مصور الشهر
المصور الايطالي أوليانو لوكاس يبشر بنهاية مهنة المصور الصحفي !
. المصور الايطالي المعروف أوليانو لوكاس ، أحد أشهر المصورين الايطاليين ، رئيس تحرير مجلة « إليستراسيون إيطاليانا » يتحدث عن التصوير الصحفي وعن تجربته التي شملت كل العالم ، بما في ذلك لبنان ، مؤكداً أنه صاحب موقف ورأي مما يجري حوله وليس مجرد مصور ينقل بعدستـه مـا يـراه ، أو ما يطلب اليه تصويره .
اولیانو لوكاس . ٤٣ سنة . هو من المـع مصوري ايطاليا . عرف طريق الشهرة في الستينيات على الرغم من صغر سنه . وقد أصدر حتى الآن عشـرات الكتب المصورة واجـرى مئات الريبـورتـاجـات المـصـورة فـي انـحـاء الكـرة الارضية : في أوروبا افريقيا واسيا وقد زار العالم العربي باسره واخـر كتبـه المصورة كـانـت عـن حـرب لبـنـان ۱۹۸۳/۸۲ ، و دور القوات الايطالية في حفظ السلام في بيروت .
ما يميز فن لوكاس هو الانتماء السياسي ، ودفاعه عن الضعفاء في هذا العالم ، وهو اذا تحمس لقضية ما فانه يستخدم الكاميرا لتجسيدها ، وعلى هذا الصعيد مثـلا قـام بتصـويـر كـتـاب عن المهاجرين في اوروبا الغربية وبتصوير المهاجرين الايطاليين النـازحـيـن مـن الجـنـوب الى الشمال ، وحروب الاستقلال في انجولا والموزمبيق ، ومعسكرات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن ولبنـان ، واخيراً ماساة الحـرب اللبنانية .
الحديث مع لوكاس كمصور يبعث الحرارة في الأخـريـن فحمـاسـه هـو المـحـرك الأول لاهتمامه بالاشياء . الا ان وراء هـذه الطاقة الهائلة والانتمـاء والرقة ، وراء صوره تقبع ثقافـة السياسي توجد خلفية من الشعر واسعة هي مزيج من الشعر والفن عمـومـاً هـذا بـالاضـافـة الى الفلسفة ، وهو يعتبر تلك الأشياء جـزءاً من تكـويـنـه الأساسي كمصور ، فالتصوير عنـد لوكاس ليس فقط معرفة العدسات ، او الاكتفاء بفهم سطحي للكيمياء والفيزياء ، بل انه يحتاج أساساً الى الشعر .
من ينظر الى صوره اینما التقطت يجـد بـالاضـافـة الى البراعة الفنية طاقة كبيرة من الحزن الدفين . لا يستطيع المرء تعليله بسهولة . فهـو ابـن ميلانو - مدينة الشمال التي ترى الشمس نادراً ـ وهكذا فان الضوء القوي في صور لوكاس يكاد ينعدم بينمـا يـعبـرهـا ضـوء ضبابي ، يزيد من عمق التراجيديا اليومية التي تسجلها عدسته . وهـذا العمق يتضـاعـف نـظراً لانحيازه الى الفقراء والضعفاء الذين يمثلون ابطاله الاساسيين .
قـال لي اثـنـاء هـذا اللقـاء الخاطف ، والابتسـامـة تـعلو وجـهـه ، كنوع من الاعتـداد بالذات : « لقد رفضت عام ١٩٦٥ تصویر حائط برلين ، لانني كنت ارفض اساساً فكـرة تقسيم هـذا العالم الى فريقين . الخيـر هنـا والشر هناك وهذا على اية حال يتعارض مع ايماني بضرورة الحــرية كقضية أساسية اينما .
وجدت على الفنان ان يختار وان يدفع ثمن خياره . .
