الناقد: خليل الطيار..ظلال الإنسان على الأرض ثنائية الظل والضوء للمصور :عدنان سطاي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الناقد: خليل الطيار..ظلال الإنسان على الأرض ثنائية الظل والضوء للمصور :عدنان سطاي

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	FB_IMG_1682340263250.jpg 
مشاهدات:	5 
الحجم:	87.2 كيلوبايت 
الهوية:	103567 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	Screenshot_٢٠٢٣٠٤٢٤-١٥٤٣٣٨_Facebook.jpg 
مشاهدات:	5 
الحجم:	110.2 كيلوبايت 
الهوية:	103564
    ملاحقة بَصًرية لخزائن بلورات الضوء
    قراءة لمرئيات استثنائية


    الجزء الثالث

    ظلال الإنسان على الأرض
    أدلة "عدنان سطاي" البَصًرية


    تمهيد

    تتميز "معالم مدرسة" الفوتوغرافيا العراقية عن باقي المدارس الأخرى في الساحة العربية، باعتماد تأسيساتها الجمالية على قواعد استثمار ثنائية "الظل والضوء". وتكاد تشكل قيمة أساسية في منجزها العام. والتي تشكلت دعائمها على تجارب الرواد الأوائل، وتركزت سماتها تحديدا في أعمال (مراد الداغستاني/ ناظم رمزي/ كوفاديس/ أمريء سليم/ جاسم الزبيدي، والعديد من معاصريهم). إلا أن تجربة الراحل (فؤاد شاكر) تعد تتويجا لهذا التوطين لنمط وأسلوب مناخ الصورة العراقية، الذي اعتمدت فيه جمالية تجربته على فلسفة الظل والضوء، كمعيار أساس في بلورة أسلوبه الفني. ليعتبر عراب مدرسة الظل والضوء العراقية، والأب الروحي لها. اقتفي أثره، وتتلمذ على أسلوبه المتفرد، العديد من مجايليه. وما زالت مناخات صورته وجمالياتها ترمي بضلالها على تجارب العديد من مصورينا المعاصرين، وتنعش ذاكرتهم الحسية لمتابعة تشكلات الأضواء، واصطياد أثار منتجاتها المرئية في ثنايا الواقع، وفي مختلف البيئات. ومن بين العشرات من المصورين الشباب المتصيدين للأضواء النادرة، يبرز اسم المصور "عدنان سطاي " الذي تركت اشتغالاته علامات ضوئية متميزة، قبض عليها بإمكانية تسجيلية عالية، وأحال القسم الآخر منها إلى مجسه البَصًري ليعيد ترتيبها "مرئيا". سنترك في الجزء الثالث من دراستنا تعقبا لآثارها الجمالية وخصوصيتها الفنية.

    الاستدلال بأضداد الأضواء

    لا أثر للظل دون دليل الضوء عليه. معادلة ربانية عبر عنها القرآن الكريم بقوله تعالى ﴿أَلَمْ تَرَ إلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا﴾ (سورة الفرقان الآية: 45). فالظلال بدلالة الآية الكريمة وجود يسبق الأضواء، لكنها ستكون ساكنة معدومة الأثر دون جعل الأضواء دليلا عليها (الشمس). "فلا يعرف الضد إلا بضده". كما أن العثور على الأضواء، متواجدة، بمقاديرها، أو بامتداداتها، يعني التيقن بقطيعة وجود الضوء بذاته. إذ تحيا الظلال به وتموت بغيابه. فلا ظل دون شهادة الضوء عليه، ولا تتحقق العتمة إلا بانعدام الأضواء. وبما أن وجود الأضواء يحقق حتمية العثور على ظلالها. فإن أي انزواء في مساحتها، يعد دليلاً لوجود سلطة أضوائها. هذه المعادلة يكاد المصور "عدنان سطاي " يدرك حقيقتها في عالمه "المرئي"، فهو يحرص كل الحرص على تتبع أثر الأضواء كمنابع حقيقية، يعثر من خلالها على وجود أضدادها (الظلال)، سواء سكنت في نقطتها أو امتدت، أو قصرت، أو تكسرت، أو تعرجت، فأنها أسيرة وجود الأضواء، وتتوقف مهمته كمشتغل بَصًري على تعقب علاماتها، والمسك بظلالها الساقطة على السطوح، أو عند انزياحها وتمددها على الأرض، أو تلك التي تنفذ من الحواجز، فتتحول إلى مساحات تشكيلية تؤشر لجماليات تجريدية استثنائية.

