حديقه حيوان
Jardin zoologique / Zoo - Zoo garden / Zoo
حديقة الحيوان
حدائق الحيوان parcs ou jardins zoologiques أو بكلمة مختصرة zoo هي منشآت متكاملة تقام في مناطق مختارة ذات تضاريس مناسبة تتلاءم مع حياة النباتات والحيوانات التي تربى فيها بإشراف متخصصين في علوم الحياة وأطباء بيطريين ومساعدين فنيين. وتختلف مساحة هذه الحدائق بين المتوسطة والكبيرة لتستوعب الحيوانات المحلية من أنواع وأجناس متباينة أو الحيوانات الغريبة التي يُحصل عليها من مناطق العالم البعيدة.
ولم تعد حدائق الحيوان للنزهة والمتعة فقط وإنما صارت مراكز مهمة للدراسات والبحوث العلمية التي تسهم في دراسة الأحياء وتوعية المواطنين في المحافظة على سلامة البيئة وحمايتها.
لمحة تاريخية
تشير الدراسات التاريخية إلى أن حدائق الحيوان ترجع إلى عهود قديمة، وكانت تربى فيها الحيوانات التي تعد مقدسة. وقد ظهر ذلك جلياً في الآثار التي وجدت عند الآشوريين والبابليين في الحدائق المعلقة، وعند قدماء المصريين منذ الألفية الثالثة والثانية قبل الميلاد. ومن هذه الحيوانات الأفاعي والثيران والأبقار والسباع وغيرها. واستطاع قدماء المصريين ترويض حيوانات متوحشة مثال الأسود والفهود والكلاب والقطط البرية. وقد أرسلت الملكة المصرية حتشبسوت بعثة إلى سواحل الصومال لجلب الحيوانات والنباتات النادرة وأنشأت لها حديقة خاصة في طيبة قرب المعبد الذي أشادته على شرف آمون. وتتميز هذه الحديقة بالتناسق الذي يلفت النظر وبالشجيرات والنباتات التي حُفرت لها أماكن مناسبة لزراعتها بين الصخور وتعيش بينها الحيوانات، مع نظام ري آلي من مياه النيل. وتعد هذه الحديقة أول حدائق التأقلم jardins d’acclimatation في التاريخ.
واشتهرت الهند بترويض الفيلة والأفاعي منذ آلاف السنين، كما عرفت الحضارة الصينية القديمة الاهتمام بالحدائق الحيوانية والنباتية. وقد عُرف عن الاسكندر الأكبر اهتمامه بالعلوم الطبيعية، وأصدر أوامره للعلماء بإجراء البحوث على الحيوانات التي كان يجمعها في أثناء غزواته الشهيرة التي شملت مناطق شاسعة متنوعة الطبيعة والبيئة بحيواناتها ونباتاتها.
وأقيمت في عهد الرومان الحدائق المناسبة لتربية الحيوانات المتوحشة التي ضمت في عهد القيصر أكتافيانس أغسطس Octavianus Augustus مايزيد على 3500 حيوان من النمور والأسود والفهود وغيرها من الحيوانات اللاحمة، وفي عهد نيرون Neron احتوت الحدائق400 من الدببة و300 من الفيلة. وكانت تستخدم هذه الحيوانات في حلبات المصارعة الشهيرة آنذاك.
وقد اهتم العرب بتربية الحيوانات من الإبل والخيول العربية وغيرها ودراستها. والدليل على ذلك المؤلفات الكثيرة التي تشير إليها مثال كتاب «الحيوان» للجاحظ وكتاب «كليلة ودمنة» لابن المقفع وكتاب «الحيوان» للدميري وكتاب «عجائب المخلوقات» للقزويني وغيرها. وتذكر كتب التاريخ أن الخليفة هارون الرشيد أهدى شارلمان ملك الفرنجة عام 800م الساعة الشهيرة والفيلة التي أدهشت الناس آنذاك.
