ارمن (انسانيه)
Armenians - Arméniens
الأرمن
يجمع أكثر المؤرخين أن الأرمن كانوا من بين مجموعات متلاحقة من قبائل ذات أصل آري, عرفت عرقياً باسم الشعوب الهندية الأوربية, واستقرت في البلقان[ر] أو في منطقة تسالية في شمالي اليونان[ر]. ثم عاد أفرادها مع الفريجيين والتراقيين إِلى آسيا الصغرى فعبروا البوسفور والدردنيل, وتوغلوا في الأناضول نحو مجرى الفرات الأعلى, وتغلبوا على السكان الحثيين القاطنين في تلك الأماكن واختلطوا بهم, في نحو القرن الثاني عشر ق.م. وانحدروا بعد ذلك من المرتفعات إِلى السهول الجنوبية وامتزجوا مع شعب الأورارتو[ر]. كذلك قدمت المنطقة قبائل من السريان والكلدان اندمجت بالمقيمين هناك. وقد تكونت الأمة الأرمنية من هذه العناصر الآرية والأورارتية والحثية, وقبائل منطقة وان, ومن القبائل التي استوطنت شرقي الأناضول, وكان ذلك نحو القرنين السابع والسادس قبل الميلاد. وفي تلك الحقبة بدأت تظهر على النقوش كلمة «أرمينية» وبدت لدى الشعب الأرمني, منذ القرن السادس قبل الميلاد, سمات تميزه منها: القامة المتوسطة القريبة من القصر, والجمجمة العريضة, واستطالة الوجه على نحافة وضيق, والشعر الأسود الفاحم, والصدر العريض, والشفتان الممتلئتان مع سعة الفك وقوته, وانبساط الخدين, وقنا الأنف, وميل البشرة إِلى السمرة, كما تميز هذا الشعب بصفات نفسية أهمها: الهدوء وتحمل المشاق إِلى جانب الحيوية والنشاط والقدرة على الإِنجاز.
تاريخ الأرمن
التاريخ القديم:
لم يتمتع الأرمن منذ القديم بالمنعة والسيطرة. اكتسح بلادهم البابليون والآشوريون والميديون ثم الفرس. وكان الفرس يختارون حكام البلاد من الأرمن غالباً, تعهدوا دفع الجزية لقاء احتفاظهم باستقلالهم الإِداري, ثم غدت أرمينية ساترابية (مقاطعة) تابعة للامبراطورية الفارسية, وذلك في عهد قورش. وبعد أن ساعد الأرمن الفرس في إِسقاط الدولة الليدية استطاع ديكران بن يراونت أن يجعل أرمينية ساترابية مستقلة, غير أن داريوس, الملك الفارسي, قضى على كل محاولة استقلالية. وقد تأثر الأرمن, في هذه الحقبة, بالتقاليد الفارسية في طراز معيشتهم, ودخل لغتهم كثير من الألفاظ الفارسية.
وبعد غزو الاسكندر المقدوني غدت أرمينية مملكة مستقلة تحت حكم الاسكندر نفسه, الذي عين حليفه الأرمني مهران على العرش, وهو من أسرة يراونت التي كانت تحكم المرزبانية. وبعد الاسكندر تولى السلوقيون حكم البلاد, وقسمت أرمينية قسمين رئيسين هما: أرمينية الكبرى وأرمينية الصغرى التي دعيت فيما بعد كيليكية (قيليقية) إِضافة إِلى مملكتين صغيرتين هما: صوفين وكوماجيني.
وكان تأثر الأرمن بالحضارة الهلينية كبيراً, وكان ذلك ما بين 321-190ق.م. وقد عين أنطيوخوس الثالث ارداشيس الأول حاكماً على أرمينية الكبرى وعين «زاره» على أرمينية الصغرى, وبعد موت أنطيوخوس استقل الملكان الأرمنيان عن السلوقيين, ثم ضم ارداشيس إِلى حكمه أرمينية الصغرى بعد موت زاره, ووحد البلاد, وأسس ملكية حكمها أفراد من أسرته, واستمرت قرابة قرنين من الزمن (من 189 ق.م إِلى السنة الأولى بعد الميلاد) ودعيت بالأسرة الارداشيسية ومن أشهر ملوكها ديكران الثاني الكبير (94-55ق.م).
