المثنى بن حارثة الشيباني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المثنى بن حارثة الشيباني

    مثني حارثه شيباني

    Al-Muthana ibn Haritha al-Shibani - Al-Muthana ibn Haritha al-Shibani

    المثنى بن حارثة الشيباني
    (… ـ 14هـ/… ـ 635م)

    المثنى بن حارثة بن سلمة… بن ذهل ابن شيبان، كان قائداً شجاعاً مقداماً شهماً غيوراً، مأمون النقيبة، حسن الرأي، راسخ العقيدة، قويّ الإيمان، شديد الثقة بالنفس، بعيد النظر، يشارك أصحابه في السرّاء والضرّاء، وكان كثير الحركة في أثناء المعارك، يتجول بنشاط بين أقسام جيشه، وكان شديد الانضباط، مطيعاً ينفّذ أوامر رؤسائه برحابة صدر، عمل بكل إخلاص تحت إمرة خالد بن الوليد في عهد أبي بكر الصديق، وبإمرة أبي عبيد الثقفي في عهد عمر، كما لم يتذمّر من تعيين سعد بن أبي وقاص قائداً عاماً في العراق، وقد جاد بروحه في سبيل عقيدته.
    وفد المثنى على الرسول محمدr سنة تسع هجرية مع وفد قومه فأسلم، وبذلك نال شرف الصحبة، وهو وإن لم ينل شرف الجهاد تحت لواء الرسول القائد، إلا أنه نال شرف الثبات على الإسلام حين ارتد بعض الناس بعد وفاة الرسول، بل حارب أولئك المرتدين، وضيّق الخناق عليهم في شرقي الجزيرة العربية، ثم تابع طريقه شمالاً يسير من نصر إلى نصر، حتى بلغ مصب دجلة والفرات في الخليج العربي.
    ثم جاء إلى المدينة المنوّرة، واتصل بالخليفة أبي بكر الصديق، وسأله أن يؤمّره على رجاله قائلاً: «يا خليفة رسول الله، استعملني على قومي فإن فيهم إسلاماً أقاتل بهم أهل فارس، وأكفيك ناحيتي من العدو». فكتب له أبو بكر عهداً بذلك.
    وعاد المثنى، وراح يهاجم المناطق الجنوبية من العراق «منطقة السواد»، ثم بعث أخاه مسعوداً إلى أبي بكر يسأله المدد، فأمده بـخالد بن الوليد، على أن يتولى خالد القيادة العليا في العراق، وقد قاتل المثنى تحت لواء خالد ابن الوليد في كل معاركه التي خاضها في العراق، تارة تحت قيادته المباشرة، وتارة قائداً مستقلاً حين كان خالد يوجهه لبعض النواحي، وكان خالد يقدّر المثنى غاية التقدير، وبقي يستعين به إذا حضر، ويستخلفه إذا غاب، حتى فتح الله على المسلمين «الحيرة والأنبار» بعد معارك عدّة.
    ثم ورد أمر أبي بكر إلى خالد بالتحرّك إلى أرض الشام لمقاتلة الروم، وأن يأخذ معه نصف الناس الذين معه، ويستخلف المثنى على العراق في نصف الناس الباقين.
    ودّع المثنى خالداً حين سافر من العراق إلى الشام حتى تخوم البادية، ثم عاد ليستعد للحرب بما تبقى معه من قوات، وكانت قليلة مقارنة بقوات فارس التي راحت تحشد للحرب أعداداً كبيرة، وقد التقت قوات المثنى بالقوات الفارسية عند أطلال «بابل» في معركة كبيرة، فانهزم الفرس بعد قتال شديد، ولاحق المثنى فلولهم حتى أبواب «المدائن»، وكتب المثنى إلى أبي بكر يخبره بانتصاره، ويطلب منه المدد لإكمال فتح العراق، ولما استبطأ وصول الإمدادات، غادر العراق إلى المدينة المنوّرة ليقابل أبا بكر، فلما وصلها وجد أبا بكرٍ مريضاً على فراش الموت، ومع ذلك فقد استقبله أبو بكر واستمع إليه، وأوصى عمر إن هو مات، أن يندب الناس للحرب خلف المثنى.
    وتنفيذاً لوصية أبي بكر قام عمر باستنفار الناس للانضواء تحت لواء المثنى فور توليه مسؤولية الخلافة، وكان أولَ المجيبين أبو عبيد بن مسعود الثقفي، فولاه عمر منصب القيادة العامة في العراق، وأمره بالمسير إليها، وكان معه ألف رجل من أهل المدينة، وكان المثنى قد سبق أبا عبيدٍ إلى العراق ليستنفر فيها من حسن إسلامه من أهل الردّة.
    وبعدما وصل أبو عبيد على رأس قواته، انضم المثنى إليه، وخاضا معاً معارك عدّة منها معركة «السقاطية»، و«النمارق»، و«الخنافس» وغيرها، وكانت معركة «الجسر» من أهم المعارك التي خاضاها معاً، وكان الفرس قد حشدوا جيشاً عظيماً بقيادة «بهمن جاذويه»، وسار إليه أبو عبيد على رأس قواته، وعبر إليه فوق جسر عقده على نهر كان يفصل بين الطرفين، ولم يستمع لنصيحة المثنى بوجوب التريث ريثما تأتيهم الإمدادات من المدينة، وقد دارت بين الطرفين معركة هائلة، وكان أبو عبيد أول قتيل فيها، وقُتل من المسلمين خلق كثير، وولى الباقون نحو الجسر ليعبروه عائدين إلى مواقعهم، ووقف المثنى يقاتل دونهم ويحول هو وبعض رجاله بين انسحابهم وبين الفرس حتى عبروا جميعاً، وقد أصابت المثنى وهو في موقفه ذاك، ضربة رمح جرحته جرحاً بليغاً، وعلى الرغم من ذلك فقد انسحب بما تبقى له من قوات إلى «الحيرة»، ومنها إلى «أُلّيس» جنوباً ليفلت من مطاردة العدو.
    وأرسل المثنى إلى عمر يطلب المدد، وبعث إلى من يليه من القبائل العربية يستنفرهم، وبعد ورود الإمدادات إليه، حشد جيشه في «البويب»، وفيها التقى المسلمون بجيوش الفرس بقيادة «مهران»، وقد جرت هناك بين الطرفين معركة حاسمة، انتصر فيها المسلمون، وبنصرهم ذاك فتحوا السواد كله حتى بلغوا موقع «بغداد» ومدينة «تكريت».
    وأخذت فارس بعد هزيمتها هذه تعدّ جيشاً ضخماً لاستعادة العراق من المسلمين، كما ثار أهل السواد على المسلمين، فلم يجد المثنى بدّاً من الانسحاب ثانية إلى تخوم شبه الجزيرة العربية الشمالية، فنزل بـ«ذي قار»، منتظراً وصول الإمدادات التي كان قد طلبها من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ولكن وقبل وصول سعد بن أبي وقاص، القائد العام الجديد للعراق مع الإمدادات، نفر الجرح الذي كان قد أصابه في معركة «الجسر»، فمات شهيداً قبل وصول سعد، وترك لسعد وصية عسكرية تعدّ عصارة تجاربه وخبرته في الحرب.
    وكان المثنى إلى جانب مزاياه العديدة، يقول الشعر أحياناً، ولكن أكثر شعره ضاع.
    عبدو محمد
يعمل...
X