المَجَرَّة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المَجَرَّة

    مجره

    Galaxy - Galaxie

    المَجَرَّة

    المجرّة galaxy هي مجموعة عدد كبير جداً من النجوم والغازات البينجمية (بين النجمية) interstellar والغبار. وينبغي التفريق بين المجرّات والسُّدُم nebulae، فالأولى يمكن أن تُرصد فيها نجوم إذا كانت قريبة وكانت المقاريب telescopes المستخدمة مناسبة، في حين لا تحتوي الثانية على نجوم.
    بينت دراسة المجرات وجود ثلاثة أنماط منها هي: الإهليلجية elliptical والحلزونية spiral وغير المنتظمة irregular. فالمجرات الإهليلجية ذات شكل قطع ناقص مجسَّم إنما منبسط، ولا تكاد تحتوي على مادة بينجمية، والمجرات الحلزونية لها شكل حلزوني منبسط، وفيها كميات معتدلة من المادة البينجمية مركّزة في مستو، أما المجرات غير المنتظمة فلا شكل لها، وفيها كميات كبيرة من المادة البينجمية.
    الشكل (1) مجرة حلزونية كما تبدو من جانبها
    الشكل (2) مجرة حلزونية، شبيهة بمجرة درب التبانة، كما تبدو من الوجه (صورة مأخوذة بوساطة مقراب هَبْل الفضائي)
    1ـ مجرتنا Galaxy: وهي المجرة التي أحد نجومها الشمس. وكل النجوم التي تُرى في السماء بالعين المجردة - ما عدا بقع ضوئية باهتة تعود إلى ثلاث مجرات خارجية قريبة - هي نجوم مجرتنا. ودرب التبّانة Milky Way هو شريط ضوئي باهت يحيط بالسماء؛ وهو ناتج من ضوء نجوم عديدة. وهناك خط مظلم ينساب عبر شريط درب التبانة، وهو مؤلف من مادة بينجمية تحجب النجوم خلفها. ودرب التبانة هو مجرتنا كما ترى من داخلها من نقطة لا تقع في مركزها.
    ويبين عدّ النجوم ذات السطوع المختلف أن مجرتنا بالقرب من الشمس منبسطة تماما، ويدل هذا - إضافة إلى رصد المادة البينجمية بالقرب من الشمس - على أن مجرتنا حلزونية. ويبين الشكلان (1) و(2) كيف تبدو مجرة حلزونية للناظر من خارجها. ويقع الانتفاخ المركزي، أو النواة، في اتجاه الكوكبة ساغيتاريوس Sagittarius، حيث تكون النجوم هناك قريب بعضها من بعضها الآخر.
    تحتل نجوم من أنواع مختلفة بأعمارها مناطق مختلفة من مجرتنا. فأحدث النجوم؛ أصغرها عمراً؛ وأكثرها سطوعاً من المجموعة I تتوزع مع مادة بينجمية في الأذرع الحلزونية توزعاً منبسطاً إلى أقصى حد يدعى القرص المجرّي. وتشكل النجوم الأقدم منها- من المجموعة I أيضاً - منظومة أقل انبساطاً بقليل، في حين تشكل أقدم النجوم من المجموعة II توزعاً كروياً؛ أو هالة halo، مركزها نواة المجرة. كما توجد نجوم المجموعة II في النواة نفسها.
    تحتوي المجرة - إضافة إلى النجوم المنفردة - على العديد من عناقيد (حشود) clusters النجوم. وهي مجموعات من النجوم تبقى متلازمة نتيجة للتجاذب الثقالي بينها، وتتحرك في المجرة وكأنها وحدة واحدة. وتحتوي العناقيد المفتوحة نجوماً من المجموعة I، وهي تتركز في قرص المجرة بالقرب من الأذرع الحلزونية. أما العناقيد الكروية globular clusters -وهي مجموعات متراصة ومتناظرة من نجوم المجموعة II- فهي متناثرة في أرجاء الهالة. وتمثل النجوم الموجودة في جوار الشمس عيّنة جيدة فيها مختلف أنواع النجوم. وبالقرب من الشمس تشكل المادة البينجمية أقل من 10% من الكتلة فقط.
