معرض مدام توسود البريطاني
تماثيل صامتة وناطقة من الشمع لمشاهير العالم
معارض توسود متعددة في بريطانيا وغيرها ، لكنها في الأصل معرض واحد حمل إسم « مدام توسود » وضم مجموعة كبيرة من التماثيل الشمعية لأشهر الشخصيات السياسية والفنية في العالم . نظرة شاملة على هذا المعرض العريق والظروف المثيرة التي مرت عليه .
يعتبر معرض « مدام توسود » واحدا من اشهر متاحف الشمع في العالم حيث يمتد تاريخه إلى قرنين من الزمن .
ففي دلیل فرومسار الشهير لمدينة لندن والمعروف
باسم ( Fromers guide to london ) وصف متحف أو معرض ، مدام توسود ، على أنـه عبـارة عن مجموعة معارض ومشاهـد شاملة ولقطات مسرحية ومطاعم ومتاجر هدايا تتميز جميعها بكل ما هو غريب وعجيب ورائع إضافة لمـا فيه من إثارة ورعب احياناً ،
هذا وتستمر عمليـة تـزويـد المعرض بمجمـوعـات جـديـدة باستمرار ، كما أعيد ترميم كل جزء منه إعتباراً من العام ١٩٦٦ .
- اللوحات - المشاهد
اللوحـات أو المشـاهـد هي إسلوب تقليدي لعرض الشخصيات المعروفة التي لعبت أدواراً مبـاشـرة في بعض اشهر الأحداث التاريخية .
ومن هذه اللوحات : مشهد الملكة فيكتوريا تتلقى خبر تنصيبها ملكة لبريطانيا وهي في السابعة عشرة من عمرها .
مشهد ابن الـكـافـالـيـيـر وهـو يتعرض للاستجواب من خصوم الملك للكشف عن مـخـبـا والده الموالي .
لوحة ماري ملكة إسكوتلندا تتأهب للاعدام بينما إختبا كلبها تحت ملابسها .
هذا بالإضافة إلى لوحـات عديدة مماثلة ، وكل مشهد منها يمثل قصة دراماتيكية .
- متحف الشمع
فـي مـعـرض زجـاجـي يمكن العثور على مجموعة كبيرة من نـجـوم السينمـا والرياضة والمؤلفين ، وكذلك المزارع ذائع الصيت بيرسي ثروار وهـو يلقي نظرة على النباتات ؟ ..
جميع مواضيع اللوحات الشمعية تقريباً تحتل في متحف مدام توسود ، مواقع ذات ارجاء تتناسب معها ، ولا نستثني تلك الموجودة ، في المعرض الزجاجي هناك نشاهد صوفيا لورين منتصبة داخل شقتهـا في باريس و إللافيتز جيرالد جـالـسـة ضمن غرفة تبديل الثياب الخاصة بها في نـادي - روني سكـوت ، للجـاز بلندن امـا آغـانـا كريستي . فهي مثلها مثل مواضيع كثيرة غيرها ، أرسلت لتمثالها ثوباً من خزانتها الخاصة ، كما بعث الفريد هيتشكوك ببرقيـة تقـول « من اللحـم إلى الشـمـع ... حظ سعيد ! اماليزا مينيللي فقد اقترحت ان التدبير الأفضل هو مقابلتهـا لنحـات متحف مدام نوسود ، اثناء إقامتها في فندق
، سـافـوى ، فـي لنـدن وقد تقدمت بزوج من الرموش الاصطناعية التي تستعملها للتأكيد على أن مـزايا شبيهتها جاءت صحيحة التفاصيل .
هـذا وخلال رحلة قـام بـهـا لاري هاغـمـان إلى لندن زار إستـديـوهـات مـدام توسود ، لأخذ مقاييسه وتصويره فوتوغرافيا هناك وقد وهب تمثاله قبعة وثياباً من عنده ، كما تقدم بمسكبة اعشاب جاء بها من مزرعة شاوثفورك ، في دالاس كي تغرض إلى جانبه . اما رد فعله تجاه تمثاله فكانت بقوله « انظر الى هذا الشيطان الجميل ، ثم عندما ساله احد مراسلي تلفزيون ( BBC ) عما إذا كان مسرورا لاعادة صنعه من الشمع أجاب : هل تمزح ؟ .. عندما يصنعـون لك تمثالا في متحف مدام توسود . معنى هذا انك بلغت القمة . .