ومنذ السنة الأولى الميلادية غدت أرمينية كالكرة يتقاذفها الفرس والرومان, يكتسح بلادهم الفرس فيحالفون رومة, ويحاربهم الرومان فيلجؤون إِلى الفرس. أما حكامهم فكانوا إِما من الفرس أو الرومان وقد اتفق الطرفان المتقاتلان الفرس والرومان في عهد نيرون على إِنهاء الحرب بينهما, وتنصيب ملك لأرمينية هو أخو ملك فارس, درطاد الأول الفارسي, وسميت أسرة درطاد بالأسرة الارشاغونية, وقد حكمت من سنة 66 إِلى 429م, ومن أشهر ملوك هذه الأسرة درطاد الثاني (217-238م) الذي يسمى أيضاً خسرو الأول الكبير, ودرطاد الثالث الذي اعتنق المسيحية وعمل على إِنشاء الكنائس.
وفي سنة 387م اتفق الرومان والفرس على تقسيم أرمينية إِلى إِقليمين أُلحق أحدهما بالدولة البيزنطية, وألحق الثاني, وهو الأكبر بالدولة الساسانية. ومنذ سنة 429م عادت أرمينية التي ألحقت بالدولة الساسانية مرزبانية فارسية, وبقيت كذلك حتى سنة 634م. وقد حاول الفرس جعل الأرمن إِيرانيين وإِكراههم على ترك ديانتهم المسيحية, ولكنهم اصطدموا بمقاومتهم التي كان يقودها «وارطان ماميكونيان» مما جعلهم يتخلون عن فكرتهم.
اختلفت أحوال الأرمن التابعين للفرس عن أحوال الأرمن التابعين لبيزنطة التي عملت على وضع المنطقة تحت إِشرافها إِشرافاً تاماً, ومعاملة الأرمن كالمواطنين من البيزنطيين, ولكن خلافهم الديني في التفاصيل مع بيزنطة جعلهم ينحازون إِلى الفرس شيئاً فشيئاً. وفي أواخر القرن السابع بعد الميلاد ظهر العرب على مسرح التاريخ.
الأرمن والعرب:
في عهد عمر بن الخطاب توجهت حملة عربية بقيادة عياض بن غَنْم إِلى سهول الجزيرة والأراضي الأرمنية حتى بلغت بَدْليس Bitilis ثم اتجهت إِلى خلاط Calatia (على بحيرة وان) وجبى عِياض الجزية ثم عاد إِلى الشام, وفي عهد عثمان بن عفان أُخضعت أرمينية للعرب أول مرة, وكان ذلك نحو سنة 24 أو25هـ/645 أو646م. وفي عام 33هـ/ 653م عقدت معاهدة صلح بين العرب والأرمن على أن تعفى الدولة الأرمنية من الجزية ثلاث سنوات, ثم يفرض عليها بعد ذلك تعبئة 15000 فارس من أموال الجزية لمساعدة العرب في حروبهم, وتعهد العرب باستقلال الإِمارات الأرمنية, وعدم إِرسال أحد من الأمراء أو القادة العرب إِلا إِذا زحف عليها الروم, وأبقي الحاكم تيودور الرشتوني على أرمينية وبلاد الكرج. ولم يعجب الاتفاق الامبراطور البيزنطي فهاجم أرمينية, وصدته القوات العربية والأرمنية معاً.وفي عهد الأمويين امتدت الفتوحات العربية فشملت أرمينية كلها, ونعم الطرفان, العربي والأرمني, في عهد معاوية بالعلاقات الطيبة, وزار حاكم أرمينية غريغور ماميكونيان دمشق واستقبله الخليفة معاوية بالترحيب.
وفي عهد عبد الملك بن مروان, وكان الحاكم في أرمينية آشوط الأرمني, شهدت أرمينية اضطرابات سببها اجتياح الخزر للبلاد, ودخول الامبراطور البيزنطي جوستنيان الثاني أرمينية للانتقام من العرب والأرمن معاً, ثم اختلّت العلاقات بين الأرمن والعرب, فأخذ أمراء الأرمن ينحازون مرة إِلى العرب ومرة إِلى الروم, وكانت بعض مناطق أرمينية تنتقل في ذلك الوقت بين الدولتين, وكان كثير من أمراء الأرمن يتنازعون السلطة فيما بينهم.
وكان الولاة العرب بعد فتح أرمينية قد اتخذوا بلدة دبيل مقراً لهم. وهي البلدة التي كان المرزبان الفارسي يتخذها مقراً له قبل الفتح الإِسلامي.