    حجم المجرة وتقسيماتها:
    الشكل (3) تعريف البارسيك
    الشكل (4) مخطط لمجرة درب التبانة بيبن تقسيماتها
    كثيراً ما تستخدم في القياسات الفلكية وحدة قياس تدعى بارسيك parsec (من parallax of one arc second). والبارسيك هو المسافة بين الأرض ونجم يبلغ اختلاف المنظر (البارالاكس) بالنسبة إليه - أي الزاوية التي رأسها النجم، وتقابل نصف قطر مدار الأرض الوسطي حول الشمس - ثانية قوسية واحدة كما هو مبين في الشكل (3). ويعادل البارسيك مسافة مقدارها 262.3 سنة ضوئية أو 3×10 13 كيلومتر.
    كان يُعتقد حتى بداية القرن العشرين أن مجرتنا منظومة نجمية ضخمة منبسطة قطرها نحو 10000 بارسيك وأن الشمس تقع بالقرب من مركزها. لكن الدراسات الحديثة بينت أن الشمس تبعد عن مركز المجرة مسافة تبلغ نحو 8500 بارسيك. وتكمن الصعوبة في تحديد هذه المسافة بدقة في أن المادة البينجمية لا تتيح إلا لجزء ضئيل من الضوء أن ينفذ منها.
    يمكن تقسيم المجرة إلى عدة أقسام كما في الشكل (4). وليست الشمس سوى نجم عادي يقع في مستوي المجرة المركزي الذي هو مستوي درب التبانة. ويمتد انتفاخ المجرة المركزي إلى نحو 5000 بارسيك من مركزها في المستوي المجري، ويبلغ ثخن هذا الانتفاخ نحو 3000 بارسيك. أما كتلة القسم المركزي من المجرة فهو من رتبة 4.1×10 11 كتلة شمسية. ولايوجد الغاز البينجمي والغبار الكوني والنجوم الفتية من المجموعة I إلا داخل المنحني الداخلي من الشكل (4) أي قريباً من المستوي المركزي.
    وهذا القسم الداخلي محاط بهالة رقيقة، ربما كان شكلها إهليلجياً، يبلغ نصف قطرها الأعظمي نحو 20000 بارسيك. وتبلغ كتلتها نحو 1.4×10 11 كتلة شمسية أيضاً، معظمها محتوى في أعداد كبيرة جداً من نجوم المجموعة II.
    يحيط بالهالة إكليل corona ضخم تركيبه ما زال غير معروف، لكن كتلته كبيرة جداً. ويمتد هذا الإكليل إلى مسافة 60000 بارسيك على الأقـل من المركز وربما إلى 100000 بارسيك. تقدر كتلة الإكـليل ما بين 1×10 12 و 2×10 12 كتلة شمسية. وهذه الكتلة تفوق كتلة منطقتي القلب والهالة بكثير. وتلاحظ في الإكليل سحب ماجلان Magellan النجمية و7 مجرات قزمة (من المجموعة II) و11 عنقوداً نجمياً كروياً، لكن هذه المكونات ليست سوى جزء صغير من الكتلة الكلية ومن عدد النجوم الكلي. وتشبه مجرتنا- من حيث الحجم والكتلة - المجرة الحلزونية الجارة الرئيسية؛ مجرة المرأة المسلسلة Andromeda.
