عابدين (محمد يسر)
Abdin (Mohammad abu al-Yuser-) - Abdin (Mohammad abu al-Yuser-)
عابدين (محمد أبو اليسر ـ)
(1307ـ 1401هـ/1889ـ 1981)
أبو اليسر محمد بن محمد أبي الخير بن أحمد بن عبد الغني، أخو محمد أمين عابدين صاحب «رد المُحْتار على الدُّرِّ المختار: الحاشية» في الفقه الحنفي. ولد بدمشق، وتوفي فيها، ودفن في مقبرة الباب الصغير في قبر أبيه، ونسبه ينتهي إلى آل البيت، ويتصل بالحسين بن علي رضي الله عنهما.
تعلم العلوم الشرعية من فقه وأصول وتفسير وحديث وتصوف، والعلوم الأخرى من نحو وصرف وحساب ومنطق، درسها على والده وجده الشيخ أحمد، وعلى كبار علماء دمشق: الشيخ سليم سمارة، والشيخ أحمد سويد، والشيخ بدر الدين الحسني المحدِّث الأكبر. أتقن اللغتين الفرنسـية والتركية، وتعلم الفارسية، ودرس علم الطب في معهد الطب (كلية الطب) في الجامعة السورية، ومارس مهنة الطب مدة ثلاثين عاماً. كان عالماً مستقيماً، جريئاً، كريم النفس، كثير الطاعات، سخياً يُعنى بالمحتاجين، ويتبرع في المناسبات الوطنية بمبلغ كبير.
وكان مفتيَ الجمهورية السورية بعد وفاة مفتي الشام الشيخ محمد شكري الأسطواني سنة 1373هـ، زار دولاً كثيرة في أثناء منصبه في الإفتاء، وحج مرات عدة. أمضى حياته في نشر العلم الشرعي، ولاسيما الفقه الحنفي وأصوله وتفسير ابن كثير، وصحيحي البخاري ومسلم، وجامع الأصول لابن الأثير، والتراث، وفي المطالعة والمدارسة، وعني بعلوم السلف، وأصول العلوم الشرعية، وألم بثقافة العصر، وترك مكتبة غنية بأمهات الكتب المطبوعة والمخطوطة، وكان حاضر البديهة حتى أواخر حياته، أَمَّ طلاب العلم وبعض المشايخ منزله حتى مرضه الأخير، وتميز بالحلم والإخلاص والإرشاد والتربية وقوة الشخصية ونفاذ الرأي وعفة النفس وعلو الهمة، وصدق اليقين.
شارك في الثورة السورية ضد الفرنسيين بماله وأعوانه، وكان يزود المجاهدين بالسلاح والدواء، وأسهم في تأسيس الكلية الشرعية (الثانوية) بدمشق، وتولى عمدتها، وكان أستاذاً للنحو والصرف والأصول في كلية الشريعة، ومدرساً لأصول الفقه في كلية الحقوق. تولى وظائف الإمامة والخطابة والتدريس بجامع الورد بدمشق قرب منزله، ولم تزد خطبته في صلاة الجمعة عن خمس دقائق، اتباعاً للسنة، وانتخبه المجلس الإسلامي الأعلى مفتياً للجمهورية السورية لكفاءته وعلمه، وبقي في منصب الإفتاء حتى عام 1382هـ، حينما أُحِيْلَ على التقاعد بعد خدمة (42) سنة في وظائف الدولة، ظل طوال حياته قرابة ثمانين عاماً مرجع الفتوى في منزله للطلاب وبعض العلماء والقضاة والمحامين، وتميزت فتاواه بالتزام المقرر في الفقه الحنفي.
صنَّف كتباً عديدة، ودوَّن فتاويه في مجالات الفقه كافة، وما تزال تلك الفتاوى مخطوطة محفوظة في دائرة الإفتاء، وكان قد عرضها على النشر والطباعة في عهد الوحدة بين مصر وسورية.
من كتبه «أغاليط المؤرخين» يدل هذا الكتاب على سعة اطلاعه، ودقة نقده وتصويبه في مجال التاريخ، وله رسالة في القراءة والقراءات، و«رسالة الأوراد، ولِمَ سُمِّي؟»، وكتاب «الفرائض» أي (المواريث) وكتاب «الأحوال الشخصية»، و«أصول الفقه» الذي نشره في مختصر كان يدرّس لطلاب كلية الحقوق بدمشق، ويعد هذا الكتاب تهذيباً لكتاب «شرح المنار في الأصول» عند الحنفية لابن ملَك. وكذلك كتابه «الأحوال الشخصية»وهو تبسيط لفقه الحنفية في الزواج والطلاق.
وفي الجملة، كان في علمه وتصنيفه على منهج السلف وأئمة العلم القدامى، لايعرف عنه شذوذ في الفتوى، ولاتقصير في التثبت والاستدلال والاستنباط لما قرروه وأطنبوا في بيانه، فهو علاَّمة من المشاهير في عصره.