ويتابع لوكاس :
ـ مـن نـاحـيـتي لقد دفعت دائـمـاً الثمـن بـدون تذمر ولكن بعد صراع طويل استطاع جيل المصورين الذي انتمي اليه ، أن يفرض وجهـة نظره لتغيير اسلوب الصحف في معالجة العلاقة مع المصور ، لكن المسالة تحتاج الى مـزيـد من الكفاح فينبغي تفادي الوقوع في مصيدة صور السكـوب - السبق الصحفي ـ الذي تتعمـده أكبـر الوكالات المصورة والمجلات في الغرب . مثلا عندما يذهب الواحد منا الى بيروت لمـاذا يكتفي فقط بتصوير حمـامـات الدم ؟ لمـاذا نكتفي بصور الاطفال المشردين ؟ علما إن بجانب تلك المآسي هناك حياة تسلك سيرها الطبيعي في المـدينـة بـجـوار هـذا الـتـدمـيـر والعنف .
ويضيف لوكاس :
- مطلوبة بنفس القدر من الكاتب ـ الموضوعية مطلوبة من المصور الصحفي ، كما هي وحـول سـؤال عـن مـاهـيـة الصعوبات التي تعرض اليهـا اثناء العمل في الدول العربية وفي لبنان بالذات فيرد :
ـ لم تقابلني صعوبات تذكـر في بيروت عوملت بـانسـانيـة وتفهم من قبـل النـاس لانني لا اتقبـل شخصية المصـور الذي يستفـز الأخـرين أو ان يحـاول الاستهتـار بثقافتهم مهمـا كـانت نوعيتها .
مهمة المصور هي على العكس تماماً من ذلك ، إن الهدف الاساسي ينبغي ان يكون التحليل السياسي أو الاجتماعي للواقع الذي نعيشه من هنا اشدد على أهمية الثقافة للمصور ، انا لا استطيع مثلا الذهاب الى بيروت للعمـل ، على سبيل المثال قبـل دراسة وتفهم تاريخ البورجوازية اللبنانية ، والتعرف على اوجه التشابه والاختلاف بين العقلية والثقافة لدى هذا الفريق أو ذاك
اذا كان الهدف من عملي هـو نقل حياة الآخرين وبـامـانـة ، ينبغي على أن أتحرى عن مـوضـوعي مسبقاً مما يتيح فرصة اكبر في تقديم عمل جاد - عدا ذلك يصبح نوعا من الهراء ويتحول المصور الى سائح يتجول بالكاميرا في مدينة مجهولة .
في مجال آخر يقول لوكاس :
ـ لقد تركت في بيروت انطباعاً عميقاً ، لانني كنت قد زرتهـا اكثر من مـرة قبـل الحرب الأهلية . وعرفتها عن كثب . ولكن في رأيي ان الماساة اللبنانية الأكبر هي هجرة الكفاءات ، وفقدان الثقة بين ابناء الوطن الواحد . لتغيير تلك الأمـور وبالذات الحـاجـز النفسي بين الطوائف ربما يحتاج لبنان الى جيلين كاملين .
من هنا تاتي نصيحة لوكاس للمصورين الشبـان في ضرورة تعلم اللغات قبل الحلم بالترحـال في هذا العالم ، وهنا يقول :
- على المصور ان يحظى بثقة الآخرين قبل أن يصـورهم ، حتى لا تتحول آلة التصوير الى آلة عنف واغتصاب للآخرين . وثقافة لوكاس قد مكنته من أن يصبـح ـ كاول مصور صحفي - رئيساً لتحـريـر مجلة مصـورة ايطالية كبيرة وهي 'اليستراسيون ايـطـالـيـانـا' الشهرية ، التي تجمـع بين الموضوعات الثقافية الدسمة تصاحبها ريبورتاجـات بالابيض والاسود والالوان . وقد تولى من قبـل رئـاسـة اتحـاد المصورين الصحفيين الايطاليين ، ومكن تلك الفئة من إنتزاع العضوية في نقابة الصحفيين الايطاليين . محطماً تقليداً طويلاً في الفصل بين الفئتين .
في نهاية الجلسة الحـديث يتشعب الى مستقبل التصـويـر الصحفي . وفي راي لوكساس ان تلك المهنة في طريقها إلى الزوال تدريجياً ، سيحل محلها مصور الفـيـديـو الذي سيـقـوم فـقـط بتسجيل الأحداث لحساب شركات التلفزيون العالمية وبانتهاء مهنة المصور الصحفي ستنتهي مهنة حياة ، كمـا يصف تلك المهنة ، التي عرفها جيلين كاملين من المصوريين في أوروبا⏹
ابراهیم رفعت ابراهیم
ميلانو - ايطاليا
المصور الايطالي أوليانو لوكاس يبشر بنهاية مهنة المصور الصحفي !
