لفلواز Levallois - Levallois
لڤلواز
لڤلواز Levallois مصطلح عالمي يدل على طريقة خاصة في تصنيع الأسلحة والأدوات العائدة إلى العصر الحجري القديم التي كُشفت أول مرة في منتصف القرن التاسع عشر في منطقة لڤلواز بيريه Levallois-Perret في ضواحي باريس. في الثلاثينيات من القرن العشرين أطلق الباحث الفرنسي هنري بروي H.Breuil مصطلح اللڤلوازي Levalloisien للدلالة على مرحلة تقنية - حضارية كبرى في عصور ما قبل التاريخ.
تعتمد الطريقة اللڤلوازية في تصنيع الأدوات الحجرية على استخدام نوى غير سميكة، ذات شكل دائري تشبه السلحفاة، يحضر لها سطح الطرق الأول عبر ضربات تنطلق من محيطها نحو مركزها ويكون لها سطح طرق ثان يستخدم قاعدةً لاستخراج النصال أو الشظايا أو الحراب اللڤلوازية، وذلك حسب الفكرة المسبقة في ذهن الصانع لنوع القطع المطلوب استخراجها وعددها. لقد ظهرت الطريقة اللڤلوازية أول مرة في العصر الحجري القديم الأدنى، منذ قرابة نصف مليون سنة خلت، لكنها كانت بسيطة ومحدودة الاستخدام، وهي لم تنتشر انتشاراً واسعاً ومتطوراً إلا على يد إنسان النياندرتال Neanderthal في العصر الحجري القديم الأوسط، أي منذ نحو200 ألف سنة خلت، وبقيت مُستخدمة بكثافة حتى 40 ألف سنة خلت تقريباً؛ واستمرت تأثيراتها حتى العصر الحجري الحديث في الألف الثامن ق.م.
حراب من عصر الباليوليت من موقع بئر الهمل في منطقة الكوم
حقق ابتكار الڤلوازية قفزة مهمة في تصنيع الأدوات الحجرية التي أصبحت متعددة الأشكال والأحجام وشديدة الفعالية والدقة، ساعدت على صيد الحيوانات وتقطيعها، بما فيها تلك الكبيرة والخطيرة، وقد كُشف عن حراب لڤلوازية في أجساد بعض الحيوانات الضخمة، من أهمها الحربة اللڤلوازية التي وُجدت مكسورة بفعل شدة الضربة في عنق حمار الوحش في موقع أم التلال في منطقة الكوم في البادية السورية.
بينت الدراسات المخبرية آثار الاستخدام الكثيف للأسلحة اللڤلوازية في أنشطة مختلفة كالقطع والحفر والكشط، واستُخدمت أيضاً في القتال والدفاع عن النفس، كما تشير إلى ذلك الهياكل البشرية التي حملت آثار طعن بالأسلحة اللڤلوازية؛ من جهة أخرى سمحت هذه الطريقة بالاستهلاك الكلي للنوى الحجرية فحققت وفراً كبيراً واقتصاداً في استهلاك الخامات الصوانية ذات النوعية العالية والنادرة التي بحث عنها الإنسان الأول مخاطراً بالذهاب إلى مسافات بعيدة عن مواقع إقامته.
عُرف اللڤلوازي في مختلف أرجاء العالم القديم، في إفريقيا وآسيا وأوربا، ولكن أهم تطبيق له أتى من المشرق العربي القديم حيث استخدمت طريقة التصنيع اللڤلوازية لمعظم الأسلحة والأدوات الحجرية في كل المواقع العائدة إلى إنسان النياندرتال وإلى الإنسان العاقل القديم Archaic Homo- sapiens الذي عاصر النياندرتال فترة طويلة قبل أن ينقرض هذا الأخير، ليستمر الإنسان العاقل السلف المباشر للإنسان الحالي.
وغالباً ما اختلط اللڤلوازي مع الموستيري ليشكلا معاً الحضارة اللڤلوازية - الموستيرية Levalloiso- Moustérien، لكن الدراسات الحديثة أظهرت ضرورة الفصل بين اللڤلوازي والموستيري، لأن اللڤلوازي كان طريقة وتقنية اُستخدمت في تصنيع الأدوات ولم ترتبط بعصر أو بإنسان محدد، في حين الموستيري هو حضارة ارتبطت بالعصر الحجري القديم الأوسط وأنتجها إنسان النياندرتال بمشاركة جزئية من الإنسان العاقل القديم. وعلى الرغم من السمات المتقاربة للڤلوازي في مختلف أرجاء العالم هناك طرق لڤلوازية عدة، وليس طريقة واحدة، لكل منها خصوصية محلية حسب المنطقة؛ مما يدل على أن ابتكار هذه الطريقة المتطورة لم يحصل في منطقة واحدة لينتقل منها إلى بقية الأرجاء، وإنما عُرف بالتزامن النسبي في مناطق عدة وعلى يد جماعات بشرية متباعدة جمعتها وحدة السلوك الإنساني للبشر الذين تشابهت طرق تفكيرهم وتصرفاتهم لتلبية حاجاتهم و متطلبات عيشهم في مواجهة طبيعة قاسية وضعتهم مرات كثيرة أمام خيارات التكيّف أو الانقراض لكنهم أثبتوا أنهم قادرون على التحدي وضمان بقاء الجنس البشري.