وهبة الزحيلي
Abdin (Mohammad abu al-Yuser-) - Abdin (Mohammad abu al-Yuser-)
عابدين (محمد أبو اليسر ـ)
(1307ـ 1401هـ/1889ـ 1981)
أبو اليسر محمد بن محمد أبي الخير بن أحمد بن عبد الغني، أخو محمد أمين عابدين صاحب «رد المُحْتار على الدُّرِّ المختار: الحاشية» في الفقه الحنفي. ولد بدمشق، وتوفي فيها، ودفن في مقبرة الباب الصغير في قبر أبيه، ونسبه ينتهي إلى آل البيت، ويتصل بالحسين بن علي رضي الله عنهما.
تعلم العلوم الشرعية من فقه وأصول وتفسير وحديث وتصوف، والعلوم الأخرى من نحو وصرف وحساب ومنطق، درسها على والده وجده الشيخ أحمد، وعلى كبار علماء دمشق: الشيخ سليم سمارة، والشيخ أحمد سويد، والشيخ بدر الدين الحسني المحدِّث الأكبر. أتقن اللغتين الفرنسـية والتركية، وتعلم الفارسية، ودرس علم الطب في معهد الطب (كلية الطب) في الجامعة السورية، ومارس مهنة الطب مدة ثلاثين عاماً. كان عالماً مستقيماً، جريئاً، كريم النفس، كثير الطاعات، سخياً يُعنى بالمحتاجين، ويتبرع في المناسبات الوطنية بمبلغ كبير.
وكان مفتيَ الجمهورية السورية بعد وفاة مفتي الشام الشيخ محمد شكري الأسطواني سنة 1373هـ، زار دولاً كثيرة في أثناء منصبه في الإفتاء، وحج مرات عدة. أمضى حياته في نشر العلم الشرعي، ولاسيما الفقه الحنفي وأصوله وتفسير ابن كثير، وصحيحي البخاري ومسلم، وجامع الأصول لابن الأثير، والتراث، وفي المطالعة والمدارسة، وعني بعلوم السلف، وأصول العلوم الشرعية، وألم بثقافة العصر، وترك مكتبة غنية بأمهات الكتب المطبوعة والمخطوطة، وكان حاضر البديهة حتى أواخر حياته، أَمَّ طلاب العلم وبعض المشايخ منزله حتى مرضه الأخير، وتميز بالحلم والإخلاص والإرشاد والتربية وقوة الشخصية ونفاذ الرأي وعفة النفس وعلو الهمة، وصدق اليقين.
شارك في الثورة السورية ضد الفرنسيين بماله وأعوانه، وكان يزود المجاهدين بالسلاح والدواء، وأسهم في تأسيس الكلية الشرعية (الثانوية) بدمشق، وتولى عمدتها، وكان أستاذاً للنحو والصرف والأصول في كلية الشريعة، ومدرساً لأصول الفقه في كلية الحقوق. تولى وظائف الإمامة والخطابة والتدريس بجامع الورد بدمشق قرب منزله، ولم تزد خطبته في صلاة الجمعة عن خمس دقائق، اتباعاً للسنة، وانتخبه المجلس الإسلامي الأعلى مفتياً للجمهورية السورية لكفاءته وعلمه، وبقي في منصب الإفتاء حتى عام 1382هـ، حينما أُحِيْلَ على التقاعد بعد خدمة (42) سنة في وظائف الدولة، ظل طوال حياته قرابة ثمانين عاماً مرجع الفتوى في منزله للطلاب وبعض العلماء والقضاة والمحامين، وتميزت فتاواه بالتزام المقرر في الفقه الحنفي.
صنَّف كتباً عديدة، ودوَّن فتاويه في مجالات الفقه كافة، وما تزال تلك الفتاوى مخطوطة محفوظة في دائرة الإفتاء، وكان قد عرضها على النشر والطباعة في عهد الوحدة بين مصر وسورية.
من كتبه «أغاليط المؤرخين» يدل هذا الكتاب على سعة اطلاعه، ودقة نقده وتصويبه في مجال التاريخ، وله رسالة في القراءة والقراءات، و«رسالة الأوراد، ولِمَ سُمِّي؟»، وكتاب «الفرائض» أي (المواريث) وكتاب «الأحوال الشخصية»، و«أصول الفقه» الذي نشره في مختصر كان يدرّس لطلاب كلية الحقوق بدمشق، ويعد هذا الكتاب تهذيباً لكتاب «شرح المنار في الأصول» عند الحنفية لابن ملَك. وكذلك كتابه «الأحوال الشخصية»وهو تبسيط لفقه الحنفية في الزواج والطلاق.
وفي الجملة، كان في علمه وتصنيفه على منهج السلف وأئمة العلم القدامى، لايعرف عنه شذوذ في الفتوى، ولاتقصير في التثبت والاستدلال والاستنباط لما قرروه وأطنبوا في بيانه، فهو علاَّمة من المشاهير في عصره.
وهبة الزحيلي