جسور مقاطعة ماديسون The Bridges of Madison County
هل يتناول هذا الفيلم ــ الذي ترسخ في ذاكرات مشاهديه منذ صدوره عام 1995 ــ هل يتناول موضوعة الحب القائم بذاته أم موضوعة الفراغ العاطفي و الحاجة الى ملئِهِ ؟ الحقيقة إن المشهد الأخيرَ من الفيلم يقدم إلينا جواباً محيراً يعمق حيرة السؤال حول هذه العلاقة العابرة ــ التي استغرقت أربعة أيام فقط ــ ولكن العميقة و المؤثرة ، بين " روبرت كينكايد " ( كلينت إيستوود ) و " فرانشيسكا جونسون " ( ميريل ستريب ) ، كما أن التركات المادية و المعنوية لإبنها " مايكل " ( فيكتور سيلزاك ) و إبنتها " كارولين " ( آني كورلي ) لِما بعد وفاتها و وصيتها بأن يُحرق جسدها بعد الوفاة و أن يُنثرَ رمادُه من على جسر ( روزمان ) ، و هي ذات وصية " روبرت " أيضاً و الذي أوصى بمعظم أملاكه لها بعد وفاته ، كل هذا قد يتجاوز مسألة ملء فراغٍ عاطفي عبر أربعة أيام غاب خلالها زوجها " ريتشارد " ( جيم هيني ) مع إبنيهما لحضور مهرجان للثيران في ( ألينوي ) . ما يعني أن الفراغ قد حصل منذ فترة طويلة على الرغم من سلامة الوشائج في الأسرة و خصوصاً بين " فرانشيسكا " و زوجها ، ولكن هذا الإنغمار في الحب ــ عميقاً ــ بينها و بين " روبرت " خلال هذه الفترة الوجيزة لا يبعث على الحيرة فحسب بل يدفع الى التأمل في معنى الحب و البحث عن تفسير هذه الحالة النادرة .
" فرانشيسكا " دونت في ثلاثة دفاتر كل الحكاية التي حصلت عام 1965 عندما وصل كهلٌ وسيمٌ ضلَّ طريقه الى جسر ( روزمان ) ، و هو مصورٌ يعمل لصالح مجلة ( ناشيونال جيوگرافيك ) و قد جاء ليصور جسور بلدة ( ماديسون ) المسقوفة . و من هنا بدأت دراما الفيلم ، المأخوذ عن رواية بذات العنوان ( جسور مقاطعة ماديسون ) للكاتب الأمريكي " روبرت جيمس والر " ( 1939 ــ 2017 ) و التي كانت الأكثر مبيعاً حين صدورها ، بسبب موضوعها الذي كان خارج السياق الإجتماعي العام ، خصوصاً في ولاية ( أيَوا ) الأمريكية المحافظة ، لذلك أثارت فضول الناس ، و عندما حوّل المخرج " كلينت إيستوود " الرواية الى فيلم ، و هو نفسُهُ بطلُهُ ، فإن الرغبة لدى الناس ازدادت في رؤيةٍ بصريةٍ لأحداث الرواية ، و الفيلم الذي كلّفت ميزانيته 22 مليون دولار حصد شبّاكُ تذاكرِهِ 182 مليوناً.
الأيام الأربعة التي عاشتها " فرانشيسكا " مع " روبرت " قلبت كل موازين حياتها ، و أحدثت هزةً وجدانية في حياته ، و كادت هي أن تتّبع عاطفتها التي فاضت و أن تسافر معه ، كونه يجوب العالم ، لولا أنها حكّمت عقلها و فكرت بإبنيها المراهقَين و بزوجها الطيب ، و فكرت بالجانب الإجتماعي لأسرتها التي سيلحق بسمعَتِها الأذى في مجتمعٍ محافظٍ كمجتمع ( أيَوا ) ، الذي يستنكر الخيانة الزوجية و الخروج على الأعراف الدينية و الإجتماعية في ذلك الوقت.
في تقديري لم يكن لَيَـليقُ بهذا الفيلم أن يكون بَطلـَـيهِ غيرُ " ميريل ستريب " و " كلينت إيستوود " .