    تحيط بحدود الانتفاخ المركزي الخارجية في مستوي المجرة على بعد 5000 بارسيك من المركز حلقة من سُدُم غازية عملاقة. وتوجد في داخل الانتفاخ - إضافة إلى الغاز البينجمي والغبار الكوني (وعدد لا يستهان به من النجوم الفتية وعناقيد النجوم) - أعداد كبيرة من نجوم المجموعة II القديمة. إذ يوجد في الداخل شكل غازي ممتد يشبه الحلقة أو الحلزون، ويبدو كما لو أنه طُرد من المركز منذ 3×710 سنة مضت. وتشير المعطيات في المجالين تحت الأحمر والراديوي إلى وجود حلقة أخرى تبعد 300 بارسيك عن المركز مؤلفة من غاز درجة حرارته مرتفعة. وتحتوي الحلقة على مزيج من سُحب جزيئية عملاقة ومن بعض السدم الغازية الحارة جداً مع ما يرافقها من عناقيد النجوم الحارة الفتية البيضاء المزرقة. وتوجد أعداد كبيرة من النجوم القديمة المشرفة على الموت داخل مجال نصف قطره 10 بارسيك تقريباً حول مركز المجرة نفسه، وتشير الدلائل الراديوية إلى وجود جسم مركزي كتلته 5×10 6 كتلة شمسية ربما كان ثقباً أسود [ر].
    بنية المجرة: تقع في الأذرع الحلزونية نجوم ساطعة وسدم مضيئة، ويمكن استنتاج البنية الحلزونية المحلية من اتجاهات هذه الأجسام وأبعادها عن الشمس. وتشير النتائج إلى أن الشمس تقع بالقرب من الطرف الداخلي لذراع حلزونية تدعى ذراع أوريون Orion بسبب وجود السديم أوريون. وتقع ذراع أخرى - هي ذراع برسيوس Perseus- خلف الشمس بنحو 2000 بارسيك. وتقع ذراع ثالثة - هي ذراع ساغيتاريوس -كارينا Sagittarius-Carina - على مسافة تبلغ نحو 2000 بارسيك أقرب من الشمس إلى مركز المجرة.
    تُدرس البنية الحلزونية بعيداً عن الشمس بوساطة المقاريب الراديويةradio telescopes [ر: الفلك الراديوي]؛ (لأن الأمواج الراديوية لا يمتصها الوسط البينجمي) التي تكشف الإشعاع المستمر من الوسط البينجمي والخط الطيفي الذي يصدره الهدروجين بطول موجي قدره 21سم. وقد وجد أن كثافة الغاز في ذراع حلزوني أكبر مما هي بين الأذرع. أما المسافات فيمكن أن تعيَّن من حركة الغاز ويتم بذلك الحصول على صورة إجمالية لبنية المجرة الحلزونية.
    للمجرة حقل مغنطيس [ر] ضعيف تسير خطوط قوته موازية للأذرع الحلزونية. ويسبب هذا الحقل بقاء الجسيمات البينجمية حول خطوط القوة كما يسبب استقطابَ الضوء [ر] المار خلال المادة. وتقدر الشدة الوسطية لهذا الحقل بنحو 10-5 غوص. ويُحصل على بنية الهالة بتحديد عدد نجوم المجموعة II فوق قرص المجرة وأسفله.
    ديناميك المجرة: تبين أرصاد المجرات الحلزونية الأخرى أن كلاً منها يدور حول محور مار من مركزها وعمودي على قرصها. ويُستدل على دوران المجرات أيضاً من أشكالها المنبسطة جداً. ومجرتنا؛ لكونها حلزونية ينبغي أن تدور كذلك، وينبغي أن تتحرك الشمس والنجوم الأخرى في مدارات حول مركز المجرة.
    تسبب حركة نجم على خط النظر بالنسبة إلى الشمس انزياحاً في الخطوط الطيفية لهذا النجم، وهو ما يعرف بانزياح دوبلر [ر. دوبلر(مفعول -)]. أما حركة نجم عمودياً على خط النظر؛ فتظهر وكأنها تغير في الاتجاه الذي يُرصد النجم وفقه فترة طويلة من الزمن، وتدعى حركته الذاتية. وتعطي سرعة النجم القطرية وحركته الذاتية وبعده عن الشمس كلها معاً حركته الفضائية بالنسبة إلى الشمس. ويمكن تعيين الحركات الفضائية بجوار الشمس فقط حيث تتحرك معظم النجوم في مدارات متشابهة حول المركز. وينبغي- لمعرفة مدار الشمس في المجرة- رَصْد أجسام بعيدة لا تشارك في الحركة المحلية. فالعناقيد الكروية - على سبيل المثال - ليست في منطقة منبسطة، ولا تدور مع قرص المجرة؛ ولذلك يمكن أن تُستنج حركة الشمس بالنسبة إليها من السرعات القطرية لهذه العناقيد. وتوفر السرعات القطرية للمجموعات المجرية القريبة كذلك معلومات عن حركة الشمس في مجرتنا. وتبيّن نتائج هذه التحاليل أن الشمس تتحرك بسرعة تبلغ نحو 200 إلى 250كم/ثا في مدارٍ دائري تقريباً قريبٍ من قرص المجرة. ويبلغ دور حركة الشمس نحو 200 مليون سنة.