ولا شك ان وجود تمثال لشخص ما في متحف « مدام توسود ، هو احد معاني التعبير عن الشهرة . وكثيرون هـم الذيـن يـاتـون لمشاهدة انفسهم بعد تماثل لهـم هـنـاك دون الاعـلان عـن زيارتهم .
على انه يحدث للزوار من ذوي البصر الحاد في بعض الاحيان ان يلمحوا وجهاً مشهوراً يتحرك بينهم هكذا كان الحال مع بول ثميتي بعد انضمام تمثـاله الى المجموعة بقليـل . فقد جاء الى المدخل الرئيسي في ، مازيلبون رود ، ، وابتاع بطاقة ، ثم اتجه الى المعـرض الزجـاجي ، حيث جرى التاكيد عليه انه سيجد نفسه هناك جالساً في الوضع الذي اختاره بنفسه خلال جلسة في - ساتون بليس ، . منزله في سوراي ، انجلترا .
- أبطال
- ابطال - هي احدى المناطق المـتعـددة في متحف و مدام توسود ، حيث يستخدم الصوت
والضوء والتأثيرات الخاصة .
أمـا عن فكرة عرض التماثيل الشمعية بهذه الطريقة فقد نشات اول ما نشأت في أواخر الستينات من هذا القرن ، وهي فترة شهدت تغييراً مذهلا في مجالات الفن والتسلية .
الطبيعة التي سادت في ذلك الوقت اوجـدت مصدراً غنياً للاتجـاهـات الجديدة ، فجرى الجمع بين تـاثيـرات سمعية - بصرية وإعدادات خيالية لإعطاء نجـوم القمـة في متحف ، مـدام توسود ، تاثیراً اقوى .
منذ ذلك الوقت ومنطقة « ابطال » تضم شخصيات إقتضت استحقاقاتها المختلفة للشهرة طرق عرض ذات تصميم خـاص للتاكيد على الطبيعة العميـزة لشهرتهم .
فتسلسل الضوء والصوت . الذي يشتمل على الصـوت الحقيقي للموضوع دائماً ، يعرض المقومات التي قامت عليها شعبية كل شخصية بدقة ، الشوق الى الماضي الذي يبعثـه هـامـفـري بوغارت في فيلم « کازابلانکا ، ، او عـالم التنافس الشـديـد في مباريات التنس العالمية والتي يبعثها بيورن بورغ وجون ماكينرو .
اجـرى نـحـات متحف ، مـدام توسود ، مقابلته مع جون ماكنرو قبل شهور على فوزه بالبطولة الفردية للرجال في ويمبلدون عام ۱۹۸۱ ، وقبل بدء المنافسات . جاء ليشاهد شبیهه فقال معلقا . . يبدو أهـدا مني بكثيـر . . ثم إنطلق ليفوز في الدور النهائي ، حيث تعرض تمثاله لحالة فريدة فانتقل بين ليلة وضحـاهـا من المستنبت النباتي ، لينضم الى منافسـة بيورن بورغ في . أبطال ، هذا بدوره شارك في مقابلة شاملة مع فنيي متحف مدام توسود لإعداد الصوت المستخدم في موقع العرض .
- القاعة الكبرى
قبـل دخـول القـاعـة الكبـرى مباشرة ، يوجد صالون صغير يضم لوحة تماثيل ماري انطوانيت وملك فرنسا لويس السادس عشر مع طفلهما ولي العهد وإبنتهما مدام روايال ، صنعتهـا مـدام توسود عام ١٧٩٠ قبل الثورة الفـرنسيـة بقليـل ، وذلك اثنـاء وجودها في قصر فرساي كمعلمة فنـون لمدام إليزابيت ، شقيقة الملك .
اما القاعة الكبرى بحد ذاتها فهي جوهر المعرض بالنسبة للكثير من الزوار ، تحتوي على تمـاثيـل شمعيـة لملوك وملكات لعبوا دوراً مهماً في التـاريـخ البريطاني .
هنري الثامن هو واحد ممن حظوا بالاهمية الأكبر تجده هناك محـاطأ بـزوجـاتـه الست . وفي مواجهته تنتصب إبنته الملكة اليزابيت الأولى التي تعرف بالملكة العذراء ثم تجد تشارلز الثـاني وجورج الرابع والملكة فكتوريا ، ومن الثياب التي يرتديها هؤلاء ، ناخذ فكرة واقعية عما كان سائداً في عصر كل منهم من ازياء وهو ما حققته مدام توسود بدقة ، واشتهرت به .
