"عبد الفتاح سكر" أبو الأغنية الشعبية التراثية الذي لا يتكرر!
شغل الملحن الراحل عبد الفتاح سكر مكانةً عظيمة بين المبدعين، وقد أثرى ساحة الغناء المحلي والعربي بألحان من الصعب أن تمحى من الذاكرة فقد عاش في زمن صانعي الإبداع لحلم الوصول إلى الأفضل دائماً، خصوصاً في مجال الأغنية الشعبية القديمة، واكتشف أنه قادر على نسج ألحان متينة ورصينة تمتاز بالأصالة.
نقطة التحول في حياته المهنية
تغيرت حياة "عبد الفتاح سكر" عندما قرر السفر إلى "الأردن" بعدما كان يقطن "دمشق" هو وأخاه "وهيب" عازف الكمان. هذا ما قاله الموسيقار "نزيه أسعد" في حديثه مع "مدونة موسيقا" ويتابع: «لكن ضمن حي "الميدان" كانوا يتعرضون لبعض التقاليد الصارمة بشأن عملهم بمجال الموسيقى والعزف، وكان في صعوبات في التعامل مع الموسيقى ضمن المكان الذي نشأ فيه، لذلك قرر السفر بهدف العمل في غير الموسيقى، لكن للصدفة سمع صوتَه أحدُ المطربين الفلسطينيين "مصطفى المحتسب" وأعجب بأداء "عبد الفتاح" ودعاه إلى التقديم إلى لجنة اختبار موسيقية حينها في "إذاعة القدس" وعندما سافر إلى "فلسطين" التقى الفنان "عبد الفتاح" بمجموعةً من المطربين المعروفين منهم "فاضل الشوا" كان عضو ضمن اللجنة، بالإضافة لـ" روحي الخماش" المؤلف الموسيقي، و"يحيى السعودي" الذي استلم دائرة الموسيقى بإذاعة "دمشق" بمرحلة معينة، وكان "عبد الفتاح سكر" حينها مولعاً بأغاني الراحل "عبد الوهاب" وبالفعل تم اعتماده كمغني في الاذاعة وبعد عودته إلى "دمشق" بدأ بتلحين الأغاني ضمن إذاعة "دمشق" وهو ملحن ومؤدي دقيق جداً، وفي بداياتي الموسيقية أنتجت معه بعض الأعمال الموسيقية في الاذاعة والتلفزيون، وأذكر جيداً كيفية أدائه للمغنى وكيف يصوغ ألحانه بطريقة احترافية تختلف عن طريقة أي ملحن آخر فيعطي جملاً لحنية غير متوقعة واستثنائية ولكن ضمن سياق سهل وسلس يطرب كل من يسمعه».
مدرسة في التلحين
ويتابع المايسترو أسعد: «بالاضافة للاسكيتشات الي قدمها مع "فيروز" مثل أغنية الحصاد، من الأعمال الجميلة التي قدمها هي تأليف موسيقى للمسلسلات الإذاعية بالتعاون مع الفنان الشعبي "حكمت محسن" كاتب المسلسلات الشعبية الإذاعية وبعدها اتجه نحو أعمال الموسيقى التصويرية الدرامية مثل "صح النوم، حمام الهنا" والتقى في فترتها مع المطرب "دياب مشهور" ولحن له أغاني عدة، ومن الشائعات المغلوطة هي أغنية "عالمايا عالمايا" التي يقال إنها من تراث دير الزور ولكن الأغنية من ألحان "عبد الفتاح سكر" أخذ "التيمة" الجميلة من مقام العجم واشتغل عليها ولحّنها وقدّمها كمذهب وكوبليهات قريبة من روح التراث الديري، واستقاها من عمق الفلكولور السوري، وعندما كُلّف كرئيس لدائرة الموسيقى بإذاعة "دمشق" بدأ بتشجيع الموهوبين والمطربين ضمن إعداده لبرامج إذاعية ومسابقات لاختيار نجوم ومطربين خلال هذه المسابقات منهم "فؤاد غازي" و"دياب المشهور" بالاضافة للفنان "فهد بلان" وقدم له الكثير من الألحان التي مازلنا نرددها إلى الآن، وقدّم له خطوة متقدمة في مشواره الفني من خلال فهم عبد الفناح لصوت الراحل بلّان"!
