لولي (جان بابتيست) Lully (Jean-Baptiste-) - Lully (Jean-Baptiste-)
لولّي (جان باتيست ـ)
(1632ـ 1687)
جان باتيست لولّي Jean -Baptiste Lully أحد أشهر أساتذة الموسيقى الفرنسية في القرن السابع عشر. وُلد في فلورنسا (إيطاليا) لوالدين إيطاليين، وتُوفِّي في باريس. تلقّى دراسة عامة في جميع العلوم من بينها أصول العزف على الكمـان عند راهب فرانسسكاني في إيطاليا، وانتقل في الرابعة عشرة من عمره إلى فرنسا بناء على رغبة الآنسة دي مونبانسييه de Montpensier التي طلبت أن يأتوها بشاب جميل؛ لتتحدث معه بالإيطالية. مع أن لولّي كان أبعد من أن يكون شاباً جميلاً، وتصرفاته كانت بعيدة عن لياقة النبلاء الفرنسيين، فسرعان ما فتن الآنسة بذكائه وسرعة بديهته، وكان خدم الآنسة يبعدونه عن المطبخ بسبب شراهته للطعام. ومهما يكن فإن براعته في العزف على الكمان عوضت عن سوء لياقته الاجتماعية، وأصبح في وقت قصير أشهر عازف كمان في فرقة الآنسة دو مونبانسييه. ولكنه اضطرّ للتخلي عن منصبه عام 1652 لأسباب مجهولة، ويدّعي معاصروه بأنه طُرد من خدمة سيدته بسبب تأليفه أغاني هجائية، والأرجح بأنه كان يطمح للانتقال إلى البلاط الملكي الذي كان يحكمه مواطنه الكاردينال مازاران، حيث عُيِّن عام 1653 مؤلفاً وعازفاً للكمان في فرقة الـ/24/ كماناً الملكية. ألّف لولّي في البداية بعض الباليهات[ر. الباليه] لحفلات البلاط بالتعاون مع مؤلفين آخرين، أفضلها «الليل» Ballet de la Nuit (1653)، و«العصر» Ballet du Temps، و«الحب المريض» Ballet de l’Amour Malade (1657)، وأسس عام 1656 فرقة لستة عشر عازف كمان أطلق عليها اسم «الفرقة الصغيرة» تمييزاً لها عن فرقة الـ/24/، ثم ضمّت الفرقة في وقت متأخر عشرين عازفاً آخر، وطارت شهرتها في أوربا كلها، وعمل جاهداً لمنع زملائه من الموسيقيين من الوصول إلى البلاط؛ مما جلب له عداوة منافسيه.
حصل لولّي في عام 1661 على الجنسية الفرنسية، وسماه الملك في العام نفسه مفتشاً عاماً للموسيقى. وتعرّف عام 1662 موليير، وتعاونا معاً في تأليف ما سمي بـ«الكوميدي- باليه» وإخراجه، حيث ألّف الموسيقى لمسرحيات موليير الشهيرة، مثل «زواج بالقوة» (1664)، و«الحبّ طبيب» (1865)، و«البرجوازي النبيل» (1670)، ولكن اهتمامه تركّز بعد اكتشافه عمل كامبير Cambert (1628- 1677) «بومون» Pomone على الأوبرا، وحصل على احتكار للأوبرا في فرنسا، حيث وافق الملك على منع المسارح الخاصة من استخدام ما يزيد على ستة عازفي كمان كيلا يتم عرض أوبرات لمؤلفين آخرين غيره! ولكنه لم يستطع أن يمنع الموسيقيين والشعراء من هجائه، ونعته الشاعر بوالو Boileau بأقذع الألقاب، إلا أن قصائد الهجاء لم تمنعه من السيطرة على المسرح الغنائي الفرنسي وقلب الملك، وأثمر تعاونه مع الشاعر فيليب كينولت عن تأليف الأعمال الأوبرالية الأولى في تاريخ المسرح الغنائي الفرنسي، مثل: «أعياد الحب وأعياد باخوس» Les Fêtes de l’Amour et de Bacchus (1672)، و«كادمو وهيرميون» Cadmus et Hermione (1673)، و«أرميده» Armide (1686) وغيرها. ويلاحظ في هذه الأعمال كثيراً من روح أساتذة المسرح الكلاسيكي الفرنسي. ويبدو أنه لم يكتف بإزاحة زملائه الموسيقيين من البلاط؛ لأن تراجيدياته - الغنائية tragédies- lyriques بدأت تحل مكان مصنفات الكلاسيكيين راسين وكورني.