اما جورج الثالث - جد الملكية فكتوريا ـ فهو الذي بدأ تقليـد السماح بصنع التماثيل الملكيـة الشمعية من واقع الحياة ، حيث جلس هو بنفسه أمام النحـات العام ١٨٠٩ . وما زال هذا التقليد مستمراً .
كذلك حظي المتحف بزيارات ملكية عديدة فقد زاره الملك إدوارد السـابـع اكثـر من مرة . وزاره امير ويلز السـابـق دوك ویندرسور عام ۱۹۲۸ .
اما تشرشل فقد صنع تمثاله اول ما صنع عام ١٩٠٨ ، ثم اعيد صنعه ١٣ مرة لأن سياسة المتحف تؤكد على ضرورة اقتباس الشخصية حسبما هي عليه وقت الأحـداث المهمـة المعينة ، خصوصا اذا طال بها العمر وظلت ناشطة .
وفي القاعة الكبرى التي اعيد تـجـديـدهـا عـام ۱۹۷۲ تجـد شخصیات اخرى من امثال روبن هود وبنجامين فرانكلين وجيمي کارتر ورونالد ريغان الذي قام بإرسال ربطة عنق من خـزانـة ثيابه كما فعل هاري ترومان كذلك تجـد تمـاتيـل لملوك اوروبيين امثال اولاف ملك النروج وخـوان كارلوس ملك اسـبـانيـا ومـارغـريـت ملكـة الدانمارك .
وسـط مـجـمـع البـابـوات والرؤساء ورؤساء الوزارات والسياسيين والملوك والملكات ينتصب فـنـانـان هـمـا بيكاسو والنحات هنري مـور الذي بعث بكـافـة الثيـاب التي احتاجها تمثاله ، بما في ذلك الحذاء .
ثم تجد زعماء آخرين كانديرا غاندي بالساري الذي اختارته وارسلته بنفسها وكذلك الملك حسين ملك الاردن .
- تاريخ المعارض
ولدت مدام تـوسـود فـي ستراسبورغ بفرنسا ، عام ١٧٦١ تحت اسم مـاري غـروشـولـتـز والدهـا جـنـدي المـانـي فـي فرانکفورت ، توفي قبل ولادتها فانتقلت الأم الأرملة بمولودتها الى بيرن في سويسرا ، حيث عملت مدبرة منزل لفيليب كيرتيـوس ، الطبـيـب الالمـانـي المـولد والموهوب في صناعة التماثيل الشمعية .
عـندـمـا بلغت مـاري سنتهـا السـادسـة من العمر ، اخـذتـهـا والدتها الى باريس لأحقة بالدكتور كورتيوس الذي كان قد اصبح فناناً ناجحاً له مكانته ، وهنـاك اصبحت تلميذته منذ سن مبكرة
عـام ۱۷۷۰ افتتح الدكتـور كورتيوس معرضاً لتماثيل شمعية بالحجم الحقيقي لأصحابها ، وهو معرض ذاع صيته على الفور .
عام ۱۷۷٨ ، كانت مـاري قد اكتسبت ما يكفي من المهارة لصنع أول عمل من أعمالهـا وهو تمثال لفولتير ، الكاتب الراديكالي الذي كان صديقاً للدكتور كورتيوس . وما زال هذا التمثال يشاهد في ه القاعة الكبرى ، حتى اليوم .
بعد ذلك بـعـامـيـن ، جـری تعيينها معلمة فنون لشقيقة الملك لويس السادس عشر ، حيث عاشت السنوات التسع التالية في قصر فرساي .
مع اندلاع الثورة الفرنسية عام ۱۷۸۹ ، عـادت مـاري او مدام توسود إلى الدكتور كوتيوس في مركز باريس حيث معرضه يثابر على الازدهار ، ويجذب الناس باعداد كبيرة .
في هذه الفترة تلقت ماري إذنا من النظام باخـذ اقنعة موت من الرؤوس المقطوعـة لضحايا المقصلة وهـذه مهمة رهيبة تطلبت عقلا وقلباً قويين ، وما زال بعض أقنعة الموت الأساسية هذه معـروضاً في « قـاعـة الرعب تعيش هناك كرموز فريدة تعبر عن الارهاب .
عام ١٧٩٤ : تـوفي الدكتـور كورتيوس داخل منزله الريفي على نهر السين ، تاركا ماري لتكون وريثته الوحيدة لإدارة شؤون المعرض .
بعد عام على ذلك ، تزوجت من المهندس المـدنـي فـرانسـوا توسود ، وفي العام ١٨٠٠ ، كانت قد انجبت طفلة توفيت وصبيين هما جوزيف وفرانسيس .
