ادريسي (محمد علي)
Al-IdrisiI (Muhammad ibn Ali-) - Al-IdrisiI (Muhammad ibn Ali-)
الإِدريسي (محمد بن علي -)
(1293-1341هـ/ 1876-1923م)
محمد بن علي بن محمد بن الإِمام أحمد ابن إِدريس, مؤسس دولة الأدارسة في صَبْيَا وعسير باليمن. يرجع في أصله إِلى مدينة فاس في المغرب, وكان جده السيد أحمد مؤسس الطريقة الأحمدية في هذا البلد قد هاجر منه إِلى الحجاز, فأقام بمكة المكرمة, ثم توجه إِلى تهامة عسير واستقر في بلدة صَبْيَا عام 1246هـ/ 1830م.
ولد محمد الثاني بن علي الإِدريس في صَبْيَا ونشأ فيها. وفي عام 1313هـ/1895م توجه إِلى مكة المكرمة ثم غادرها إِلى القاهرة, والتحق بالأزهر, وبعد أن أنهى تحصيله العلمي انتقل إِلى واحة الكفرة في المغرب, مركز الدعوة السنوسية التي يتزعمها الأدارسة, فقرأ على السيد السنوسي, ثم انصرف عنها إِلى دُنْقُلَة في السودان عند أخواله وبني عمه, وتزوج ابنة هارون الطويل شيخ الطريقة الأحمدية, ثم غادر دُنْقُلَة إِلى عسير مسقط رأسه والفوضى آنئذ تعم البلاد, فنهض بالإِمامة بعد وفاة أبيه علي ابن محمد الأول سنة 1324هـ/1906م. وكان أول طريق محمد الثاني الإِدريسي إِلى السلطة هجومه على ممثل السلطة التركية الباشا الشريف أحمد الخواجي من زعماء أبي العريش وأشرافهم, فأسره واستولى على صَبْيَا سنة 1327هـ/1909م مستعيناً بنشاطه الديني وبما كان يبذله من الأموال وما يعطيه من السلاح لرجال القبائل لبلوغ أهدافه. وقد بادرت الحكومة العثمانية إِلى توجيه جيش لقتاله بقيادة سعيد باشا حاكم ولاية لَحْج, لكن الإِدريسي تظاهر بالولاء للدولة العثمانية, وحصل على تعيينه مفوضاً عاماًَ ثم قائم مقام لصَبْيَا وجيزان وأبي عريش, فاتسع نطاق سلطانه إِلى بلاد عسير وانتشرت طريقته في أرجاء تهامة.
وفي عام 1328هـ جمع حوله القبائل لمحاربة القائد العثماني سليمان باشا في أبها, وفرض الحصار على المدينة ولكنه لم يستطع فتحها بسبب تتابع النجدات العسكرية التي وصلت إِليها بقيادة أمير مكة الشريف حسين بن علي, فاضطر إِلى فك الحصار والهروب إِلى جبال فيفا. غير أن نشوب الخلاف بين الشريف حسين وحاكم عسير التركي سليمان باشا حمل الشريف على العودة إِلى مكة, وانحسر الخطر عن الإِدريسي لانشغال الدولة التركية بالحرب العالمية الأولى التي كانت طرفاً فيها, فعاد إِلى مقره وعمد إِلى ضم قبائل تهامة إِليه.
كان الإِدريسي ثابتاً في عدائه للترك ومن والاهم من أمراء العرب, محالفاً خصومهم أياً كانت جنسياتهم, فأقام الصلات مع الإِيطاليين على الجانب الآخر من البحر الأحمر واعتمد على إِمدادات السلاح منهم, وظل محافظاً على علاقات حسنة معهم على الرغم من تحوّله إِلى محالفة الإِنكليز في معاهدة 1915 ثم في معاهدة 1917. وقد اعترفت إِنكلترة لإِدريسي في المعاهدة الثانية بالسيادة على تهامة من ميناء اللحيّة جنوباً إِلى القُنفذة شمالاً, وتعهدت بحمايته من أي عدوان خارجي كما تعهد هو بعدم عقد أي معاهدة سياسية أو تجارية مع دول أخرى دونما علم منها.
وبعد انسحاب الأتراك من مقاطعة عسير السراة, قام حسن بن عايض بإِدارتها في المدة التي قوي سلطان الإِدريسي فيها مما ساعد على وقوع نزاع مسلح بينه وبين ابن عايض الذي هزم جنود الإِدريسي في عدة مواقع. ولما أخفق الإِدريسي في ضم الأراضي العليا من تهامة عقد معاهدة صداقة مع الملك عبد العزيز آل سعود تعاهدا فيها على حماية مصالحهما المتبادلة.
وتوسط الملك السعودي بين المتخاصمين, لكن آل عايض رفضوا الوساطة, فقام السعوديون باحتلال أبها والقضاء على حكم آل عايض, وأُدخلت الأراضي المرتفعة من تهامة في الدولة السعودية, وحافظت إِمارة الأدارسة على استقلالها مدة حياة الإِدريسي. وبعد وفاته تولى ابنه علي الإِمارة لكنه عجز عن ضبط الوضع ووقف الانهيار, فتولى عمه حسن الإِمارة ولكنه لم يستطع أيضاً ضبط الأمور فيها, مما أدى إِلى بسط الحماية السعودية على الإِمارة.
اتصف الإِدريسي بالذكاء والحزم والكرم والدهاء. وكان خبيراً بالمناورات السياسية, يبدل تحالفاته وخصوماته كلما اقتضت سياسته الراسخة في مقارعة الترك وفي التغلب على خصومه من الحكام المحليين المجاورين.
ج.ت