ليو(برنار)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ليو(برنار)

    ليو (برنار) Lyot (Bernard-) - Lyot (Bernard-)
    ليو ( برنار ـ)

    (1897 ـ 1952)



    برنار فردينان ليو Bernard Ferdinand Lyot فلكي فرنسي ولد في باريس، وبعد حصوله على شهادة الهندسة في عام 1918، عمل أكـثر من عشر سنوات مدرساً مساعداً في الفيزياء في المدرسـة المتعــددة التقـنيات (البوليتكنيـك École Polytechnique) في باريس. وفي عام 1930 حصل على وظيفة فلكي في مرصد مودون Meudon، وانتخب في عام 1939 عضواً في أكاديمية العلوم الفرنسية، ثم تتالت الجوائز و«الميداليات» بعد ذلك، إذ نال «الميداليات» والجوائز من أكاديمية العلوم الفرنسية والجمعية الفلكية الفرنسية وأكاديمية العلوم الوطنية الأمريكية.


    كانت أولى أبحاث ليو تتركز حول قياس استقطاب أشعة الشمس المنعكسة من القمر والكواكب بهدف استنتاج معلومات حول تركيب سطحها. لم يكن ليو ناجحاً تماماً في هذا الأمر وحسب، بل إنه في فترة وجيزة من عمله حول كوكب عطارد، بدأ يفكر في طرق إلغاء وهج القرص الشمسي عند إجراء الرصد القريب من حوافه الخارجية. وهذا ما قاده إلى تصميم «الكورونوغراف»coronographe «جهاز كشف الإكليل الشمسي»، الذي حصل بوساطته على أول صورة للإكليل الشمسي خارج حالة الكسوف عام 1931 من مرصد «بيك دي ميدي» Pic du Midi.

    كما أنه تابع بجد بالغ أعماله للحصول على أول فيلم سينمائي حول الشواظ الشمسي protubérance (كتلة من غاز تشبه السحابة تنبعث من جو الشمس الغازي).

    اخترع ليو وبنى بنفسه جهاز قياس الاستقطاب polarimetre شديد الإضاءة، وبقدرة تحسـس من رتبة جزء من الألف، وبالاستعانة بهذا الجهاز وبمنظاره الشخصي ذي الـ 175 ملم (وأحياناً باستخدام المنظار الكبير في مرصد مودون)، فقد خصّص أكثر من ثمانية أعوام من حياته في الدراسة المعمقة للنظام الشمسي، وكانت النتائج ذات أهمية رئيسية وبالغة، ونشرت دورياً وكانت محور أطروحته لنيل درجة الدكتوراه في عام 1929.

    ومنذ عام 1928، كان ليو يحلم بالوصول إلى طريقة رصد الإكليل الشمسي غير المرئي خارج حالة الكسوف الشمسي، فتوجه إلى إجراء دراسات مخبرية إذ وضع شارل فابري مدير معهد البصريات Institut d’optique فـي باريس، تحت تصرفه المكان المناسب لإجراء تجاربه: ممر طويل مركب في طرفه منبع ضوئي كثيف بقطر يبدو ظاهرياً مقارباً قطر الشمس وفي الطرف الآخر منصة اختبار ضوئية بدائية (منظار)، إذ كان هدف المنظار دراسة شكل خيال المنبع الضوئي الذي يرتسم على قرص معتم. ويكون الضوء الصادر عن المنبع في هذه الحالة محجوباً كليّاً ما عدا الجزء الناجم عن عيوب العدسة الذي يصبح مرئياً تماماً. كما أن استخدام صور مجسمة سمحت بتحديد أماكن هذه العيوب بدقة، كما سمحت بانتقاء الجزء الزجاجي المطلوب تشذيبه، ومن ثمّ تلميع العدسة على نحو دقيق جداً.

    أخذ ليو في حسبانه استخدام الكورونوغراف للدراسات الطيفية المكثفة حول الخطوط الإكليلية الباهتة، وسجل بنفسه دهشته حول عرض هذه الخطوط، وتصالبها والذي قاده إلى حقيقة أن الغاز الإكليلي حار أكثر بكثير مما كان يعتقد، كما صمم ليو أيضاً مرشحاً استقطابياً حمل اسمه، فأمكن بوساطته الحصول على مجالات طيفية ضيقة مقارنة بالمرشحات التقليدية.