1- عبد الفتاح سكرنافس بألحانه كبار الموسيقيين العرب
2- الباحث الصحفي أديب مخزوم مع الراحل عبد الفتاح سكر
أقامت ألحان الموسيقار الكبير الراحل عبد الفتاح سكر جسور العبور وحققت التواصل الحي والتناغم بين الأقطار العربية، حين أعاد إلى مشهديته الموسيقية حوارية التواصل المستلهمة من فضاءات الإيقاع الشرقي وعناصره الحميمية بحسب تعبير الفنان التشكيلي والناقد والمؤرخ الموسيقي "أديب مخزوم" متابعاً: «هو الذي ساهم بإعادة الاعتبار إلى تراثه الغنائي والموسيقي، الذي يكاد يختفي نتيجة جهل أبناء الجيل الجديد بالماضي الثقافي، وقد كان "عبد الفتاح سكر" علامة فارقة في ذاكرتنا الثقافية والفنية، وأحد المعلمين الكبار القلائل الذين كشفوا أسرار وخفايا توازن النغمات والإيقاعات المغايرة المنبثقة من ثمرات خبرته التقنية والفنية وكان المطرب الكبير الراحل "فهد بلان" من أهم كشوفاته الفنية في مطلع ستينيات القرن الماضي، وراهن عليه كواحد من أبرز الموهوبين في الرعيل الجديد وكانت الأغنيات التي لحنها له مثل (لركب حدك يالموتور، جسّ الطبيب، و اشرح لها، تحت التفاحة، يا بنات المكلا، شفتا أنا شفتا، الرمش المكحول، صح يا رجال، ويلك يلي تعادينا، الفين سلام، من قليبي وعينيا، شقرة وشعرها شقراوي، ياشوفير) وغيرها، بمثابة بوابة عبور لثنائي فني بلغ قمة الشهرة ووصل إلى حدود منافسة كبار الملحنين والمطربين في مصر والعالم العربي، وبحسب المطرب الشعبي المصري الكبير الراحل "محمد رشدي" أنه وفي كواليس المنافسة الموسيقية زاره عبقري النغم "بليغ حمدي" مرة وعرض عليه لحن أغنية (ردّوا السلام) الذي أدته فيما بعد "عفاف راضي" طالباً منه بأن ينسحب من حفل موسيقار الأزمان "فريد الأطرش" (شم النسيم) الذي كان سيشارك فيه أيضا "فهد بلان" وينضم إلى حفل "عبد الحليم حافظ"، وذلك لأن "فهد بلان" شكل خطراً على نجومية محمد رشدي بألحان "عبد الفتاح سكر" ولكن محمد رشدي الذي كان يلحن له بليغ حمدي، رفض أن ينسحب من المشاركة بحفل فريد الأطرش معتبراً أن عرض لحن (ردّوا السلام) بهذه الطريقة جاء كنوع من الرشوة، وهذا يعني أن الراحل الكبير الموسيقار "عبد الفتاح سكر" اخترق في مرحلته الذهبية الثوابت شبه التقليدية، وساهم إلى حد بعيد في ترسيخ حضور الفن السوري على النطاق العربي، ليزداد تألقاً وحميمية، وهذا ما أدخل فنه في الذاكرة العربية والوجدان العام بعد أن شاعت ألحانه ورددتها الجماهير العريضة في كل الأقطار العربية، حيث بات اللحن الغنائي على إيقاعات أنغامه كواحة من فضاءات شعرية ملونة بألف نغمة ونغمة، وأضحى السحر القادم من عبق ألحانه أشبه بشعار رومانسي لمسيرته الفنية، وما تخللها من تغيرات وتبدلات وتحولات وانعطافات على الصعيدين الموضوعي والفني».