    إن حركة معظم النجوم القريبة من الشمس مشابهة لحركة الشمس نفسها؛ غير أن لبعض النجوم - وهي نجوم المجموعة II - حركة فضائية وحركات عمودية كبيرة على قرص المجرة. وتشغل هذه النجوم منطقة أقل انبساطاً؛ ولذلك فإن حركاتها العمودية غير مستغربة.
    الشكل (5) منحني دوران المجرة
    ويوفر إشعاع الهدروجين ذو الطول الموجي 21سم معلومات عن دوران المجرة في المقياس الكبير. فحين يكون خط النظر مماسياً لأحد الأذرع الحلزونية ترصد المقاريب الراديوية شدة قوية وسرعة قطرية عظمى. وتعتمد المسافة بين مركز المجرة وسحابة الهدروجين المرصودة، على بعد الشمس عن المركز وعلى الزاوية بين اتجاهي المركز والسحابة، وهي ما يعرف بخط الطول المجري. تُطرح حركة الشمس من السرعة القطرية المرصودة وتُفترض حركتا الشمس والسحابة دائريتين، ويُحسب لكل سحابة هدروجين مرصودة بهذه الطريقة بعدها R عن مركز المجرة وسرعة حركتها الدائرية Vحول المركز. ويُرسم الخط البياني الممثل لسرعة سحابات الهدروجين V بدلالة بعدها R، ويدعى المنحني الحاصل منحني الدوران، الشكل (5). يفترض عادة أن بعد الشمس Ro عن مركز المجرة 10000 بارسيك (بدلاً من البعد الأفضل 8500 بارسيك)، وإذا كان الجزء الداخلي من المنحني (القيم الأصغر من Ro) معروفاً منذ خمسينيات القرن العشرين إلا أن معرفة الجزء الخارجي - بعد Ro - تعود إلى ما بعد عام 1980، وهو يستند في معظمه إلى معطيات تم الحصول عليها من الأرصاد الراديوية لخط الهدروجين 21 سم إضافة إلى بعض القياسات الضوئية لسرعات السدم الغازية (المجرات السديمية). وكان معظم الدارسين لحركة المجرة يتوقعون انحدار المنحني نحو الأسفل بعد Ro (أي إن السرعات تصبح أصغر حين تزداد المسافات عن مركز المجرة)، لكن النتائج كانت معاكسة تماماً، وارتفع المنحني إلى نحو 300 كم/ثا عند مسافة 20000 بارسيك عن مركز المجرة. وكان هذا دليلاً مقنعاً على وجود كثير من الكتلة خارج حدود الهالة التقليدية، الشكل (4)، وإذن في الإكليل. وتشير الدلائل المستقاة من السرعات القطرية لعناقيد كروية بعيدة بعداً كبيراً إلى أن السرعة الدورانية البالغة 300 كم/ثا موجودة حتى على مسافة 60000 بارسيك على الأقل من مركز المجرة، وهذا لا يمكن أن يفسَّر إلا بوجود كثير من المادة في إكليل المجرة الخارجي.
