ماير (ادوارد)
Meyer (Eduard-) - Meyer (Eduard-)
ماير (إدوارد ـ)
(1855 ـ 1930)
إدوارد ماير Eduard Meyer مؤرخ ألماني كبير اشتهر بأبحاثه ودراساته وكتبه المرجعية في التاريخ القديم الذي أكد وحدته وشموليته في الحقبتين الشرقية والكلاسيكية، وأنه جزء لاينفصم عن التاريخ العام للإنسانية، وهو الذي وضع حجر الأساس لتقسيمات التاريخ المصري القديم وتزمينها.
ولد في مدينة هامبورغ Hamburg، وتلقى تعليمه في مدرسة يوهانيوم Johanneum الذائعة الصيت، التي بدأ فيها دراساته التاريخية والكلاسيكية وتعلم اللغات اللاتينية والإغريقية والعبرية والعربية قبل أن يدخل الجامعة في بون Bonn في السابعة عشرة من عمره. ثم انتقل بعدها إلى جامعة لايبزيغ Leipzig حيث درس اللغة المصرية القديمة ونال درجة الدكتوراه عام 1875 عن رسالته المعنونة: «الإله المصري سيت - تيفون» Set -Typhon. ثم أمضى سنة دراسية في إصطنبول أصدر بعدها كتابه عن «تاريخ طروادة». بدأ محاضراته في جامعة لايبزيغ عام 1879 وفي عام 1885 نودي به أستاذاً للتاريخ القديم في جامعة بريسلاو Breslau، ثم انتقل إلى جامعة هاله Halle وأخيراً إلى جامعة برلين Berlin الشهيرة عام 1902 التي بقي يدرّس فيها حتى تقاعده عام 1923.
كان ماير متمكناً من علم الدراسات المصرية Aegyptologie، فأصدر عام 1887 «تاريخ مصر القديمة» Geschichte des Alten Aegyptens؛ فكان أول تاريخ مفصل ومؤلف وفق منهجية علمية يصدر عن تاريخ مصر القديم.
كان ماير مؤرخاً موسوعياً حصيفاً أحاط بمصادر التاريخ القديم المتاحة في عصره كلها، وقد عرف واشتهر عالمياً بمؤلفه الضخم: «تاريخ العصور القديمة» Geschichte des Altertums الذي صدر (1884-1902) في خمسة مجلدات عالج فيها التاريخ القديم منذ بداياته الأولى حتى أواسط القرن الرابع قبل الميلاد بقسميه الشرقي والكلاسيكي بوصفهما كلاً متكاملاً، ساعياً إلى إخراج تاريخ الإغريق من عزلته عن بيئته الحضارية ووضعه لأول مرة في إطار التاريخ العام لحوض البحر المتوسط انطلاقاً من وحدة هذا التاريخ واستمراريته وتلاحمه. وبالنظر إلى لمكتشفات الأثرية المتواصلة والمتسارعة منذ بداية القرن العشرين، التي قدمت كمّاً هائلاً من المصادر التاريخية بشتى أنواعها، فقد بدأ ماير يعيد النظر في تاريخه منذ عام 1907 واستمر يجري عليه التعديلات والتصحيحات والإضافات حتى آخر حياته. وتابع هذا العمل من بعده تلميذه هانس شتير Hans Stier، فأصدر تاريخ العصور القديمة في طبعة جديدة (1953- 1958) في ثمانية مجلدات. ولايزال كثير من آراء ماير ونتائج دراسته والمسائل التي أثارها يحتل مكانة بارزة في الدراسات التاريخية المعاصرة.
وفي عام 1904 أصدر ماير كتابه المشهور عن «الكرونولوجيا» المصرية، الذي أكد فيه أهمية النجم سوتيس (سيروس) Sothis (الذي يتم دورته الفلكية في 1463 سنة) بالنسبة إلى نشأة التقويم المصري التي حدّدها في 19 تموز/يوليو عام 4241 ق.م وعدّه أقدم تاريخ معروف في تاريخ العالم، لكن الأبحاث التاريخية الحديثة أظهرت أن ماير غالى في استنتاجاته وأن المصريين القدماء لم يبدؤوا برصد شروق النجم سوتيس (مع شروق الشمس) إلا بعد الدورة الفلكية التالية؛ أي منذ عام 2772 ق.م الذي يمكن عدّه بداية التأريخ والتقويم المصري.
