بحث علمي للدكتور نضال سطوف بعنوان "آفاق الاستفادة من حاويات الشحن كتجمعات سكنية في مرحلة إعمار سورية"
انطلقت الدراسات والأبحاث والتجارب لفكرة وإمكانية الاستفادة من حاويات الشحن، واستخدامها في مجال المسكن الاقتصادي والتجمعات السكنية البيئية المستدامة، والمباني الخدمية بمختلف أنواعها، التعليمية والثقافية والتجارية، باعتبارها أبنية مستدامة وفعالة من حيث التكلفة، كونها قابلة لإعادة التدوير والاستخدام أيضاً، ومساهمتها في تقديم خدمات كبرى يجعلها بمستوى المنازل التقليدية النموذجية.
ونظراً لأهمية استخدام مساكن حاويات الشحن في إعادة إعمار سورية، التقت سورية الحدث مع الدكتور "نضال سطوف" الأستاذ في قسم التصميم المعماري كلية الهندسة المعمارية بجامعة البعث للحديث عن بحثه العلمي بعنوان "آفاق الاستفادة من حاويات الشحن كتجمعات سكنية في مرحلة إعادة اعمار سورية".
وعن أهمية استخدام الحاويات أوضح الدكتور "نضال سطوف" أنها تساهم من خلال إعادة تدويرها في تخلص الموانئ من حاويات الشحن القديمة، وتؤمن انتاج نماذج متعددة من مساكن أو مباني حاويات الشحن، ونسج عمرانية متنوعة، تتناسب مع البيئات المتعددة مناخياً واجتماعياً وثقافياً، لافتاً إلى أهميتها في مرحلة إعادة إعمار سورية، وطرحها كأحد الحلول الأكثر فاعلية في حل مشاكل الاسكان المؤقت بعد الكوارث الطبيعية والحروب التي حلت على وطننا، بتوظيفها لإيواء المهجرين منذ سنوات والعائدين إلى أرض الوطن، والمتضررين من الزلزال المدمر هذا العام، إضافة لما يتميز به هذا النمط من العمارة بتوفر إمكانية استخدام تلك المساكن والمنشآت في المراحل التالية لمرحلة إعادة الإعمار وتوظيفها اسكانياً وسياحياً.
وعن إشكالية البحث أشار "سطوف" إلى وجود أعداد لا تحصى من حاويات الشحن الفارغة غير المستعملة حول العالم، بسبب التكلفة الباهظة لإعادة شحنها إلى مصدرها، منوّها إلى وجود إشكاليتين رئيسيتين في سورية، الأولى: حتمية وصول الموانئ السورية في الفترة القادمة الملايين من حاويات الشحن سنوياً مما يؤدي إلى تكدس الحاويات وما ينتج عنها من أعباء بيئية واقتصادية كارثية، والاشكالية الثانية: تكمن في عودة الملايين من المهجرين إلى عملهم الأساسي في مدنهم، التي باتو لا يملكون فيها لا مسكن ولا مأوى، إضافة إلى ضرورة إيواء المتضررين من الزلزال المدمر الأخير لتمكينهم من متابعة حياتهم الطبيعية ريثما يتم إعادة إعمار مساكنهم وأحيائهم.
وعن أهداف البحث أشار الدكتور "نضال سطوف" إلى امكانية الاستفادة من حاويات الشحن في مجال السكن بأنواعه، ومختلف قطاعات الأبنية الخدمية، وضرورة توجيه اهتمام المسؤولين والمعماريين السوريين لاستغلال ذلك في تصميم وانتاج مساكن اقتصادية وتجمعات سكنية مستدامة بيئياً وملائمة اجتماعياً، في المرحلة الثانية من إعادة إعمار سورية.