    تطور المجرة: ينبغي أن يُبنى تطور المجرة على معرفة الحركات المرصودة حالياً وعلى التوزع الفضائي لمختلف أنواع النجوم. يُعتقد أن المجرة كانت في البداية كتلة كروية تقريباً من الغاز. ثم تقلصت هذه الكتلة وبدأت تتشكل النجوم من الغاز. واستمر الغاز بالتقلص، وازداد تشكل النجوم مع ازدياد كثافة الغاز. ثم تقلص بسرعة متحولاً إلى قرص ذي تركيز مركزي. وتتحرك اليوم النجوم التي تشكلت قبل الانهيار حركة كبيرة عمودية على القرص، وهي متوزعة فضائياً في منطقة كروية في الهالة. وهذه النجوم قديمة، وهي نجوم المجموعة II. أما النجوم التي تشكلت بعد الانهيار فلها اليوم حركات عمودية صغيرة، وهي نجوم المجموعة I. أما النجوم التي ولدت في أثناء التقلص فلها اليوم حركات عمودية معتدلة وهي نجوم المجموعة II المتوسطة. ولايزال تَشكل النجوم جارياً في الأذرع الحلزونية حيث توجد مادة بينجمية، لكن سرعة التشكل ربما تكون أبطأ مما كانت في الأزمنة الأولى للقرص؛ لأن المادة البينجمية قد استُنفدت تقريباً. إلا أنه ينبغي ألا يُسقط من الاعتبار التزوّد المستمر بالغاز البينجمي عن طريق انفجارات المستعرات العظمى supernova وغيرها.
    2ـ المجرات الخارجية :external galaxies
    وهي التجمعات الكبيرة من النجوم والغاز والغبار التي تحتوي بمجملها المادة المرصودة في الكون كلها تقريباً. إن للمجرات الكبيرة أشكالاً متناظرة منتظمة، ويبلغ قطر الواحدة منها زهاء 50000 سنة ضوئية (السنة الضوئية = 9.47×10 15 م) وهي أشد إضاءة من الشمس بنحو 5×10 5 مرة. وتتحرك النجوم والمادة الأخرى داخل المجرة حركة دورانية منتظمة في الغالب يبلغ دورها بضع مئات الملايين من السنين. وتبلغ كتلة مجرة كبيرة عادة بضع مرات 10 12 من كتلة الشمس (كتلة الشمس = 2×10 30 كغ). تكون المجرات غالباً في تجمعات تحتوي ما بين مجرتين إلى آلاف المجرات، ويبلغ امتدادها ما بين بضع مئات الألوف إلى عدة ملايين السنين الضوئية. وقد تقدمت دراسة تشكل نوى المجرات ودراسة تطورها والتأثيرات المتبادلة بينها تقدماً كبيراً. وتبعد أقرب المجرات المرصودة عنا مسافة 75000 سنة ضوئية تقريباً، في حين تبعد أبعدها مسافة 10 10 سنة ضوئية تقريباً. وتشكل المجرات المعالمَ التي يدرس بوساطتها الكوسمولوجيون (علماء الكون) بنية الكون في المقياس الكبير [ر: الكون].
    التركيب: لايمكن عموماً رصد مئات المليارات من النجوم التي تشكل مجرة ما رصداً إفرادياً بوساطة المقاريب الحالية؛ لأن هذه النجوم بعيدة جداً وضوءها خافت جداً. لايمكن إذن رصد سوى النجوم الساطعة في المجرات القريبة رصداً مباشراً بوساطة المقاريب telescopes الضخمة. وتصنَّف هذه النجوم في ثلاثة أصناف: نجوم فتية جداً زرقاء وذات كتلة كبيرة تحرق الهدروجين (أي إن طاقتها تأتي من الاندماج النووي للهدروجين الذي يتحول نتيجة لذلك إلى هليوم)، ونجوم قديمة جداً عملاقة حمراء تحرق الهليوم قريبة من نهاية دورة حياتها، وأخيراً نجوم متفجرة (المستعرات والمستعرات العظمى) أو متغيرة بشدة. ومع أن هذه النجوم يمكن أن تسهم بمعظم الضوء المرئي الكلي الصادر عن المجرة إلا أنها قليلة العدد: فمعظم النجوم ومعظم كتلة المجرة هي على شكل نجوم أكثر خفوتاً وذات كتلة أصغر كثيراً تحرق الهدروجين وعلى شكل بقايا خافتة مستهلكة من نجوم ميتة. ولا يمكن دراسة النجوم الخافتة في المجرات إلا بصورة غير مباشرة بوساطة خواص ضوئها المركّب combined light.