- مايا حمادة
شغل الملحن الراحل عبد الفتاح سكر مكانةً عظيمة بين المبدعين، وقد أثرى ساحة الغناء المحلي والعربي بألحان من الصعب أن تمحى من الذاكرة فقد عاش في زمن صانعي الإبداع لحلم الوصول إلى الأفضل دائماً، خصوصاً في مجال الأغنية الشعبية القديمة، واكتشف أنه قادر على نسج ألحان متينة ورصينة تمتاز بالأصالة.
نقطة التحول في حياته المهنية
تغيرت حياة "عبد الفتاح سكر" عندما قرر السفر إلى "الأردن" بعدما كان يقطن "دمشق" هو وأخاه "وهيب" عازف الكمان. هذا ما قاله الموسيقار "نزيه أسعد" في حديثه مع "مدونة موسيقا" ويتابع: «لكن ضمن حي "الميدان" كانوا يتعرضون لبعض التقاليد الصارمة بشأن عملهم بمجال الموسيقى والعزف، وكان في صعوبات في التعامل مع الموسيقى ضمن المكان الذي نشأ فيه، لذلك قرر السفر بهدف العمل في غير الموسيقى، لكن للصدفة سمع صوتَه أحدُ المطربين الفلسطينيين "مصطفى المحتسب" وأعجب بأداء "عبد الفتاح" ودعاه إلى التقديم إلى لجنة اختبار موسيقية حينها في "إذاعة القدس" وعندما سافر إلى "فلسطين" التقى الفنان "عبد الفتاح" بمجموعةً من المطربين المعروفين منهم "فاضل الشوا" كان عضو ضمن اللجنة، بالإضافة لـ" روحي الخماش" المؤلف الموسيقي، و"يحيى السعودي" الذي استلم دائرة الموسيقى بإذاعة "دمشق" بمرحلة معينة، وكان "عبد الفتاح سكر" حينها مولعاً بأغاني الراحل "عبد الوهاب" وبالفعل تم اعتماده كمغني في الاذاعة وبعد عودته إلى "دمشق" بدأ بتلحين الأغاني ضمن إذاعة "دمشق" وهو ملحن ومؤدي دقيق جداً، وفي بداياتي الموسيقية أنتجت معه بعض الأعمال الموسيقية في الاذاعة والتلفزيون، وأذكر جيداً كيفية أدائه للمغنى وكيف يصوغ ألحانه بطريقة احترافية تختلف عن طريقة أي ملحن آخر فيعطي جملاً لحنية غير متوقعة واستثنائية ولكن ضمن سياق سهل وسلس يطرب كل من يسمعه».
مدرسة في التلحين
ويتابع المايسترو أسعد: «بالاضافة للاسكيتشات الي قدمها مع "فيروز" مثل أغنية الحصاد، من الأعمال الجميلة التي قدمها هي تأليف موسيقى للمسلسلات الإذاعية بالتعاون مع الفنان الشعبي "حكمت محسن" كاتب المسلسلات الشعبية الإذاعية وبعدها اتجه نحو أعمال الموسيقى التصويرية الدرامية مثل "صح النوم، حمام الهنا" والتقى في فترتها مع المطرب "دياب مشهور" ولحن له أغاني عدة، ومن الشائعات المغلوطة هي أغنية "عالمايا عالمايا" التي يقال إنها من تراث دير الزور ولكن الأغنية من ألحان "عبد الفتاح سكر" أخذ "التيمة" الجميلة من مقام العجم واشتغل عليها ولحّنها وقدّمها كمذهب وكوبليهات قريبة من روح التراث الديري، واستقاها من عمق الفلكولور السوري، وعندما كُلّف كرئيس لدائرة الموسيقى بإذاعة "دمشق" بدأ بتشجيع الموهوبين والمطربين ضمن إعداده لبرامج إذاعية ومسابقات لاختيار نجوم ومطربين خلال هذه المسابقات منهم "فؤاد غازي" و"دياب المشهور" بالاضافة للفنان "فهد بلان" وقدم له الكثير من الألحان التي مازلنا نرددها إلى الآن، وقدّم له خطوة متقدمة في مشواره الفني من خلال فهم عبد الفناح لصوت الراحل بلّان"!