    خلخلة طبيعة الأضواء

    يحاول "عدنان وسطاي" أن يحدد له نمط خاص في طريقة تتبع أثر الأضواء وتشكلاته في مناخ صورته. فهولا يفضل الاكتفاء بتسجيل مساراتها كيفما تتشكل. بل يلجأ إلى إحالة نواتها إلى تداخله الفني، ويخضعها لمقارباته "المرئية" لينتج مناخ آخر، يضع فيه أضواءه وظلالها في تكوينات بَصًرية، تعمق من نشأتها العفوية، وتزيل عنها صبغتها الطبيعية، لتظهر في تشكلات جديدة داخل نصوصه السردية. فكثيرا ما وجدناه يعمد على استخدام عدسات بأبعاد بؤرية مغايرة لطبيعة تسجيل الأضواء وظلالها بمساراتها الطبيعية، بغية تغيير نمط تمددها، ومنع ظهورها الطبيعي في أمكنتها وأزمنتها، ليشكل بذلك أبعادا جديدة لهوية تمظهرها "المرئي". ونجح في هذا السياق على إنجاز مجموعة أعمال، أخضع فيها الأضواء إلى قسرية التمدد والاستطالة، أو التحدب، أو التعرج، أو التثليث المقطعي. ليعيد صياغة مساحات الظل والضوء التي يعثر عليها مارة على واجهات البنايات، أو متشكلة في ممرات وهياكل الجسور، وفي دواخل البنايات والمحطات، ودور العبادة. يتوقف عندها برصد فني ليمنحها تسكين زماني ومكاني مغاير لمساقطها الطبيعية، محققا فيها، جملاً مرئية تجريدية تغترب عن أنماط تشكلاتها التقليدية.

    خطاب تشكل الضوء والظل

    لا شك ولا ريب أن المساحات البَصًرية التي تؤسسها الأضواء وظلالها، يمكن العثور عليها منتشرة بالكميات المتاحة في الواقع، يأتي المبتكر الجمالي (المصور) لينظمها بتشكيل "نوعي" نازعا عنها ما هو فائض عن حاجة مشهده البَصًري، ليكيفها بشكل فني محسوس، تنبعث فيه روح جديدة، لم تك منظورة بهوية فنية من قبل، وهو ما يحدده "بول كيلي" في كتابة نظرية التشكيل * حيث يبين رفضه الصريح "للخضوع إلى عالم الكميات، والانتقال إلى عالم" النوعية "، ويؤشر لأهمية القيمة الفنية بالانتقال من" عالم "الأشكال" إلى عالم "التشكل". وهذا الذي يعطي للفنان البَصًري، فكرة الخلق والابتكار لشيئيات الواقع، عندما يجتزئ منه حيزاً يترك فيه أثراً فنياً يخضع لقوانين العمل الفني "النوعي"، وليس لنمط "الأشكال" الطبيعية.

    الإنسان ظل الله على الأرض

    الأضواء والظلال تراكيب متضادة. قد تكون وظيفتها الفيزيائية إضاءة وتعتيم المناطق والسطوح والوجوه. لكنها في حسابات الأثر الفني، تتحول إلى مقادير جمالية تصنع أزمنتها وأمكنتها المبتكرة الجديدة، مؤسسة لصوت ضوئي، يقدم رسالة تواصل مع المتلقي. وهذا ما يمكننا العثور عليه داخل ثنائية الظل والضوء في لوحات "عدنان سطاي"، فهو يلجأ دائما لإشراك الإنسان بجزء مؤثر من مساحة خطاباتها. فالإنسان في محور أعماله تدليل عن وجدوده كظل لله سبحانه على الأرض. وهو معادل وجودي لأزمنة تشكلات الضوء والظل في مرئياته. كما وجدنا أثر ذلك في مجموعة من أعماله، ظهر فيها إنسانه عند حافة الخلاصات الأخيرة لجدلية وجوده بين مناطق الضوء والعتمة في الحياة. وتجلى بوضوح في واحدة من مرئياته المبهرة، وهو يسكن فيها إنسان، انشطر جسده نصفين عند حافتي الضوء والظل. وظهر "عدنان سطاي "صريحا برغبة الإفصاح عن موقفه، عندما سجل حالة إنسانه، وهو يضع قدمه على أعتاب مساحة الضوء ليمنحه إشراقة أمل، وهو يولج عمود النور المنبسط على الأرض، يخطو فيه متجاوزا مساحة الظلال المحيطة بمكانه!
    كما سجل علامة بَصًرية مشرقة اقتفى بها إثر إنسان آخر ، يهم بالصعود على سلم، لترتقي به طبقاته المضاءة نحو الأعلى، مخلفا وراءه مساحة الظلمة المستشرية في الأرض!
    وفعلها أيضا في ملاحقة استثنائية لامرأة مسنة، ظهر حجمها مهيمناً على مساحة مشهده، لكنه بمرئيته، راح يؤكد على إبراز أثر وجود ظل فاعل لها في مساحة الضوء، ليشير إلى أن حجوم ظلالنا رغم تصاغر مساحة تمددها مع تقادم العمر، تبقى محتفظة بقدرة الولوج لمساحات النور، تتشبث فيه، طالما تمكنت من الخطو والحركة!
    وحتى يبرهن بشكل مباشر عن دالة أثر الإنسان وهو يبسط وجوده على الأرض يتعمد" عدنان سطاي "أن يصنع علامات بَصًرية، يمسرح تشكيلاتها فنيا، لإثبات أزمنة إنسانه، وليكسر رتابة ونفوذ معادلة الظل والضوء المهيمن على حياته. فيتركه يولج ممراتها الضيقة لفرض إرادة تمدد ظلاله فيها!. فهو لا يقبل أن يترك إنسانه بلا ظل على الأرض، يماشيه أو يلازمه، أو يستحضر نفسه فيها، كدليل لأزمنة وجوده. وللتأكيد على ذلك، يذهب أحيانا لمعالجة مرئياته، بأقلاب أبعادها لزيادة فاعلية حجم تمدد ظلال إنسانه على الأرض،واستطالته فارضا وجوده بقوة.

