عبد قادر ارناووط
Abdul Qader al-Arnaoot - Abdel Qader al-Arnaoot
عبد القادر الأرناؤوط
(1347ـ 1425هـ/1928ـ 2004م)
عبد القادر بن صوقل بن عبدول بلاكاي الأرناؤوط الألباني الأصل، علاّمة محدّث فقيه محقق خطيب داعية، خادم السّنَّة النبوية بدمشق في الربع الأخير من القرن الرابع عشر والربع الأول من القرن الخامس عشر الهجريين، ولد لأسرة شهيرة بقرية فريلا من أعمال بلدة إستوغ في إقليم قصوة الألباني زمن احتلال مملكة صربيا له، وكان والده أحد أعيان تلك القرية الكبار وسماه وقت ولادته (قدري)، وبقي هذا الاسم في أوراقه الثبوتية إلى آخر حياته. وحين بلغ الثالثة من عمره هاجر والده بأسرته إلى دمشق فراراً من بطش الصرب بسكان الإقليم، وفي دمشق نشأ، وفيها تلقى علومه الأولى على أيدي عدد من الشيوخ الألبانيين المهاجرين إلى دمشق أيضاً من ألبانيا وقصوة، ثم انتسب إلى مدرسة الإسعاف الخيري بدمشق، وكانت تعنى بتعليم أبناء الفقراء من سكان هذه المدينة العريقة وأبناء المهاجرين إليها من البلدان العربية والإسلامية وتخرج فيها سنة 1361هـ/1942م وكان شرع بقراءة القرآن في أثناء دراسته فيها على الشيخ صبحي العطار، ثم تابع قراءة القرآن مجوداً على الشيخ محمود فايز الديرعطاني من أوله إلى آخره في المدرسة الكاملية في سوق البزورية، ثم التحق بدكان الشيخ سعيد الأحمر إلى جوار المسجد الأموي الكبير بدمشق، لتعلم صنعة تصليح الساعات، فكان عمله لدى صاحب تلك الدكان ـ وكان من أهل العلم ـ سبباً عظيماً من أسباب طلبه للعلم بمنهجية سليمة صحيحة، إذ ألحقه بحلقة العلاَّمة الشيخ محمد صالح الفُرفُور في مسجد بني أمية، فلزمه من بعد ذلك ما يزيد على عشر سنوات، وأخذ عنه برفقة زملائه الفقه الحنفي، والتفسير واللغة العربية، من نحو وصرف وبيان وبديع، وغير ذلك، وهو في عداد الطبقة الأولى من طلابه وأحد من أسهم في تدريس الطبقة الثانية من طلبة شيخه. ثم درّس سنوات عديدة بمدرسة الإسعاف الخيري والمعهد العربي الإسلامي وانصرف بعد ذلك إلى العمل في تحقيق كتب التراث وتصحيحها في المكتب الإسلامي بدمشق مدة عشر سنوات كان آخرها سنة 1388هـ/1968م، ثم عمل في تحقيق كتب التراث ومراجعتها مستقلاً إلى آخر حياته، وقام أيضاً بالإشراف على تحقيق عدد من الكتب والتقديم لعدد كبير منها، وأصاب شهرة واسعة في الخطابة بدمشق وسواها، وأُلين له فنّ الوعظ، وبلغ فيه شأواً عالياً، وكانت له دروس مختلفة في عدد من المساجد بدمشق وأطرافها أفاد منها عدد كبير من طلبة العلم، وتخرج به فيها بعض الطلبة الذين سلكوا درب العمل بتحقيق كتب التراث وتخريج الأحاديث النبوية الشريفة، وكانت له صولات وجولات في أمر الدعوة إلى دين الله في الشام والسعودية وعدد من دول الخليج العربي، وفي مسقط رأسه في قصوة وفي ألبانيا ومقدونيا أيضاً، وكان يدعو فيها إلى التوسط في أمور الدين والاعتدال في طرح الآراء.
وكان يعيب على بعض من يدعون تمثيل منهج السّلف تشددهم في خلافهم مع العلماء من أتباع المذاهب الأربعة لأهل السّنة والجماعة وينصحهم بالتأدب مع الكبار من الشيوخ من أتباع تلك المذاهب.
