تم إثبات صِحّة نظرية النسبية العامة لأينشتاين مرة أخرى، وهذه المرّة، أثبت العلماء مدى دقتها: أية انحرافات عن نظرية النسبية العامة صغيرة جداً لدرجة أنها لن تغير الحسابات إلا ما بين جزء من 10,000 إلى جزء من 100,000
مرّة بعد أخرى، تُبرهن التجارب صِحة نظرية النسبية العامة لأينشتاين، التي تصف سلوك الجاذبية، خاصة مع السرعات العالية والكتل الكبيرة. في الدراسات الجديدة، تَفحَّص علماء الفيزياء كمّ البيانات لمدارات الكواكب للبحث عن الشواذ الصغيرة التي لا يمكن تفسيرها عن طريق نظرية إسحاق نيوتن للجاذبية – التي تنُص على أن الجاذبية هي قوّة بين الأجسام تتعلق بكتلتها – أو نظرية النسبية العامة لأينشتاين، التي تقول بأن الجاذبية هي انحناء الزمكان ذاته. ولا تزال النسبية العامة صامدة مجدداً.
هل تزداد الجاذبية؟
في تجربة جديدة قام فريق دولي من العلماء يترأسهم أوريليان هيس Aurelien Hees وهو عالم رياضيات بجامعة رودس بجنوب إفريقيا Rhodes University in South Africa بالبحث عن خروقات لما يسمى “تناظر لورنتز” Lorentz symmetry أو “ثبات لورنتز” Lorentz invariance وهو جزء رئيسي لكل من نظريتي النسبية الخاصة والعامة.
هذا المبدأ ينص على أن قوانين الفيزياء لا تتغير بغض النظر عن سرعتك أو اتجاهك. على سبيل المثال، عالمة داخل صاروخ يتحرك في خط مستقيم بسرعة ثابتة قد ترى أنّ تجاربها تعطِي نفس النتائج إذا ما أُنجزت في غرفة مغلقة على الأرض – دون النظر خارجاً، لن تكون هنالك طريقة لتعرف ما إذا كانت تخترق الغلاف الجوي بالصاروخ. (أي شخص قد يختبر ذلك على الطائرة: في غياب الاضطرابات والاهتزاز من المحركات، لا يمكنك القول إن كنت أنت أو الطائرة تتحركان أم لا دون النظر عبر النافذة).
تنص إحدى نتائج تناظر لورنتز على أن الجاذبية لا تملك اتجاهاً مفضلاً. فالجاذبية على الأرض تسحبك بنفس الطريقة سواءً أطلقت صاروخاً من روسيا أو الولايات المتحدة الأمريكية، من القطب الشمالي أو الجنوبي. وهذا لا يتعلّق بالاختلافات الناجمة عن شكل الأرض بل بسلوك الجاذبية فقط – فهي دائماً تجذب الأشياء نحو مركز الكتلة.
من الممكن استغلال المدارات الكوكبية في البحث عن أي خرق للتناظر. حتى الآن، تُقاس المدارات باستخدام قانون نيوتن مع التصحيح في النسبية العامة. إذا تم خرق تناظر لورنتز فستكون المدارات مختلفة وسوف تنحرف قليلاً بقيمة يمكن قياسها.
نفس تلك المدارات استُخدمت لإثبات أن النسبية العامة صحيحة. بالعودة إلى عام 1859، لاحظ العلماء أن مدار كوكب عطارد كان يغير توجهه عبر الزمن – وهي عملية تسمى “البدارية precession”. كل الكواكب تدور حول الشمس في إهليجات وليس في دوائر كاملة، وتقوم الأقطار الكبرى للإهليج بالدوران ببطء حينما تسحب الكواكب بعضها. لكن مدار عطارد كان يتحرك بسرعة أكبر مما تَنبأت به معادلة نيوتن، حتى عندما أُدرج السَّحْب الطفيف لجميع الكواكب الأخرى. كان الفارق ضئيلاً –جزءاً من المائة من الدرجة كل قرن فقط– لكنه كان موجوداً.
