اتحاد وترقي جمعية Union and Progress Committee -

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اتحاد وترقي جمعية Union and Progress Committee -







    اتحاد وترقي (جمعيه)

    Union and Progress Committee - Comité Union et Progrès

    الاتحاد والترقي (جمعية -)

    جمعية الاتحاد والترقي Union and Progress Committee حركة سياسية كانت توجّه مقدرات الدولة العثمانية وتدير شؤونها منذ الانقلاب الدستوري عام 1908م حتى هزيمة الدولة في الحرب العالمية الأولى وتوقيع معاهدة مودروس Modrus عام 1918م.
    ترجع أصول هذه الجمعية إلى العام 1865م حين ظهرت فئة من المثقفين الشبان أطلقوا على أنفسهم اسم «العثمانيون الجدد» أو «العثمانية الفتاة». وقد رأى هؤلاء أن الإصلاحات التي أدخلها رجال التنظيمات منذ العام 1839م قد ضعضعت الأساس الأخلاقي والعقدي للمجتمع العثماني من دون أن تقدم بديلاً مناسباً. وذهب بعضهم مثل نامق كمال وضيا باشا إلى أبعد من ذلك، فقالوا إن التنظيمات قضت على الحقوق التي كان الناس ينعمون بها في ظل الحكم الإسلامي، ولم تعطهم شيئاً من مزايا الحكم الغربي المقتبس، وإن هذا الحكم فتح ممالك السلطنة أمام النفوذ والتدخل الأجنبيين فكان الانهيار الاقتصادي نتيجة حتمية للاستغلال الأجنبي والاستبداد الداخلي. أما العلاج، في نظر زعماء «العثمانية الفتاة»، فهو الحكم الدستوري النيابي القائم على أساس إسلامي، وبذلك كانوا من أوائل المفكرين المسلمين الذين حاولوا التوفيق بين النظم السياسية الغربية ومبادئ الشورى الإسلامية. وعندما صدر دستور العام 1876م الجديد تحقق فيه جُلُّ ما كانوا ينادون به من الحقوق والحريات. ولكن حلّ المجلس النيابي وتعليق الدستور وتركيز السلطان عبد الحميد السلطة بيده، وما تلا ذلك من استبداد، أدت كلها إلى تحول «العثمانية الفتاة» إلى حركة سرية. وفي العام 1889م بُعث نشاط «العثمانية الفتاة» مجدداً حين ألفت جماعة من طلبة «الطبية العسكرية» جمعية سرية ثورية تهدف إلى محاربة الحكم الفردي وإعادة الحياة الدستورية. وتذرّع أحمد رضا مدير معارف بروسة آنذاك بزيارة معرض قومي في باريس فبقي مع عدد من أحرار العثمانيين هناك. ثم جرى اتصال بين الجمعية السرية في اصطنبول وجماعة أحمد رضا، وتقرر أن تندمج الجماعتان باسم «جمعية الاتحاد والترقي العثمانية»، وطالب منهاجها بالإصلاحات في جميع ولايات السلطنة لمصلحة العثمانيين كافة من جميع القوميات والأديان والمذاهب. وقد اكتسبت جمعية الاتحاد والترقي دعماً جديداً بانضمام صهر السلطان عبد الحميد الداماد محمود باشا وولديه صباح الدين ولطف الله بعد فرارهم إلى باريس في أواخر 1889م، في وقت كان السلطان يعتقد أنه نجح في القضاء على خصومه الدستوريين.
    وشهد العام 1906م تطوراً مهماً في حركة المطالبة بالدستور حين تسربت تنظيماتها إلى صفوف الضباط داخل السلطنة، وكان هؤلاء وحدهم قادرين على الحركة، ولهم اتصالات بكل جزء من أجزاء السلطنة العثمانية، ولعل أولى خلايا هذه الحركة كانت «جمعية الحرية العثمانية» التي أسسها في دمشق عدد من ضباط الجيش الخامس المرابط في ولاية سورية، وكان لها فروع في يافا والقدس وبيروت والعريش، كذلك تولى عدد من الضباط الصغار تأسيس فروع للجمعية في الرومللي، وبينهم أنور ومحمد صادق وأيوب صبري وجمال. ولم يلبث أن انتقل نشاط الجمعية إلى سالونيك Salonique في مقدونية التي كانت مسرحاً للدسائس الدولية والمشاكل الدائمة، وفيها توافر للجمعية حرية أوسع ورقابة أقل.
