اجهزه رصد فلكي
Astronomical instruments - Instruments astronomiques
أجهزة الرصد الفلكي
أجهزة الرصد الفلكي astronomical instruments هي أجهزة مكونة أساساً من جزء يجمِّع أشعة النجم ومن تجهيزات متممة تساعد في رؤية صورة مكبرة للنجم أو تصويره.
لقد ظل الرصد الفلكي يجري بالعين المجردة حتى بداية القرن السابع عشر, حين اخترع العالم نيوتن في الثلث الأخير من القرن ذاته الراصدة الفلكية العاكسة. ومنذ ذلك الحين مازالت هاتان الآلتان تتلقيان التحسين والعناية حتى أصبحتا على الشكل المتقن الذي بلغتاه اليوم ويطلب الآن من جهاز الرصد أن يوفر للفلكي الأمور الثلاثة الآتية وهي: تلقي إِشعاع النجوم على جهاز الاستقبال (وهو العين أو لوحة التصوير أوالمطياف..), وتشكيل صورة لجرم أو لمنطقة معينة من السماء في المستوى البؤري (المحرقي) للجهاز, والفصل بين أجرامٍ واقعة على بعدٍ زاوي صغير فيما بينها, مما يجعل العين المجردة غير قادرة على الفصل بينها لولا جهاز الرصد.
إِن القسم البصري الأساسي في المنظار أو في الراصدة هوالجسمية. ويتلخص عملها في تلقي الضوء الآتي من الجرم السماوي وإِنشاء صورة له أو لمنطقة من السماء. وتتصل الجسمية بأداة الاستقبال بوساطة أنبوب. أما القسم الميكانيكي الذي يحمل الأنبوب ويوفّر له توجيهه فيسمى الحاضنة mounting. وإِذا كان مستقبل الضوء هو العين, فإِن المنظار ينبغي بالضرورة أن يكون مزوَّداً بعينية eye- piece لفحص الصورة التي تشكلها جسمية الجهاز.
وأما في حالات الرصد بالتصوير أو الرصد الكهرضوئي أو الطيفي, فلا حاجة إِلى العينية. إِن لوحة التصوير وشق المطياف, والحجاب الذي يتحكم في شدة الضوء الكهربائي, تركَّب مباشرة في المستوى البؤري للجهاز.
إِن الراصدة التي جسميتها عدسات تسمى راصدة كاسرة أو منظاراً. ولما كانت الأشعة الضوئية التي لها أطوال موجية مختلفة تنكسر بزوايا انكسار مختلفة, فإِن الجسمية المؤلفة من عدسة واحدة تشكل صورة مقزَّحة. هذه الظاهرة تسمى الزيغ اللوني chromatic aberration وهذا الزيغ يمكن أن يصبح زهيداً إِذا تكونت الجسمية من عدستين تحققان شروطاً معينة (وذاك في الجسمية اللالونية).
أما قوانين الانعكاس فلا تتعلق بطول موجة الضوء, لذلك انصرف التفكير إِلى أن يُستبدَل بالجسمية ذات العدسات مرآة كروية مقعَّرة. فالمنظار الفلكي الذي يعمل على هذه الطريقة يسمى راصدة عاكسة refracting telescope أو راصدة. وأول راصدة كان قطر فتحتها 3 سم فقط وطولها لا يتجاوز 15 سم, وقد صنعها نيوتن عام 1671, أي بعد منظار غاليليو بـ71 سنة. أما اليوم فهناك راصدة قطر فتحتها 5 أمتار وأخرى قطر فتحتها 6 أمتار.
(الشكل -1) مرآة كروية أو مكافئية |
لقد كان الهدف الأساسي للرصد بالمناظير والراصدات, حتى نهاية القرن التاسع عشر, هو دراسة المواقع الظاهرية للنجوم.
وكان هنالك دور مهم لرصد المذنَّبات وتفاصيل أقراص الكواكب السيارة, وكل هذه الأرصاد كانت تجري بالبصر, وكان المنظار الكاسر المزوَّد بجسمية ذات عدستين يكفي تماماً لحاجات ذلك العهد.