في ذلك الوقت، تَوقَّع العلماء وجود كوكب آخر (سُمّي فولكان Vulcan على اسم إله الحرب الروماني) داخل مدار عطارد. لم يجد أحد الكوكب فولكان، لذلك بدَا من الواضح أن ثمة خطْباً ما. في عام 1915، قام أينشتاين بحل المشكلة دون الحاجة إلى الكوكب المُفتَرض. استطاعت النسبية العامة أن تحسب ذلك الفارق الضئيل لقوانين نيوتن.
للبحث عن خرق لتناظر لورينتز، راجع هيس وفريقه لعدة أعوام بيانات وتحاليل الأرصاد حول المسافات بين الكواكب والقمر كما قيست بالمسابر الفضائية، والمراصد الأرضية، وأجهزة القياس بالليزر والموجودة في مُوَحد الكواكب الرقمي بمرصد باريس لأهمية خاصة هي معرفة كيف ينزاح المدار البيضاوي لكل كوكب على مرّ الزمن.
تميل المدارات حول الشمس (أو رحلة القمر حول الأرض) قليلاً بالنسبة لمدار الأرض. وتسمى النقطة التي يقطع فيها كوكب ما مدار الأرض متحركاً من الجنوب إلى الشمال بـ”العقدة الصاعدة ascending node” تتغير تلك الزاوية بمقدار ضئيل لأن كلّ كوكب يتم جرّه بفعل جاذبية الكواكب الأخرى.
هذه الملاحظات من نفس النوع الذي أظهر التناقض فيما يخص مدار عطارد في القرن التاسع عشر، وقد سعت مجموعات متعددة من العلماء لرصد ولو أثر ضئيل للنسبية العامة على الكواكب الأخرى، مثل كوكب الزهرة، المريخ، المشتري، زحل وحتى الأرض. لكن الآن، يمكن للعلماء الاعتماد على النسبية العامة وإضافة تصحيحات بسيطة لقوانين نيوتن في الحركة.
استخدَم فريق هيس كل تلك البيانات لمعرفة مدى دقة نظرية أينشتاين فقط، ولتحديد أين يجب البحث عن أي خرق. إذا وُجد أي خرق لتناظر لورنتز فإنّ شكل الأهاليج التي تحدد مدارات الكواكب، والتي تعرف بـ”المدارات اللامركزية eccentricities” يجب أن تتغير. إضافة إلى ذلك، الميل المداري –الإمالة بالنسبة لمدار الأرض– يجب أن يتغير بطرق غير مأخوذة بعين الاعتبار في نظرية نيوتن مع التصحيحات في النسبية العامة.
لموازنة الفرق بين التوقعات الحالية للنسبية العامة والأرصاد الواقعية، يستخدم علماء الفيزياء أعداداً تسمى “معاملات تمديد النموذج المعياري” التي يجب أن تعادل الصفر إذا احتسبت قوانين نيوتن والنسبية كل الحركات لكل كوكب.
لم تكن كل المعاملات معدومة لكنها كانت صغيرة جداً بمعدل ما بين واحد من المليار إلى واحد من تريليون ما يعني أنهم يتفقون مع قوانين أينشتاين على الأقل بجزء من 10,000 إلى جزء من 100,000. وأشار هييس إلى أن الأمر المهم هو أن المعدل يخبرك بماهية الحدود في أي نظرية جديدة. ويذكر هييس لموقع لايف ساينس: “نحن لا نعرف حقاً أين يمكن أن يظهر بعض الانحراف.”
فيزياء جديدة
قد يبدو هذا عملاً شاقاً من أجل تجريب نظرية أُثبِت أنها صحيحة مرات ومرات. لكن، مثل تلك التجارب مهمة لإيجاد نظريات جديدة تتجاوز النسبية العامة التي تأكّد العلماء من وجودها.
ويختتم بول سوتر Paul M. Sutter عالم الفيزياء الفلكية بجامعة أوهايو Ohio State University: “لقد جُمِعت بيانات عن حركة الكواكب على مدى عقود للبحث عن الانحرافات في ثبات لورنتز، وهو حجر الزاوية في كل من [النسبية الخاصة والعامة] والنموذج القياسي لفيزياء الجسيمات. إذا وَجد شخص ما دليلاً عن هذا [الخرق]، فسيستحق جائزة نوبل مباشرة.”
