استكمالًا لما بدأناه من عرض لتاريخ الفيزياء، والربط بين علمي الفيزياء والفلك، والمحاولات العديدة التي قام بها اليونانين من اجل استكشاف الفضاء، ووصف الية عمل الأجرام السماوية.
نحن الآن على بُعد مئات السنين من عصر « ارسطرخوس »، الذي ذكرنا اسهاماته في الحلقة الماضية، انه عصر البطالمة، حيث الأسكندرية الآن هي عاصمة العلوم، وقبلة العلماء من مختلف انحاء العالم، حيث شجع ملوك البطالمة العلماء، لرصد حركة الأجرام السماوية، وذلك لأهتمامهم البالغ بالتقويم، فتابعوا حركة الشمس والقمر بالأستعانة ببعض الأدوات.
فبرز اسم رياضي عظيم، هو « أبولونيس البرجي »، الذي قام بتطوير هندسة وصف حركة الكواكب، وهذا التطوير ساعد « بطليموس » قي نظريته التي تبنت مركزية الأرض للمجموعة الشمسية، كما أنه كان له دور بارز في تطوير وصف القطوع المخروطية، التي استخدمها « كبلر » فيما بعد، لوصف ان مدارات الكواكب حول الشمس ليست دائرية بل قِطع ناقصة أو اهليلجية.
زياد النشاط الملاحي في هذا العصر، دفعت العلماء الى المزيد من الأهتمام بعلوم الفلك والجغرافيا، فكروية الأرض كانت أمر متفق عليه بين الجميع، خاصة عندما ادرك البحارة انهم عندما يتجهون للشمال، يجدون بعض المجموعات النجمية عكس التي توجد في الجنوب، وتقدير محيط الأرض كان بالمثل، فقد قدره ارسطو من قبل 40000ميل، فما كان من العلماء الا ببذل المزيد من المحاولات لتعيين محيط الأرض بدقة شديدة.
فحان دور الهندسي العظيم « ايراتوستين الأسكندراني »، فقد استطاع وصف محيط الأرض بدقة بالغة، ولا تختلف كثيرًا عن الطرق الحديثة. فالطرق الحديثة تعتمد على ما يُسمى ( طول الدرجة )، وطول الدرجة هو المسافة التي ينبغي على شخص ما ان يتخطاها على منحى دائرة كبيرة جدًا، حتى يتغير هذا الأنحناء بمقدار درجة كاملة، وبما ان الأرض دائرة كاملة فهي تساوي 360 درجة، وطول الدرجة يساوي 69 ميلًا، اذًا محيط الأرض يساوي حاصل ضرب 360 في 69 يساوي 24840 ميل. لكن ايرتوستين لم يتبع هذة الفكرة بالمثل، بل وجد ان الشمس في اسوان في اطول يوم في السنة، يختفي ظلها تمامًا، واول ظل يظهر للشمس كان في الأسكندرية، وبقياس طول هذا الظل وجد ان الشمس كانت في جنوب دائرة السمت، التي تقع في القبة السماوية بمقدار 7.25 درجة أو 1/50 من محيط الدائرة، وبما ان المسافة بين الأسكندرية واسوان 500 ميل تقريبًا، فأن محيط الأرض يساوي 25000 ميل تقريبًا.
نعود بالزمن قليلًا الى الوراء نحو ابرز فلكي في عصور اليونان، لو وسع لنا الأمر باعتباره هكذا، وهو « هبارخوس »، الذي استمد منه « بطليموس » الكثير في تحديد افكار كتابه ( المجيسطي )، هذا الرجل الذي قام برسم فهرس لنجوم السماء، بالأضافة لتوصله لفكرة الأعتدالين، ولكن قبل كل شئ دعني اوضح لك فكرة الأعتدالين.