وفي العهد العباسي صارت أرمينية تشمل الإِمارات الأرمنية وأذربيجان[ر] وبلاد الجزيرة, وقد عيّن الخليفة العباسي أبو العباس السفاح أخاه أبا جعفر المنصور والياً على الجزيرة وأذربيجان وأرمينية, وفي عهد أبي جعفر نزحت إِلى أرمينية قبائل عربية كثيرة واستقرت فيها, وقد صالح أبوجعفر الامبراطور البيزنطي بعد أن خاص معه معارك كثيرة. ثم عيّن ساهاك البقردوني حاكماً على أرمينية.
وفي عهدي المهدي والرشيد, كانت أرمينية مقاطعة تتمتع بالحكم الذاتي, ويحكمها البطارقة الأرمن (وهم رؤساء الإِمارات الأرمنية) وكانوا يدفعون للدولة العباسية الجزية المقررة.
وفي عهد المعتصم عُين الأفشين عاملاً على أرمينية وأذربيجان فتحول إِلى مقاتلة بابك الُخرَّمي, فاستنجد هذا الأخير بالامبراطور البيزنطي الذي سارع إِلى نجدته, وتوغل في البلاد, يبطش بالحاميات العربية, غير أن أسر الأفشين لبابك (سنة 222هـ) جعل الامبراطور يعود إِلى بلاده.
وولى الخليفة المتوكل يوسف بن محمد عاملاً على أرمينية سنة 236هـ, فلم يحسن الإِدارة وأساء في تصرفاته وقبض على بعض الرؤساء وبعث بهم إِلى المتوكل. وغضب الأرمن لفعل يوسف وثاروا عليه وقتلوه سنة 237هـ, فوجه المتوكل بغا الشرابي إِلى أرمينية فأعاد إِليها الهدوء. وانتهج المتوكل سياسة جديدة عندما نصب آشوط بن سمباط البقردوني أميراً لأمراء أرمينية سنة 246هـ/ 861م. واستطاع هذا الأمير أن يخضع الأمراء الأرمن لسلطته كما ساعد العرب, فنُصِّب ملكاً على أرمينية واعترف به الملك
Armenians - Arméniens
الأرمن
يجمع أكثر المؤرخين أن الأرمن كانوا من بين مجموعات متلاحقة من قبائل ذات أصل آري, عرفت عرقياً باسم الشعوب الهندية الأوربية, واستقرت في البلقان[ر] أو في منطقة تسالية في شمالي اليونان[ر]. ثم عاد أفرادها مع الفريجيين والتراقيين إِلى آسيا الصغرى فعبروا البوسفور والدردنيل, وتوغلوا في الأناضول نحو مجرى الفرات الأعلى, وتغلبوا على السكان الحثيين القاطنين في تلك الأماكن واختلطوا بهم, في نحو القرن الثاني عشر ق.م. وانحدروا بعد ذلك من المرتفعات إِلى السهول الجنوبية وامتزجوا مع شعب الأورارتو[ر]. كذلك قدمت المنطقة قبائل من السريان والكلدان اندمجت بالمقيمين هناك. وقد تكونت الأمة الأرمنية من هذه العناصر الآرية والأورارتية والحثية, وقبائل منطقة وان, ومن القبائل التي استوطنت شرقي الأناضول, وكان ذلك نحو القرنين السابع والسادس قبل الميلاد. وفي تلك الحقبة بدأت تظهر على النقوش كلمة «أرمينية» وبدت لدى الشعب الأرمني, منذ القرن السادس قبل الميلاد, سمات تميزه منها: القامة المتوسطة القريبة من القصر, والجمجمة العريضة, واستطالة الوجه على نحافة وضيق, والشعر الأسود الفاحم, والصدر العريض, والشفتان الممتلئتان مع سعة الفك وقوته, وانبساط الخدين, وقنا الأنف, وميل البشرة إِلى السمرة, كما تميز هذا الشعب بصفات نفسية أهمها: الهدوء وتحمل المشاق إِلى جانب الحيوية والنشاط والقدرة على الإِنجاز.