مرّة بعد أخرى، تُبرهن التجارب صِحة نظرية النسبية العامة لأينشتاين، التي تصف سلوك الجاذبية، خاصة مع السرعات العالية والكتل الكبيرة. في الدراسات الجديدة، تَفحَّص علماء الفيزياء كمّ البيانات لمدارات الكواكب للبحث عن الشواذ الصغيرة التي لا يمكن تفسيرها عن طريق نظرية إسحاق نيوتن للجاذبية – التي تنُص على أن الجاذبية هي قوّة بين الأجسام تتعلق بكتلتها – أو نظرية النسبية العامة لأينشتاين، التي تقول بأن الجاذبية هي انحناء الزمكان ذاته. ولا تزال النسبية العامة صامدة مجدداً.
هل تزداد الجاذبية؟
في تجربة جديدة قام فريق دولي من العلماء يترأسهم أوريليان هيس Aurelien Hees وهو عالم رياضيات بجامعة رودس بجنوب إفريقيا Rhodes University in South Africa بالبحث عن خروقات لما يسمى “تناظر لورنتز” Lorentz symmetry أو “ثبات لورنتز” Lorentz invariance وهو جزء رئيسي لكل من نظريتي النسبية الخاصة والعامة.
هذا المبدأ ينص على أن قوانين الفيزياء لا تتغير بغض النظر عن سرعتك أو اتجاهك. على سبيل المثال، عالمة داخل صاروخ يتحرك في خط مستقيم بسرعة ثابتة قد ترى أنّ تجاربها تعطِي نفس النتائج إذا ما أُنجزت في غرفة مغلقة على الأرض – دون النظر خارجاً، لن تكون هنالك طريقة لتعرف ما إذا كانت تخترق الغلاف الجوي بالصاروخ. (أي شخص قد يختبر ذلك على الطائرة: في غياب الاضطرابات والاهتزاز من المحركات، لا يمكنك القول إن كنت أنت أو الطائرة تتحركان أم لا دون النظر عبر النافذة).
تنص إحدى نتائج تناظر لورنتز على أن الجاذبية لا تملك اتجاهاً مفضلاً. فالجاذبية على الأرض تسحبك بنفس الطريقة سواءً أطلقت صاروخاً من روسيا أو الولايات المتحدة الأمريكية، من القطب الشمالي أو الجنوبي. وهذا لا يتعلّق بالاختلافات الناجمة عن شكل الأرض بل بسلوك الجاذبية فقط – فهي دائماً تجذب الأشياء نحو مركز الكتلة.
من الممكن استغلال المدارات الكوكبية في البحث عن أي خرق للتناظر. حتى الآن، تُقاس المدارات باستخدام قانون نيوتن مع التصحيح في النسبية العامة. إذا تم خرق تناظر لورنتز فستكون المدارات مختلفة وسوف تنحرف قليلاً بقيمة يمكن قياسها.
نفس تلك المدارات استُخدمت لإثبات أن النسبية العامة صحيحة. بالعودة إلى عام 1859، لاحظ العلماء أن مدار كوكب عطارد كان يغير توجهه عبر الزمن – وهي عملية تسمى “البدارية precession”. كل الكواكب تدور حول الشمس في إهليجات وليس في دوائر كاملة، وتقوم الأقطار الكبرى للإهليج بالدوران ببطء حينما تسحب الكواكب بعضها. لكن مدار عطارد كان يتحرك بسرعة أكبر مما تَنبأت به معادلة نيوتن، حتى عندما أُدرج السَّحْب الطفيف لجميع الكواكب الأخرى. كان الفارق ضئيلاً –جزءاً من المائة من الدرجة كل قرن فقط– لكنه كان موجوداً.
