رامي صابور في لوحاته الأحدث...تجريـــد المشــــهد وحقــــول الألــوان الصارخــة
أديب مخزوم
ينطلق الفنان التشكيلي رامي صابور، ولاسيما في لوحاته المتنوعة الأحدث، من التجريد التعبيري والتبسيطي والتلويني،
حيث يحتفظ في أعماله التشكيلية بروحية واشارات المشهد الطبيعي والوجه الإنساني وغيرذلك من المواضيع. وهكذا يتحرر من ثوابت ومرتكزات نزعة تصويرية واقعية، اشتغل عليها في أعماله السابقة، رغم أنه يبقى على صلة بإشارات الاشكال، حتى في أقصى حالاتها التبسيطية والتجريدية والتعبيرية..
التماعات لونية
ويبدو رامي صابور مرتاحاً في استخدام مادة التلوين الزيتي، بل ويبدو أكثر تحكماً بإبراز تداخلاتها، وإضاءاتها وحركاتها وحساسياتها المأخوذة بعنف اللمسة. فهو يختصر الأشكال والعناصر، ولا يبقى منها إلا إشاراتها المختصرة والمبسطة والعفوية والدالة عليها، وهو أكثر من ذلك يجعلها متداخلة مع الحركات اللونية التجريدية الغنائية، التي تشغل كامل مساحة اللوحة.
ومن الناحية التقنية يتعامل مع الألوان، من خلال إبراز سماكاتها ودلالاتها المرتبطة بالواقع. وهكذا تبرز تنويعات التداخل بين اشارات الواقع والحركات اللونية التجريدية الغنائية، والصارخة في أكثر الأحيان، وهنا تتجلى حركة إشارات الواقع، رغم مظهر اللوحة التجريدي.
فالبحث عن مناخات مختصرة لتكاوين الأشكال الطبيعية والانسانية والعناصر الأخرى، شكل في لوحات رامي صابور هواجس لاختبار الإيقاعات التشكيلية المتداولة في الفن الحديث، والقائمة على إلغاء الثرثرة التفصيلية، وإعطاء أهمية قصوى للإيقاع اللوني النابض بالحيوية والحركة، والإبقاء على جوهر الحركة العفوية، التي تجسد روح الشكل متجاوزة ومتخطية قشوره الخارجية.
جرأة مطلقة
وهو يمتلك القدرة على الاختزال بجرأة مطلقة، في تكاوينه التعبيرية والرمزية والتجريدية، ضمن معطيات المناخية المشرقية، مع إعطاء أهمية للجوانب التشكيلية الغنائية، فنجد التقاطعات والحركات واللمسات والضربات، التي يعمل فيها على تخطي صفاء المساحة، وهذا يعمل على كسر أناقة وصفاء المساحة، ويبتعد بها عن الإبهار الصالوني والتزييني.
وهو لا يتوقف عند حدود معينة في معالجة المادة والمساحة، وإنما يتنقل من معالجة إلى أخرى، ويصل أحياناً إلى إضفاء المزيد من اللمسات والحركات والتشكيلات اللونية الشاقولية باستخدام سكين الرسم الحادة (لوحته: البوابة الخضراء) وهذا يساعد في اكتشاف حساسيات بصرية مختلفة ومتفاوتة في فراغ السطح التصويري.
وفي ضوء ذلك يعمل على إيجاد نوع من الموازنة والمواءمة بين الجانب التعبيري، المتمثل بتبسيط الأشكال وإبراز انفعالية اللون، وبين الجانب التجريدي الذي يعمل من خلاله على معالجة المساحة، وإيجاد إيقاعات بصرية اهتزازية في بنيتها للوصول إلى إيقاعات اللون أو ما يسمى بموسيقا اللوحة، وتقاسيمها المرئية المسموعة بالعين.
ورامي صابور الذي تخرج من محترفات كلية الفنون الجميلة في دمشق عام 2003وأقام ستة معارض فردية (تنقلت بين اللاذقية2001وجبلة2001 وحلب 2009ودمشق2001ـ2003ـ 2005) وشارك في معارض جماعية رسمية وخاصة وبينالات (أقيمت في نيويورك وايران ودمشق وحلب واللاذقية وجبلة) وحاز من خلال بعضها على شهادات تقدير (بينالي إيران الدولي 2006وبينالي المحبة الخامس 2003) يظهر حركة اللون التجريدي التلقائي والعفوي كعنصر بصري أساسي، إذ يبدو موزعاً على كامل مساحة اللوحة، إلا أن هذه الحركة لا تنحصر بما هو تجريدي، كما أشرنا، إنما ترتكز إلى ما هو تعبيري ورمزي.
وهو يذهب إلى إظهار كثافة المادة اللونية، ويعمل احياناً لإبراز حركات لونية عريضة، تضرب المساحة بعنف ارتجالي، مما يذكرنا بجانب من التجريد الانفعالي الحركي.