أما في أوربة العصور الوسطى وبداية عصر النهضة فقد ارتبطت الحدائق التي تضم الحيوانات المختلفة، بالقصور الملكية، فأنشأ ملوك فرنسة حدائق للحيوان بالقرب من قصورهم في اللوفر Louvre وفنسين Vincenne وتويليري Tuillerie، وأشهرها كانت حديقة فرساي، إذ أمر لويس الرابع عشر عام 1662 بتوسيع القصر وتجميله بحديقة تربّى فيها الحيوانات المختلفة التي تُهدى إليه من الأمراء والملوك على الخصوص. وقد احتوت حديقة فرساي في تلك الفترة إحدى أكبر المجموعات الحيوانية في العالم. وكانت الأنواع الحيوانية (النادرة غالباً) يدرسها العلماء وتوثق بالرسومات الملونة وقد أسهمت في تطوير علم التشريح المقارن، وترافق ذلك مع إنشاء حديقة النباتات في قلب باريس التي ضمّت إلى جانبها حديقة للحيوانات ثم المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي الشهير والذي أسس بعد الثورة الفرنسية عام 1793، وارتبطت به بعد ذلك حديقة حيوان فانسين التي ماتزال تُطور حتى اليوم.
وتعد حديقة حيوان فيينا التي أنشأها إمبراطور النمسا عام 1752 من أقدم حدائق عصر النهضة، وتوالى إنشاء حدائق الحيوان في العالم منها في أوربا حديقة مدريد عام 1775، وحديقة لندن 1826، وحديقة دبلن 1830، وحديقة أمستردام 1838. وفي الولايات المتحدة الأمريكية تعد حديقة فيلاديلفيا التي أُنشئت عام 1859 أقدم حديقة تلتها حدائق كثيرة في الشرق والغرب الأمريكي.
أما في الوطن العربي فأشهر حدائق الحيوان هي حديقة القاهرة، وهناك حدائق صغيرة نسبياً موزعة في سورية والأردن وفي دول الخليج العربي والمغرب العربي.
هناك اليوم أكثر من 400 حديقة حيوان في العالم بحسب ما جاء في الكتاب السنوي الذي تصدره جمعية علم الحيوان في لندن بعنوان International Zoo Yearbook.
تصميم حدائق الحيوان
يختلف تصميم حدائق الحيوان عن الحدائق العادية لأنها غالباً ما تمتد على آلاف الأمتار المربعة في أرض ذات تضاريس بالقرب من مصادر المياه، وتحاط بسور مرتفع يشتمل على عدد من الأبواب المحروسة المعدة لدخول الزائرين. ويخصص باب للإدارة والأقسام العلمية ومخابر البحث وقسم التحنيط. وتوزع في أرجاء الحديقة، وفقاً لترتيب تصنيفي محدد، الأبنية والكهوف والأكمات والأوكار التي تضم أنواع الحيوانات المختلفة. فهناك مناطق مخصصة للثدييات مثال الأسود والنمور والفهود والثعالب والزرافات والفيلة والدببة والقردة خاصة لطرافة سلوكها وتجاوبها مع الجمهور، وغير ذلك من الثدييات الكبيرة والصغيرة.
وهناك مناطق خاصة تصمم لتوزيع الطيور تكثر فيها الأشجار المناسبة لبناء أعشاشها وطيرانها، وتحاط بسياج دقيق الفتحات جداً ومسقوف. وهناك أقسام للزواحف منها الأفاعي والتماسيح والسلاحف والعظايا وغيرها. أما الأحياء المائية فغالباً ما يصمم لها حدائق خاصة[ر. حديقة الأحياء المائية].
ويتجه تصميم حدائق الحيوان إلى تخصيص أكبر مساحة ممكنة للحيوانات لتعيش في بيئة أقرب ما تكون لبيئتها الطبيعية التي جلبت منها، وتزرع فيها الأشجار والنباتات التي تسمح لها بحرية الحركة أو التسلق أو القفز، وهذا ما يساعد على تكاثرها وحمايتها ورعايتها. فمثلاً يجب أن يوفر للحيوانات التي تقطن المناطق الحارة دفيئات كبيرة تُزود بأجهزة منظمة للحرارة ونظام إنارة مناسب.