    مرصد بيك دي ميدي في جبال البيرينيه الفرنسية: الارتفاع 2878 متراً

    سمح جهاز كشف الإكليل الشمسي بالحصول لأول مرة على صورة مباشرة للإكليل الشمسي. وبتحليل دقيق للصور الطيفية في مرصد مودون تم التوصل إلى أن درجة حرارة الإكليل الشمسي عالية جداً ودورانه أبطأ بقليل من دوران الشمس. وفي ضوء ذلك، فقد بدئ بتصميم جهاز جديد أكبر من سابقه (بفتحة 200 ملم وبعدسة ذات بعد محرقي يصل إلى 4 أمتار) ووضع في الخدمة لدى مرصد بيك دي ميدي عام 1936 فترة وصلت إلى 40 عاما ً! وقد حدث في العام الثامن عشر كسوف كامل للشمس تمت رؤيته حتى في سيبيريا وأظهرت النتائج تطابقاً لما رصد، وكانت السنوات التالية غنية بالاكتشافات المذهلة وكان أهمها رصد حركة المقذوفات الغازية للشمس.

    وبالتعاون مع موريس فرانسون فقد ابتدع للدراسة الدقيقة للسطوح الضوئية طريقة «تباين الطور» contraste de phase. وبعد الحرب استفاد من رحلة دراسية إلى الولايات المتحدة حيث نفّذ بعدها في عام 1948 «جهاز مقطب كهرضوئي» polarimètre photoélectrique كان قد شرح مبدأه منذ عام 1923. وهذا الابتكار الجديد سمح له بتطوير مرشح وحيد اللون، ومن ثم بدأ في عام 1950 بتصنيع جهاز الضبط الزمني الكهرضوئي مما أدى إلى إمكانية دراسة الإكليل الشمسي بشكل مستو ومن دون جهاز رصد الإكليل الشمسي.

    وتكريماً لأعمال برنار ليو، مخترع جهاز كشف الإكليل الشمسي، أعدّ مرصد باريس في نهاية الخمسينيات، فيلماً يعرض الأفلام التصويرية التي نفّذها ليو في مرصد بيك دو ميدي (الشكل2).



    الشكل (2)

    وفي أقل من 15 عاماً كانت المعارف والمعلومات حول هذا المخبر الكوني الضخم «الشمس» بين يدي الاختصاصيين والعلماء في الفيزياء الحديثة الذين أصبحوا اليوم قادرين على التأمل ومشاهدة أعظم الظواهر الطبيعية موضحين ومتحققين من نظرياتهم الأكثر حداثة، إلا أنهم لم يتقدموا إلا خطوة بسيطة عما قدمه هذا العالِم العملاق.

    وفي عام 1951، وبالرغم من غزارة الأبحاث الجارية، فقد قبل ليو أن يدير مهمة علمية فرنسية - مصرية مشتركة لرصد الكسوف الشمسي التام في الخرطوم/السودان والذي كان سيحدث في 25 شباط/فبراير 1952. وفي أثناء عودته عن طريق مصر التي قامت فيها ثورة تموز/يوليو وبالرغم من التعب المتراكم، وبدعم من زوجته المخلصة فقد وافق على تقديم سلسلة من المحاضرات في مرصد حلوان في مصر؛ إلا أن المنية حالت دون ذلك فقد تعرض بتاريخ 2 نيسان/إبريل لأزمة قلبية حادة مميتة في القطار الذي كان يقلّه إلى حلوان.

    كل من عرف برنار ليو قدّر كثيراً استقامته ولطفه وبشاشته وتواضعه وإخلاصه لعمله ولزملائه، إضافة إلى أنه كان يتمتع بثقافة عالية وطموح وشغف بالعلم وذوق متميز ومواظبة ومثابرة تصل أحياناً إلى العناد والصلابة في الرأي.

    كان ليو متفرغاً تماماً لكل ما يشغله ويفكر به في كل لحظة، لذلك رفض دائماً المناصب الإدارية في كل مراحل عمله، ولم يكتب كتاباً علمياً قط، وكان رجلاً متواضعاً ومعطاء، ولم يكن ليو يشعر أبداً بأي حرج لتقديم المساعدة والدعم للعلماء الآخرين الذين يطلبون عونه في المجال التقني. وتكريماً له وتقديراً لجهوده ومبتكراته فقد سميت باسمه فوهتان بركانيتان على سطح القمر والمريخ.

    محمد رياض الغزي
يعمل...
X