لكن ما هو بارز في هذه الانفعالية، اعتمادها على ثقافة بصرية، فاللوحة الحديثة في كل حالاتها وتحولاتها وتنقلاتها بين الواقع والتجريد، ما هي الا فسحة لطرح قضايا ثقافية معاصرة، وهذا ينطبق على لوحاته المتجهة في أحيان كثيرة نحو التجريد والاختزال والعفوية المطلقة.
تزخيم الحركة
من ناحية أخرى يتعامل رامي صابور مع إيقاعات الألوان المتحررة بعفوية بارزة، تحمل ملامح وأجواء شرقية مستشفة، من الذاكرة، من خلال إبراز إضاءة اللون وصراحته بغنائية وشاعرية، فهو يبحث دائماً عن إشراقة أمل وفجر جديد في استعادة ألوان الشرق الزاهية، كأنه يسعى وراء كشف الحقائق والإشراق اللوني المفعم بحب الحياة.
وهذا يعني أنه يطلق في لوحاته ما يشبه المعزوفة البصرية، ذات الإيقاعات اللونية المتوهجة، حيث يوزع لمساته اللونية الساطعة في زوايا اللوحة أو يضاعفها وينثرها في المساحة، بما يضمن حضور الضوء الشرقي، وما يضمن إبراز ثمرة وخلاصة خبرته التقنية في معالجة الألوان، وتحقيق خطوات الوصول الى تقنيات فنون العصر، عن طريق تسميك العجينة اللونية، التي يجعل منها مادة ذات أبعاد جمالية وتعبيرية، تنقل الحس المباشر الداخلي، ولا تعمل على تقليد الشكل الخارجي أو التماهي مع المشهدية الصالونية التجارية.
وإذا كنا أشرنا إلى أن المادة اللونية غالباً ماتكون مشغولة بعفوية مطلقة وبعنف تعبيري وبسماكة، بحيث تبدو في أحيان كثيرة صارخة، إلا أن هذا لايمنعه من العودة أحياناً الى الواقعية، وتجسيد المشهد الطبيعي أو البحري، بعفوية ملطفة وأكثر اقتراباً من الواقع، بحيث تنأى لوحته هنا عن الصياغة التعبيرية التجريدية الموجودة في أغلب أعماله الأخرى.
ويمكن القول أن احتكاك رامي صابور الدائم ونشاطه اليومي، سمح له بتقديم مساحات لونية مشغولة بتنوع تقني، تحركه دائماً انفعالات متنوعة، ترتد في كل مرة نحو الداخل والعمق. والواضح في بعض لوحاته تلك الرغبة البادية في إظهار البريق اللوني، والاهتمام بتقديم الموضوع نفسه على أنه صدى او اشارة أو تجريد لوني للشيء المستعاد من تداعيات الذاكرة البصرية
أديب مخزوم
ينطلق الفنان التشكيلي رامي صابور، ولاسيما في لوحاته المتنوعة الأحدث، من التجريد التعبيري والتبسيطي والتلويني،
حيث يحتفظ في أعماله التشكيلية بروحية واشارات المشهد الطبيعي والوجه الإنساني وغيرذلك من المواضيع. وهكذا يتحرر من ثوابت ومرتكزات نزعة تصويرية واقعية، اشتغل عليها في أعماله السابقة، رغم أنه يبقى على صلة بإشارات الاشكال، حتى في أقصى حالاتها التبسيطية والتجريدية والتعبيرية..
ويبدو رامي صابور مرتاحاً في استخدام مادة التلوين الزيتي، بل ويبدو أكثر تحكماً بإبراز تداخلاتها، وإضاءاتها وحركاتها وحساسياتها المأخوذة بعنف اللمسة. فهو يختصر الأشكال والعناصر، ولا يبقى منها إلا إشاراتها المختصرة والمبسطة والعفوية والدالة عليها، وهو أكثر من ذلك يجعلها متداخلة مع الحركات اللونية التجريدية الغنائية، التي تشغل كامل مساحة اللوحة.
ومن الناحية التقنية يتعامل مع الألوان، من خلال إبراز سماكاتها ودلالاتها المرتبطة بالواقع. وهكذا تبرز تنويعات التداخل بين اشارات الواقع والحركات اللونية التجريدية الغنائية، والصارخة في أكثر الأحيان، وهنا تتجلى حركة إشارات الواقع، رغم مظهر اللوحة التجريدي.
فالبحث عن مناخات مختصرة لتكاوين الأشكال الطبيعية والانسانية والعناصر الأخرى، شكل في لوحات رامي صابور هواجس لاختبار الإيقاعات التشكيلية المتداولة في الفن الحديث، والقائمة على إلغاء الثرثرة التفصيلية، وإعطاء أهمية قصوى للإيقاع اللوني النابض بالحيوية والحركة، والإبقاء على جوهر الحركة العفوية، التي تجسد روح الشكل متجاوزة ومتخطية قشوره الخارجية.
وهو يمتلك القدرة على الاختزال بجرأة مطلقة، في تكاوينه التعبيرية والرمزية والتجريدية، ضمن معطيات المناخية المشرقية، مع إعطاء أهمية للجوانب التشكيلية الغنائية، فنجد التقاطعات والحركات واللمسات والضربات، التي يعمل فيها على تخطي صفاء المساحة، وهذا يعمل على كسر أناقة وصفاء المساحة، ويبتعد بها عن الإبهار الصالوني والتزييني.