دور حدائق الحيوان في المحافظة على الأنواع المهددة بالانقراض
أدى التطور الصناعي والتوسع العمراني وتلوث البيئة إلى تراجع الموائل الطبيعية والتهديد بانقراض أنواع كثيرة من الحيوانات والنباتات. وتقوم حدائق الحيوان والمحميات[ر] بعمل في غاية الأهمية لحماية عدد من الأنواع النادرة، وذلك بتوفير موئل لها لتنمو وتتكاثر مثل بعض الليموريات Lémuriens، وبعض الطيور وغيرها. وتسعى بعض حدائق الحيوان الشهيرة في العالم، مثال جمعية حديقة حيوان نيويورك، لحماية بعض الأنواع المهددة بالانقراض في إفريقيا وآسيا أو الغرب الأمريكي وألاسكا. وثمة شبكة اتصالات للتعاون بين حدائق الحيوان العالمية لمتابعة حماية هذه الأنواع النادرة ورعايتها لبقائها على قيد الحياة وتكاثرها. وقد ازداد هذا الدور أهمية بعد المؤتمرات الدولية التي دقت جرس الإنذار في قضايا تدهور البيئة وتلوثها وحماية التنوع الحيوي وفي مقدمتها قمة الأرض الشهيرة عام1992 في ريو وقمة جوهانسبورغ عام 2002. وتتطلب الرعاية وجود أطباء بيطريين ومساعدين لهم، متخصصين بمعالجة الحيوانات الموجودة في الحدائق وبطرائق التعامل معها ويشرفون دائماً على الحظائر والمستوصفات التي تخصص لاستشفاء الحيوانات.
مخابر البحث العلمي الملحقة بحدائق الحيوان
لم تعد حدائق الحيوان منتزهات لتمتع الزائرين بمشاهدة الحيوانات الغريبة وسلوكها فقط، وإنما صارت أيضاً مراكز للبحث العلمي يعمل فيها عدد من علماء الحياة والأطباء البيطريين الباحثين وعلماء البيئة، وترتبط بها مخابر متخصصة في التشريح المقارن وعلم النسج والتشريح المرضي والطفيليات وغيرها. وقد صنعت معدات خاصة تستخدم في معالجة هذه الحيوانات مثال المحاقن الكبيرة وأجهزة تنظير كبيرة وصغيرة تناسب الحيوانات المختلفة وتساعد في حقنها بالمهدئات أو المسكنات أو الصادات أو العلاجات المختلفة. وتتصل حدائق الحيوان العالمية بالجامعات ومراكز البحوث العلمية الأخرى، ولها مكتباتها الخاصة المرتبطة بشبكة الإنترنت لمتابعة البحوث الحيوية المتقدمة في العالم. وقد فتح موضوع نقل الأجنة المجمدة في التقانات الحيوية ونجاح استنساخ الثدييات، آفاقاً واسعة في المستقبل للمحافظة على الأنواع المهددة بالانقراض وحتى محاولة استنساخ الأنواع المنقرضة.
طرائق الحصول على الحيوانات وتربيتها في الحدائق
تتلخص طرائق الحصول على الحيوانات في هذه الحدائق بالآتي:
1- اصطيادها من موائلها في الطبيعة بطريقة فنية وصحية لا تسبب لها عاهة أو نزيفاً.
2- الإهداء من حدائق أخرى أو من مواطنين أو من جمعيات صديقة للبيئة والحيوانات.
3- التبادل مع حدائق الحيوان الأخرى للأنواع التي قد توجد عندها بأعداد كبيرة.
4 ـ إرسال بعثات خاصة إلى المناطق النائية والكهوف أو الغابات أو المحيطات وغيرها لجمع الأنواع النادرة.
5- تكاثر الأنواع الموجودة أصلاً في الحديقة بأعداد محددة.
6- دخول الحيوانات تلقائياً إلى الحديقة مثال: بعض الطيور المهاجرة أو بعض الحيوانات الشاردة.
وقد ساعد التطور التقاني الذي جرى في نطاق المواصلات والاتصالات على توفير إيصال المعلومات إلى حدائق الحيوان المختلفة وتسهيل المبادلات بينها، ونقل الحيوانات النادرة إلى الحدائق التي تعد أكثر ملاءمة لحياتها ونموها وتكاثرها.
ويقدر العلماء أن عدد الحيوانات التي يجب أن تحويها حدائق الحيوان في العالم من الفقاريات رباعيات الأرجل فقط Tetrapodes بنحو 3200 نوع من الثدييات و8600 نوع من الطيور و5800 نوع من الزواحف والبرمائيات. وتتنافس حدائق الحيوان الكبيرة العالمية للحصول على أكبر عدد ممكن من هذه الحيوانات.
أهمية حدائق الحيوان في توعية المواطنين للمحافظة على البيئة الطبيعية
تؤدي حدائق الحيوان وظيفة أساسية في توعية الأطفال والطلاب والمواطنين عموماً للمحافظة على البيئة الطبيعية ومحبة الحيوانات ورعايتها، وهذا ما يلاحظ في الدول التي أنشئت فيها هذه الحدائق منذ زمن بعيد. وتبين أنه لاتكفي مشاهدة هذه الحيوانات في التلفاز أو رؤية صورها في الكتب والمجلات وإنما ينمو الوعي على نحو كبير عند الأطفال والبالغين لدى زيارة حدائق الحيوان والنبات ومشاهدة هذا التنوع الحيوي ورؤية هذه الأنواع المختلفة في حياتها وسلوكيتها، وهذا ما يدفعهم لحب الطبيعة وحمايتها من التلوث والتدهور.