    تحتوي المجرات على غاز (معظمه هدروجين غير متأين) بكميات تراوح بين الصفر وجزء مهم من كتلتها الكلية. أما الغبار في المجرات، ومع أن كتلته صغيرة (عادة 1% من كتلة الغاز)؛ إلا أن تأثيره كبير من حيث المظهر؛ لأنه يحجب ضوء النجوم بصورة فعالة.
    الشكل والحجم: للمجرات عادة أشكال منتظمة انتظاماً مدهشاً. وأكثر هذه الأشكال شيوعاً هو قرص ذو انتفاخ مركزي. يبلغ قطر القرص عادة نحو 100000 سنة ضوئية بينما لا يتجاوز سمكه 1000 سنة ضوئية. وما يميز مظهرَه هو تناقص السطوع قطرياً مع وجود شكل حلزوني أو خطي أو كليهما معاً. ويمكن أن يبلغ قطر الانتفاخ المركزي مئات إلى آلاف السنين الضوئية، ويمكن أن يكون كروياً أو على شكل قضيب. تصنف مثل هذه المجرات على أنها حلزونية (S) spiral أو حلزونية خطية (SB). وتهيمن على أقراص هذه المجرات نجوم المجموعة I، في حين تحتوي انتفاخاتها بصورة رئيسية على نجوم المجموعة II. وهناك نوع آخر مألوف من المجرات هو الإهليلجي الذي يتناقص فيه السطوع قطرياً أيضاً. وتصنف هذه المجرات على أنها إهليلجية (E) elliptical، ويمكن أن تختلف في أقطارها بين آلاف وبضع مئات الآلاف من السنين الضوئية. وهي توجد غالباَ في عناقيد من المجرات، ونادراً ما تحتوي على غاز أو غبار. وأسطع المجرات هي عادة الإهليلجية، وتهيمن عليها نجوم المجموعة II.
    وتضم أشكال أخرى من المجرات، أكثر ندرة صنفاً انتقالياً يدعى so؛ له قرص متراكب مع توزع ضوئي إهليلجي، وصنفاً غير منتظم (Irr) irregular مؤلف من مجرات ذات أشكال عشوائية. وهذا الصنف الأخير لا يضم أكثر من نسبة مئوية ضئيلة من مجمل المجرات. والمجرات غير المنتظمة ذات إضاءة كلية منخفضة بصورة عامة، وهي غنية بالغاز والغبار وبنجوم المجموعة I.
    الحركات الداخلية: تصنف حركات النجوم والغاز داخل المجرات في صنفين: عشوائية ودورانية؛ علماً أن الحركات كلها هي نتيجة للتآثرات الثقالية بين النجوم. وما يمنع المجرات من أن تنهار على نفسها بسبب التجاذب الثقالي هو هذه الحركات، تماماً مثلما هو الأمر بالنسبة إلى كواكب المنظومة الشمسية التي لا تسقط على الشمس بسبب حركتها المدارية. إن الحركات العشوائية معقدة وتنتج عنها مدارات غير منتظمة للنجوم منحرفة جداً عن المسار الدائري، أما الحركات الدورانية فتقابل مدارات دائرية منتظمة. وتكون السرعة متناسبة مع نصف القطر في المناطق الداخلية من المجرة في حين تكون السرعة ثابتة في المناطق الخارجية منها. وتبلغ الأدوار المدارية للنجوم عدة ملايين من السنين.
    ويختلف توزع الطاقة الحركية على الحركتين العشوائية والدورانية حسب نوع المجرة. ففي مجرة حلزونية لا يكون للحركات العشوائية في القرص سوى نحو 1% من الطاقة الحركية الكلية في حين قد تكون كامل الطاقة الحركية في الحركة العشوائية في مجرة إهليلجية.