في الثامن من كانون الثاني عام 1687، وفي أثناء قيادته لعمله الديني «تسبيحة الشكر» Te Deum جرح ساقه بعصا القيادة جرحاً طفيفاً، والتهب الجرح لسوء حظه بعد أيام عدة؛ مما أدى إلى انتشار داء الغرغرينا، رفض لولّي اقتراح الطبيب ببتر فخذه، وواجه الألم والموت بشجاعة، وكتب وصيته، وودّع أولاده، وتُوفِّي في الثامن والعشرين من آذار تاركاً خلفه ثروة كبيرة، ربما كانت أكبر ثروة تركها موسيقي حتى ذاك الوقت. وأُقيم له- بأمر من الملك- ضريح فخم دمّرته الثورة الفرنسية عام 1789.
لم يكن لولّي إيطالياً سوى بالدم. أما أفكاره فقد شكَّلها عصر لويس الرابع عشر الذي كان يفضّل الإيقاع البطيء والروح الشاعرية على الإيقاع الإيطالي السريع والروح المفعمة بالحماسة. واتخذ فن الأوبرا على يديه شكلاً محدداً يبدأ بافتتاحية[ر] تسبق الدراما. واستلهم باخ Bach من «افتتاحياته»، «متتابعاته» suites الشهيرة. وأسهمت افتتاحيات لولّي- فيما بعد- بولادة فنّ السمفوني[ر]، وتخلّصت الدراما في أوبراته من فن «الغناء الجميل» Bel Canto، وسارت بهذا التحول الثوري مسرعة باتجاه فيردي وفاغنر والدراما الموسيقية. أما ألحانه المكتوبة لموسيقى الآلات فهي من نوعية أقل، إذ تفتقر إلى الإبداع والهارمونيات، ولا تضاهي أعمال معاصريه مثل كوريلّي Corelli أو كوبران Couperin. ومع ذلك فقد عدّه الفرنسيون بعد وفاته أكبر مؤلفيهم، وشقَّ عليهم أن يستبدل رامو[ر]Rameau بعد ذلك المبادئ التقليدية التي وضعها لولّي للأوبرا الفرنسية في عهد لويس الرابع عشر، وبقيت لأكثر من خمسين عاماً مبادئ مقدسة لا يجوز المساس بها.
أعماله
ألّف لولّي من عام (1653-1672) نحو 32 باليه للبلاط و12 كوميدي- باليه (ألف معظمها بالتعاون مع موليير)، ومن عام (1673- 1687) 14 أوبرا، وأعمالاً أخرى مثل، تراتيل دينية للمناسبات، منها «استرحام» miserere شهيرة جداً، و«ثلاثيات للآلات مهداة إلى الملك لويس الرابع عشر».
زيد الشريف
لولّي (جان باتيست ـ)
(1632ـ 1687)
جان باتيست لولّي Jean -Baptiste Lully أحد أشهر أساتذة الموسيقى الفرنسية في القرن السابع عشر. وُلد في فلورنسا (إيطاليا) لوالدين إيطاليين، وتُوفِّي في باريس. تلقّى دراسة عامة في جميع العلوم من بينها أصول العزف على الكمـان عند راهب فرانسسكاني في إيطاليا، وانتقل في الرابعة عشرة من عمره إلى فرنسا بناء على رغبة الآنسة دي مونبانسييه de Montpensier التي طلبت أن يأتوها بشاب جميل؛ لتتحدث معه بالإيطالية. مع أن لولّي كان أبعد من أن يكون شاباً جميلاً، وتصرفاته كانت بعيدة عن لياقة النبلاء الفرنسيين، فسرعان ما فتن الآنسة بذكائه وسرعة بديهته، وكان خدم الآنسة يبعدونه عن المطبخ بسبب شراهته للطعام. ومهما يكن فإن براعته في العزف على الكمان عوضت عن سوء لياقته الاجتماعية، وأصبح في وقت قصير أشهر عازف كمان في فرقة الآنسة دو مونبانسييه. ولكنه اضطرّ للتخلي عن منصبه عام 1652 لأسباب مجهولة، ويدّعي معاصروه بأنه طُرد من خدمة سيدته بسبب تأليفه أغاني هجائية، والأرجح بأنه كان يطمح للانتقال إلى البلاط الملكي الذي كان يحكمه مواطنه الكاردينال مازاران، حيث عُيِّن عام 1653 مؤلفاً وعازفاً للكمان في فرقة الـ/24/ كماناً الملكية. ألّف لولّي في البداية بعض الباليهات[ر. الباليه] لحفلات البلاط بالتعاون مع مؤلفين آخرين، أفضلها «الليل» Ballet de la Nuit (1653)، و«العصر» Ballet du Temps، و«الحب المريض» Ballet de l’Amour Malade (1657)، وأسس عام 1656 فرقة لستة عشر عازف كمان أطلق عليها اسم «الفرقة الصغيرة» تمييزاً لها عن فرقة الـ/24/، ثم ضمّت الفرقة في وقت متأخر عشرين عازفاً آخر، وطارت شهرتها في أوربا كلها، وعمل جاهداً لمنع زملائه من الموسيقيين من الوصول إلى البلاط؛ مما جلب له عداوة منافسيه.