محمد أبو حرب
Jardin zoologique / Zoo - Zoo garden / Zoo
حديقة الحيوان
حدائق الحيوان parcs ou jardins zoologiques أو بكلمة مختصرة zoo هي منشآت متكاملة تقام في مناطق مختارة ذات تضاريس مناسبة تتلاءم مع حياة النباتات والحيوانات التي تربى فيها بإشراف متخصصين في علوم الحياة وأطباء بيطريين ومساعدين فنيين. وتختلف مساحة هذه الحدائق بين المتوسطة والكبيرة لتستوعب الحيوانات المحلية من أنواع وأجناس متباينة أو الحيوانات الغريبة التي يُحصل عليها من مناطق العالم البعيدة.
ولم تعد حدائق الحيوان للنزهة والمتعة فقط وإنما صارت مراكز مهمة للدراسات والبحوث العلمية التي تسهم في دراسة الأحياء وتوعية المواطنين في المحافظة على سلامة البيئة وحمايتها.
لمحة تاريخية
تشير الدراسات التاريخية إلى أن حدائق الحيوان ترجع إلى عهود قديمة، وكانت تربى فيها الحيوانات التي تعد مقدسة. وقد ظهر ذلك جلياً في الآثار التي وجدت عند الآشوريين والبابليين في الحدائق المعلقة، وعند قدماء المصريين منذ الألفية الثالثة والثانية قبل الميلاد. ومن هذه الحيوانات الأفاعي والثيران والأبقار والسباع وغيرها. واستطاع قدماء المصريين ترويض حيوانات متوحشة مثال الأسود والفهود والكلاب والقطط البرية. وقد أرسلت الملكة المصرية حتشبسوت بعثة إلى سواحل الصومال لجلب الحيوانات والنباتات النادرة وأنشأت لها حديقة خاصة في طيبة قرب المعبد الذي أشادته على شرف آمون. وتتميز هذه الحديقة بالتناسق الذي يلفت النظر وبالشجيرات والنباتات التي حُفرت لها أماكن مناسبة لزراعتها بين الصخور وتعيش بينها الحيوانات، مع نظام ري آلي من مياه النيل. وتعد هذه الحديقة أول حدائق التأقلم jardins d’acclimatation في التاريخ.
واشتهرت الهند بترويض الفيلة والأفاعي منذ آلاف السنين، كما عرفت الحضارة الصينية القديمة الاهتمام بالحدائق الحيوانية والنباتية. وقد عُرف عن الاسكندر الأكبر اهتمامه بالعلوم الطبيعية، وأصدر أوامره للعلماء بإجراء البحوث على الحيوانات التي كان يجمعها في أثناء غزواته الشهيرة التي شملت مناطق شاسعة متنوعة الطبيعة والبيئة بحيواناتها ونباتاتها.
وأقيمت في عهد الرومان الحدائق المناسبة لتربية الحيوانات المتوحشة التي ضمت في عهد القيصر أكتافيانس أغسطس Octavianus Augustus مايزيد على 3500 حيوان من النمور والأسود والفهود وغيرها من الحيوانات اللاحمة، وفي عهد نيرون Neron احتوت الحدائق400 من الدببة و300 من الفيلة. وكانت تستخدم هذه الحيوانات في حلبات المصارعة الشهيرة آنذاك.
وقد اهتم العرب بتربية الحيوانات من الإبل والخيول العربية وغيرها ودراستها. والدليل على ذلك المؤلفات الكثيرة التي تشير إليها مثال كتاب «الحيوان» للجاحظ وكتاب «كليلة ودمنة» لابن المقفع وكتاب «الحيوان» للدميري وكتاب «عجائب المخلوقات» للقزويني وغيرها. وتذكر كتب التاريخ أن الخليفة هارون الرشيد أهدى شارلمان ملك الفرنجة عام 800م الساعة الشهيرة والفيلة التي أدهشت الناس آنذاك.
