عبد الله بن علي العباسي
(…ـ 147هـ/… ـ 764م)
عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عم الخليفتين العباسيين أبو العباس السفاح وأبو جعفر المنصور، وأحد القادة البارزين في صراع العباسيين مع مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين، وأدهى بني العباس وأكثرهم حيلة وحكمة وكيداً.
عندما تولى أبو العباس الخلافة العباسية طلب من بني العباس رجلاً يحارب مروان بن محمد ويتخلص من الأمويين، وقال: «إن من حاربه وغلبه لحقيق أن يكون ولي العهد» فلم يتقدم إلا عبد الله بن علي.
قاد جيشاً ضد مروان بن محمد واستطاع هزيمته في معركة الزاب الشهيرة، ولاحق مروان إلى الموصل فحَرَّان فمَنْبِج ثم قِنِّسْرين، وعندما وصل إلى دمشق نزل باب الشرقي، وفُتِحَتْ له أبوابها يوم الأربعاء 10رمضان 132هـ/26 نيسان750م.
أقام في دمشق خمسة عشر يوماً، ثم سار إلى الأردن وفلسطين، ومن هناك أرسل سرية تقتفي أثر الخليفة الهارب، فَقُبض عليه في بوصير من أعمال الفَيِّوم في مصر، وكان قد التجأ إليها، وقتل في 27 ذي الحجة 132هـ/5 آب 750م. وتمكن عبد الله من القضاء على ثورة خطيرة تفجرت في سورية بقيادة أبي محمد، من أحفاد الخليفة الأموي معاوية الأول، وأبي الورد بن الكوثر حاكم قنسرين.
لم يتورع القائد العباسي عبد الله بن علي في اتخاذ أعنف الوسائل في استئصال رجال البيت الأموي وفي سنة 133 هـ/750م كتب أبو العباس إلى عبد الله يعلمه أن قسطنطين طاغية الروم قد حاصر ملطية، وأمره أن يبث جيوشه في نواحي الثغور، وزحف يقطع الدروب، ولم يزل على تلك الحال حتى وصل إليه خبر وفاة أبي العباس، وما كان من عهد أبي العباس لأبي جعفر ومبايعة العباسيين له، واجتماعهم عليه، فأعلن عبد الله الثورة معتمداً على جيش كثير العدد يقوده، ودعا الناس لبيعته، وجعل بيعة المنصور باطلة لأن أبا العباس وعد من يخرج لقتال مروان بن محمد بأنه ولي عهده.
ارتحل عبد الله من دُلوك (بليدة من نواحي حلب في منطقة الثغور) واستولى على حَرَّان، وتحصَّن بها، وأيَّده عدد كبير من رجال الجيش الذي كان يقوده، مما أضعف موقف الخليفة الجديد، وكان عليه أن يحزم الأمر ويقضي على ثورة عمِّه، وبما أن معظم قوات عبد الله كانت من الخُرَاسانِيِّين، فإن المنصور رأى أن يختار أبا مسلم الخُراساني لقتاله، وكان هدفه من ذلك أن يضعف قوات عبد الله بانضمام الخُرَاسانِيِّين في جيشه إلى أبي مسلم عند اللقاء الأول، كما أنعم على الجند الذين أرسلهم معه بالعطاء والأرزاق.
أدرك عبد الله بن علي غاية المنصور، وخشي خيانة جنوده الخُرَاسَانِيِّين، فرأى أن يتخلّص منهم، ومن القائد العربي حُمَيْدُ بن قحطبة [ر]، إلا أن حميداً اكتشف المؤامرة، وفرَّمع أنصاره.
تحصن عبد الله بحرَّان، وجمع إليه الجنود والسلاح، وخندقَ، وجمع إليه الطعام ونصب المنجانيق والعرّادات، وسدَّ الطريق على من يقصده من العراق، وجعل كل القرى والمناطق المزروعة خلفه إمداداً له.