في هذا الوقت ، تحولت ماري إلى مدام توسود نظراً لزواجها وكـانت قلقة بخصـوص نجاح مصلحتها في المستقبل وبفشلها في اختيار الزوج المنـاسـب .
وقررت عام ۱۸۰٢ أن تنتقل الى انجلترا . وهكذا . بينما هي في الواحدة والأربعين من العمـر ، إجـتـازت القناة الانجليزية مع ابنها الأكبر . ثم لحق بهـا فـرانسيس عنـدمـا ترعرع ، وذلك بعد العديد من سنوات الانفصال الحزينة .
كانت مدام توسود قد وصلت إلى لنـدن مـع ثـلاثين تـمـثـال شمعي فاستقرت في « مسـرح لايليوم ، مع المخرج فیلیبستال ، حيث فشلت في العمل معه ، رغم آن شهرتها كانت آخذة في الازدياد . فراحت تتجـول بمعرضها في الجزر البريطانية .
بعد ذلك لم تعد مدام توسود إلى فرنسا مطلقاً ، كذلك لم تر زوجها ابدأ ، فامضت السنوات اللاحقـة مـتـجـولة بيـن المـدن والبلدات الرئيسية مع تماثيلها التي كانت تتزايد يوما بعد يـوم وقد أضافت إلى مهارتها الفنية مهارة تجارية بتتبعها لمدى إزدياد الاقبال على معارضها ، وكانت مع نهاية كل زيارة تحزم أعمالها على الخيول ، وسيلة النقل الوحيدة في ذلك العصر .
في العام ۱۸۸٢ وبينما كانت متجـهـة في إحـدى السفن إلى ايرلندا ، تحطمت السفينة لكن مدام توسود نجت منها وعـادت سالمة إلى ممارسة أعمالها .
عام ١٨٣٥ ، وهي في الرابعة والسبعين من العمـر قررت الاستقرار في لندن ، وتحديداً في ساحة - بورتمـان ، في شارع بیگر .
وآخر عمل لها كان لوحة ذاتية صنعتها لنفسها قبل ثماني سنوات من وفاتها ، وما زال تمثال المراة القوية صغيرة الحجم رابضاً على سلم مدخل المعرض .
في عام ١٨٥٠ وفي ١٥ نيسان . ابريل ، توفیت مدام توسود عن عمـر نـاهـز التاسعة والثمانين
تاركة لولديها جوزيف وفرانسيس مناصفة كل مجموعة التماثيل الشمعية التي إحتواها المعرض بعد ذلك إنتقل المعرض إلى جوزيف راندال تـوسـود ، ابن فرانسيس ، الذي أشرف مع شقيق له عام ١٨٨٤ على نقل المعرض إلى مـبـنـاه الـحـالي على طريق میریلبورن .
وجـوزيف كان فناناً كجـدتـه فادخل تماثيل عديدة من صنعه قبل ان تضطره حالته الصحية في عام ١٨٨٥ على التقاعد . الا ان ابنه الأكبر جـون تيودور الذي تدرب على يد والده استطاع إستلام زمام الأمور ، وفي العام ۱۸۸۹ تحول المعرض إلى شركة عامة عين جون مديراً لها ورئيساً للفنانين .
عام ١٩٢٥ إندلع حريق في المـعـرض إلتهـم كـل شـيء الا الجـدران الخـارجيـة . فغصت الشوارع بالمتفرجين لكن هذه المرة على اللهيب لا على التماثيل الشمعية التي لم يبق منها سوى القليل !
بعد ثلاث سنوات اعيد إفتتاح المعرض باعمال جديدة إضافة للأعمال القليلة الباقية ، وقد بلغ عدد الزوار يومها حوالي ٢٤ الف شخص ليوم الافتتاح وحده
في عام ١٩٤٠ تعرض المعرض القنابل الحرب فدمر جزء كبير منه وقد حضر الملك جورج السادس بنفسه للكشف عن الأضرار .
في هـذا الوقت إستلم زمـام الأمور في المعرض أحـد احـفـاد العائلة وهو برنارد توسود ـ من
السلالة الرابعة لمدام توسود الذي توفي عام ١٩٦٧ ، ومعـه اندثر إسم توسود بين مسؤولي المعرض .
