ليسيب Lysippe - Lysippe
ليسيب
(القرن الرابع ق.م)
ولد الفنان النحات ليسيب (ليسيبوس Lysippos باليونانية) في سيكيون Sicyone، التي كانت مركزاً فنياً مزدهراً ومشهوراً بانصراف فنانيه إلى النحت البرونزي في هذه المنطقة (بيلوبونيز Péloponnèse/المورة) من بلاد الإغريق. وتفتحت عبقرية ليسيب على أيدي فنانين مغمورين، ولكن كان يقال على الدوام إنه لم يكن تلميذ أحد إلا الطبيعة الموحية والملهمة والمعلمة في بيئته الدورية dorien التي تذوق فيها جمالية الأرباب والرياضيين.
يعدّ ليسيب آخر كبار النحاتين الإغريق وعباقرتهم حتى القرن 4 ق.م، عبَّر عن جمالية المثل الأعلى في تمثيل الرجولة وحسن التعبير الفني، وعما في أجسام الرياضيين من جمال إنساني مثالي، تميّز فنه بالواقعية، واهتم بالتفاصيل ولاسيما الشَّعر. وتميز ليسيب بالتجديد، ويدل فنه على تأثره بفن التصوير، مما جعله أول من طبَّق طرق فن التصوير على فن النحت، فجعل البشرة مشرقة تعبّر عن الحياة. وفتح أمام فن النحت آفاقاً واسعة في عالم الإبداع، وفي الواقع، كان له أسلوبه الفني الخاص الذي يميل أحياناً إلى مثالية الأشكال الإنسانية ليسبغ عليها الرقة الأكثر جمالاً وجاذبية.
ابتكر ليسيب تناسباً جديداً أكثر جمالاً ورشاقة من التناسب الذي نادى به النحات بوليكليت Polyclète، مما أعطى روائع ليسيب حركة أكثر حيوية ورشاقة. وهكذا فقد جعل الجذع أكثر نحافة، والساقين أكثر طولاً، والرأس أقل حجماً، نسبته ثمن ارتفاع الجسم. واهتم بجمالية الشَّعر، وألقى الضياء على روائعه بعدما قام بدراسة ذكية للنور والظل، مما جعل الوجه يتألق في التعبير.
اهتم ليسيب بإبداع التماثيل البرونزية، وتميزت تماثيله بالرشاقة والحركة، وتميز إنتاجه الفني بالغزارة، وقيل إنه أبدع أكثر من ألف وخمسمئة عمل فني نحتي، وكان أحدها وحده يكفي لجعله فناناً مشهوراًً. وإذا كانت روائعه قد ضاعت لأسباب مختلفة، فإن نسَخَها الرخامية التي تعود إلى العصر الروماني تدل على عبقريته الفنية والجمالية.
كان ليسيب النحات البرونزي الوحيد الذي سمح له الإسكندر المكدوني [ر] بتمثيله في روائعه الفنية وإبداع الصور الشخصية المنحوتة له، فأبدع تماثيل الإسكندر المكدوني البرونزية وجعلها تمثله في أعماره المختلفة.
ومن روائع ليسيب الفنية: تمثال الملك التيسالي آغيّاس من فَرسال Agias de Pharsale المنتصر في كل الألعاب الرياضية الإغريقية في منتصف القرن 5 ق.م. وكان حفيده داوخوس الثاني Daochos II قد عهد إلى ليسيب بإبداع أثر فني نحتي أهداه إلى مدينة دلف Delfos اليونانية المقدسة عام 336ق.م. وهو محفوظ في متحفها.
- جذع هرمس آزارا Hermès Azara، ويعدّ نسخة أمينة من صور الإسكندر المكدوني النحتية. وهذا الأثر الفني محفوظ في متحف اللوڤر في باريس.
- الإسكندر المكدوني في معركة غوغاميلا Gaugamela على نهر دجلة، وذلك اعتماداً على لوحة فسيفساء «دار أرواح الغابة» Casa del fauno من إبداع المصوّر اليوناني المشهور فيلوكسينوس الأريتري Philoxénos d’Érétrie.
- تمثال الإسكندر حامل الرمح.
كان ليسيب مبدع الصور الشخصية النحتية للإسكندر ورفيق رحلاته وحملاته الحربية، وهناك رأس تمثال محفوظ في متحف الكابيتول، ورأس تمثال آخر محفوظ في متحف إصطنبول، تعبّر ملامح الوجه عن الحزم والعزم والشدة والقوة والانفعال الإنساني، ويشبه شعره لبدة الأسد.
ليسيب: "تمثال هيراكليس (هرقل) فارينز"
- تماثيل جنود مكدونيين.