أقبل أبو مسلم متجهاً نحو الشام، فرأى عبد الله بن علي يعسكر في منطقة حصينة، وقدَّر صعوبة القضاء عليه في هذه المنطقة، فقرر أن يستعمل الحِنْكَةَ والدهاء، ليفرق بين عبد الله وأصحابه من أهل الشام، فكتب إليه يخبره بأنه لم يؤمر بقتله، وأنّ الخليفة ولاّه الشام، وأنه ذاهب إليها، وقد تحقق لأبي مسلم ما أراد، لأن أهل الشام أخذوا يطالبون عبد الله بالعودة إليها، للدفاع عن حرمهم وأموالهم، حاول عبد الله جاهداً أن يوضح لأهل الشام بأن تلك حيلة من أبي مسلم ليخرجهم من مناطقهم الحصينة، ولكن نفوسهم لم تطب وأبوا إلا المسير إلى الشام.
ما إن ارتحل عبد الله ملبياً رغبة جنوده حتى استغل أبو مسلم الفرصة، وخندق مكان خصمه، واستولى على جميع ما في الخندق، ثم أفسد المياه التي حوله، والتي كان في الإمكان أن يفيد منها عبد الله وجنوده فيما لو عادوا إلى القتال.
بلغ عبد الله خبر نزول أبي مسلم بمعسكره، وحاول العودة إلى معسكره فلم يستطع، فعسكر قريباً منه، وبدأ القتال بين الطرفين فكان سجالاً، وامتد ما يقارب ستة أشهر (136ـ137هـ) انتهت بهزيمة عبد الله الذي التجأ إلى أخيه سليمان بن علي في البصرة، وتوارى وأصحابه خوفاً على أنفسهم، فكتب أبو جعفر إلى سليمان يطلب منه إحضار عبد الله وأعطاه الأمان، ثم أمر بحبسه، واستمر حبسه سبع سنوات، وقيل إن البيت الذي حبس فيه وقع عليه فقتله.
محمد عاصم عيشونة
(…ـ 147هـ/… ـ 764م)
عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عم الخليفتين العباسيين أبو العباس السفاح وأبو جعفر المنصور، وأحد القادة البارزين في صراع العباسيين مع مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين، وأدهى بني العباس وأكثرهم حيلة وحكمة وكيداً.
عندما تولى أبو العباس الخلافة العباسية طلب من بني العباس رجلاً يحارب مروان بن محمد ويتخلص من الأمويين، وقال: «إن من حاربه وغلبه لحقيق أن يكون ولي العهد» فلم يتقدم إلا عبد الله بن علي.
قاد جيشاً ضد مروان بن محمد واستطاع هزيمته في معركة الزاب الشهيرة، ولاحق مروان إلى الموصل فحَرَّان فمَنْبِج ثم قِنِّسْرين، وعندما وصل إلى دمشق نزل باب الشرقي، وفُتِحَتْ له أبوابها يوم الأربعاء 10رمضان 132هـ/26 نيسان750م.
أقام في دمشق خمسة عشر يوماً، ثم سار إلى الأردن وفلسطين، ومن هناك أرسل سرية تقتفي أثر الخليفة الهارب، فَقُبض عليه في بوصير من أعمال الفَيِّوم في مصر، وكان قد التجأ إليها، وقتل في 27 ذي الحجة 132هـ/5 آب 750م. وتمكن عبد الله من القضاء على ثورة خطيرة تفجرت في سورية بقيادة أبي محمد، من أحفاد الخليفة الأموي معاوية الأول، وأبي الورد بن الكوثر حاكم قنسرين.