. المصور الايطالي المعروف أوليانو لوكاس ، أحد أشهر المصورين الايطاليين ، رئيس تحرير مجلة « إليستراسيون إيطاليانا » يتحدث عن التصوير الصحفي وعن تجربته التي شملت كل العالم ، بما في ذلك لبنان ، مؤكداً أنه صاحب موقف ورأي مما يجري حوله وليس مجرد مصور ينقل بعدستـه مـا يـراه ، أو ما يطلب اليه تصويره .
اولیانو لوكاس . ٤٣ سنة . هو من المـع مصوري ايطاليا . عرف طريق الشهرة في الستينيات على الرغم من صغر سنه . وقد أصدر حتى الآن عشـرات الكتب المصورة واجـرى مئات الريبـورتـاجـات المـصـورة فـي انـحـاء الكـرة الارضية : في أوروبا افريقيا واسيا وقد زار العالم العربي باسره واخـر كتبـه المصورة كـانـت عـن حـرب لبـنـان ۱۹۸۳/۸۲ ، و دور القوات الايطالية في حفظ السلام في بيروت .
ما يميز فن لوكاس هو الانتماء السياسي ، ودفاعه عن الضعفاء في هذا العالم ، وهو اذا تحمس لقضية ما فانه يستخدم الكاميرا لتجسيدها ، وعلى هذا الصعيد مثـلا قـام بتصـويـر كـتـاب عن المهاجرين في اوروبا الغربية وبتصوير المهاجرين الايطاليين النـازحـيـن مـن الجـنـوب الى الشمال ، وحروب الاستقلال في انجولا والموزمبيق ، ومعسكرات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن ولبنـان ، واخيراً ماساة الحـرب اللبنانية .
الحديث مع لوكاس كمصور يبعث الحرارة في الأخـريـن فحمـاسـه هـو المـحـرك الأول لاهتمامه بالاشياء . الا ان وراء هـذه الطاقة الهائلة والانتمـاء والرقة ، وراء صوره تقبع ثقافـة السياسي توجد خلفية من الشعر واسعة هي مزيج من الشعر والفن عمـومـاً هـذا بـالاضـافـة الى الفلسفة ، وهو يعتبر تلك الأشياء جـزءاً من تكـويـنـه الأساسي كمصور ، فالتصوير عنـد لوكاس ليس فقط معرفة العدسات ، او الاكتفاء بفهم سطحي للكيمياء والفيزياء ، بل انه يحتاج أساساً الى الشعر .
من ينظر الى صوره اینما التقطت يجـد بـالاضـافـة الى البراعة الفنية طاقة كبيرة من الحزن الدفين . لا يستطيع المرء تعليله بسهولة . فهـو ابـن ميلانو - مدينة الشمال التي ترى الشمس نادراً ـ وهكذا فان الضوء القوي في صور لوكاس يكاد ينعدم بينمـا يـعبـرهـا ضـوء ضبابي ، يزيد من عمق التراجيديا اليومية التي تسجلها عدسته . وهـذا العمق يتضـاعـف نـظراً لانحيازه الى الفقراء والضعفاء الذين يمثلون ابطاله الاساسيين .
قـال لي اثـنـاء هـذا اللقـاء الخاطف ، والابتسـامـة تـعلو وجـهـه ، كنوع من الاعتـداد بالذات : « لقد رفضت عام ١٩٦٥ تصویر حائط برلين ، لانني كنت ارفض اساساً فكـرة تقسيم هـذا العالم الى فريقين . الخيـر هنـا والشر هناك وهذا على اية حال يتعارض مع ايماني بضرورة الحــرية كقضية أساسية اينما .
وجدت على الفنان ان يختار وان يدفع ثمن خياره . .