    جذور الظلال وأضوائها

    تمتاز عين المصور بقدرة الإدراك والتوظيف... إدراك قيمة الأشياء مهما كانت بسيطة وطبيعية من حوله، ليحيلها إلى قيم فنية عظيمة التأثير. وإمكانية توظيف تشكلات طبيعية باشتغالات مرئية قادرة على تحقيق الإمتاع والدهشة لمتلقيها. في منجزه العام يترك لنا "عدنان سطاي" مرصدات بَصًرية، تبدو بوجودها الواقعي ليست ذات قيمة فنية، لكنها تتحول في مجس مرئياته إلى اثأر ضوئية متميزة، كما أشرته مجموعة من أعماله، التي تتفاعل مع انعكاسات الظلال والأضواء الساقطة على حزم السنابل والحشائش، وحركة الطيور في المسطحات المائية، أو من خلال ما يعثر من مساقطها على الوجوه وحركة الناس في الشارع.
    لكن أشد ما يلفت الاهتمام لهذه الملاحقة، تركيزه الخاص عن تشكلات الأشجار وجذورها، كما ظهر متحقق في واحدة من أبرز أعماله المتمثلة بمرئية نوعية، توقفا فيها عند جذور شجرة، ضرب عمرها عميقا في الأرض، لكن أحقاد فؤوس بني البشر ونفعيتهم المادية، نهشت جسدها لتسقط مودعة دالة الخضرة والعطاء والنماء، بعد أن كانت تضحي بجسدها تتنفس سمومهم في رئتها، لتفرز هواء نقيا يحيى به الإنسان الجاحد! جذور هذه الشجرة الأم تفاعل معها "عدنان سطاي" بمعالجة ضوئية استثنائية، نجح من خلالها أن يظهر تعبير احتجاجه على هذه القهرية البشرية، ورفضه ترك جذور شجرته في جوف الأرض ميتة، فأختار زاوية التقاط ذكية، ظهرت فيها جذورها كمجموعة أيادٍ محتجة بعنف، ومعلنة تلاحما قويا لإدانة قسوة البشر!. عمل "مرئي" مثمر تحقق بزاوية ومعالجة فاعلتين، ساعدت مناخات الظل والضوء فيها على تشكل جماليتها.

    بُعد التجربة

    لا شك في أن هذه الملاحقة لبعض أعماله الاستثنائية، لا تتسع لاستكمال رصد وتفحص مجمل معالم تجربة المصور "عدنان سطاي ". لكنها بلا شك وفرت لنا القناعة التامة على امتلاكه مقدرة فنية، وثقافة بَصًرية، مكنته من الإبحار في عالم المرئيات الاستثنائية بجدارة، وتركت لنا تجربته، إرثا ضوئيا متميزا، استدعى أن نلاحق فيها خزائن بلوراته الضوئية المتشكلة من الأضواء والظلال "النوعية".حفرت اسمه بوضوح في بانوراما الفوتوغرافيا العراقية المعاصرة.

    *كتاب (نظرية التشكيل) للمؤلف "بول كلي" ترجمة وتحقيق "عادل السيوي" / إصدار دار بعد البحر/ في مصر
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	FB_IMG_1682340246430.jpg 
مشاهدات:	5 
الحجم:	44.2 كيلوبايت 
الهوية:	103565 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	FB_IMG_1682340253576.jpg 
مشاهدات:	5 
الحجم:	120.4 كيلوبايت 
الهوية:	103566

  • #2

    الناقد: خليل الطيار..ظلال الإنسان على الأرض ثنائية الظل والضوء للمصور :عدنان سطاي


    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	FB_IMG_1682340305780.jpg 
مشاهدات:	5 
الحجم:	74.1 كيلوبايت 
الهوية:	103569 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	FB_IMG_1682340314309.jpg 
مشاهدات:	2 
الحجم:	88.6 كيلوبايت 
الهوية:	103570 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	FB_IMG_1682340333820.jpg 
مشاهدات:	5 
الحجم:	112.2 كيلوبايت 
الهوية:	103571

    تعليق


    • #3
      الناقد: خليل الطيار..ظلال الإنسان على الأرض ثنائية الظل والضوء للمصور :عدنان سطاي

      اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	Screenshot_٢٠٢٣٠٤٢٤-١٥٠٨٠٩_Facebook.jpg 
مشاهدات:	4 
الحجم:	54.9 كيلوبايت 
الهوية:	103573

      تعليق

      يعمل...
      X