وعرّف الدكتور "نضال سطوف" عمارة حاويات الشحن بأنها نوع من العمارة التي تتسم عموماً بإعادة استخدام حاويات الشحن الفولاذية كعنصر هيكلي ومغلف معماري، مشيراً إلى ازدياد استخدام الحاويات كمواد بناء شعبية في السنوات القليلة الماضية بسبب قوتها الكامنة ومقاومتها للزلازل، وتوافرها على نطاق واسع، ونفقاتها المنخفضة نسبياً، إضافة إلى أنها صديقة للبيئة أكثر من مواد البناء التقليدية مثل الطوب والهيكل الخرساني المسلح، وإمكانية نقل هذه المباني إلى مواقع أخرى أو إضافة مساحات أو أحجام إضافية.
وعن ملاءمة عمارة حاويات الشحن للمرحلة الثانية من إعادة الإعمار، بيّن "سطوف" سهولة التعامل معها بخبرات ومهارات وتقنيات بسيطة، وإمكانية تأهيلها بكلفة اقتصادية منخفضة، مؤكداً بأنها تعتبر خطوة هامة وتوجهاً أساسياً، يساهم في فتح رؤى وآفاق معمارية وعمرانية واسعة لإنتاج تجمعات سكنية مؤقتة مستدامة خلال مرحلة الإعمار.
وعن الأسباب والمبررات الموجبة لضرورة إعادة تدوير حاويات الشحن، واستخدامها في مجال تأمين المنازل، تحدث الدكتور عن عدة مبررات أساسية أهمها الاقتصاد في التكاليف من حيث مقارنتها مع الطوب والبيتون وما يعادلها، وأنّ إعادة تدويرها يقلل من الضرر على البيئة ويشكل ذلك السند الحقيقي والركن الأساسي من العمارة البيئية والمستدامة، إضافة إلى سهولة نقلها وتعدد إمكانيات التصميم، والمرونة في التشكيل.
وعن التوصيات بأهمية استخدام الحاويات أكد الدكتور "نضال سطوف" في ختام اللقاء على ضرورة نشر ثقافة إعادة التدوير ضمن المراحل الجامعية الأولى، والدراسات العليا، من خلال تعديل اللوائح الداخلية للكليات الهندسية لتستوعب بعض المقررات الخاصة بذلك.
كما أوصى بضرورة تحفيز البحث العلمي في إمكانية الاستفادة من حاويات الشحن في مختلف مجالات البناء الاقتصادي السريع في المرحلة الثانية من إعادة الإعمار، إضافة إلى ضرورة تنبه نقابة المهندسين لاستيعاب الآفاق اللامحدودة لاستخدام حاويات الشحن، وتركيز جهودها للعمل على تشكيل اللجان الفنية المختصة لوضع الأنظمة المعمارية والكودات الانشائية المناسبة واعتماد عمارة حاويات الشحن والترخيص لها رسمياً.
يذكر أن الدكتور نضال سطوف مواليد مدينة حمص- الزويتينة عام 1963، له العديد من الأبحاث العلمية المنشورة والمشاركة في المؤتمرات محلياً وعربياً وعالمياً، وقام بدراسة وتدقيق العديد من المشاريع الهندسية الموزعة في مختلف أنحاء القطر، وحالياً عميد كلية الهندسة المعمارية في الجامعة العربية الخاصة للعلوم والتكنولوجيا، ورئيس اللجنة الهندسية الفنية في جامعة البعث للتعاون مع محافظة حمص، ورئيس لجنة تطوير التعليم الهندسي في نقابة المهندسين - فرع حمص، وعضو اللجنة الاستشارية للدراسات المتعلقة بإعادة الاعمار وتطوير الناحية العمرانية والجمالية في محافظة حمص، وشغل سابقاً العديد من المناصب العلمية والإدارية منها: عميد كلية الهندسة المعمارية ونائب عميد الكلية للشؤون العلمية في جامعة البعث، رئيس قسم التصميم المعماري في كلية الهندسة المعمارية في جامعة البعث، رئيس قسم العمارة في كلية الهندسة في جامعة قاسيون الخاصة، عضو مجلس الأمناء في جامعة الحواش الخاصة، ممثل وزارة التعليم العالي في مجلس الجامعة الوطنية الخاصة، الأمين العام لندوة العمارة.. رؤى واستراتيجيات لمواكبة مرحلة إعادة الإعمار.
تقرير: سلوى شبوع - أندريه ديب