لم يتورع القائد العباسي عبد الله بن علي في اتخاذ أعنف الوسائل في استئصال رجال البيت الأموي وفي سنة 133 هـ/750م كتب أبو العباس إلى عبد الله يعلمه أن قسطنطين طاغية الروم قد حاصر ملطية، وأمره أن يبث جيوشه في نواحي الثغور، وزحف يقطع الدروب، ولم يزل على تلك الحال حتى وصل إليه خبر وفاة أبي العباس، وما كان من عهد أبي العباس لأبي جعفر ومبايعة العباسيين له، واجتماعهم عليه، فأعلن عبد الله الثورة معتمداً على جيش كثير العدد يقوده، ودعا الناس لبيعته، وجعل بيعة المنصور باطلة لأن أبا العباس وعد من يخرج لقتال مروان بن محمد بأنه ولي عهده.
ارتحل عبد الله من دُلوك (بليدة من نواحي حلب في منطقة الثغور) واستولى على حَرَّان، وتحصَّن بها، وأيَّده عدد كبير من رجال الجيش الذي كان يقوده، مما أضعف موقف الخليفة الجديد، وكان عليه أن يحزم الأمر ويقضي على ثورة عمِّه، وبما أن معظم قوات عبد الله كانت من الخُرَاسانِيِّين، فإن المنصور رأى أن يختار أبا مسلم الخُراساني لقتاله، وكان هدفه من ذلك أن يضعف قوات عبد الله بانضمام الخُرَاسانِيِّين في جيشه إلى أبي مسلم عند اللقاء الأول، كما أنعم على الجند الذين أرسلهم معه بالعطاء والأرزاق.
أدرك عبد الله بن علي غاية المنصور، وخشي خيانة جنوده الخُرَاسَانِيِّين، فرأى أن يتخلّص منهم، ومن القائد العربي حُمَيْدُ بن قحطبة [ر]، إلا أن حميداً اكتشف المؤامرة، وفرَّمع أنصاره.
تحصن عبد الله بحرَّان، وجمع إليه الجنود والسلاح، وخندقَ، وجمع إليه الطعام ونصب المنجانيق والعرّادات، وسدَّ الطريق على من يقصده من العراق، وجعل كل القرى والمناطق المزروعة خلفه إمداداً له.
أقبل أبو مسلم متجهاً نحو الشام، فرأى عبد الله بن علي يعسكر في منطقة حصينة، وقدَّر صعوبة القضاء عليه في هذه المنطقة، فقرر أن يستعمل الحِنْكَةَ والدهاء، ليفرق بين عبد الله وأصحابه من أهل الشام، فكتب إليه يخبره بأنه لم يؤمر بقتله، وأنّ الخليفة ولاّه الشام، وأنه ذاهب إليها، وقد تحقق لأبي مسلم ما أراد، لأن أهل الشام أخذوا يطالبون عبد الله بالعودة إليها، للدفاع عن حرمهم وأموالهم، حاول عبد الله جاهداً أن يوضح لأهل الشام بأن تلك حيلة من أبي مسلم ليخرجهم من مناطقهم الحصينة، ولكن نفوسهم لم تطب وأبوا إلا المسير إلى الشام.
ما إن ارتحل عبد الله ملبياً رغبة جنوده حتى استغل أبو مسلم الفرصة، وخندق مكان خصمه، واستولى على جميع ما في الخندق، ثم أفسد المياه التي حوله، والتي كان في الإمكان أن يفيد منها عبد الله وجنوده فيما لو عادوا إلى القتال.
بلغ عبد الله خبر نزول أبي مسلم بمعسكره، وحاول العودة إلى معسكره فلم يستطع، فعسكر قريباً منه، وبدأ القتال بين الطرفين فكان سجالاً، وامتد ما يقارب ستة أشهر (136ـ137هـ) انتهت بهزيمة عبد الله الذي التجأ إلى أخيه سليمان بن علي في البصرة، وتوارى وأصحابه خوفاً على أنفسهم، فكتب أبو جعفر إلى سليمان يطلب منه إحضار عبد الله وأعطاه الأمان، ثم أمر بحبسه، واستمر حبسه سبع سنوات، وقيل إن البيت الذي حبس فيه وقع عليه فقتله.
محمد عاصم عيشونة