كان شجاعاً جريئاً يقول الحق في خطبة ودروسه ومجالسه ولايخشى في ذلك لومة لائم، وشغل بأمر الفتوى في ربع القرن الأخير من سني حياته، وعلى الخصوص من ذلك أمر الفتوى بشؤون الطلاق ومايتبعه وكان يأخذ في ذلك برأي ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية من أن المطلق إذا تلفظ بالطلاق ثلاث مرات في مجلس واحد يقع منها طلقة واحدة تيسيراً منه على الناس في هذا الزمن المتأخر الذي أصبح معظم الناس يجهلون فيه أحكام الزواج والطلاق، وحرصاً منها على عدم تفكك الأسر نتيجة لذلك، وكان يصدر في ذلك عن تمكّن في المذهب الحنفي، والمذهب الشافعي، والمذهب الحنبلي، وعن إلمام واسع بالمذهب المالكي، وقد تصدى لإبداء الرأي في هذه المسألة وغيرها من أمور الفتوى بتكليف من العلامة الشيخ أحمد الشامي مفتي الحنابلة الأخير في الشام قبل وفاته بسنوات عديدة.
كان معتدلاً أيضاً في أمر الحكم على الأحاديث النبوية الشريفة تصحيحاً وتضعيفاً، والسبب في ذلك أنه كان فقيهاً بقدر ما كان محدّثاً والفقه يفتح آفاق العقل ويجعل صاحبه أقرب مايكون إلى الروية في سائر أموره، وكان عارفاً بالرجال القدماء منهم والمعاصرين وعلى الخصوص منهم من كان في سورية من الأعلام.
وكُتب له القبول لدى عامة الناس وخاصتهم في الشام وسواها، وكان يأخذ بألباب الناس حين يسرد الأحاديث بأسانيدها ويبيّن حالها صحة وضعفاً في مجالس وعظه، وكان يحرص على الاستشهاد بالآيات والأحاديث الصحيحة في خطبة وكلماته التي يلقيها في المناسبات، وحَبَّبَ إلى الناس الاستماع إلى نصوص الأحاديث النبوية في كل مكان كان يحّدث فيه داخل سورية وخارجها، وكانت له هيبة مقرونة بوقار مشهود. وحظي باحترام العلماء المسلمين في كل مكان من العالم الإسلامي، وقد تجلى ذلك بأوضح صوره عقب وفاته، وكانت له جنازة ومجلس للعزاء لم تشهد دمشق مثيلاً لهما منذ فترة طويلة. وخلّف عدداً كبيراً من الآثار تأليفاً وتحقيقاً وإشرافاً ومراجعة وتقديماً وجميعها منشورة.
فمن مؤلفاته القليلة المهمة: «الوجيز في منهج السّلف الصالح» و«وصايا نبوية» و«أربعون حديثاً من أحاديث رسول اللهr في العقيدة والعبادة والمعاملة والأخلاق».
ومن تحقيقاته مستقلاً: «كتاب التوابين» للمقدسي، و«الأذكار» للنووي، و «تحفة المودود بأحكام المولد» لابن قيم الجوزية، وقسم الحديث النبوي من «جامع الأصول في أحاديث الرسول» لابن الأثير، وهو أشهر آثاره وعليه قامت شهرته في بلدان العالم الإسلامي، و«مختصر شعب الإيمان»، للقزويني.
ومن تحقيقاته بمشاركة آخرين: «مختصر منهاج القاصدين» للمقدسي، و«جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام» لابن قيم الجوزية، و«زاد المسير في علم التفسير» لابن الجوزي، و«روضة الطالبين وعمدة المفتين» للنووي، و«المبدع في شرح المقنع» لابن مفلح، و«زاد المعاد في هدي خير العباد» لابن قيم الجوزية وهو أشهرها.
من أهم الكتب التي أشرف على تحقيقها:«شذرات الذهب في أخبار من ذهب» لابن العماد الحنبلي، و«المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد» للعُليمي، وقسم التراجم من «جامع الأصول في أحاديث الرسول» لابن الأثير.
ومن أهم الكتب التي راجع تحقيقها: «عمدة الأحكام من كلام خير الأنام» للمقدسي، و«كتاب الشكر» لابن أبي الدنيا، و«وصايا العلماء عند حضور الموت» لابن زبر الرّبعي، و«مختصر صحيح البخاري» للشيخ قاسم حمزة، و«البداية والنهاية» لابن كثير الدمشقي هو آخر أعماله الكبيرة، و«متن الأربعين النووية» للنووي.
مات بدمشق، ودفن بمقبرة الحقلة بحي الميدان الفوقاني.
محمود الأرناؤوط
Abdul Qader al-Arnaoot - Abdel Qader al-Arnaoot
عبد القادر الأرناؤوط
(1347ـ 1425هـ/1928ـ 2004م)
|
وكان يعيب على بعض من يدعون تمثيل منهج السّلف تشددهم في خلافهم مع العلماء من أتباع المذاهب الأربعة لأهل السّنة والجماعة وينصحهم بالتأدب مع الكبار من الشيوخ من أتباع تلك المذاهب.