كذلك انصبّ اهتمامه على تاريخ الأديان والمسائل الدينية التاريخية والحركات الفكرية الكبرى ودورها في التاريخ، فأصدر كتابه القيم «أصل المسيحية وبداياتها» Ursprung und Anfãnge des Christentums في أربعة مجلدات (1921- 1924)، كما درس تاريخ المورمون Mormons ونشأة ديانتهم فرأى فيها عناصر شَبَه وقرابة بالإسلام، إذ يقول: «إن المرء يمكن أن يسمّي المورمون تبعاً لظهورهم وعالم تفكيرهم (محمديين) مسلمي أمريكا…» وهذا ينطبق في رأيه على نشأة كلتا الديانتين عبر الوحي وتنزيل كتاب مقدس، وبالتالي بوصف كل منهما «ديانة كتاب». ومن كتبه المشهورة في التاريخ الروماني كتاب: «ملكية قيصر ورئاسة بومبيوس» الذي صدر عام 1918، وأثار ضجة علمية كبيرة وطبع ثلاث مرات في ثلاث سنوات. وله أبحاث ودراسات كثيرة متفرقة توجد في مجموعة «أبحاث في التاريخ القديم» وكذلك في مجموعة «الكتابات الصغرى».
وكان من نتائج أبحاثه عن الأسطورة وسير الأبطال و«الفلكلور» والنميات (علم النقود) والأوابد التاريخية أن صار لهذه العلوم المساعدة مكانة مهمة في الدراسات التاريخية. كما كان يدعو دائماً إلى دراسة اللغات القديمة لعالم الشرق القديم (كالمصرية والأكادية وغيرهما) بوصفها مفاتيح دراسة حضارته العريقة.
ولكن معرفة ماير وإحاطته العلمية كان لها حدود؛ فنتائج الأبحاث المتعلقة باللغة الحثية وفك رموزها وصلته متأخرة، ومن ثم لم ينل تاريخ الحثيين وحضارتهم مكانته في تاريخ الشرق القديم، كما أن معرفته بعلم الدراسات الآشورية Assyriologie لم تكن عميقة وشاملة مثلما كانت في علم الدراسات المصرية، التي بقيت ميدانه المفضل. ومع ذلك فإن إنجازه العلمي الكبير المتمثل في تاريخ العصور القديمة والمؤلفات الأخرى كان فريداً في بابه وعظيم التأثير في ميدان البحث التاريخي، فإليه يعود الفضل في وضع الأسس والمصادر المتعلقة بتقسيمات التاريخ المصري وعصوره المختلفة. ومن مقولاته الشهيرة: «لم يكن التاريخ القديم أبداً ولاينبغي أن يكون إلا جزءاً من التاريخ العام الواحد، وهذا ما يجب ألا ينساه البحث التاريخي حول العصور القديمة والحديثة على الإطلاق».
وهكذا فقد كان إدوارد ماير المؤسس الحقيقي وأكبر دعاة كتابة تاريخ عام شامل للعصور القديمة.
محمد الزين
Meyer (Eduard-) - Meyer (Eduard-)
ماير (إدوارد ـ)
(1855 ـ 1930)
إدوارد ماير Eduard Meyer مؤرخ ألماني كبير اشتهر بأبحاثه ودراساته وكتبه المرجعية في التاريخ القديم الذي أكد وحدته وشموليته في الحقبتين الشرقية والكلاسيكية، وأنه جزء لاينفصم عن التاريخ العام للإنسانية، وهو الذي وضع حجر الأساس لتقسيمات التاريخ المصري القديم وتزمينها.
ولد في مدينة هامبورغ Hamburg، وتلقى تعليمه في مدرسة يوهانيوم Johanneum الذائعة الصيت، التي بدأ فيها دراساته التاريخية والكلاسيكية وتعلم اللغات اللاتينية والإغريقية والعبرية والعربية قبل أن يدخل الجامعة في بون Bonn في السابعة عشرة من عمره. ثم انتقل بعدها إلى جامعة لايبزيغ Leipzig حيث درس اللغة المصرية القديمة ونال درجة الدكتوراه عام 1875 عن رسالته المعنونة: «الإله المصري سيت - تيفون» Set -Typhon. ثم أمضى سنة دراسية في إصطنبول أصدر بعدها كتابه عن «تاريخ طروادة». بدأ محاضراته في جامعة لايبزيغ عام 1879 وفي عام 1885 نودي به أستاذاً للتاريخ القديم في جامعة بريسلاو Breslau، ثم انتقل إلى جامعة هاله Halle وأخيراً إلى جامعة برلين Berlin الشهيرة عام 1902 التي بقي يدرّس فيها حتى تقاعده عام 1923.