تاريخ الأرمن
التاريخ القديم:
لم يتمتع الأرمن منذ القديم بالمنعة والسيطرة. اكتسح بلادهم البابليون والآشوريون والميديون ثم الفرس. وكان الفرس يختارون حكام البلاد من الأرمن غالباً, تعهدوا دفع الجزية لقاء احتفاظهم باستقلالهم الإِداري, ثم غدت أرمينية ساترابية (مقاطعة) تابعة للامبراطورية الفارسية, وذلك في عهد قورش. وبعد أن ساعد الأرمن الفرس في إِسقاط الدولة الليدية استطاع ديكران بن يراونت أن يجعل أرمينية ساترابية مستقلة, غير أن داريوس, الملك الفارسي, قضى على كل محاولة استقلالية. وقد تأثر الأرمن, في هذه الحقبة, بالتقاليد الفارسية في طراز معيشتهم, ودخل لغتهم كثير من الألفاظ الفارسية.
وبعد غزو الاسكندر المقدوني غدت أرمينية مملكة مستقلة تحت حكم الاسكندر نفسه, الذي عين حليفه الأرمني مهران على العرش, وهو من أسرة يراونت التي كانت تحكم المرزبانية. وبعد الاسكندر تولى السلوقيون حكم البلاد, وقسمت أرمينية قسمين رئيسين هما: أرمينية الكبرى وأرمينية الصغرى التي دعيت فيما بعد كيليكية (قيليقية) إِضافة إِلى مملكتين صغيرتين هما: صوفين وكوماجيني.
وكان تأثر الأرمن بالحضارة الهلينية كبيراً, وكان ذلك ما بين 321-190ق.م. وقد عين أنطيوخوس الثالث ارداشيس الأول حاكماً على أرمينية الكبرى وعين «زاره» على أرمينية الصغرى, وبعد موت أنطيوخوس استقل الملكان الأرمنيان عن السلوقيين, ثم ضم ارداشيس إِلى حكمه أرمينية الصغرى بعد موت زاره, ووحد البلاد, وأسس ملكية حكمها أفراد من أسرته, واستمرت قرابة قرنين من الزمن (من 189 ق.م إِلى السنة الأولى بعد الميلاد) ودعيت بالأسرة الارداشيسية ومن أشهر ملوكها ديكران الثاني الكبير (94-55ق.م).
ومنذ السنة الأولى الميلادية غدت أرمينية كالكرة يتقاذفها الفرس والرومان, يكتسح بلادهم الفرس فيحالفون رومة, ويحاربهم الرومان فيلجؤون إِلى الفرس. أما حكامهم فكانوا إِما من الفرس أو الرومان وقد اتفق الطرفان المتقاتلان الفرس والرومان في عهد نيرون على إِنهاء الحرب بينهما, وتنصيب ملك لأرمينية هو أخو ملك فارس, درطاد الأول الفارسي, وسميت أسرة درطاد بالأسرة الارشاغونية, وقد حكمت من سنة 66 إِلى 429م, ومن أشهر ملوك هذه الأسرة درطاد الثاني (217-238م) الذي يسمى أيضاً خسرو الأول الكبير, ودرطاد الثالث الذي اعتنق المسيحية وعمل على إِنشاء الكنائس.
وفي سنة 387م اتفق الرومان والفرس على تقسيم أرمينية إِلى إِقليمين أُلحق أحدهما بالدولة البيزنطية, وألحق الثاني, وهو الأكبر بالدولة الساسانية. ومنذ سنة 429م عادت أرمينية التي ألحقت بالدولة الساسانية مرزبانية فارسية, وبقيت كذلك حتى سنة 634م. وقد حاول الفرس جعل الأرمن إِيرانيين وإِكراههم على ترك ديانتهم المسيحية, ولكنهم اصطدموا بمقاومتهم التي كان يقودها «وارطان ماميكونيان» مما جعلهم يتخلون عن فكرتهم.
اختلفت أحوال الأرمن التابعين للفرس عن أحوال الأرمن التابعين لبيزنطة التي عملت على وضع المنطقة تحت إِشرافها إِشرافاً تاماً, ومعاملة الأرمن كالمواطنين من البيزنطيين, ولكن خلافهم الديني في التفاصيل مع بيزنطة جعلهم ينحازون إِلى الفرس شيئاً فشيئاً. وفي أواخر القرن السابع بعد الميلاد ظهر العرب على مسرح التاريخ.