كان شجاعاً جريئاً يقول الحق في خطبة ودروسه ومجالسه ولايخشى في ذلك لومة لائم، وشغل بأمر الفتوى في ربع القرن الأخير من سني حياته، وعلى الخصوص من ذلك أمر الفتوى بشؤون الطلاق ومايتبعه وكان يأخذ في ذلك برأي ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية من أن المطلق إذا تلفظ بالطلاق ثلاث مرات في مجلس واحد يقع منها طلقة واحدة تيسيراً منه على الناس في هذا الزمن المتأخر الذي أصبح معظم الناس يجهلون فيه أحكام الزواج والطلاق، وحرصاً منها على عدم تفكك الأسر نتيجة لذلك، وكان يصدر في ذلك عن تمكّن في المذهب الحنفي، والمذهب الشافعي، والمذهب الحنبلي، وعن إلمام واسع بالمذهب المالكي، وقد تصدى لإبداء الرأي في هذه المسألة وغيرها من أمور الفتوى بتكليف من العلامة الشيخ أحمد الشامي مفتي الحنابلة الأخير في الشام قبل وفاته بسنوات عديدة.
كان معتدلاً أيضاً في أمر الحكم على الأحاديث النبوية الشريفة تصحيحاً وتضعيفاً، والسبب في ذلك أنه كان فقيهاً بقدر ما كان محدّثاً والفقه يفتح آفاق العقل ويجعل صاحبه أقرب مايكون إلى الروية في سائر أموره، وكان عارفاً بالرجال القدماء منهم والمعاصرين وعلى الخصوص منهم من كان في سورية من الأعلام.
وكُتب له القبول لدى عامة الناس وخاصتهم في الشام وسواها، وكان يأخذ بألباب الناس حين يسرد الأحاديث بأسانيدها ويبيّن حالها صحة وضعفاً في مجالس وعظه، وكان يحرص على الاستشهاد بالآيات والأحاديث الصحيحة في خطبة وكلماته التي يلقيها في المناسبات، وحَبَّبَ إلى الناس الاستماع إلى نصوص الأحاديث النبوية في كل مكان كان يحّدث فيه داخل سورية وخارجها، وكانت له هيبة مقرونة بوقار مشهود. وحظي باحترام العلماء المسلمين في كل مكان من العالم الإسلامي، وقد تجلى ذلك بأوضح صوره عقب وفاته، وكانت له جنازة ومجلس للعزاء لم تشهد دمشق مثيلاً لهما منذ فترة طويلة. وخلّف عدداً كبيراً من الآثار تأليفاً وتحقيقاً وإشرافاً ومراجعة وتقديماً وجميعها منشورة.
فمن مؤلفاته القليلة المهمة: «الوجيز في منهج السّلف الصالح» و«وصايا نبوية» و«أربعون حديثاً من أحاديث رسول اللهr في العقيدة والعبادة والمعاملة والأخلاق».
ومن تحقيقاته مستقلاً: «كتاب التوابين» للمقدسي، و«الأذكار» للنووي، و «تحفة المودود بأحكام المولد» لابن قيم الجوزية، وقسم الحديث النبوي من «جامع الأصول في أحاديث الرسول» لابن الأثير، وهو أشهر آثاره وعليه قامت شهرته في بلدان العالم الإسلامي، و«مختصر شعب الإيمان»، للقزويني.
ومن تحقيقاته بمشاركة آخرين: «مختصر منهاج القاصدين» للمقدسي، و«جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام» لابن قيم الجوزية، و«زاد المسير في علم التفسير» لابن الجوزي، و«روضة الطالبين وعمدة المفتين» للنووي، و«المبدع في شرح المقنع» لابن مفلح، و«زاد المعاد في هدي خير العباد» لابن قيم الجوزية وهو أشهرها.
من أهم الكتب التي أشرف على تحقيقها:«شذرات الذهب في أخبار من ذهب» لابن العماد الحنبلي، و«المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد» للعُليمي، وقسم التراجم من «جامع الأصول في أحاديث الرسول» لابن الأثير.
ومن أهم الكتب التي راجع تحقيقها: «عمدة الأحكام من كلام خير الأنام» للمقدسي، و«كتاب الشكر» لابن أبي الدنيا، و«وصايا العلماء عند حضور الموت» لابن زبر الرّبعي، و«مختصر صحيح البخاري» للشيخ قاسم حمزة، و«البداية والنهاية» لابن كثير الدمشقي هو آخر أعماله الكبيرة، و«متن الأربعين النووية» للنووي.
مات بدمشق، ودفن بمقبرة الحقلة بحي الميدان الفوقاني.
محمود الأرناؤوط