    الشكل (6) صورة فوتوغرافية تبين تجمع المجرات في عناقيد، ويضم هذا التجمع في الكوكبة هرقل constellation Hercules مجرات من أنواع عديدة مختلفة
    العناقيد: مع أن المجرات مبعثرة في الفضاء في جميع الاتجاهات إلى أبعد ما يمتد الرصد، إلا أن توزعها غير منتظم ولا عشوائي. فمعظم المجرات موجودة في تجمعات تضم من مجرتين إلى مئات المجرات الساطعة وعشرة أضعافها على الأقل من المجرات الخافتة القزمة (الشكل 6). ويبدو أن المجرات الانتقالية so والإهليلجية E تميل لأن تتجمع في عناقيد clusters كبيرة أكثر مما هو الأمر بالنسبة إلى المجرات الحلزونية. ومجرتا درب التبانة والمرأة المسلسلة هما مجرتان من عنقود يدعى المجموعة المحلية Local Group [ر. الكون].
    ومثلما تتحرك النجوم داخل المجرة، تتحرك المجرات كذلك داخل العنقود تحت تأثير تجاذبها الثقالي المتبادل. وهذه الحركات بصورة عامة عشوائية، ولايبدو أنها دورانية. وتبلغ سرعة هذه الحركات من مئات إلى عدة آلاف الكيلومترات في الثانية.
    وتميل المجرات الانتقالية so والإهليلجية E - لأسباب ما تزال مجهولة - لأن تتجمع في عناقيد كبيرة بصورة أكبر مما هو بالنسبة إلى المجرات الحلزونية S.
    وقد يكون تجمع المجرات في عناقيد عملية تراتبية بمعنى أن العناقيد نفسها تتجمع؛ لتشكل عناقيد فائقة superclusters وهذه تتجمع بدورها؛ لتشكل عناقيد ذات رتبة أعلى وهكذا دواليك. لكن هذه النظرية مازالت تفتقر إلى الإثبات على الرغم من رصد عدة عناقيد فائقة.
    الكتل: توجد طريقتان لقياس كتل المجرات: فإما أن تقاس سرعات النجوم داخل المجرة وإما أن تقاس سرعات المجرات في العنقود. ومن معرفة حجم الجملة يصبح بعدئذ ممكناً استنتاج كمية المادة الضرورية ثقالياً لتوليد السرعات المرصودة. وتعطي هذه الطريقة - حين تطبق على النجوم داخل مجرات معينة - الكتل المألوفة البالغة 2×10 11 كتلة شمسية. أما حين تطبق على المجرات داخل العناقيد؛ فتكون النتيجة نحو 3×10 12 كتلة شمسية للمجرة الواحدة. وقد قاد هذا الاختلاف في مرتبة الكبر الباحثين إلى افتراض أن المجرات ربما تكون محتواة في هالات ممتدة محتوية على معظم كتلة المجرة، ولكنها تصدر قليلاً من الضوء، أو لا تصدر ضوءاً على الإطلاق. ومع أن هذه الهالات غير قابلة للرصد المباشر إلا أنها يمكن أن تساعد في تفسير بعض الخواص الأخرى المتعلقة بسرعة دوران المجرات. فإذا كانت فرضية الهالات ذات الكتل الكبيرة صحيحة؛ فهي تعني أن الجمل التي يُشار إليها على أنها مجرات ليست سوى المناطق المركزية الساطعة لتجمعات من مادة مظلمة أكبر وذات كتل أكبر بكثير. وهناك تفسير آخر ممكن لاختلاف الكتلة هو أن العناقيد تحتوي على كميات كبيرة من مادة غير قابلة للرصد في شكل غير معروف. ومهما كان الحل النهائي لمسألة الكتلة هذه؛ فإنها تبقى أهم أحجية في دراسة المجرات.