- رأس تمثال الفيلسوف الكبير أرسطو.
ومن تماثيل الأرباب التي أبدعها ليسيب:
- تمثال الرب زيوس في مدينة تارنت Tarente.
- تمثال هرقل (هيراكليس) Héraclès رمز القوة الكبرى، وذلك في مختلف الأوضاع الفنية، منها هرقل (هيراكليس) في راحة، ويمكن تعرف هذا التمثال بوساطة تمثال «هيراكليس فارنيز».
ولكن عمل ليسيب الفني الأكثر شهرة هو تمثال «آبوكسيومين» Apoxyomenos الرياضي الذي يفرك جسمه بالمكشط ليزيل عنه الزيت والغبار، وهناك نسخة أمينة له محفوظة في متحف الفاتيكان. تدل دراسته على مفاهيم النحات ليسيب الفنية والجمالية، وقد فكر الفنان طويلاً في حركته المعقدة قبل أن يجعلها في تمثاله، واهتم بالإيحاء بالحركة بوساطة اليد، وتبدو خصلات الشعر مبعثرة كأنها مبتلة بقطرات العرق. وتبدو العينان غائرتين قليلاً تنظران إلى أمام، ويزيد في كل هذا انفتاح العينين انفتاحاً غير تام، وانقباض الحاجبين، وتجعد الجبين. وهكذا فقد فتح ليسيب أمام فن النحت آفاقاً جديدة في عالم الإبداع.
وهناك روائع نحتية أخرى مختلفة مثل: تمثال ساتير Satyre، وتمثال الفيلسوف إيسوب أو إيسوبوس Aisopos.
ولم يهمل ليسيب نزعات عصره الرمزية، مما جعله يبدع تمثالاً يجسد الفرصة السانحة (كايروس) Kairos بتمثال شاب يبدو كأنه يطير بسرعة وذؤابات شعره تنحدر على جبينه، وفي يده مدية ترمز إلى فرار الدقائق السريعة الصالحة لتحقيق الرغبات. وقد أهدى هذا التمثال إلى مدينته.
وبعد موت الإسكندر المكدوني عام 323 ق.م، اقتسم قواده امبراطوريته وصاروا ملوك ولاياتهم يحيط بهم الفنانون الإغريق من مقلدي النحات الكبير ليسيب.
بشير زهدي
ليسيب
(القرن الرابع ق.م)
ولد الفنان النحات ليسيب (ليسيبوس Lysippos باليونانية) في سيكيون Sicyone، التي كانت مركزاً فنياً مزدهراً ومشهوراً بانصراف فنانيه إلى النحت البرونزي في هذه المنطقة (بيلوبونيز Péloponnèse/المورة) من بلاد الإغريق. وتفتحت عبقرية ليسيب على أيدي فنانين مغمورين، ولكن كان يقال على الدوام إنه لم يكن تلميذ أحد إلا الطبيعة الموحية والملهمة والمعلمة في بيئته الدورية dorien التي تذوق فيها جمالية الأرباب والرياضيين.
يعدّ ليسيب آخر كبار النحاتين الإغريق وعباقرتهم حتى القرن 4 ق.م، عبَّر عن جمالية المثل الأعلى في تمثيل الرجولة وحسن التعبير الفني، وعما في أجسام الرياضيين من جمال إنساني مثالي، تميّز فنه بالواقعية، واهتم بالتفاصيل ولاسيما الشَّعر. وتميز ليسيب بالتجديد، ويدل فنه على تأثره بفن التصوير، مما جعله أول من طبَّق طرق فن التصوير على فن النحت، فجعل البشرة مشرقة تعبّر عن الحياة. وفتح أمام فن النحت آفاقاً واسعة في عالم الإبداع، وفي الواقع، كان له أسلوبه الفني الخاص الذي يميل أحياناً إلى مثالية الأشكال الإنسانية ليسبغ عليها الرقة الأكثر جمالاً وجاذبية.
ابتكر ليسيب تناسباً جديداً أكثر جمالاً ورشاقة من التناسب الذي نادى به النحات بوليكليت Polyclète، مما أعطى روائع ليسيب حركة أكثر حيوية ورشاقة. وهكذا فقد جعل الجذع أكثر نحافة، والساقين أكثر طولاً، والرأس أقل حجماً، نسبته ثمن ارتفاع الجسم. واهتم بجمالية الشَّعر، وألقى الضياء على روائعه بعدما قام بدراسة ذكية للنور والظل، مما جعل الوجه يتألق في التعبير.