في ذلك الوقت، تَوقَّع العلماء وجود كوكب آخر (سُمّي فولكان Vulcan على اسم إله الحرب الروماني) داخل مدار عطارد. لم يجد أحد الكوكب فولكان، لذلك بدَا من الواضح أن ثمة خطْباً ما. في عام 1915، قام أينشتاين بحل المشكلة دون الحاجة إلى الكوكب المُفتَرض. استطاعت النسبية العامة أن تحسب ذلك الفارق الضئيل لقوانين نيوتن.
للبحث عن خرق لتناظر لورينتز، راجع هيس وفريقه لعدة أعوام بيانات وتحاليل الأرصاد حول المسافات بين الكواكب والقمر كما قيست بالمسابر الفضائية، والمراصد الأرضية، وأجهزة القياس بالليزر والموجودة في مُوَحد الكواكب الرقمي بمرصد باريس لأهمية خاصة هي معرفة كيف ينزاح المدار البيضاوي لكل كوكب على مرّ الزمن.
تميل المدارات حول الشمس (أو رحلة القمر حول الأرض) قليلاً بالنسبة لمدار الأرض. وتسمى النقطة التي يقطع فيها كوكب ما مدار الأرض متحركاً من الجنوب إلى الشمال بـ”العقدة الصاعدة ascending node” تتغير تلك الزاوية بمقدار ضئيل لأن كلّ كوكب يتم جرّه بفعل جاذبية الكواكب الأخرى.
هذه الملاحظات من نفس النوع الذي أظهر التناقض فيما يخص مدار عطارد في القرن التاسع عشر، وقد سعت مجموعات متعددة من العلماء لرصد ولو أثر ضئيل للنسبية العامة على الكواكب الأخرى، مثل كوكب الزهرة، المريخ، المشتري، زحل وحتى الأرض. لكن الآن، يمكن للعلماء الاعتماد على النسبية العامة وإضافة تصحيحات بسيطة لقوانين نيوتن في الحركة.
استخدَم فريق هيس كل تلك البيانات لمعرفة مدى دقة نظرية أينشتاين فقط، ولتحديد أين يجب البحث عن أي خرق. إذا وُجد أي خرق لتناظر لورنتز فإنّ شكل الأهاليج التي تحدد مدارات الكواكب، والتي تعرف بـ”المدارات اللامركزية eccentricities” يجب أن تتغير. إضافة إلى ذلك، الميل المداري –الإمالة بالنسبة لمدار الأرض– يجب أن يتغير بطرق غير مأخوذة بعين الاعتبار في نظرية نيوتن مع التصحيحات في النسبية العامة.
لموازنة الفرق بين التوقعات الحالية للنسبية العامة والأرصاد الواقعية، يستخدم علماء الفيزياء أعداداً تسمى “معاملات تمديد النموذج المعياري” التي يجب أن تعادل الصفر إذا احتسبت قوانين نيوتن والنسبية كل الحركات لكل كوكب.
لم تكن كل المعاملات معدومة لكنها كانت صغيرة جداً بمعدل ما بين واحد من المليار إلى واحد من تريليون ما يعني أنهم يتفقون مع قوانين أينشتاين على الأقل بجزء من 10,000 إلى جزء من 100,000. وأشار هييس إلى أن الأمر المهم هو أن المعدل يخبرك بماهية الحدود في أي نظرية جديدة. ويذكر هييس لموقع لايف ساينس: “نحن لا نعرف حقاً أين يمكن أن يظهر بعض الانحراف.”
فيزياء جديدة
قد يبدو هذا عملاً شاقاً من أجل تجريب نظرية أُثبِت أنها صحيحة مرات ومرات. لكن، مثل تلك التجارب مهمة لإيجاد نظريات جديدة تتجاوز النسبية العامة التي تأكّد العلماء من وجودها.
ويختتم بول سوتر Paul M. Sutter عالم الفيزياء الفلكية بجامعة أوهايو Ohio State University: “لقد جُمِعت بيانات عن حركة الكواكب على مدى عقود للبحث عن الانحرافات في ثبات لورنتز، وهو حجر الزاوية في كل من [النسبية الخاصة والعامة] والنموذج القياسي لفيزياء الجسيمات. إذا وَجد شخص ما دليلاً عن هذا [الخرق]، فسيستحق جائزة نوبل مباشرة.”