سيارة ابي الحبيبة
ارام كرابيت
قلت سابقًا أن والدي كان يضع سيارته في الكراج. الحقيقة, لم تكن السيارة ملكه. كانت مملكته، معبودته، عشيقته، لعبته، يهتم بها أكثر من اهتمام الطفل بثياب العيد.
كل شيء مسخر لخدمتها.
في الشتاء يفرغ الراديتور من الماء حتى لا يجمد وفي الصباح يسخن الماء على بابور الكاز من ماله الخاص ويضعه فيه.
الدواليب هو الذي يصلحهم حتى يوفر على الدولة بعض المال.
كل يوم جمعة يجلس فيها ويبدأ التصليح وأمي بجانبه.
لديه كل شيء في السيارة. معول، بوبين، بواجي، جميع أنواع مفاتيح التصليح، مفكات، براغي، دولاب احتياط.
يبحث عن ثقب ما ليسده. لديه زفت ولباد دائمًا في السيارة.
لقد زنر تحت مداسات الأرجل باللباد المدهون بالزفت حتى يحمي السيارة من الأسفل، حتى لا يدخل الغبار أو الهواء.
كل يوم يغسل السيارة، وبالفرشاة والكاز ينظف المحرك، وبورق القزاز يحف البواجي وينظفهم.
وسيرة السيارة لا تنقطع عن لسانه.
عندما كنت صغيرًا كنت أتخيل أن سيارته لها جناحين وستطير من كثرة اهتمامه بها.
كان أصدقائه في العمل يضحكون عليه على هذا التصرف الغريب من الاهتمام الزائد بعمله.
وكل كلمة والثانية يقول، سيارتي موجوعة اليوم تحتاج إلى تبديل الزيت. سيارتي توسخت تريد أن تتحمم. سيارتي كانت في مهمة متعبة البارحة، أنها تعبانة تريد الراحة.
هناك ثقب ما يُدخل الغبار إلى داخل الكابين يجب أن اعرف أين هو؟
هناك صوت غريب يأتي من مكان ما من السيارة يجب أن أعرفه.
يستيقظ باكرًا كل يوم، يشعل البابور ويجهز المتة أو القهوة ثم يوقظ والدتي ويشربا معًا قبل ذهابه إلى العمل.
كانت السيارة من نوع اللاندروفر موديل 1964 جلبها من ميناء اللاذقية عندما استوردتها الدولة من بريطانيا، ويقول عنها:
ـ أنها سفينة البادية، جمل الجزيرة، تحملت هذه المسكينة الكثير من التعب.
عندما كبر في العمر وخف نظره، أعطوه صهريج ماء كبير لسقاية الأشجار الحراجية، قال وقتها:
ـ عندما يكبر الإنسان تكبر سيارته معه.
بعد ثلاثة أشهر من تسليمه اللاندروفر ذهبت إلى المرآب، التقيت به هناك، قال لي:
ـ تعال معي.
ذهبت معه إلى حيث أراد، قال لي:
ـ أنظر؟
قلت:
ـ إلى أين؟
ـ هل تعرف هذه السيارة؟
ـ لا.. لا أعرفها، هذه ليست سيارة، أنها كومة حديد.
ـ هذا سيارتي، عروستي، ماتت. بمجرد أن استلمها سائق أخر، ونتيجة السرعة الزائدة اصطدمت بسيارة أخرى، تحولت السيارتان إلى خردة كما ترى.
بصراحة، لم أفهم سبب هذا العشق إلى اليوم، لكنه كان ناجحًا بعمله.