اتاسي (هاشم) Al-Atassi (Hashim-) - رجل دولة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اتاسي (هاشم) Al-Atassi (Hashim-) - رجل دولة



    اتاسي (هاشم)

    Al-Atassi (Hashim-) - Al-Atassi (Hachim-)

    الأتاسي (هاشم-)
    (1292- 1380هـ/1875- 1960م)

    رجل دولة عربي سوري وأحد رؤساء الجمهورية السورية. ولد هاشم بن خالد الأتاسي في مدينة حمص في أسرة كبيرة اشتهرت بالعلم والوجاهة، فقد كان جده محمد الأتاسي مفتي المدينة وخلفه في هذا المنصب أبوه خالد ثم أخوه طاهر، وساعدته نشأته المنزلية على تلقي العلم صغيراً. وكانت دراسته الأولى في مدينة حمص، ثم انتقل إلى بيروت ليتابع تحصيله الثانوي في الكلية الإسلامية. وانتقل بعدها إلى الأستانة (اصطنبول) ليدرس في المدرسة السلطانية العليا، وتخرج فيها عام 1893 ليعين بمعية والي بيروت. ومكث في عمله هذا ثلاث سنوات عين بعدها بمنصب قائمقام, وظلّ في هذا المنصب عدة سنوات متنقلاً بين مدن كثيرة كبانياس والحفة وصفد وصور والسلط (الصلت) والكرك وعجلون وجبله وبعلبك ويافا، ثم غدا متصرفاً في حماة فعكا فجبل بركات. ومع بداية الحرب العالمية الأولى عين هاشم الأتاسي متصرفاً لمدينة بوردور في الأناضول بقصد إبعاده عن البلاد، وعاد بعد الحرب والثورة العربية الكبرى إلى مدينة حمص وعين محافظاً لها مدة قصيرة. وعندما دعت الظروف في بداية الاستقلال الفيصلي في سورية إلى عقد مؤتمر وطني في عام 1919 انتخب هاشم الأتاسي، ممثل حمص، رئيساً للمؤتمر.