    عقدت جمعية الحرية العثمانية في سالونيك صلات مع أعضاء جمعية تركية الفتاة المنفيين في أوربة أسفرت عن اندماج الجمعيتين في أيلول 1907م تحت اسم جمعية باريس أي جمعية الاتحاد والترقي، وهدفها الرئيسي المعلن هو إعادة الدستور. وفي سالونيك اتخذت الجمعية سمتها العسكرية، ونمت فاعلياتها، ولاسيما بعد الاتصال بالمحافل الماسونية العاملة هناك، كما تلقت معونة اليهود الشرقيين (السفارديين) الذين طُردوا من الأندلس وتحوّل عدد منهم إلى الإسلام في القرن السابع عشر، وعرفوا باسم «الدونمة». ويبدو أن اندماج الجمعيتين في باريس وسالونيك لم يكن له مردود عملي، إذ حافظت جمعية سالونيك على تنظيمها العسكري واستقلالها، ولم ترغب في أن يشاركها أحد في السلطة مع أنها كانت تفتقر إلى التنظيم والعقيدة.
    وحين خشيت الجمعية كشف تنظيماتها في سالونيك ، سارعت إلى العمل قبل أن يتحرك السلطان لضربها وتصفيتها، وقامت بانقلاب سلمي في تموز 1908م واضطر السلطان معه إلى إعادة العمل بالدستور فانتهى بذلك عهده وبدأ عهد الاتحاديين. وبقيت جمعية الاتحاد والترقي تنظيماً سرياً مقره في سالونيك تحكم من وراء ستار وتمارس نفوذها السياسي عن طريق مندوبين اثنين أو ثلاثة من أعضائها البارزين مثل طلعت ورحمي وجاويد والدكتور ناظم وبهاء الدين شاكر وأحمد رضا. ثم أوفدت إلى اصطنبول لجنة تمثلها من سبعة أعضاء وتم اتخاذ الخطوات لإقامة حكومة جديدة وإجراء الانتخابات.
    نشرت الجمعية بياناً يتضمن منهاجها في تحقيق الإصلاحات السياسية وضمان حرية الجماهير، وتعزيز سيادة الدولة ووحدتها، وتطوير الزراعة والصناعة، وتحقيق العدالة في دفع الضرائب. وسرعان ما اعتقدت المجموعات القومية التي تتألف منها عناصر السلطنة أن تعاونها مع الاتحاد سيحقق لها مطالبها ولاسيما في الأخذ بمبدأ اللامركزية الإدارية في الولايات. وحين اتضح أن جمعية الاتحاد والترقي ظلت تتمسك بالسياسة المركزية السابقة عادت مجدداً الخلافات والعداوات القديمة، ولكنها لم تنحصر في مسألة المركزية واللامركزية فحسب، وإنما تناولت أيضاً الأساس الذي سيقوم عليه بناء الدولة وتنطلق منه سياستها. وهنا تباينت الآراء بين التزام السياسة العثمانية أو السياسة الإسلامية أو السياسة الطورانية التركية.
    مال الاتحاديون في البدء إلى الأخذ بالسياسة العثمانية أملاً في ضمان ولاء العناصر الدينية والقومية التي كانت تضمها السلطنة ولكن انتشار الروح القومية عموماً زعزع إمكانات قيام اتحاد حر ومتكافئ بين هذه العناصر في إطار من الولاء المشترك للسلطان. ومع أن مسألة التزام إحدى هذه السياسات كانت موضع نقاش وبحث قبل الانقلاب الدستوري داخل الدولة وخارجها (ولاسيما في باريس، بين الطلبة الأتراك من العثمانيين وأتراك روسية) فإن النقاش حولها لم يتوقف بعد الانقلاب.
    أضف إلى ذلك أن جمعية الاتحاد والترقي نفسها لم تتخذ موقفاً معيناً إزاء المسألة، بدليل أن ثلاثة من أبرز زعمائها كانت لهم وجهات نظر مختلفة: فطلعت باشا كان ينزع إلى السياسة العثمانية، وأنور باشا كان يتبنى السياسة الإسلامية، وجمال باشا كان يتجه نحو السياسة التركية الطورانية. وقد شهدت الانتخابات لعام 1908م صراعاً حاداً بين أنصار هذه السياسات الثلاث، إضافة إلى الصراع بين القائلين بالمركزية والقائلين باللامركزية. وكانت الوقائع تتوالى بسرعة وتؤثر في وجهات النظر هذه فتقوي بعضها وتضعف بعضها الآخر إذ كانت تزود أصحابها ببراهين وأدلة جديدة على مصداقية وجهتهم.
    استنكر أنصار الوضع القديم مظاهر العلمانية والسير على خطا الغرب التي اتصف بها العهد الجديد، فطالبوا بالعودة إلى أحكام الشريعة الإسلامية. وفي 13 نيسان 1909م تحول السخط إلى تمرد قام به عدد من الضباط والجند، وهاجموا مجلس «المبعوثان» والباب العالي. وطالبوا بسقوط الحكومة الاتحادية وحل المجلس ونادوا بإلغاء الدستور وإعلان حكم الشريعة الإسلامية وانتشرت حركات مماثلة في الأناضول. واتهم السلطان عبد الحميد بتدبير الثورة المضادة، فزحف جيش سالونيك إلى اصطنبول بقيادة محمود شوكت وهو من أصل عربي، وخُلع السلطان ونصّب أخوه محمد رشاد باسم محمد الخامس، ومنذ ذلك الوقت حتى انهيار السلطنة أصبح الاتحاديون أصحاب النفوذ الأول فيها
    ​​​​​​

يعمل...
X