في أواخر القرن التاسع عشر, وفي القرن العشرين, طرأ على الفلك بوصفه علماً, تغيرات جوهرية, إِذ انتقل مركز ثقل البحوث إِلى نطاق فيزياء النجوم وإِلى فلك النجوم, وأصبح الهدف الرئيسي للبحوث دراسة المميزات الفيزيائية للشمس والكواكب السيارة والنجوم والمنظومات النجمية. وظهرت أدوات مستقبلة للإِشعاع جديدة هي لوحة التصوير والخلية الكهرضوئية, وتم تطبيق الكشف الطيفي على نطاق واسع, لذلك فإِن المطالب والشروط التي غدت مفروضة على الراصدات, صار عليها أن تفي في المستقبل بمتطلبات غير التي كانت تفي بها قبلاً.
لقد غدا من المرغوب في بحوث فيزياء النجوم ألاّ تفرِض بصريات الراصدات أي قيود على الفاصل المتاح والمتيسر من أطوال أمواج الضوء: لأن الحدود والقيود التي يفرضها جو الأرض مفرطة في حد ذاتها. ولكن العدسات تُصنع من زجاج يمتص الإِشعاعات فوق البنفسجية والإِشعاعات تحت الحمراء, وإِن مدى حساسية لوحات التصوير والخلايا الكهرضوئية يشمل نطاقاً من الطيف أوسع من نطاق حساسية العين وإِن تأثير الزيغ اللوني في هذه المستقبلات هو أقوى.
لذلك فإِن الأبحاث والدراسات التي تجري في نطاق فيزياء النجوم تقتضي استعمال الأجهزة العاكسة, إِضافة إِلى أن صنع مرآة كبيرة للعاكس أسهل بكثير من صنع جسمية لا لونية ذات عدستين, لأنه بدلاً من معالجة أربعة سطوح كاسرة بدقة بصرية (أقل من ثُمن طول الموجة λ تقريباً, أي 0.1 مكرون تقريباً من أجل أشعة الإِبصار) لا يضطر صانع الجهاز إِلى أن يهتم إِلا بسطح واحد, إِضافة إِلى أنه لا يتحتم عليه عندئذ أن يراعي قيوداً شديدة تتعلق بالتجانس الذي يتطلبه زجاج العدسات. إِن كل هذه الأمور قد جعلت من العاكس الجهاز الأساسي لفيزياء النجوم, أما بحوث قياسات النجوم فتُستعمل فيها عدسات كاسرة. ذلك أن العاكسات حساسة جداً بأدنى دوران طارئ يصيب المرآة فيها لأن زاوية الورود تساوي زاوية الانعكاس, فإِذا دارت المرآة المستوية بزاوية قدرها يه, انتقلت الصورة (الخيال) بزاوية قدرها 2يه. وأما الانتقال الذي يولده دوران مماثل لعدسة جسمية فهو أصغر, وما دامت مواقع النجوم في بحوث القياسات النجمية يجب أن تقاس بالدقة العظمى, فإِن اختيار العدسات الكاسرة هو المفضَّل.
إِن الصورة التي يولدها العاكس ذو المرآة المكافئية واضحة جداً, كما سبق ذكره ولكن يقتضي هنا إِبداء احتياط: يجوز أن تُعدّ الصورة كاملة ما دامت قريبة من المحور, ولكن الابتعاد عن المحور يُظهر فيها تشويهات, فالعاكس الذي له مرآة مكافئية واحدة لا يمكَّن من تصوير مناطق كبيرة من السماء, من رتبة 5 درجات ×5 درجات مثلاً, وذلك أمر ضروري لدراسة الحشود النجمية والمجرات والسدم المجريّة, لذلك فمن أجل الأرصاد التي تتطلب حقلاً واسعاً تُصنع كواسر - عواكس تُصحَّح فيها زيوغ المرآة بعدسة رقيقة تكون في أغلب الأحوال شفافة للأشعة فوق البنفسجية. وقد كانت مرايا العاكسات قديماً ما بين القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر تصنع من أشابة (سبيكة) معدنية خاصة. ثم بعد ذلك, لأسباب تقنية استعاض صانعو الآلات البصرية عن المعدن بالزجاج. يعالج أولاً معالجة بصرية, ثم يغطى بطبقة رقيقة من المعدن ذات معامل انعكاس كبير (الألمنيوم خاصة).
المميزات الرئيسية للأجهزة الفلكية:
إِن العنصرين الرئيسيين المميزين للمنظار وللراصدة هما:قطر الجسمية (قط), وبعدها البؤري (ق). وكلما كان القطر أكبر كان التدفق الضوئي (تد) الذي يلتقطه الجهاز أكبر, وتعطى عبارة التدفق بالصيغة:
حيث(ض) هي استنارة الجسمية و(سط) سطحها. إِن ما يميز الجهاز