اهتم ليسيب بإبداع التماثيل البرونزية، وتميزت تماثيله بالرشاقة والحركة، وتميز إنتاجه الفني بالغزارة، وقيل إنه أبدع أكثر من ألف وخمسمئة عمل فني نحتي، وكان أحدها وحده يكفي لجعله فناناً مشهوراًً. وإذا كانت روائعه قد ضاعت لأسباب مختلفة، فإن نسَخَها الرخامية التي تعود إلى العصر الروماني تدل على عبقريته الفنية والجمالية.
كان ليسيب النحات البرونزي الوحيد الذي سمح له الإسكندر المكدوني [ر] بتمثيله في روائعه الفنية وإبداع الصور الشخصية المنحوتة له، فأبدع تماثيل الإسكندر المكدوني البرونزية وجعلها تمثله في أعماره المختلفة.
ومن روائع ليسيب الفنية: تمثال الملك التيسالي آغيّاس من فَرسال Agias de Pharsale المنتصر في كل الألعاب الرياضية الإغريقية في منتصف القرن 5 ق.م. وكان حفيده داوخوس الثاني Daochos II قد عهد إلى ليسيب بإبداع أثر فني نحتي أهداه إلى مدينة دلف Delfos اليونانية المقدسة عام 336ق.م. وهو محفوظ في متحفها.
- جذع هرمس آزارا Hermès Azara، ويعدّ نسخة أمينة من صور الإسكندر المكدوني النحتية. وهذا الأثر الفني محفوظ في متحف اللوڤر في باريس.
- الإسكندر المكدوني في معركة غوغاميلا Gaugamela على نهر دجلة، وذلك اعتماداً على لوحة فسيفساء «دار أرواح الغابة» Casa del fauno من إبداع المصوّر اليوناني المشهور فيلوكسينوس الأريتري Philoxénos d’Érétrie.
- تمثال الإسكندر حامل الرمح.
كان ليسيب مبدع الصور الشخصية النحتية للإسكندر ورفيق رحلاته وحملاته الحربية، وهناك رأس تمثال محفوظ في متحف الكابيتول، ورأس تمثال آخر محفوظ في متحف إصطنبول، تعبّر ملامح الوجه عن الحزم والعزم والشدة والقوة والانفعال الإنساني، ويشبه شعره لبدة الأسد.
ليسيب: "تمثال هيراكليس (هرقل) فارينز"
- تماثيل جنود مكدونيين.
- رأس تمثال الفيلسوف الكبير أرسطو.
ومن تماثيل الأرباب التي أبدعها ليسيب:
- تمثال الرب زيوس في مدينة تارنت Tarente.
- تمثال هرقل (هيراكليس) Héraclès رمز القوة الكبرى، وذلك في مختلف الأوضاع الفنية، منها هرقل (هيراكليس) في راحة، ويمكن تعرف هذا التمثال بوساطة تمثال «هيراكليس فارنيز».
ولكن عمل ليسيب الفني الأكثر شهرة هو تمثال «آبوكسيومين» Apoxyomenos الرياضي الذي يفرك جسمه بالمكشط ليزيل عنه الزيت والغبار، وهناك نسخة أمينة له محفوظة في متحف الفاتيكان. تدل دراسته على مفاهيم النحات ليسيب الفنية والجمالية، وقد فكر الفنان طويلاً في حركته المعقدة قبل أن يجعلها في تمثاله، واهتم بالإيحاء بالحركة بوساطة اليد، وتبدو خصلات الشعر مبعثرة كأنها مبتلة بقطرات العرق. وتبدو العينان غائرتين قليلاً تنظران إلى أمام، ويزيد في كل هذا انفتاح العينين انفتاحاً غير تام، وانقباض الحاجبين، وتجعد الجبين. وهكذا فقد فتح ليسيب أمام فن النحت آفاقاً جديدة في عالم الإبداع.
وهناك روائع نحتية أخرى مختلفة مثل: تمثال ساتير Satyre، وتمثال الفيلسوف إيسوب أو إيسوبوس Aisopos.
ولم يهمل ليسيب نزعات عصره الرمزية، مما جعله يبدع تمثالاً يجسد الفرصة السانحة (كايروس) Kairos بتمثال شاب يبدو كأنه يطير بسرعة وذؤابات شعره تنحدر على جبينه، وفي يده مدية ترمز إلى فرار الدقائق السريعة الصالحة لتحقيق الرغبات. وقد أهدى هذا التمثال إلى مدينته.
وبعد موت الإسكندر المكدوني عام 323 ق.م، اقتسم قواده امبراطوريته وصاروا ملوك ولاياتهم يحيط بهم الفنانون الإغريق من مقلدي النحات الكبير ليسيب.
بشير زهدي