونسُوا ماجاؤوا لأجله، في حديث طويل ظاهر عليه أثر القصّ، ولكنه ـ فيما يظهر ـ كان متداولاً لدى العرب في الجاهلية، ففي تتمة الخبر أن لقمان ابن هزال دعا الله أن يعمّره عمر سبعة نسور، فأجاب دعوته، فضربت العرب المثل بطول عمره، وكان آخر نسر يُقال له (لُبَد) ويضربون بطول عمره المثل أيضاً، فيقولون: «طال الأبد على لُـبَد».
    وذكره النابغة في قوله:
    أضحت خلاءً، وأضحى أهلُها احتملوا
    أخنى عليها الذي أخنى على لُبَدِ
    و ذكرهما لبيد بن ربيعة في قوله:
    لما رأى لُبَدُ النسورَ تطايرت
    رفع القوائم كالكسير الأعزلِ
    من تحته لقمان يرجو نهضةً
    ولقد رأى لقمان ألاّ يأتلي
    وفي أخبار عبد الله بن جُدعان القرشي في الجاهلية أنه كانت له جاريتان تغنيان سمّاهما الجرادتين باسم جرادتي عاد. و«أحلام عاد» و«ريح عاد» من أمثالهم أيضاً.
    وكل الأخبار التي كانت شائعة في الجاهلية متعلقة بـ «عاد الأولى»؛ ونجد ذكراً لـ «عاد الثانية» أو عاد الأخرى، وهم بقايا عاد الأولى ممن نجا مع هود\، فلما علم يعربُ بن قحطان وأخوته بما أصاب عاداً الأولى ـ وكانوا أخوالهم ـ قدموا إلى ديارهم فجاوروا مَنْ بقي من المؤمنين، ثم كثُروا، فملّكوا عليهم عاد ابن عمرو بن قيل بن شدّاد، ويُذكر من بعده ملوك آخرون؛ وتذكر الأخبار أن نهايتهم كانت على أيدي ثمود؛ إذ جاوروها فيما بعد، وكانت امرأة منهم متزوجة في ثمود فلما مات زوجها عادت بولدين لها إلى قومها، فقتل بعضُهم ضيفاً لها، فقتله به ولداها، ولحقا بثمود، فكان ذلك سبب حرب ظفرت فيها ثمود، وقتلت عدداً كبيراً منهم، وتفرّق سائرهم في البلاد، وذابوا في سائر القبائل، فلاينتسب أحدٌ إلى عاد.
    محمد شفيق البيطار
    التعديل الأخير تم بواسطة Ali Abbass; الساعة 03-11-2022, 05:11 PM.
يعمل...
X