قام العلماء برسم دئرتين تخيلتين على القبة السماوية، الأولى هي دائرة الأستواء السماوية، وهي دائرة كبيرة جدًا تمر بنقطة استواء سطح الأرض، لتتقاطع مع حدود القبة السماوية، والأخرى هي دائرة البروج، وهي دائرة تخيلية، يبدو وكأن الشمس تتحرك عليها من الشرق الى الغرب، بين الأجرام والنجوم، وبما أن دائرة الأستواء تميل على دائرة البروج بمقدار 23.5 درجة، وهو ميل محور الأرض، فأن الدائرتين تتقاطعان سويًا في نقطتين، احداها تُدعى بالأعتدال الخريفي والأخرى بالأعتدال الربيعي، وبما ان الشمس تتحرك في دائرة البروج من الشرق الى الغرب فأنها في يوم 21 اذار من كل عام تصل الى نقطة الأعتدال الربيعي، وفي يوم 21 آيلول تصل الى نقطة الأعتدال الخريفي، حيث يعتدل طول النهار والليل في هاتين النقطتين، وهذين اليومين على سطح الأرض.
استطاع « هبارخوس » بفضل رصده المستمر لحركة النجوم والأجرام، ان يتوصل لهذا الأعتدال، وقد كان هذا الأمر وقتها امر غريب، وذلك لأنهم اعتقدوا بأن الأرض كروية، ولكن العلم الحديث اثبت لنا بأن الأرض مفلطحة وليست كروية، وبالتالي اصبح ما توصل له « هبارخوس » انجاز بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
ولن تكن هذه المعلومات او كل هذه الأكتشافات، ذات اهمية لو لم يحفظها لنا، دُرة الكتب اليونانية، كتاب « المجيسطي » لبطليموس، الذي يعتبر خير شاهد على تاريخ علم الفلك في عصر الليونان.
ها قد وصلنا الى نهاية حقبة اليونانين والبطالمة، مع استعراض سريع لأهم انجازتهم في علمي الفيزياء والفلك، شاهدين على ان هولاء القوم هم اول من اسسوا لنشأة كل العلوم، بل سبقوا البشرية كلها في التفكير.
سننتقل في الحلقة القادمة عبر حاجز زمني كبير الى قرون اوروبا المظلمة، لنرى كبلر وكوبرنيكوس وتيهوبراكي.
نحن الآن على بُعد مئات السنين من عصر « ارسطرخوس »، الذي ذكرنا اسهاماته في الحلقة الماضية، انه عصر البطالمة، حيث الأسكندرية الآن هي عاصمة العلوم، وقبلة العلماء من مختلف انحاء العالم، حيث شجع ملوك البطالمة العلماء، لرصد حركة الأجرام السماوية، وذلك لأهتمامهم البالغ بالتقويم، فتابعوا حركة الشمس والقمر بالأستعانة ببعض الأدوات.
فبرز اسم رياضي عظيم، هو « أبولونيس البرجي »، الذي قام بتطوير هندسة وصف حركة الكواكب، وهذا التطوير ساعد « بطليموس » قي نظريته التي تبنت مركزية الأرض للمجموعة الشمسية، كما أنه كان له دور بارز في تطوير وصف القطوع المخروطية، التي استخدمها « كبلر » فيما بعد، لوصف ان مدارات الكواكب حول الشمس ليست دائرية بل قِطع ناقصة أو اهليلجية.
زياد النشاط الملاحي في هذا العصر، دفعت العلماء الى المزيد من الأهتمام بعلوم الفلك والجغرافيا، فكروية الأرض كانت أمر متفق عليه بين الجميع، خاصة عندما ادرك البحارة انهم عندما يتجهون للشمال، يجدون بعض المجموعات النجمية عكس التي توجد في الجنوب، وتقدير محيط الأرض كان بالمثل، فقد قدره ارسطو من قبل 40000ميل، فما كان من العلماء الا ببذل المزيد من المحاولات لتعيين محيط الأرض بدقة شديدة.