أخيراً نذكر ان هناك أكثر من معرض يحمل إسم توسود ، لكن هناك إثنان اصیلان بين كل هذه المعارض⏹
اعداد وتصوير
آرا بهادریان
تماثيل صامتة وناطقة من الشمع لمشاهير العالم
معارض توسود متعددة في بريطانيا وغيرها ، لكنها في الأصل معرض واحد حمل إسم « مدام توسود » وضم مجموعة كبيرة من التماثيل الشمعية لأشهر الشخصيات السياسية والفنية في العالم . نظرة شاملة على هذا المعرض العريق والظروف المثيرة التي مرت عليه .
يعتبر معرض « مدام توسود » واحدا من اشهر متاحف الشمع في العالم حيث يمتد تاريخه إلى قرنين من الزمن .
ففي دلیل فرومسار الشهير لمدينة لندن والمعروف
باسم ( Fromers guide to london ) وصف متحف أو معرض ، مدام توسود ، على أنـه عبـارة عن مجموعة معارض ومشاهـد شاملة ولقطات مسرحية ومطاعم ومتاجر هدايا تتميز جميعها بكل ما هو غريب وعجيب ورائع إضافة لمـا فيه من إثارة ورعب احياناً ،
هذا وتستمر عمليـة تـزويـد المعرض بمجمـوعـات جـديـدة باستمرار ، كما أعيد ترميم كل جزء منه إعتباراً من العام ١٩٦٦ .
- اللوحات - المشاهد
اللوحـات أو المشـاهـد هي إسلوب تقليدي لعرض الشخصيات المعروفة التي لعبت أدواراً مبـاشـرة في بعض اشهر الأحداث التاريخية .
ومن هذه اللوحات : مشهد الملكة فيكتوريا تتلقى خبر تنصيبها ملكة لبريطانيا وهي في السابعة عشرة من عمرها .
مشهد ابن الـكـافـالـيـيـر وهـو يتعرض للاستجواب من خصوم الملك للكشف عن مـخـبـا والده الموالي .
لوحة ماري ملكة إسكوتلندا تتأهب للاعدام بينما إختبا كلبها تحت ملابسها .
هذا بالإضافة إلى لوحـات عديدة مماثلة ، وكل مشهد منها يمثل قصة دراماتيكية .
- متحف الشمع
فـي مـعـرض زجـاجـي يمكن العثور على مجموعة كبيرة من نـجـوم السينمـا والرياضة والمؤلفين ، وكذلك المزارع ذائع الصيت بيرسي ثروار وهـو يلقي نظرة على النباتات ؟ ..
جميع مواضيع اللوحات الشمعية تقريباً تحتل في متحف مدام توسود ، مواقع ذات ارجاء تتناسب معها ، ولا نستثني تلك الموجودة ، في المعرض الزجاجي هناك نشاهد صوفيا لورين منتصبة داخل شقتهـا في باريس و إللافيتز جيرالد جـالـسـة ضمن غرفة تبديل الثياب الخاصة بها في نـادي - روني سكـوت ، للجـاز بلندن امـا آغـانـا كريستي . فهي مثلها مثل مواضيع كثيرة غيرها ، أرسلت لتمثالها ثوباً من خزانتها الخاصة ، كما بعث الفريد هيتشكوك ببرقيـة تقـول « من اللحـم إلى الشـمـع ... حظ سعيد ! اماليزا مينيللي فقد اقترحت ان التدبير الأفضل هو مقابلتهـا لنحـات متحف مدام نوسود ، اثناء إقامتها في فندق
، سـافـوى ، فـي لنـدن وقد تقدمت بزوج من الرموش الاصطناعية التي تستعملها للتأكيد على أن مـزايا شبيهتها جاءت صحيحة التفاصيل .
هـذا وخلال رحلة قـام بـهـا لاري هاغـمـان إلى لندن زار إستـديـوهـات مـدام توسود ، لأخذ مقاييسه وتصويره فوتوغرافيا هناك وقد وهب تمثاله قبعة وثياباً من عنده ، كما تقدم بمسكبة اعشاب جاء بها من مزرعة شاوثفورك ، في دالاس كي تغرض إلى جانبه . اما رد فعله تجاه تمثاله فكانت بقوله « انظر الى هذا الشيطان الجميل ، ثم عندما ساله احد مراسلي تلفزيون ( BBC ) عما إذا كان مسرورا لاعادة صنعه من الشمع أجاب : هل تمزح ؟ .. عندما يصنعـون لك تمثالا في متحف مدام توسود . معنى هذا انك بلغت القمة . .
