قد نستطيع أن نبقى أحياء لعدة أيام بدون غذاء أو ماء، ولكننا لا نستطيع أن نعيش لأكثر من بضع دقائق بدون تنفّس. لمَ ومن أين تأتي هذه الحاجة الماسة للأوكسجين؟
إن الإجابة على هذا السؤال تتطلب أن نتعرف على دور المتقدرات (أو الميتوكوندريّات) في الخلية الحيّة. إن المتقدرات (mitochondria) هي بيت الطاقة في الخلية، إذ أنّها مسؤولة عن تأمين الطاقة اللازمة لقيام الخلية بمهامها المختلفة. ببساطة، تقوم المتقدّرات بتحويل الطاقة الكيميائيّة المخزّنة في الطعام إلى طاقة يمكن أن تستفيد منها الخلية عبر عمليات معقدة.
دور الأوكسجين في صنع الطاقة
الطعام الذي نتناوله يحوي طاقة كيميائيّة مخزّنة في الروابط الكيميائيّة بين جزيئاته، ولكنّ الخلية لا يمكنها استخدام هذه الطاقة مباشرة. لذلك تقوم المتقدّرات بتحطيم هذه الروابط الكيميائيّة واستغلال الطّاقة النّاتجة لبناء مركّب كيميائيّ يُسمّى ATP، وهو ببساطة عملة الطّاقة التي بإمكان الخليّة إستخدامها للقيام بعمليّاتها المختلفة.
هذه العملية تتم في المتقدرات وتحتاج لسلسلة من الانزيمات الخلويّة بالاضافة الى الاوكسجين الذي يلزم تأمينه من خارج الخليّة. أهميّة الأوكسجين تظهر في المرحلة الأخيرة من هذه العمليّة، إذ أنّه يلعب دور مستقبل للالكترونات. وبدون الاوكسجين لن تتم هذه العملية ولن تستطيع الخلية تأمين الطاقة وبالتّالي ستموت.
عمليّة تحويل السكّر في الطّعام إلى طاقة بإمكان الخليّة إستعمالها تُنتج غاز ثاني اوكسيد الكربون CO2 الذي يلزم طرحه خارج الجسم لانّ تراكمه قد يؤدي الى الموت أيضًا.
من الجدير بالذّكر أنّ هنالك كائنات حيّة، مثل الاحياء الاوّلية، التي لا تحوي متقدرات ولا تحتاج اوكسجين، وبالتّالي فإنّها تؤمن طاقتها عبر الاكسدة اللاهوائية. لذلك فالاوكسجين ضروري لكل كائن يحوي متقدرات ويقوم بالاكسدة الهوائية فقط.