    التأثيرات المتبادلة: حين تتحرك المجرات ضمن العناقيد فإنها قد يصادف أن تمر واحدة منها بالقرب من الأخرى أو حتى أن تصطدم بها. ويعتمد تأثير هذا على المجرة جوهرياً على تفاصيل هذا التلاقي. فقد يكون من نتائجه الممكنة فقدان مادة من المناطق الخارجية للمجرة وانتقالها من مجرة إلى أخرى وتحور في شكل المجرات بوساطة اضطرابات المد وفقدان غاز وغبار بسبب التسخين من جراء التصادم.
    النوى: غالباً ما يُرصد في المناطق المركزية جداً من المجرات (ذات الأقطار الصغيرة التي لا تتجاوز سنة ضوئية واحدة) سلوك عنيف جداً ومتفجر. وتظهر هذه الفعالية بطرق عدة، منها انطلاق الغاز منها بسرعة كبيرة وإصدار راديوي قوي لاحراري (يفترض وجود جسيمات نسبوية relativistic وحقول مغنطيسية) وإشعاع شديد وغالباً مستقطب ومتغير جداً عند الأطوال الموجية تحت الحمراء والمرئية وفوق البنفسجية والأشعة السينية، وإطلاق نفثات من مادة نسبوية. وفي أشد الحالات تطرفاً تتجاوز طاقة الفعالية في نواة المجرة الطاقة في باقي المجرة كلها. وما يزال مصدر هذه الفعالية مجهولاً تماماً.
    المسافات: أقرب المجرات إلى مجرة درب التبانة هما سحابتا ماجلان الكبرى والصغرى، وهما مجرتان صغيرتان غير منتظمتين تقعان على بعد يبلغ نحو 75000 سنة ضوئية منها. وهما تُريان من نصف الكرة الجنوبي على شكل بقعتين ضوئيتين باهتتين في كوكبتي constellation نورما Norma وتوكان Toucan. أما أقرب مجرة ساطعة فهي مجرة المرأة المسلسلة؛ أندروميدا، وهي تُرى بالعين المجردة في الكوكبة المسماة بالاسم نفسه. وهي تبعد مسافة 2×10 6 سنة ضوئية تقريباَ. وتشكل هذه المجرات - إضافة إلى مجرات أخرى أقل سطوعاً (تقع كلها ضمن ملايين قليلة من السنين الضوئية) - المجموعة المحلية التي تعد مجرة درب التبانة عضواً فيها.
    وتوجد ضمن مسافة تبلغ نحو 6×10 7 سنة ضوئية مئات المجرات ذات إضاءات كلية كبيرة، ولكنها بعيدة جداً؛ لذلك لاتمكن رؤيتها بالعين المجردة. والعديد من هذه المجرات يمكن أن يُرى أو يُصور بوساطة مقاريب صغيرة. وعنقود كوما Coma هو أفضل عنقود مجرات كبير من حيث إمكان رصده وهو يبعد نحو 3×10 8 سنة ضوئية؛ ولذلك يحتاج إلى مقاريب ضخمة. وأبعد المجرات المرصودة بوساطة أضخم المقاريب تبعد نحو1010سنة ضوئية.
    الكوسمولوجيا: للمجرات علاقة وثيقة جداً بعلم الكون [ر] (أو الكوسمولوجيا)؛ لأنها المنارات التي تنير دراسة الكون. وقد اكتشف الفلكي الأمريكي هَبل E.Hubble في العام 1929 أن الكون يتوسع حين بيّن أن المجرات تتقهقر مبتعدة عن مجرة درب التبانة بسرعة متناسبة مع بُعدها عنها. وقد أدى هذا إلى استنتاج أن الكون قد تشكل في انفجار عظيم Big Bang منذ نحو 1010 سنة. ويمكن أن تكشف دراسة المجرات البعيدة جداً - من حيث المبدأ- فيما إذا كان التجاذب الثقالي المتبادل يكفي أم لا لإيقاف توسع الكون، ومن ثم عكس هذا التوسع. وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها العديد من الفلكيين في هذا الصدد إلا أن هذا الهدف لم يتحقق حتى اليوم.
    بسام المعصراني
يعمل...
X