أما في أوربة العصور الوسطى وبداية عصر النهضة فقد ارتبطت الحدائق التي تضم الحيوانات المختلفة، بالقصور الملكية، فأنشأ ملوك فرنسة حدائق للحيوان بالقرب من قصورهم في اللوفر Louvre وفنسين Vincenne وتويليري Tuillerie، وأشهرها كانت حديقة فرساي، إذ أمر لويس الرابع عشر عام 1662 بتوسيع القصر وتجميله بحديقة تربّى فيها الحيوانات المختلفة التي تُهدى إليه من الأمراء والملوك على الخصوص. وقد احتوت حديقة فرساي في تلك الفترة إحدى أكبر المجموعات الحيوانية في العالم. وكانت الأنواع الحيوانية (النادرة غالباً) يدرسها العلماء وتوثق بالرسومات الملونة وقد أسهمت في تطوير علم التشريح المقارن، وترافق ذلك مع إنشاء حديقة النباتات في قلب باريس التي ضمّت إلى جانبها حديقة للحيوانات ثم المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي الشهير والذي أسس بعد الثورة الفرنسية عام 1793، وارتبطت به بعد ذلك حديقة حيوان فانسين التي ماتزال تُطور حتى اليوم.
وتعد حديقة حيوان فيينا التي أنشأها إمبراطور النمسا عام 1752 من أقدم حدائق عصر النهضة، وتوالى إنشاء حدائق الحيوان في العالم منها في أوربا حديقة مدريد عام 1775، وحديقة لندن 1826، وحديقة دبلن 1830، وحديقة أمستردام 1838. وفي الولايات المتحدة الأمريكية تعد حديقة فيلاديلفيا التي أُنشئت عام 1859 أقدم حديقة تلتها حدائق كثيرة في الشرق والغرب الأمريكي.
أما في الوطن العربي فأشهر حدائق الحيوان هي حديقة القاهرة، وهناك حدائق صغيرة نسبياً موزعة في سورية والأردن وفي دول الخليج العربي والمغرب العربي.
هناك اليوم أكثر من 400 حديقة حيوان في العالم بحسب ما جاء في الكتاب السنوي الذي تصدره جمعية علم الحيوان في لندن بعنوان International Zoo Yearbook.
تصميم حدائق الحيوان
منطقة مخصصة للزرافات في حديقة حيوان | |
وهناك مناطق خاصة تصمم لتوزيع الطيور تكثر فيها الأشجار المناسبة لبناء أعشاشها وطيرانها، وتحاط بسياج دقيق الفتحات جداً ومسقوف. وهناك أقسام للزواحف منها الأفاعي والتماسيح والسلاحف والعظايا وغيرها. أما الأحياء المائية فغالباً ما يصمم لها حدائق خاصة[ر. حديقة الأحياء المائية].
ويتجه تصميم حدائق الحيوان إلى تخصيص أكبر مساحة ممكنة للحيوانات لتعيش في بيئة أقرب ما تكون لبيئتها الطبيعية التي جلبت منها، وتزرع فيها الأشجار والنباتات التي تسمح لها بحرية الحركة أو التسلق أو القفز، وهذا ما يساعد على تكاثرها وحمايتها ورعايتها. فمثلاً يجب أن يوفر للحيوانات التي تقطن المناطق الحارة دفيئات كبيرة تُزود بأجهزة منظمة للحرارة ونظام إنارة مناسب.
دور حدائق الحيوان في المحافظة على الأنواع المهددة بالانقراض
أدى التطور الصناعي والتوسع العمراني وتلوث البيئة إلى تراجع الموائل الطبيعية والتهديد بانقراض أنواع كثيرة من الحيوانات والنباتات. وتقوم حدائق الحيوان والمحميات[ر] بعمل في غاية الأهمية لحماية عدد من الأنواع النادرة، وذلك بتوفير موئل لها لتنمو وتتكاثر مثل بعض الليموريات Lémuriens، وبعض الطيور وغيرها. وتسعى بعض حدائق الحيوان الشهيرة في العالم، مثال جمعية حديقة حيوان نيويورك، لحماية بعض الأنواع المهددة بالانقراض في إفريقيا وآسيا أو الغرب الأمريكي وألاسكا. وثمة شبكة اتصالات للتعاون بين حدائق الحيوان العالمية لمتابعة حماية هذه الأنواع النادرة ورعايتها لبقائها على قيد الحياة وتكاثرها. وقد ازداد هذا الدور أهمية بعد المؤتمرات الدولية التي دقت جرس الإنذار في قضايا تدهور البيئة وتلوثها وحماية التنوع الحيوي وفي مقدمتها قمة الأرض الشهيرة عام1992 في ريو وقمة جوهانسبورغ عام 2002. وتتطلب الرعاية وجود أطباء بيطريين ومساعدين لهم، متخصصين بمعالجة الحيوانات الموجودة في الحدائق وبطرائق التعامل معها ويشرفون دائماً على الحظائر والمستوصفات التي تخصص لاستشفاء الحيوانات.