فحان دور الهندسي العظيم « ايراتوستين الأسكندراني »، فقد استطاع وصف محيط الأرض بدقة بالغة، ولا تختلف كثيرًا عن الطرق الحديثة. فالطرق الحديثة تعتمد على ما يُسمى ( طول الدرجة )، وطول الدرجة هو المسافة التي ينبغي على شخص ما ان يتخطاها على منحى دائرة كبيرة جدًا، حتى يتغير هذا الأنحناء بمقدار درجة كاملة، وبما ان الأرض دائرة كاملة فهي تساوي 360 درجة، وطول الدرجة يساوي 69 ميلًا، اذًا محيط الأرض يساوي حاصل ضرب 360 في 69 يساوي 24840 ميل. لكن ايرتوستين لم يتبع هذة الفكرة بالمثل، بل وجد ان الشمس في اسوان في اطول يوم في السنة، يختفي ظلها تمامًا، واول ظل يظهر للشمس كان في الأسكندرية، وبقياس طول هذا الظل وجد ان الشمس كانت في جنوب دائرة السمت، التي تقع في القبة السماوية بمقدار 7.25 درجة أو 1/50 من محيط الدائرة، وبما ان المسافة بين الأسكندرية واسوان 500 ميل تقريبًا، فأن محيط الأرض يساوي 25000 ميل تقريبًا.
نعود بالزمن قليلًا الى الوراء نحو ابرز فلكي في عصور اليونان، لو وسع لنا الأمر باعتباره هكذا، وهو « هبارخوس »، الذي استمد منه « بطليموس » الكثير في تحديد افكار كتابه ( المجيسطي )، هذا الرجل الذي قام برسم فهرس لنجوم السماء، بالأضافة لتوصله لفكرة الأعتدالين، ولكن قبل كل شئ دعني اوضح لك فكرة الأعتدالين.
قام العلماء برسم دئرتين تخيلتين على القبة السماوية، الأولى هي دائرة الأستواء السماوية، وهي دائرة كبيرة جدًا تمر بنقطة استواء سطح الأرض، لتتقاطع مع حدود القبة السماوية، والأخرى هي دائرة البروج، وهي دائرة تخيلية، يبدو وكأن الشمس تتحرك عليها من الشرق الى الغرب، بين الأجرام والنجوم، وبما أن دائرة الأستواء تميل على دائرة البروج بمقدار 23.5 درجة، وهو ميل محور الأرض، فأن الدائرتين تتقاطعان سويًا في نقطتين، احداها تُدعى بالأعتدال الخريفي والأخرى بالأعتدال الربيعي، وبما ان الشمس تتحرك في دائرة البروج من الشرق الى الغرب فأنها في يوم 21 اذار من كل عام تصل الى نقطة الأعتدال الربيعي، وفي يوم 21 آيلول تصل الى نقطة الأعتدال الخريفي، حيث يعتدل طول النهار والليل في هاتين النقطتين، وهذين اليومين على سطح الأرض.
استطاع « هبارخوس » بفضل رصده المستمر لحركة النجوم والأجرام، ان يتوصل لهذا الأعتدال، وقد كان هذا الأمر وقتها امر غريب، وذلك لأنهم اعتقدوا بأن الأرض كروية، ولكن العلم الحديث اثبت لنا بأن الأرض مفلطحة وليست كروية، وبالتالي اصبح ما توصل له « هبارخوس » انجاز بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
ولن تكن هذه المعلومات او كل هذه الأكتشافات، ذات اهمية لو لم يحفظها لنا، دُرة الكتب اليونانية، كتاب « المجيسطي » لبطليموس، الذي يعتبر خير شاهد على تاريخ علم الفلك في عصر الليونان.
ها قد وصلنا الى نهاية حقبة اليونانين والبطالمة، مع استعراض سريع لأهم انجازتهم في علمي الفيزياء والفلك، شاهدين على ان هولاء القوم هم اول من اسسوا لنشأة كل العلوم، بل سبقوا البشرية كلها في التفكير.
سننتقل في الحلقة القادمة عبر حاجز زمني كبير الى قرون اوروبا المظلمة، لنرى كبلر وكوبرنيكوس وتيهوبراكي.