محمد زكي مبارك الأديب الشاعر الناقد الناثر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • محمد زكي مبارك الأديب الشاعر الناقد الناثر

    مبارك (زكي)

    Mubarak (Zaki-) - Mubarak (Zaki-)

    مبارك (زكي ـ)
    (1308 ـ 1371هـ/1891 ـ 1925م)

    محمد زكي عبد السلام مبارك، الأديب الشاعر الناقد الناثر، أحد أعلام الفكر والأدب في القرن العشرين. ولد في قرية «سنتريس» بمحافظة المنوفية المصرية، وألحقه أبوه بالكُتّاب في صغره فحفظ القرآن الكريم، وتردد مع أبيه إلى مجالس الصوفية، فدخل إيقاع الإنشاد الشعري روعه، فأحب الشعر وأكثر مطالعته.
    انتسب إلى الأزهر في مطلع شبابه،فتفوق في دراسته، وظهرت موهبته الشعرية، وأتقن اللغة الفرنسية، فاتصل بالأدب الفرنسي والثقافة الغربية، وبعد أن اجتاز الدراسة الأزهرية التحق بالجامعة المصرية القديمة، وحصل على الشهادة الجامعية الأولى بتفوق، ثم حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة برسالته «الأخلاق عند الغزالي».
    وسافر إلى فرنسا على نفقته الخاصة، فنال درجة الدكتوراه في الأدب من جامعة السوربون عن بحثه «النثر الفني في القرن الرابع الهجري»، وحاز دبلوم الدراسات العليا من مدرسة اللغات الشرقية في باريس. وبعد عودته إلى مصر عمل معيداً ثم أستاذاً في الجامعة المصرية الحديثة، وحصل منها على درجة الدكتوراه الثالثة عن بحثه «التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق»، لذلك أطلق على نفسه الدكاترة زكي مبارك. وقد سافر إلى بغداد للتدريس بدار المعلمين العليا، وعُيّن مفتشاً للمدارس الأجنبية في وزارة المعارف.وشارك في الثورات ضد الاحتلال الإنكليزي، فاعتقل ولوحق.
    كان زكي مبارك رجلاً عصامياً، كافح ليتعلم، واجتهد ليتفوق، وظل يعاني الفقر والفاقة حتى وفاته، فلم ينل نصيبه من الدنيا بسبب صدقه و صراحته وكبريائه، و صدامه المستمر مع أهل عصره، فطرد من عمله وحورب في رزقه، ولم يغير من منهجه في الحياة، فخاض معارك أدبية فكرية مع أعلام عصره؛ مثل طه حسين والعقاد وسلامة موسى وأحمد زكي وأحمد أمين والمازني ومحمد لطفي جمعة، وقد اتسمت معاركه الأدبية بالعنف والتحدي والسخرية اللاذعة والاعتداد الشديد بالنفس.
    جمع زكي مبارك وفرة العلم وقوة الذاكرة إلى خفة الظل وحلاوة النادرة، وقد كان متعلقاً بالجمال على وجوهه، صريحاً في الإفصاح عن مشاعره وأهوائه، فاستعدى الناس عليه، وعانى الاغتراب الروحي بينهم، وظهر ذلك في شعره الذي بدأ نظمه في صغره، وأكثر منه، وقد استهله مقلداً حريصاً على الجزالة والفخامة، ثم اتجه نحو البساطة والرقة وجمال الإيقاع، وقصر معظمه على الحب والجمال. وكذلك نثره الفني الذي اتسم أسلوبه فيه بالحرارة ونصاعة البيان والرقة الشاعرية، وخاصة في حديثه عن الحب ومكابدته، انسجاماً مع توجه جماعة «أبولو» في الأدب التي انتسب إليها منذ تأسيسها.
    اتصل زكي بالصحافة في وقت مبكر، فنشر فيها شعره ومقالاته الفكرية والنقدية، وخاض على صفحاتها معاركه الأدبية، وكان في توجهه الأدبي ثائراً على التقليد، داعياً إلى أن يكون الأديب صادقاً مع نفسه، معبّراً عن ذاته، مستخدماً أسلوبه الخاص، وقد أفاد في موقفه الأدبي من اطلاعه على أدب الغرب ومفهوم أصحابه له.
    ولزكي مبارك مؤلفات كثيرة في الفلسفة والاجتماع والنقد والأدب، منها رسائل الدكتوراه المذكورة آنفاً، وديوان شعره «ألحان الخلود» و«مدامع العشاق» و«أكواب الشهد والعلقم» و«بين آدم وحواء» و«ملامح المجتمع العراقي» و«عبقرية الشريف الرضي» و«حب ابن أبي ربيعة وشعره» و«ليلى المريضة في العراق».
    من شعره قوله من قصيدة «غريب في باريس»:
    يا جنّة الخُلد كيف يـشقى
    في ظلكِ النازحُ الغريــبُ
    الناسُ مِنْ لَهْوِهِمْ نَـشَاوَى
    ودَمـعُهُ دافقٌ حبيــــبُ
    يقتاتُ أَشجانَه وحيـــداً
    فلا صديقٌ ولا قريـــبُ
    أقصى أمانِيه حينَ يُمْسي
    أن يَـهْجَعَ الخَفْقُ والوجيبُ
    ومن نثره قوله في غربته الروحية بعد عودته من العراق:
    «أيتها الصحراء.. إن حالك مثل حالي: موات في موات.. وقد تمرح فوق ثراك الميت هوام وحشرات، وفوق ثرى قلبي الميت تمرح هوام وحشرات، وهي السخرية من الناس، واليأس من صلاح القلوب وجمال الوجود...
    أيها الليل: قد اقترب صباحك، فمتى يقترب صباحي؟..لك خلاص من ظلماتك، فأين الخلاص من ظلماتي؟ستمضي لشأنك وتتركني يا ليل.... إن الظلمات تقتل شبابي وتحُيي شبابك.. إن الظلمات تصيرك أقوى وأعنف، وتُصيّرني أرقّ وألطف... والرقة اللطف من بواكير الفناء...».
    محمود سالم محمد
يعمل...
X