عبيد (تل)
’Ubayd - ’Ubayd
عُبِّيد (تل ـ)
تل العُبيد موقع أثري في جنوبي العراق، قطره نحو 300م، بُدئ التنقيب فيه منذ العشرينات من قبل هال H.R.Hall، وبعده وولي L.Woolley من معهد الآثار البريطاني في لندن، ثم تابع العمل في الثلاثينات، دولوغاس P.H.Delougaz ولويد S.Lioyd. وُجد فيه لأول مرة نوع خاص من الفخار الملون الذي أعطى اسمه لما أصبح يُعرف بـ«الحضارة العبيدية»، كما كُشف عن مقبرة وبيوت سكن تعود إلى الألف الخامسة قبل الميلاد. وعن معبد مهم يعود تاريخه إلى الألف الثالثة ق.م، خُصَّص للآلهة «ننهورساغ»Nin hur sag. شُيّد المعبد على مصطبة مرتفعة، وأُحيط بسورين، داخلي وخارجي، وبلغت أبعاده 33×26م، وهناك تماثيل حيوانات مختلفة من النحاس، وأدوات حجرية وصوانية وعظمية متنوعة.
ازدهرت الحضارة العبيدية بين الألفين الخامسة والرابعة ق.م، وانتشرت على مساحة واسعة؛ امتدت من الموصل شرقاً إلى سواحل المتوسط غرباً ومن الأناضول شمالاً إلى السواحل الشرقية لشبه الجزيرة العربية التي يُنسب إليها ما يُعرف باسم «عبيد العربي».
مر العبيديون بمراحل تطورية عدة، دلت عليها التنقيبات التي جرت في مواقع «أبو شهرين» (أريدو القديمة) وحجي محمد وتل العويلي في جنوبي العراق. اقتصر وجود العبيديين في المراحل الباكرة، الأولى والثانية، على الجنوب الرافدي، حيث حصلت أقدم الممارسات الزراعية عن طريق الري ورافقتها تطورات مهمة في البناء، تميزت لأول مرة باستخدام اللبن المقولب والعضادات، التي كُشف عنها في عشرات السويات الأثرية من مختلف المواقع المنسوبة لهذه الحضارة التي شهدت فيها العمارة الدينية تقدماً كبيراً، جسدته المعابد ذات الأشكال الثلاثية المنتظمة (tri-partite) المؤلفة من صالة كبيرة تحيط بها غرف العبادة من الجانبين، تكرر بناؤها على امتداد الألفين الخامسة والرابعة ق.م. مع الإشارة إلى النقاش الذي يدور حول الوظيفة الفعلية لهذه الأبنية الكبيرة، التي بلغت مساحة بعضها نحو300م2، وفيما إذا كانت بيوت عبادة أم أماكن اجتماعات «مضافات» لاستقبال الناس في المناسبات العامة أو غير ذلك.
في المرحلة العبيدية اللاحقة، الثالثة والرابعة، بلغ العبيديون أوسع انتشار لهم، فوصلوا إلى شمال العراق وإيران. وحصل تقدم شامل في شتى الميادين؛ إذ كبُر حجم المعابد وقوي بناؤها وزُوّدت بأدراج وعضادات وزُينت بفرض ومنحنيات وأصبح لها باب واحد بدلاً من أبواب عدة. كما غدت الفنون أوسع انتشاراً، وصُنعت لأول مرة تماثيل إنسانية وحيوانية تكاد تقارب الحجم الطبيعي.
تقدمت الزراعة المروية في مناطق العبيديين الجنوبية، والزراعة البعلية في مناطقهم الشمالية. وتميز العبيديون باستخدام كثيف للقار والأوبسيديان والنحاس، وتربية البقر والخنـزير. وهناك دلائل على أنهم عرفوا استخدام القوارب في النقل المائي. وكانوا السباقين في صناعة أنواع مختلفة من الأختام المسطحة ذات الطبعات الجميلة التي حملت أشكالاً نباتية وحيوانية وهندسية ذات دلالات اجتماعية وفنية مهمة. وهم أول من استخدم الدولاب في تصنيع الأواني الفخارية بعد أن كانت تُصنع يدوياً.