الأرمن والعرب:
في عهد عمر بن الخطاب توجهت حملة عربية بقيادة عياض بن غَنْم إِلى سهول الجزيرة والأراضي الأرمنية حتى بلغت بَدْليس Bitilis ثم اتجهت إِلى خلاط Calatia (على بحيرة وان) وجبى عِياض الجزية ثم عاد إِلى الشام, وفي عهد عثمان بن عفان أُخضعت أرمينية للعرب أول مرة, وكان ذلك نحو سنة 24 أو25هـ/645 أو646م. وفي عام 33هـ/ 653م عقدت معاهدة صلح بين العرب والأرمن على أن تعفى الدولة الأرمنية من الجزية ثلاث سنوات, ثم يفرض عليها بعد ذلك تعبئة 15000 فارس من أموال الجزية لمساعدة العرب في حروبهم, وتعهد العرب باستقلال الإِمارات الأرمنية, وعدم إِرسال أحد من الأمراء أو القادة العرب إِلا إِذا زحف عليها الروم, وأبقي الحاكم تيودور الرشتوني على أرمينية وبلاد الكرج. ولم يعجب الاتفاق الامبراطور البيزنطي فهاجم أرمينية, وصدته القوات العربية والأرمنية معاً.وفي عهد الأمويين امتدت الفتوحات العربية فشملت أرمينية كلها, ونعم الطرفان, العربي والأرمني, في عهد معاوية بالعلاقات الطيبة, وزار حاكم أرمينية غريغور ماميكونيان دمشق واستقبله الخليفة معاوية بالترحيب.
وفي عهد عبد الملك بن مروان, وكان الحاكم في أرمينية آشوط الأرمني, شهدت أرمينية اضطرابات سببها اجتياح الخزر للبلاد, ودخول الامبراطور البيزنطي جوستنيان الثاني أرمينية للانتقام من العرب والأرمن معاً, ثم اختلّت العلاقات بين الأرمن والعرب, فأخذ أمراء الأرمن ينحازون مرة إِلى العرب ومرة إِلى الروم, وكانت بعض مناطق أرمينية تنتقل في ذلك الوقت بين الدولتين, وكان كثير من أمراء الأرمن يتنازعون السلطة فيما بينهم.
وكان الولاة العرب بعد فتح أرمينية قد اتخذوا بلدة دبيل مقراً لهم. وهي البلدة التي كان المرزبان الفارسي يتخذها مقراً له قبل الفتح الإِسلامي.
وفي العهد العباسي صارت أرمينية تشمل الإِمارات الأرمنية وأذربيجان[ر] وبلاد الجزيرة, وقد عيّن الخليفة العباسي أبو العباس السفاح أخاه أبا جعفر المنصور والياً على الجزيرة وأذربيجان وأرمينية, وفي عهد أبي جعفر نزحت إِلى أرمينية قبائل عربية كثيرة واستقرت فيها, وقد صالح أبوجعفر الامبراطور البيزنطي بعد أن خاص معه معارك كثيرة. ثم عيّن ساهاك البقردوني حاكماً على أرمينية.
وفي عهدي المهدي والرشيد, كانت أرمينية مقاطعة تتمتع بالحكم الذاتي, ويحكمها البطارقة الأرمن (وهم رؤساء الإِمارات الأرمنية) وكانوا يدفعون للدولة العباسية الجزية المقررة.
وفي عهد المعتصم عُين الأفشين عاملاً على أرمينية وأذربيجان فتحول إِلى مقاتلة بابك الُخرَّمي, فاستنجد هذا الأخير بالامبراطور البيزنطي الذي سارع إِلى نجدته, وتوغل في البلاد, يبطش بالحاميات العربية, غير أن أسر الأفشين لبابك (سنة 222هـ) جعل الامبراطور يعود إِلى بلاده.
وولى الخليفة المتوكل يوسف بن محمد عاملاً على أرمينية سنة 236هـ, فلم يحسن الإِدارة وأساء في تصرفاته وقبض على بعض الرؤساء وبعث بهم إِلى المتوكل. وغضب الأرمن لفعل يوسف وثاروا عليه وقتلوه سنة 237هـ, فوجه المتوكل بغا الشرابي إِلى أرمينية فأعاد إِليها الهدوء. وانتهج المتوكل سياسة جديدة عندما نصب آشوط بن سمباط البقردوني أميراً لأمراء أرمينية سنة 246هـ/ 861م. واستطاع هذا الأمير أن يخضع الأمراء الأرمن لسلطته كما ساعد العرب, فنُصِّب ملكاً على أرمينية واعترف به الملك