ولا شك ان وجود تمثال لشخص ما في متحف « مدام توسود ، هو احد معاني التعبير عن الشهرة . وكثيرون هـم الذيـن يـاتـون لمشاهدة انفسهم بعد تماثل لهـم هـنـاك دون الاعـلان عـن زيارتهم .
على انه يحدث للزوار من ذوي البصر الحاد في بعض الاحيان ان يلمحوا وجهاً مشهوراً يتحرك بينهم هكذا كان الحال مع بول ثميتي بعد انضمام تمثـاله الى المجموعة بقليـل . فقد جاء الى المدخل الرئيسي في ، مازيلبون رود ، ، وابتاع بطاقة ، ثم اتجه الى المعـرض الزجـاجي ، حيث جرى التاكيد عليه انه سيجد نفسه هناك جالساً في الوضع الذي اختاره بنفسه خلال جلسة في - ساتون بليس ، . منزله في سوراي ، انجلترا .
- أبطال
- ابطال - هي احدى المناطق المـتعـددة في متحف و مدام توسود ، حيث يستخدم الصوت
والضوء والتأثيرات الخاصة .
أمـا عن فكرة عرض التماثيل الشمعية بهذه الطريقة فقد نشات اول ما نشأت في أواخر الستينات من هذا القرن ، وهي فترة شهدت تغييراً مذهلا في مجالات الفن والتسلية .
الطبيعة التي سادت في ذلك الوقت اوجـدت مصدراً غنياً للاتجـاهـات الجديدة ، فجرى الجمع بين تـاثيـرات سمعية - بصرية وإعدادات خيالية لإعطاء نجـوم القمـة في متحف ، مـدام توسود ، تاثیراً اقوى .
منذ ذلك الوقت ومنطقة « ابطال » تضم شخصيات إقتضت استحقاقاتها المختلفة للشهرة طرق عرض ذات تصميم خـاص للتاكيد على الطبيعة العميـزة لشهرتهم .
فتسلسل الضوء والصوت . الذي يشتمل على الصـوت الحقيقي للموضوع دائماً ، يعرض المقومات التي قامت عليها شعبية كل شخصية بدقة ، الشوق الى الماضي الذي يبعثـه هـامـفـري بوغارت في فيلم « کازابلانکا ، ، او عـالم التنافس الشـديـد في مباريات التنس العالمية والتي يبعثها بيورن بورغ وجون ماكينرو .
اجـرى نـحـات متحف ، مـدام توسود ، مقابلته مع جون ماكنرو قبل شهور على فوزه بالبطولة الفردية للرجال في ويمبلدون عام ۱۹۸۱ ، وقبل بدء المنافسات . جاء ليشاهد شبیهه فقال معلقا . . يبدو أهـدا مني بكثيـر . . ثم إنطلق ليفوز في الدور النهائي ، حيث تعرض تمثاله لحالة فريدة فانتقل بين ليلة وضحـاهـا من المستنبت النباتي ، لينضم الى منافسـة بيورن بورغ في . أبطال ، هذا بدوره شارك في مقابلة شاملة مع فنيي متحف مدام توسود لإعداد الصوت المستخدم في موقع العرض .
- القاعة الكبرى
قبـل دخـول القـاعـة الكبـرى مباشرة ، يوجد صالون صغير يضم لوحة تماثيل ماري انطوانيت وملك فرنسا لويس السادس عشر مع طفلهما ولي العهد وإبنتهما مدام روايال ، صنعتهـا مـدام توسود عام ١٧٩٠ قبل الثورة الفـرنسيـة بقليـل ، وذلك اثنـاء وجودها في قصر فرساي كمعلمة فنـون لمدام إليزابيت ، شقيقة الملك .
اما القاعة الكبرى بحد ذاتها فهي جوهر المعرض بالنسبة للكثير من الزوار ، تحتوي على تمـاثيـل شمعيـة لملوك وملكات لعبوا دوراً مهماً في التـاريـخ البريطاني .
هنري الثامن هو واحد ممن حظوا بالاهمية الأكبر تجده هناك محـاطأ بـزوجـاتـه الست . وفي مواجهته تنتصب إبنته الملكة اليزابيت الأولى التي تعرف بالملكة العذراء ثم تجد تشارلز الثـاني وجورج الرابع والملكة فكتوريا ، ومن الثياب التي يرتديها هؤلاء ، ناخذ فكرة واقعية عما كان سائداً في عصر كل منهم من ازياء وهو ما حققته مدام توسود بدقة ، واشتهرت به .