كُشف عن المواقع العائدة إلى عصر العُبيد في سورية في الجزيرة وعلى الساحل. وقد مثّل العبيديون المرحلة الأخيرة من عصور ما قبل التاريخ، وأسسوا بإنجازاتهم المتنوعة للتحولات الكبرى التي حصلت في عصر أوروك والعصور التاريخية اللاحقة.
سلطان محيسن
’Ubayd - ’Ubayd
عُبِّيد (تل ـ)
ازدهرت الحضارة العبيدية بين الألفين الخامسة والرابعة ق.م، وانتشرت على مساحة واسعة؛ امتدت من الموصل شرقاً إلى سواحل المتوسط غرباً ومن الأناضول شمالاً إلى السواحل الشرقية لشبه الجزيرة العربية التي يُنسب إليها ما يُعرف باسم «عبيد العربي».
مر العبيديون بمراحل تطورية عدة، دلت عليها التنقيبات التي جرت في مواقع «أبو شهرين» (أريدو القديمة) وحجي محمد وتل العويلي في جنوبي العراق. اقتصر وجود العبيديين في المراحل الباكرة، الأولى والثانية، على الجنوب الرافدي، حيث حصلت أقدم الممارسات الزراعية عن طريق الري ورافقتها تطورات مهمة في البناء، تميزت لأول مرة باستخدام اللبن المقولب والعضادات، التي كُشف عنها في عشرات السويات الأثرية من مختلف المواقع المنسوبة لهذه الحضارة التي شهدت فيها العمارة الدينية تقدماً كبيراً، جسدته المعابد ذات الأشكال الثلاثية المنتظمة (tri-partite) المؤلفة من صالة كبيرة تحيط بها غرف العبادة من الجانبين، تكرر بناؤها على امتداد الألفين الخامسة والرابعة ق.م. مع الإشارة إلى النقاش الذي يدور حول الوظيفة الفعلية لهذه الأبنية الكبيرة، التي بلغت مساحة بعضها نحو300م2، وفيما إذا كانت بيوت عبادة أم أماكن اجتماعات «مضافات» لاستقبال الناس في المناسبات العامة أو غير ذلك.
في المرحلة العبيدية اللاحقة، الثالثة والرابعة، بلغ العبيديون أوسع انتشار لهم، فوصلوا إلى شمال العراق وإيران. وحصل تقدم شامل في شتى الميادين؛ إذ كبُر حجم المعابد وقوي بناؤها وزُوّدت بأدراج وعضادات وزُينت بفرض ومنحنيات وأصبح لها باب واحد بدلاً من أبواب عدة. كما غدت الفنون أوسع انتشاراً، وصُنعت لأول مرة تماثيل إنسانية وحيوانية تكاد تقارب الحجم الطبيعي.
تقدمت الزراعة المروية في مناطق العبيديين الجنوبية، والزراعة البعلية في مناطقهم الشمالية. وتميز العبيديون باستخدام كثيف للقار والأوبسيديان والنحاس، وتربية البقر والخنـزير. وهناك دلائل على أنهم عرفوا استخدام القوارب في النقل المائي. وكانوا السباقين في صناعة أنواع مختلفة من الأختام المسطحة ذات الطبعات الجميلة التي حملت أشكالاً نباتية وحيوانية وهندسية ذات دلالات اجتماعية وفنية مهمة. وهم أول من استخدم الدولاب في تصنيع الأواني الفخارية بعد أن كانت تُصنع يدوياً.
كُشف عن المواقع العائدة إلى عصر العُبيد في سورية في الجزيرة وعلى الساحل. وقد مثّل العبيديون المرحلة الأخيرة من عصور ما قبل التاريخ، وأسسوا بإنجازاتهم المتنوعة للتحولات الكبرى التي حصلت في عصر أوروك والعصور التاريخية اللاحقة.
سلطان محيسن