1- عبد الفتاح سكرنافس بألحانه كبار الموسيقيين العرب
2- الباحث الصحفي أديب مخزوم مع الراحل عبد الفتاح سكر
أقامت ألحان الموسيقار الكبير الراحل عبد الفتاح سكر جسور العبور وحققت التواصل الحي والتناغم بين الأقطار العربية، حين أعاد إلى مشهديته الموسيقية حوارية التواصل المستلهمة من فضاءات الإيقاع الشرقي وعناصره الحميمية بحسب تعبير الفنان التشكيلي والناقد والمؤرخ الموسيقي "أديب مخزوم" متابعاً: «هو الذي ساهم بإعادة الاعتبار إلى تراثه الغنائي والموسيقي، الذي يكاد يختفي نتيجة جهل أبناء الجيل الجديد بالماضي الثقافي، وقد كان "عبد الفتاح سكر" علامة فارقة في ذاكرتنا الثقافية والفنية، وأحد المعلمين الكبار القلائل الذين كشفوا أسرار وخفايا توازن النغمات والإيقاعات المغايرة المنبثقة من ثمرات خبرته التقنية والفنية وكان المطرب الكبير الراحل "فهد بلان" من أهم كشوفاته الفنية في مطلع ستينيات القرن الماضي، وراهن عليه كواحد من أبرز الموهوبين في الرعيل الجديد وكانت الأغنيات التي لحنها له مثل (لركب حدك يالموتور، جسّ الطبيب، و اشرح لها، تحت التفاحة، يا بنات المكلا، شفتا أنا شفتا، الرمش المكحول، صح يا رجال، ويلك يلي تعادينا، الفين سلام، من قليبي وعينيا، شقرة وشعرها شقراوي، ياشوفير) وغيرها، بمثابة بوابة عبور لثنائي فني بلغ قمة الشهرة ووصل إلى حدود منافسة كبار الملحنين والمطربين في مصر والعالم العربي، وبحسب المطرب الشعبي المصري الكبير الراحل "محمد رشدي" أنه وفي كواليس المنافسة الموسيقية زاره عبقري النغم "بليغ حمدي" مرة وعرض عليه لحن أغنية (ردّوا السلام) الذي أدته فيما بعد "عفاف راضي" طالباً منه بأن ينسحب من حفل موسيقار الأزمان "فريد الأطرش" (شم النسيم) الذي كان سيشارك فيه أيضا "فهد بلان" وينضم إلى حفل "عبد الحليم حافظ"، وذلك لأن "فهد بلان" شكل خطراً على نجومية محمد رشدي بألحان "عبد الفتاح سكر" ولكن محمد رشدي الذي كان يلحن له بليغ حمدي، رفض أن ينسحب من المشاركة بحفل فريد الأطرش معتبراً أن عرض لحن (ردّوا السلام) بهذه الطريقة جاء كنوع من الرشوة، وهذا يعني أن الراحل الكبير الموسيقار "عبد الفتاح سكر" اخترق في مرحلته الذهبية الثوابت شبه التقليدية، وساهم إلى حد بعيد في ترسيخ حضور الفن السوري على النطاق العربي، ليزداد تألقاً وحميمية، وهذا ما أدخل فنه في الذاكرة العربية والوجدان العام بعد أن شاعت ألحانه ورددتها الجماهير العريضة في كل الأقطار العربية، حيث بات اللحن الغنائي على إيقاعات أنغامه كواحة من فضاءات شعرية ملونة بألف نغمة ونغمة، وأضحى السحر القادم من عبق ألحانه أشبه بشعار رومانسي لمسيرته الفنية، وما تخللها من تغيرات وتبدلات وتحولات وانعطافات على الصعيدين الموضوعي والفني».