وهو لا يتوقف عند حدود معينة في معالجة المادة والمساحة، وإنما يتنقل من معالجة إلى أخرى، ويصل أحياناً إلى إضفاء المزيد من اللمسات والحركات والتشكيلات اللونية الشاقولية باستخدام سكين الرسم الحادة (لوحته: البوابة الخضراء) وهذا يساعد في اكتشاف حساسيات بصرية مختلفة ومتفاوتة في فراغ السطح التصويري.
وفي ضوء ذلك يعمل على إيجاد نوع من الموازنة والمواءمة بين الجانب التعبيري، المتمثل بتبسيط الأشكال وإبراز انفعالية اللون، وبين الجانب التجريدي الذي يعمل من خلاله على معالجة المساحة، وإيجاد إيقاعات بصرية اهتزازية في بنيتها للوصول إلى إيقاعات اللون أو ما يسمى بموسيقا اللوحة، وتقاسيمها المرئية المسموعة بالعين.
ورامي صابور الذي تخرج من محترفات كلية الفنون الجميلة في دمشق عام 2003وأقام ستة معارض فردية (تنقلت بين اللاذقية2001وجبلة2001 وحلب 2009ودمشق2001ـ2003ـ 2005) وشارك في معارض جماعية رسمية وخاصة وبينالات (أقيمت في نيويورك وايران ودمشق وحلب واللاذقية وجبلة) وحاز من خلال بعضها على شهادات تقدير (بينالي إيران الدولي 2006وبينالي المحبة الخامس 2003) يظهر حركة اللون التجريدي التلقائي والعفوي كعنصر بصري أساسي، إذ يبدو موزعاً على كامل مساحة اللوحة، إلا أن هذه الحركة لا تنحصر بما هو تجريدي، كما أشرنا، إنما ترتكز إلى ما هو تعبيري ورمزي.
وهو يذهب إلى إظهار كثافة المادة اللونية، ويعمل احياناً لإبراز حركات لونية عريضة، تضرب المساحة بعنف ارتجالي، مما يذكرنا بجانب من التجريد الانفعالي الحركي.
لكن ما هو بارز في هذه الانفعالية، اعتمادها على ثقافة بصرية، فاللوحة الحديثة في كل حالاتها وتحولاتها وتنقلاتها بين الواقع والتجريد، ما هي الا فسحة لطرح قضايا ثقافية معاصرة، وهذا ينطبق على لوحاته المتجهة في أحيان كثيرة نحو التجريد والاختزال والعفوية المطلقة.
تزخيم الحركة
من ناحية أخرى يتعامل رامي صابور مع إيقاعات الألوان المتحررة بعفوية بارزة، تحمل ملامح وأجواء شرقية مستشفة، من الذاكرة، من خلال إبراز إضاءة اللون وصراحته بغنائية وشاعرية، فهو يبحث دائماً عن إشراقة أمل وفجر جديد في استعادة ألوان الشرق الزاهية، كأنه يسعى وراء كشف الحقائق والإشراق اللوني المفعم بحب الحياة.
وهذا يعني أنه يطلق في لوحاته ما يشبه المعزوفة البصرية، ذات الإيقاعات اللونية المتوهجة، حيث يوزع لمساته اللونية الساطعة في زوايا اللوحة أو يضاعفها وينثرها في المساحة، بما يضمن حضور الضوء الشرقي، وما يضمن إبراز ثمرة وخلاصة خبرته التقنية في معالجة الألوان، وتحقيق خطوات الوصول الى تقنيات فنون العصر، عن طريق تسميك العجينة اللونية، التي يجعل منها مادة ذات أبعاد جمالية وتعبيرية، تنقل الحس المباشر الداخلي، ولا تعمل على تقليد الشكل الخارجي أو التماهي مع المشهدية الصالونية التجارية.
وإذا كنا أشرنا إلى أن المادة اللونية غالباً ماتكون مشغولة بعفوية مطلقة وبعنف تعبيري وبسماكة، بحيث تبدو في أحيان كثيرة صارخة، إلا أن هذا لايمنعه من العودة أحياناً الى الواقعية، وتجسيد المشهد الطبيعي أو البحري، بعفوية ملطفة وأكثر اقتراباً من الواقع، بحيث تنأى لوحته هنا عن الصياغة التعبيرية التجريدية الموجودة في أغلب أعماله الأخرى.
ويمكن القول أن احتكاك رامي صابور الدائم ونشاطه اليومي، سمح له بتقديم مساحات لونية مشغولة بتنوع تقني، تحركه دائماً انفعالات متنوعة، ترتد في كل مرة نحو الداخل والعمق. والواضح في بعض لوحاته تلك الرغبة البادية في إظهار البريق اللوني، والاهتمام بتقديم الموضوع نفسه على أنه صدى او اشارة أو تجريد لوني للشيء المستعاد من تداعيات الذاكرة البصرية