اما جورج الثالث - جد الملكية فكتوريا ـ فهو الذي بدأ تقليـد السماح بصنع التماثيل الملكيـة الشمعية من واقع الحياة ، حيث جلس هو بنفسه أمام النحـات العام ١٨٠٩ . وما زال هذا التقليد مستمراً .
كذلك حظي المتحف بزيارات ملكية عديدة فقد زاره الملك إدوارد السـابـع اكثـر من مرة . وزاره امير ويلز السـابـق دوك ویندرسور عام ۱۹۲۸ .
اما تشرشل فقد صنع تمثاله اول ما صنع عام ١٩٠٨ ، ثم اعيد صنعه ١٣ مرة لأن سياسة المتحف تؤكد على ضرورة اقتباس الشخصية حسبما هي عليه وقت الأحـداث المهمـة المعينة ، خصوصا اذا طال بها العمر وظلت ناشطة .
وفي القاعة الكبرى التي اعيد تـجـديـدهـا عـام ۱۹۷۲ تجـد شخصیات اخرى من امثال روبن هود وبنجامين فرانكلين وجيمي کارتر ورونالد ريغان الذي قام بإرسال ربطة عنق من خـزانـة ثيابه كما فعل هاري ترومان كذلك تجـد تمـاتيـل لملوك اوروبيين امثال اولاف ملك النروج وخـوان كارلوس ملك اسـبـانيـا ومـارغـريـت ملكـة الدانمارك .
وسـط مـجـمـع البـابـوات والرؤساء ورؤساء الوزارات والسياسيين والملوك والملكات ينتصب فـنـانـان هـمـا بيكاسو والنحات هنري مـور الذي بعث بكـافـة الثيـاب التي احتاجها تمثاله ، بما في ذلك الحذاء .
ثم تجد زعماء آخرين كانديرا غاندي بالساري الذي اختارته وارسلته بنفسها وكذلك الملك حسين ملك الاردن .
- تاريخ المعارض
ولدت مدام تـوسـود فـي ستراسبورغ بفرنسا ، عام ١٧٦١ تحت اسم مـاري غـروشـولـتـز والدهـا جـنـدي المـانـي فـي فرانکفورت ، توفي قبل ولادتها فانتقلت الأم الأرملة بمولودتها الى بيرن في سويسرا ، حيث عملت مدبرة منزل لفيليب كيرتيـوس ، الطبـيـب الالمـانـي المـولد والموهوب في صناعة التماثيل الشمعية .
عـندـمـا بلغت مـاري سنتهـا السـادسـة من العمر ، اخـذتـهـا والدتها الى باريس لأحقة بالدكتور كورتيوس الذي كان قد اصبح فناناً ناجحاً له مكانته ، وهنـاك اصبحت تلميذته منذ سن مبكرة
عـام ۱۷۷۰ افتتح الدكتـور كورتيوس معرضاً لتماثيل شمعية بالحجم الحقيقي لأصحابها ، وهو معرض ذاع صيته على الفور .
عام ۱۷۷٨ ، كانت مـاري قد اكتسبت ما يكفي من المهارة لصنع أول عمل من أعمالهـا وهو تمثال لفولتير ، الكاتب الراديكالي الذي كان صديقاً للدكتور كورتيوس . وما زال هذا التمثال يشاهد في ه القاعة الكبرى ، حتى اليوم .
بعد ذلك بـعـامـيـن ، جـری تعيينها معلمة فنون لشقيقة الملك لويس السادس عشر ، حيث عاشت السنوات التسع التالية في قصر فرساي .
مع اندلاع الثورة الفرنسية عام ۱۷۸۹ ، عـادت مـاري او مدام توسود إلى الدكتور كوتيوس في مركز باريس حيث معرضه يثابر على الازدهار ، ويجذب الناس باعداد كبيرة .
في هذه الفترة تلقت ماري إذنا من النظام باخـذ اقنعة موت من الرؤوس المقطوعـة لضحايا المقصلة وهـذه مهمة رهيبة تطلبت عقلا وقلباً قويين ، وما زال بعض أقنعة الموت الأساسية هذه معـروضاً في « قـاعـة الرعب تعيش هناك كرموز فريدة تعبر عن الارهاب .
عام ١٧٩٤ : تـوفي الدكتـور كورتيوس داخل منزله الريفي على نهر السين ، تاركا ماري لتكون وريثته الوحيدة لإدارة شؤون المعرض .
بعد عام على ذلك ، تزوجت من المهندس المـدنـي فـرانسـوا توسود ، وفي العام ١٨٠٠ ، كانت قد انجبت طفلة توفيت وصبيين هما جوزيف وفرانسيس .