مخابر البحث العلمي الملحقة بحدائق الحيوان
لم تعد حدائق الحيوان منتزهات لتمتع الزائرين بمشاهدة الحيوانات الغريبة وسلوكها فقط، وإنما صارت أيضاً مراكز للبحث العلمي يعمل فيها عدد من علماء الحياة والأطباء البيطريين الباحثين وعلماء البيئة، وترتبط بها مخابر متخصصة في التشريح المقارن وعلم النسج والتشريح المرضي والطفيليات وغيرها. وقد صنعت معدات خاصة تستخدم في معالجة هذه الحيوانات مثال المحاقن الكبيرة وأجهزة تنظير كبيرة وصغيرة تناسب الحيوانات المختلفة وتساعد في حقنها بالمهدئات أو المسكنات أو الصادات أو العلاجات المختلفة. وتتصل حدائق الحيوان العالمية بالجامعات ومراكز البحوث العلمية الأخرى، ولها مكتباتها الخاصة المرتبطة بشبكة الإنترنت لمتابعة البحوث الحيوية المتقدمة في العالم. وقد فتح موضوع نقل الأجنة المجمدة في التقانات الحيوية ونجاح استنساخ الثدييات، آفاقاً واسعة في المستقبل للمحافظة على الأنواع المهددة بالانقراض وحتى محاولة استنساخ الأنواع المنقرضة.
عائلة من قردة البابون |
تتلخص طرائق الحصول على الحيوانات في هذه الحدائق بالآتي:
1- اصطيادها من موائلها في الطبيعة بطريقة فنية وصحية لا تسبب لها عاهة أو نزيفاً.
2- الإهداء من حدائق أخرى أو من مواطنين أو من جمعيات صديقة للبيئة والحيوانات.
3- التبادل مع حدائق الحيوان الأخرى للأنواع التي قد توجد عندها بأعداد كبيرة.
4 ـ إرسال بعثات خاصة إلى المناطق النائية والكهوف أو الغابات أو المحيطات وغيرها لجمع الأنواع النادرة.
5- تكاثر الأنواع الموجودة أصلاً في الحديقة بأعداد محددة.
6- دخول الحيوانات تلقائياً إلى الحديقة مثال: بعض الطيور المهاجرة أو بعض الحيوانات الشاردة.
وقد ساعد التطور التقاني الذي جرى في نطاق المواصلات والاتصالات على توفير إيصال المعلومات إلى حدائق الحيوان المختلفة وتسهيل المبادلات بينها، ونقل الحيوانات النادرة إلى الحدائق التي تعد أكثر ملاءمة لحياتها ونموها وتكاثرها.
ويقدر العلماء أن عدد الحيوانات التي يجب أن تحويها حدائق الحيوان في العالم من الفقاريات رباعيات الأرجل فقط Tetrapodes بنحو 3200 نوع من الثدييات و8600 نوع من الطيور و5800 نوع من الزواحف والبرمائيات. وتتنافس حدائق الحيوان الكبيرة العالمية للحصول على أكبر عدد ممكن من هذه الحيوانات.
أهمية حدائق الحيوان في توعية المواطنين للمحافظة على البيئة الطبيعية
تؤدي حدائق الحيوان وظيفة أساسية في توعية الأطفال والطلاب والمواطنين عموماً للمحافظة على البيئة الطبيعية ومحبة الحيوانات ورعايتها، وهذا ما يلاحظ في الدول التي أنشئت فيها هذه الحدائق منذ زمن بعيد. وتبين أنه لاتكفي مشاهدة هذه الحيوانات في التلفاز أو رؤية صورها في الكتب والمجلات وإنما ينمو الوعي على نحو كبير عند الأطفال والبالغين لدى زيارة حدائق الحيوان والنبات ومشاهدة هذا التنوع الحيوي ورؤية هذه الأنواع المختلفة في حياتها وسلوكيتها، وهذا ما يدفعهم لحب الطبيعة وحمايتها من التلوث والتدهور.
محمد أبو حرب