سلطان محيسن
لڤلواز
لڤلواز Levallois مصطلح عالمي يدل على طريقة خاصة في تصنيع الأسلحة والأدوات العائدة إلى العصر الحجري القديم التي كُشفت أول مرة في منتصف القرن التاسع عشر في منطقة لڤلواز بيريه Levallois-Perret في ضواحي باريس. في الثلاثينيات من القرن العشرين أطلق الباحث الفرنسي هنري بروي H.Breuil مصطلح اللڤلوازي Levalloisien للدلالة على مرحلة تقنية - حضارية كبرى في عصور ما قبل التاريخ.
تعتمد الطريقة اللڤلوازية في تصنيع الأدوات الحجرية على استخدام نوى غير سميكة، ذات شكل دائري تشبه السلحفاة، يحضر لها سطح الطرق الأول عبر ضربات تنطلق من محيطها نحو مركزها ويكون لها سطح طرق ثان يستخدم قاعدةً لاستخراج النصال أو الشظايا أو الحراب اللڤلوازية، وذلك حسب الفكرة المسبقة في ذهن الصانع لنوع القطع المطلوب استخراجها وعددها. لقد ظهرت الطريقة اللڤلوازية أول مرة في العصر الحجري القديم الأدنى، منذ قرابة نصف مليون سنة خلت، لكنها كانت بسيطة ومحدودة الاستخدام، وهي لم تنتشر انتشاراً واسعاً ومتطوراً إلا على يد إنسان النياندرتال Neanderthal في العصر الحجري القديم الأوسط، أي منذ نحو200 ألف سنة خلت، وبقيت مُستخدمة بكثافة حتى 40 ألف سنة خلت تقريباً؛ واستمرت تأثيراتها حتى العصر الحجري الحديث في الألف الثامن ق.م.
حراب من عصر الباليوليت من موقع بئر الهمل في منطقة الكوم
حقق ابتكار الڤلوازية قفزة مهمة في تصنيع الأدوات الحجرية التي أصبحت متعددة الأشكال والأحجام وشديدة الفعالية والدقة، ساعدت على صيد الحيوانات وتقطيعها، بما فيها تلك الكبيرة والخطيرة، وقد كُشف عن حراب لڤلوازية في أجساد بعض الحيوانات الضخمة، من أهمها الحربة اللڤلوازية التي وُجدت مكسورة بفعل شدة الضربة في عنق حمار الوحش في موقع أم التلال في منطقة الكوم في البادية السورية.
بينت الدراسات المخبرية آثار الاستخدام الكثيف للأسلحة اللڤلوازية في أنشطة مختلفة كالقطع والحفر والكشط، واستُخدمت أيضاً في القتال والدفاع عن النفس، كما تشير إلى ذلك الهياكل البشرية التي حملت آثار طعن بالأسلحة اللڤلوازية؛ من جهة أخرى سمحت هذه الطريقة بالاستهلاك الكلي للنوى الحجرية فحققت وفراً كبيراً واقتصاداً في استهلاك الخامات الصوانية ذات النوعية العالية والنادرة التي بحث عنها الإنسان الأول مخاطراً بالذهاب إلى مسافات بعيدة عن مواقع إقامته.
عُرف اللڤلوازي في مختلف أرجاء العالم القديم، في إفريقيا وآسيا وأوربا، ولكن أهم تطبيق له أتى من المشرق العربي القديم حيث استخدمت طريقة التصنيع اللڤلوازية لمعظم الأسلحة والأدوات الحجرية في كل المواقع العائدة إلى إنسان النياندرتال وإلى الإنسان العاقل القديم Archaic Homo- sapiens الذي عاصر النياندرتال فترة طويلة قبل أن ينقرض هذا الأخير، ليستمر الإنسان العاقل السلف المباشر للإنسان الحالي.
وغالباً ما اختلط اللڤلوازي مع الموستيري ليشكلا معاً الحضارة اللڤلوازية - الموستيرية Levalloiso- Moustérien، لكن الدراسات الحديثة أظهرت ضرورة الفصل بين اللڤلوازي والموستيري، لأن اللڤلوازي كان طريقة وتقنية اُستخدمت في تصنيع الأدوات ولم ترتبط بعصر أو بإنسان محدد، في حين الموستيري هو حضارة ارتبطت بالعصر الحجري القديم الأوسط وأنتجها إنسان النياندرتال بمشاركة جزئية من الإنسان العاقل القديم. وعلى الرغم من السمات المتقاربة للڤلوازي في مختلف أرجاء العالم هناك طرق لڤلوازية عدة، وليس طريقة واحدة، لكل منها خصوصية محلية حسب المنطقة؛ مما يدل على أن ابتكار هذه الطريقة المتطورة لم يحصل في منطقة واحدة لينتقل منها إلى بقية الأرجاء، وإنما عُرف بالتزامن النسبي في مناطق عدة وعلى يد جماعات بشرية متباعدة جمعتها وحدة السلوك الإنساني للبشر الذين تشابهت طرق تفكيرهم وتصرفاتهم لتلبية حاجاتهم و متطلبات عيشهم في مواجهة طبيعة قاسية وضعتهم مرات كثيرة أمام خيارات التكيّف أو الانقراض لكنهم أثبتوا أنهم قادرون على التحدي وضمان بقاء الجنس البشري.
سلطان محيسن