كان ماير مؤرخاً موسوعياً حصيفاً أحاط بمصادر التاريخ القديم المتاحة في عصره كلها، وقد عرف واشتهر عالمياً بمؤلفه الضخم: «تاريخ العصور القديمة» Geschichte des Altertums الذي صدر (1884-1902) في خمسة مجلدات عالج فيها التاريخ القديم منذ بداياته الأولى حتى أواسط القرن الرابع قبل الميلاد بقسميه الشرقي والكلاسيكي بوصفهما كلاً متكاملاً، ساعياً إلى إخراج تاريخ الإغريق من عزلته عن بيئته الحضارية ووضعه لأول مرة في إطار التاريخ العام لحوض البحر المتوسط انطلاقاً من وحدة هذا التاريخ واستمراريته وتلاحمه. وبالنظر إلى لمكتشفات الأثرية المتواصلة والمتسارعة منذ بداية القرن العشرين، التي قدمت كمّاً هائلاً من المصادر التاريخية بشتى أنواعها، فقد بدأ ماير يعيد النظر في تاريخه منذ عام 1907 واستمر يجري عليه التعديلات والتصحيحات والإضافات حتى آخر حياته. وتابع هذا العمل من بعده تلميذه هانس شتير Hans Stier، فأصدر تاريخ العصور القديمة في طبعة جديدة (1953- 1958) في ثمانية مجلدات. ولايزال كثير من آراء ماير ونتائج دراسته والمسائل التي أثارها يحتل مكانة بارزة في الدراسات التاريخية المعاصرة.
وفي عام 1904 أصدر ماير كتابه المشهور عن «الكرونولوجيا» المصرية، الذي أكد فيه أهمية النجم سوتيس (سيروس) Sothis (الذي يتم دورته الفلكية في 1463 سنة) بالنسبة إلى نشأة التقويم المصري التي حدّدها في 19 تموز/يوليو عام 4241 ق.م وعدّه أقدم تاريخ معروف في تاريخ العالم، لكن الأبحاث التاريخية الحديثة أظهرت أن ماير غالى في استنتاجاته وأن المصريين القدماء لم يبدؤوا برصد شروق النجم سوتيس (مع شروق الشمس) إلا بعد الدورة الفلكية التالية؛ أي منذ عام 2772 ق.م الذي يمكن عدّه بداية التأريخ والتقويم المصري.
كذلك انصبّ اهتمامه على تاريخ الأديان والمسائل الدينية التاريخية والحركات الفكرية الكبرى ودورها في التاريخ، فأصدر كتابه القيم «أصل المسيحية وبداياتها» Ursprung und Anfãnge des Christentums في أربعة مجلدات (1921- 1924)، كما درس تاريخ المورمون Mormons ونشأة ديانتهم فرأى فيها عناصر شَبَه وقرابة بالإسلام، إذ يقول: «إن المرء يمكن أن يسمّي المورمون تبعاً لظهورهم وعالم تفكيرهم (محمديين) مسلمي أمريكا…» وهذا ينطبق في رأيه على نشأة كلتا الديانتين عبر الوحي وتنزيل كتاب مقدس، وبالتالي بوصف كل منهما «ديانة كتاب». ومن كتبه المشهورة في التاريخ الروماني كتاب: «ملكية قيصر ورئاسة بومبيوس» الذي صدر عام 1918، وأثار ضجة علمية كبيرة وطبع ثلاث مرات في ثلاث سنوات. وله أبحاث ودراسات كثيرة متفرقة توجد في مجموعة «أبحاث في التاريخ القديم» وكذلك في مجموعة «الكتابات الصغرى».
وكان من نتائج أبحاثه عن الأسطورة وسير الأبطال و«الفلكلور» والنميات (علم النقود) والأوابد التاريخية أن صار لهذه العلوم المساعدة مكانة مهمة في الدراسات التاريخية. كما كان يدعو دائماً إلى دراسة اللغات القديمة لعالم الشرق القديم (كالمصرية والأكادية وغيرهما) بوصفها مفاتيح دراسة حضارته العريقة.
ولكن معرفة ماير وإحاطته العلمية كان لها حدود؛ فنتائج الأبحاث المتعلقة باللغة الحثية وفك رموزها وصلته متأخرة، ومن ثم لم ينل تاريخ الحثيين وحضارتهم مكانته في تاريخ الشرق القديم، كما أن معرفته بعلم الدراسات الآشورية Assyriologie لم تكن عميقة وشاملة مثلما كانت في علم الدراسات المصرية، التي بقيت ميدانه المفضل. ومع ذلك فإن إنجازه العلمي الكبير المتمثل في تاريخ العصور القديمة والمؤلفات الأخرى كان فريداً في بابه وعظيم التأثير في ميدان البحث التاريخي، فإليه يعود الفضل في وضع الأسس والمصادر المتعلقة بتقسيمات التاريخ المصري وعصوره المختلفة. ومن مقولاته الشهيرة: «لم يكن التاريخ القديم أبداً ولاينبغي أن يكون إلا جزءاً من التاريخ العام الواحد، وهذا ما يجب ألا ينساه البحث التاريخي حول العصور القديمة والحديثة على الإطلاق».
وهكذا فقد كان إدوارد ماير المؤسس الحقيقي وأكبر دعاة كتابة تاريخ عام شامل للعصور القديمة.
محمد الزين