حصل لولّي في عام 1661 على الجنسية الفرنسية، وسماه الملك في العام نفسه مفتشاً عاماً للموسيقى. وتعرّف عام 1662 موليير، وتعاونا معاً في تأليف ما سمي بـ«الكوميدي- باليه» وإخراجه، حيث ألّف الموسيقى لمسرحيات موليير الشهيرة، مثل «زواج بالقوة» (1664)، و«الحبّ طبيب» (1865)، و«البرجوازي النبيل» (1670)، ولكن اهتمامه تركّز بعد اكتشافه عمل كامبير Cambert (1628- 1677) «بومون» Pomone على الأوبرا، وحصل على احتكار للأوبرا في فرنسا، حيث وافق الملك على منع المسارح الخاصة من استخدام ما يزيد على ستة عازفي كمان كيلا يتم عرض أوبرات لمؤلفين آخرين غيره! ولكنه لم يستطع أن يمنع الموسيقيين والشعراء من هجائه، ونعته الشاعر بوالو Boileau بأقذع الألقاب، إلا أن قصائد الهجاء لم تمنعه من السيطرة على المسرح الغنائي الفرنسي وقلب الملك، وأثمر تعاونه مع الشاعر فيليب كينولت عن تأليف الأعمال الأوبرالية الأولى في تاريخ المسرح الغنائي الفرنسي، مثل: «أعياد الحب وأعياد باخوس» Les Fêtes de l’Amour et de Bacchus (1672)، و«كادمو وهيرميون» Cadmus et Hermione (1673)، و«أرميده» Armide (1686) وغيرها. ويلاحظ في هذه الأعمال كثيراً من روح أساتذة المسرح الكلاسيكي الفرنسي. ويبدو أنه لم يكتف بإزاحة زملائه الموسيقيين من البلاط؛ لأن تراجيدياته - الغنائية tragédies- lyriques بدأت تحل مكان مصنفات الكلاسيكيين راسين وكورني.
في الثامن من كانون الثاني عام 1687، وفي أثناء قيادته لعمله الديني «تسبيحة الشكر» Te Deum جرح ساقه بعصا القيادة جرحاً طفيفاً، والتهب الجرح لسوء حظه بعد أيام عدة؛ مما أدى إلى انتشار داء الغرغرينا، رفض لولّي اقتراح الطبيب ببتر فخذه، وواجه الألم والموت بشجاعة، وكتب وصيته، وودّع أولاده، وتُوفِّي في الثامن والعشرين من آذار تاركاً خلفه ثروة كبيرة، ربما كانت أكبر ثروة تركها موسيقي حتى ذاك الوقت. وأُقيم له- بأمر من الملك- ضريح فخم دمّرته الثورة الفرنسية عام 1789.
لم يكن لولّي إيطالياً سوى بالدم. أما أفكاره فقد شكَّلها عصر لويس الرابع عشر الذي كان يفضّل الإيقاع البطيء والروح الشاعرية على الإيقاع الإيطالي السريع والروح المفعمة بالحماسة. واتخذ فن الأوبرا على يديه شكلاً محدداً يبدأ بافتتاحية[ر] تسبق الدراما. واستلهم باخ Bach من «افتتاحياته»، «متتابعاته» suites الشهيرة. وأسهمت افتتاحيات لولّي- فيما بعد- بولادة فنّ السمفوني[ر]، وتخلّصت الدراما في أوبراته من فن «الغناء الجميل» Bel Canto، وسارت بهذا التحول الثوري مسرعة باتجاه فيردي وفاغنر والدراما الموسيقية. أما ألحانه المكتوبة لموسيقى الآلات فهي من نوعية أقل، إذ تفتقر إلى الإبداع والهارمونيات، ولا تضاهي أعمال معاصريه مثل كوريلّي Corelli أو كوبران Couperin. ومع ذلك فقد عدّه الفرنسيون بعد وفاته أكبر مؤلفيهم، وشقَّ عليهم أن يستبدل رامو[ر]Rameau بعد ذلك المبادئ التقليدية التي وضعها لولّي للأوبرا الفرنسية في عهد لويس الرابع عشر، وبقيت لأكثر من خمسين عاماً مبادئ مقدسة لا يجوز المساس بها.
أعماله
ألّف لولّي من عام (1653-1672) نحو 32 باليه للبلاط و12 كوميدي- باليه (ألف معظمها بالتعاون مع موليير)، ومن عام (1673- 1687) 14 أوبرا، وأعمالاً أخرى مثل، تراتيل دينية للمناسبات، منها «استرحام» miserere شهيرة جداً، و«ثلاثيات للآلات مهداة إلى الملك لويس الرابع عشر».
زيد الشريف