    أعلن المؤتمر مقرراته في السابع من شهر آذار عام 1920 وفي مقدمتها استقلال سورية الكامل بحدودها الطبيعية، وانتخب الأمير فيصل بن الحسين ملكاًَ على سورية. وكانت رئاسة المؤتمر هذه بداية حياة هاشم الأتاسي السياسية التي كان لها أثرها في الحركة الوطنية والنضال من أجل سورية واستقرارها السياسي.
    عهد الملك فيصل إلى هاشم الأتاسي في تأليف الوزارة الوطنية، التي خلفت وزارة رضا باشا الركابي الثانية، في شهر أيار 1920، وضمت الوزارة الثانية كلاً من يوسف العظمة وساطع الحصري وعبد الرحمن الشهبندر ورياض الصلح وفارس الخوري ويوسف الحكيم. وفي عهد هذه الوزارة جرت معركة ميسلون في 24 تموز 1920، واحتل الفرنسيون دمشق، فاستقالت حكومة الأتاسي وغادر الملك فيصل البلاد وبدأ عهد الانتداب.
    لم تخضع البلاد للاحتلال فقامت الثورات في جميع أنحائها. وكانت الثورة السورية الكبرى (1925- 1927) أشهرها وأبعدها أثراً، وكان هاشم الأتاسي من أنصارها والمتعاونين معها، فكان نصيبه النفي إلى جزيرة أرواد مع مجموعة كبيرة من الوطنيين، ومكث في منفاه شهرين. وبعد انتهاء الثورة عقد الزعماء الوطنيون مؤتمراً لهم في بيروت في تشرين الأول عام 1927، ترأسه هاشم الأتاسي، حددوا فيه موقفهم من الانتداب الفرنسي وأذاعوا بياناً تضمن مطالبهم، وعندما أعلن الفرنسيون في مطلع عام 1928 موافقتهم على إجراء انتخابات لمجلس تأسيسي يضع دستوراً للبلاد. خاض الوطنيون هذه الانتخابات متَّحدين باسم الكتلة الوطنية التي ترأسها هاشم الأتاسي، ونجحوا في دخول المجلس التأسيسي وانتخاب هاشم الأتاسي رئيساً له. تقدم المجلس بمشروع دستور لسورية لم ترض عنه حكومة الانتداب لإصراره على استقلال البلاد، وأمرت بتعليق أعمال المجلس. وفي 14 أيار عام 1930 نشر المفوض السامي الفرنسي الدستور المقترح بعد أن أضاف إليه مادة تشل ما جاء في مواده الست موضوع الخلاف، كما أصدر المفوض السامي في 19 تشرين الثاني 1931 أمراً بإقالة الحكومة المؤقتة وقراراً بتأليف مجلس استشاري كان من أعضائه هاشم الأتاسي الذي رفض هذه العضوية، ولم يجتمع المجلس إلا مرة واحدة. قرر المفوض السامي في الوقت نفسه إجراء انتخابات لمجلس نيابي جديد بموجب الدستور في مطلع عام 1932، وتدخلت السلطات الفرنسية في هذه الانتخابات وزيفتها وفرضت مرشحيها في الكثير من المناطق. ومع ذلك فقد نجح هاشم الأتاسي وقائمته الوطنية في حمص بدخول المجلس، وغدا مرشح الوطنيين لرئاسة الجمهورية. ولما كان الوطنيون أقلية فقد قنعوا بحل وسط وانتخب محمد علي العابد لمنصب الرئاسة. وعقد أعضاء الكتلة الوطنية مؤتمراً لهم في حمص في 4 تشرين الثاني 1932 وضعوا فيه نظاماً أساسياً للكتلة الوطنية وانتخب هاشم الأتاسي رئيساً لها. وعقب الحرب التي نشبت بين السعودية واليمن تنادى الزعماء الوطنيون في الأقطار العربية لتأليف وفد يسعى إلى إجراء مصالحة بين الملك عبد العزيز آل سعود والإمام يحيى، واختير هاشم الأتاسي عضواً في الوفد الذي ضم شكيب أرسلان والحاج أمين الحسيني ومحمد علي علوية باشا، ونجح الوفد في مسعاه وتمت المصالحة. واستقبل هاشم الأتاسي إثر عودته إلى البلاد استقبالاً حافلاً مع أنه لم يكن يشغل أي منصب رسمي في الدولة آنذاك. وفي مطلع عام 1936 عمت البلاد إضرابات عنيفة دامت 60 يوماً احتجاجاً على بقاء الانتداب. واضطرت الحكومة الفرنسية إلى تبني سياسة التفاوض، فاتصل المندوب السامي بالكتلة الوطنية وزعيمها هاشم الأتاسي وطلب تأليف وفد يتولى المفاوضات في باريس. وسافر الوفد برئاسة الأتاسي إلى فرنسة حيث نجح في عقد معاهدة عدت خطوة في طريق الاستقلال، وتم إجراء انتخابات في دمشق لمجلس تشريعي بعد عودة الوفد، ونجح الوطنيون فيها وانتخب هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية في 21 كانون الأول 1936، وتألفت وزارة وطنية تعهدت السير في تنفيذ المعاهدة، إلا أن الفرنسيين نكصوا عن الالتزام بها واضطرت الوزارات الوطنية إلى الاستقالة واحدة بعد أخرى إلى أن استقال رئيس الجمهورية نفسه في 7 تموز 1939 وعادت فرنسة إلى فرض سياسة الانتداب من جديد.
    نالت سورية استقلالها بعد العدوان الفرنسي عام 1945 وتم جلاء آخر جندي من جنود الاحتلال في 17 نيسان 1946، وقام في البلاد حكم وطني دستوري، وفي 30 آذار عام 1949 تزعم قائد الجيش حسني الزعيم انقلاباً عسكرياً أطاح بالحكومة وتسلم الجيش السلطة، ولكن جماعة من الضباط برئاسة سامي الحناوي قامت في 14 آب من العام نفسه بانقلاب أطاح بحكومة حسني الزعيم وعهد بالحكم إلى وزارة ائتلافية ضمت ممثلين عن جميع الأحزاب وترأسها هاشم الأتاسي. وتولت هذه الوزارة إجراء انتخابات لمجلس تأسيسي يضع دستوراً جديداً للبلاد. وانتخب هاشم الأتاسي رئيساً للدولة في 14 كانون الأول 1949، وأعيد انتخابه رئيساً للجمهورية في 7 أيلول 1950 بعد إقرار الدستور الجديد. وفي 2 كانون الأول 1951 قام العقيد أديب الشيشكلي بانقلاب عسكري واعتقل رئيس الوزارة معروف الدواليبي وأعضاءها فانسحب هاشم الأتاسي إلى منزله في حمص، وتوقفت رئاسته، إلى أن انهار حكم الشيشكلي إثر انقلاب عسكري في 25 شباط 1954. وعاد هاشم الأتاسي إلى سدة الرئاسة لاستكمال مدة رئاسته القانونية. وفي 6 أيلول 1955 جرى أول احتفال بتسليم الرئاسة دستورياً إلى الرئيس المنتخب الجديد شكري القوتلي. وبعد قيام الجمهورية العربية المتحدة 22 شباط 1958 اعتزل هاشم الأتاسي الحياة السياسية حتى وفاته ودفن في مدينته حمص.
    كان هاشم الأتاسي وطنياً مخلصاً، صادقاً في تعامله، عفيف النفس، نافذ البصيرة متأنياً في أحكامه معتدلاً في آرائه، نصيراً للدستور والشرعية حتى كناه بعضهم أبا الدستور. وقد ضمنت له صفاته هذه احترام الأصدقاء والخصوم، وهيأت له الظروف السياسية التي مرت بها البلاد القيام بدور مشهود في تاريخ سورية الحديث.
    يوسف شلب شام



يعمل...
X