هادي ياسين
هل يتناول هذا الفيلم ــ الذي ترسخ في ذاكرات مشاهديه منذ صدوره عام 1995 ــ هل يتناول موضوعة الحب القائم بذاته أم موضوعة الفراغ العاطفي و الحاجة الى ملئِهِ ؟ الحقيقة إن المشهد الأخيرَ من الفيلم يقدم إلينا جواباً محيراً يعمق حيرة السؤال حول هذه العلاقة العابرة ــ التي استغرقت أربعة أيام فقط ــ ولكن العميقة و المؤثرة ، بين " روبرت كينكايد " ( كلينت إيستوود ) و " فرانشيسكا جونسون " ( ميريل ستريب ) ، كما أن التركات المادية و المعنوية لإبنها " مايكل " ( فيكتور سيلزاك ) و إبنتها " كارولين " ( آني كورلي ) لِما بعد وفاتها و وصيتها بأن يُحرق جسدها بعد الوفاة و أن يُنثرَ رمادُه من على جسر ( روزمان ) ، و هي ذات وصية " روبرت " أيضاً و الذي أوصى بمعظم أملاكه لها بعد وفاته ، كل هذا قد يتجاوز مسألة ملء فراغٍ عاطفي عبر أربعة أيام غاب خلالها زوجها " ريتشارد " ( جيم هيني ) مع إبنيهما لحضور مهرجان للثيران في ( ألينوي ) . ما يعني أن الفراغ قد حصل منذ فترة طويلة على الرغم من سلامة الوشائج في الأسرة و خصوصاً بين " فرانشيسكا " و زوجها ، ولكن هذا الإنغمار في الحب ــ عميقاً ــ بينها و بين " روبرت " خلال هذه الفترة الوجيزة لا يبعث على الحيرة فحسب بل يدفع الى التأمل في معنى الحب و البحث عن تفسير هذه الحالة النادرة .
" فرانشيسكا " دونت في ثلاثة دفاتر كل الحكاية التي حصلت عام 1965 عندما وصل كهلٌ وسيمٌ ضلَّ طريقه الى جسر ( روزمان ) ، و هو مصورٌ يعمل لصالح مجلة ( ناشيونال جيوگرافيك ) و قد جاء ليصور جسور بلدة ( ماديسون ) المسقوفة . و من هنا بدأت دراما الفيلم ، المأخوذ عن رواية بذات العنوان ( جسور مقاطعة ماديسون ) للكاتب الأمريكي " روبرت جيمس والر " ( 1939 ــ 2017 ) و التي كانت الأكثر مبيعاً حين صدورها ، بسبب موضوعها الذي كان خارج السياق الإجتماعي العام ، خصوصاً في ولاية ( أيَوا ) الأمريكية المحافظة ، لذلك أثارت فضول الناس ، و عندما حوّل المخرج " كلينت إيستوود " الرواية الى فيلم ، و هو نفسُهُ بطلُهُ ، فإن الرغبة لدى الناس ازدادت في رؤيةٍ بصريةٍ لأحداث الرواية ، و الفيلم الذي كلّفت ميزانيته 22 مليون دولار حصد شبّاكُ تذاكرِهِ 182 مليوناً.
الأيام الأربعة التي عاشتها " فرانشيسكا " مع " روبرت " قلبت كل موازين حياتها ، و أحدثت هزةً وجدانية في حياته ، و كادت هي أن تتّبع عاطفتها التي فاضت و أن تسافر معه ، كونه يجوب العالم ، لولا أنها حكّمت عقلها و فكرت بإبنيها المراهقَين و بزوجها الطيب ، و فكرت بالجانب الإجتماعي لأسرتها التي سيلحق بسمعَتِها الأذى في مجتمعٍ محافظٍ كمجتمع ( أيَوا ) ، الذي يستنكر الخيانة الزوجية و الخروج على الأعراف الدينية و الإجتماعية في ذلك الوقت.
في تقديري لم يكن لَيَـليقُ بهذا الفيلم أن يكون بَطلـَـيهِ غيرُ " ميريل ستريب " و " كلينت إيستوود " .
هادي ياسين