في هذا الوقت ، تحولت ماري إلى مدام توسود نظراً لزواجها وكـانت قلقة بخصـوص نجاح مصلحتها في المستقبل وبفشلها في اختيار الزوج المنـاسـب .
وقررت عام ۱۸۰٢ أن تنتقل الى انجلترا . وهكذا . بينما هي في الواحدة والأربعين من العمـر ، إجـتـازت القناة الانجليزية مع ابنها الأكبر . ثم لحق بهـا فـرانسيس عنـدمـا ترعرع ، وذلك بعد العديد من سنوات الانفصال الحزينة .
كانت مدام توسود قد وصلت إلى لنـدن مـع ثـلاثين تـمـثـال شمعي فاستقرت في « مسـرح لايليوم ، مع المخرج فیلیبستال ، حيث فشلت في العمل معه ، رغم آن شهرتها كانت آخذة في الازدياد . فراحت تتجـول بمعرضها في الجزر البريطانية .
بعد ذلك لم تعد مدام توسود إلى فرنسا مطلقاً ، كذلك لم تر زوجها ابدأ ، فامضت السنوات اللاحقـة مـتـجـولة بيـن المـدن والبلدات الرئيسية مع تماثيلها التي كانت تتزايد يوما بعد يـوم وقد أضافت إلى مهارتها الفنية مهارة تجارية بتتبعها لمدى إزدياد الاقبال على معارضها ، وكانت مع نهاية كل زيارة تحزم أعمالها على الخيول ، وسيلة النقل الوحيدة في ذلك العصر .
في العام ۱۸۸٢ وبينما كانت متجـهـة في إحـدى السفن إلى ايرلندا ، تحطمت السفينة لكن مدام توسود نجت منها وعـادت سالمة إلى ممارسة أعمالها .
عام ١٨٣٥ ، وهي في الرابعة والسبعين من العمـر قررت الاستقرار في لندن ، وتحديداً في ساحة - بورتمـان ، في شارع بیگر .
وآخر عمل لها كان لوحة ذاتية صنعتها لنفسها قبل ثماني سنوات من وفاتها ، وما زال تمثال المراة القوية صغيرة الحجم رابضاً على سلم مدخل المعرض .
في عام ١٨٥٠ وفي ١٥ نيسان . ابريل ، توفیت مدام توسود عن عمـر نـاهـز التاسعة والثمانين
تاركة لولديها جوزيف وفرانسيس مناصفة كل مجموعة التماثيل الشمعية التي إحتواها المعرض بعد ذلك إنتقل المعرض إلى جوزيف راندال تـوسـود ، ابن فرانسيس ، الذي أشرف مع شقيق له عام ١٨٨٤ على نقل المعرض إلى مـبـنـاه الـحـالي على طريق میریلبورن .
وجـوزيف كان فناناً كجـدتـه فادخل تماثيل عديدة من صنعه قبل ان تضطره حالته الصحية في عام ١٨٨٥ على التقاعد . الا ان ابنه الأكبر جـون تيودور الذي تدرب على يد والده استطاع إستلام زمام الأمور ، وفي العام ۱۸۸۹ تحول المعرض إلى شركة عامة عين جون مديراً لها ورئيساً للفنانين .
عام ١٩٢٥ إندلع حريق في المـعـرض إلتهـم كـل شـيء الا الجـدران الخـارجيـة . فغصت الشوارع بالمتفرجين لكن هذه المرة على اللهيب لا على التماثيل الشمعية التي لم يبق منها سوى القليل !
بعد ثلاث سنوات اعيد إفتتاح المعرض باعمال جديدة إضافة للأعمال القليلة الباقية ، وقد بلغ عدد الزوار يومها حوالي ٢٤ الف شخص ليوم الافتتاح وحده
في عام ١٩٤٠ تعرض المعرض القنابل الحرب فدمر جزء كبير منه وقد حضر الملك جورج السادس بنفسه للكشف عن الأضرار .
في هـذا الوقت إستلم زمـام الأمور في المعرض أحـد احـفـاد العائلة وهو برنارد توسود ـ من
السلالة الرابعة لمدام توسود الذي توفي عام ١٩٦٧ ، ومعـه اندثر إسم توسود بين مسؤولي المعرض .
أخيراً نذكر ان هناك أكثر من معرض يحمل إسم توسود ، لكن هناك إثنان اصیلان بين كل هذه المعارض⏹
اعداد وتصوير
آرا بهادریان
تعليق