ويتابع لوكاس :
ـ مـن نـاحـيـتي لقد دفعت دائـمـاً الثمـن بـدون تذمر ولكن بعد صراع طويل استطاع جيل المصورين الذي انتمي اليه ، أن يفرض وجهـة نظره لتغيير اسلوب الصحف في معالجة العلاقة مع المصور ، لكن المسالة تحتاج الى مـزيـد من الكفاح فينبغي تفادي الوقوع في مصيدة صور السكـوب - السبق الصحفي ـ الذي تتعمـده أكبـر الوكالات المصورة والمجلات في الغرب . مثلا عندما يذهب الواحد منا الى بيروت لمـاذا يكتفي فقط بتصوير حمـامـات الدم ؟ لمـاذا نكتفي بصور الاطفال المشردين ؟ علما إن بجانب تلك المآسي هناك حياة تسلك سيرها الطبيعي في المـدينـة بـجـوار هـذا الـتـدمـيـر والعنف .
ويضيف لوكاس :
- مطلوبة بنفس القدر من الكاتب ـ الموضوعية مطلوبة من المصور الصحفي ، كما هي وحـول سـؤال عـن مـاهـيـة الصعوبات التي تعرض اليهـا اثناء العمل في الدول العربية وفي لبنان بالذات فيرد :
ـ لم تقابلني صعوبات تذكـر في بيروت عوملت بـانسـانيـة وتفهم من قبـل النـاس لانني لا اتقبـل شخصية المصـور الذي يستفـز الأخـرين أو ان يحـاول الاستهتـار بثقافتهم مهمـا كـانت نوعيتها .
مهمة المصور هي على العكس تماماً من ذلك ، إن الهدف الاساسي ينبغي ان يكون التحليل السياسي أو الاجتماعي للواقع الذي نعيشه من هنا اشدد على أهمية الثقافة للمصور ، انا لا استطيع مثلا الذهاب الى بيروت للعمـل ، على سبيل المثال قبـل دراسة وتفهم تاريخ البورجوازية اللبنانية ، والتعرف على اوجه التشابه والاختلاف بين العقلية والثقافة لدى هذا الفريق أو ذاك
اذا كان الهدف من عملي هـو نقل حياة الآخرين وبـامـانـة ، ينبغي على أن أتحرى عن مـوضـوعي مسبقاً مما يتيح فرصة اكبر في تقديم عمل جاد - عدا ذلك يصبح نوعا من الهراء ويتحول المصور الى سائح يتجول بالكاميرا في مدينة مجهولة .
في مجال آخر يقول لوكاس :
ـ لقد تركت في بيروت انطباعاً عميقاً ، لانني كنت قد زرتهـا اكثر من مـرة قبـل الحرب الأهلية . وعرفتها عن كثب . ولكن في رأيي ان الماساة اللبنانية الأكبر هي هجرة الكفاءات ، وفقدان الثقة بين ابناء الوطن الواحد . لتغيير تلك الأمـور وبالذات الحـاجـز النفسي بين الطوائف ربما يحتاج لبنان الى جيلين كاملين .
من هنا تاتي نصيحة لوكاس للمصورين الشبـان في ضرورة تعلم اللغات قبل الحلم بالترحـال في هذا العالم ، وهنا يقول :
- على المصور ان يحظى بثقة الآخرين قبل أن يصـورهم ، حتى لا تتحول آلة التصوير الى آلة عنف واغتصاب للآخرين . وثقافة لوكاس قد مكنته من أن يصبـح ـ كاول مصور صحفي - رئيساً لتحـريـر مجلة مصـورة ايطالية كبيرة وهي 'اليستراسيون ايـطـالـيـانـا' الشهرية ، التي تجمـع بين الموضوعات الثقافية الدسمة تصاحبها ريبورتاجـات بالابيض والاسود والالوان . وقد تولى من قبـل رئـاسـة اتحـاد المصورين الصحفيين الايطاليين ، ومكن تلك الفئة من إنتزاع العضوية في نقابة الصحفيين الايطاليين . محطماً تقليداً طويلاً في الفصل بين الفئتين .
في نهاية الجلسة الحـديث يتشعب الى مستقبل التصـويـر الصحفي . وفي راي لوكساس ان تلك المهنة في طريقها إلى الزوال تدريجياً ، سيحل محلها مصور الفـيـديـو الذي سيـقـوم فـقـط بتسجيل الأحداث لحساب شركات التلفزيون العالمية وبانتهاء مهنة المصور الصحفي ستنتهي مهنة حياة ، كمـا يصف تلك المهنة ، التي عرفها جيلين كاملين من المصوريين في أوروبا⏹
ابراهیم رفعت ابراهیم
ميلانو - ايطاليا
تعليق